کان الناس فی الازمنة الغابرة مضطرین الى حفظ رؤوس أموالهم فی البیوت، وهذا الأمر لا یعدّ عسیراً على من یملک رأس مال صغیر وقلیل، ولکنّ من یمتلک ثروة متوسطة أو کبیرة سیعانی من مشکلة حقیقة فی الحفاظ علیها، وقد یؤدی به الأمر الى السقوط فی دوامة القلق المزمن على ثروته، ولهذا یضطر أحیاناً بدفن رأس ماله وثروته هذه فی أعماق التراب، وتارةً یقوم بدسّها فی جدار سمیک، أو بأخفائها فی سقف البیت وغیر ذلک، والخلاصة أنّه یعیش فی خوف دائم واضطراب مزمن من أجل الحفاظ على ثروته والاطمئنان على سلامتها، ولاینتهی الأمر بالخوف على المال فحسب، بل أنّه یخاف على نفسه أیضاً، لأنّه یعرّض نفسه أحیاناً الى الخطر من أجل الدفاع عن أمواله.
 ومن هنا أخذ الانسان یفکر فی حلّ لهذه المشکلة، بأن یقوم جمیع الأفراد الأثریاء بجمع ثرواتهم وأموالهم فی مکان واحد، لیتسّنى لهم المحافظة علیهابشکل أفضل وأقوى، وهذا المکان هو (البنک) الذی یتمّ المحافظة علیه بوسائل مختلفة من قبیل الحرس، والصنادیق الحدیدیة لحفظ الأموال، والتجهزات الألکترونیة للإنذار المبکر وغیر ذلک، وبهذا سوف یطمئن أصحاب الأموال على سلامة ثرواتهم، ولو لم یکن لتشکیل البنک غایةً سوى هذه الفائدة الکبیرة لکفى فی الحکمة من ایجاد البنوک.