وهنا نتوجّه إلى مسألة اُخرى ذکرها الإمام الراحل (قدس سره) فی إدامة بحث الرِّبا، فقد ورد فی عبارة تحریر الوسیلة:
«لو أقرضه وشرط أن یبیع منه شیئاً بأقلّ من قیمته أو یأجره بأقلّ من أجرته، کان داخلا فی شرط الزّیادة، نعم لو باع المقترض من المقرض مالاً بأقلّ من قیمته، وشرط علیه أن یقرضه مبلغاً معیّناً، لا بأس به»(1).
وتوضیح المسألة أعلاه، أنّ هذه المسألة بالرغم من أنّها لیست مسألة جدیدة ومستحدثة، ولکنّها وقعت فی هذه الأیام مورد ابتلاء عموم الناس، وخاصّة المؤجرین والمستأجرین غالباً، ولهذه المسألة فرعان:
1 ـ القرض المشروط، سواءً کان مشروطاً بالاجارة بمبلغ أقل، أو مشروطاً ببیع الجنس بمبلغ أقل من قیمته السوقیة، أو یتضمن العقد شرائط اُخرى ورد بعضها فی کلمات الفقهاء(2).
وهذا النوع من القرض حرام، لأنّه یشتمل على شرط إضافی، الذی تقدّمت حرمته مطلقاً.
2 ـ الأجارة أو البیع المشروط، کأن یؤجر منزله بعشرة آلاف درهم شهریّاً ولمدّة سنة کاملة، بشرط أن یقوم المستأجر باقراض الموجر ملیون درهم لمدّة سنة کاملة، وببیعه جنساً بقیمة خمسمائة درهم، فی حین أنّ قیمته السوقیّة عشرة آلاف درهم، بشرط أن یقوم المشتری باقراض البائع مائة ألف درهم لمدّة سنة کاملة.
ولا إشکال فی الصورة الثانیة هذه، لأنّها لیست داخلة فی عموم إطلاقات الرِّبا، ولا بأس بالشّرط والاشتراط فی البیع والاجارة.
والخلاصة، إنّ الفرع الأوّل یعنی القرض بشرط البیع أو الاجارة فیه إشکال، والفرع الثانی، أی الاجارة والبیع بشرط القرض لا إشکال فیه، بالرغم من أنّهما لا یختلفان حسب الظاهر من حیث النتیجة، ولکن بما أنّهما یختلفان فی صورة العقد، ونحن فی باب المعاملات نجد أنّ کیفیة العقد والمعاملة لها دخل کبیر فی مشروعیة المعاملة وترتب الأثر علیها، لهذا یکون الأول حراماً، والثانی جائزاً.
ولذا إتفق الفقهاء على أنّه لو قالت المرأة: زوجتک نفسی بالعقد الدائم على المقدار الفلانی من المهر، وقبل الرجل، فانّ العقد سیکون نافذاً، أمّا لو قالت: إستأجرتک على المبلغ الفلانی فهو حرام وباطل قطعاً لأنه «إنّما یحلّل
الکلام ویحرّم الکلام».(3)