الدّلیل الثّالث على حرمة الرِّبا، هی الرّوایات التی تدلّ على المنع من بعض الشرائط فی القرض، وهذه الرّوایات تشمل جمیع الأنواع الخمسة الواردة فی عبارة تحریر الوسیلة للإمام الراحل (قدس سره) للربا.
وهذه الرّوایات عبارة عن:
1 ـ محمّد بن قیس عن الإمام الباقر (علیه السلام) إنّه قال:
«من أقرض رجلا ورقاً فلا یشترط إلاّ مثلها فان جوزیَ أجود منها، فلیقبل ولا یأخذ أحد منکم رکوب دابّة أو عاریة متاع یشترط من أجل قرض ورقة»(1).
إنّ جملة (لا یشترط إلاّ مثله) توضّح لنا هذه الحقیقة، وهی عدم جواز أیّ شرط إضافی على القرض، وعلى المقرض أن یأخذ مقدار القرض فقط من المقترض لا أکثر، حتى أنّه لا ینبغی له الاستفادة من مرکبه أو الاستعارة منه لبعض وسائل المعیشة بعنوان شرط فی القرض یذکره حین تسلیمه القرض.
والجدیر بالذکر، إنّ الوارد فی هذا الحدیث الشریف من المثالین المذکورین، لا یخصص موضوع القاعدة وشمول الحدیث وعمومه، فهذا الحدیث الشریف ینفی کلّ شرط إضافی من هذا القبیل.
2 ـ جاء فی الحدیث الشریف فی کتاب دعائم الإسلام عن أمیر المؤمنین (علیه السلام)أنّه قال:
«من أقرض قرضاً ورقاً لا یشترط إلاّ مثلها فان قضی أجود منها فلیقبل»(2) فهذه الرّوایة والرّوایات السابقة، لها مفهوم واحد، غایة الأمر أنّ هذه من أمیر المؤمنین (علیه السلام)، وتلک من الإمام الباقر (علیه السلام).
3 ـ وجاء فی روایة اُخرى عن خالد بن الحجّاج، عن أحد المعصومین (علیهم السلام)، أنّه قال: سألته عن الرجل کانت لی علیه مائة درهم عدداً قضانیها مائة وَزْناً.
قال(علیه السلام): «لا بأس ما لم یشترط. وقال: جاء الرِّبا من قبل الشروط إنّما یفسده الشروط»(3).
وفی هذه الرّوایة الشریفة نلاحظ أیضاً أنّ مفردة (الشروط) مطلقة، فتشمل کلّ شرط یجرّ المنفعة والربح إلى صاحب المال، بل أنّ هذه الرّوایة والروایتین السابقتین من هذه الطائفة من الرّوایات أکثر صراحةً وإطلاقاً وشمولا من روایات الطائفة السابقة، وکیف کان فهناک روایات اُخرى أیضاً فی هذا المجال، نصرف عنها عنان الکلام إختصاراً وحذراً من الإطالة.