(4) التّرابط الوثیق بین الأخلاق والمعاملات الإقتصادیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الربا و البنک الإسلامی
ما هو المراد من إصطناع المعروف؟1 ـ المعاملات المحرّمة

هناک اختلاف کبیر بین المذاهب الاقتصادیة المادیة والإلهیّة فی هذه المسألة، ففی المذاهب المادیة لا نجد هناک أی إرتباط بین هذین المقولتین ـ أی الأخلاق والاقتصاد ـ فلا تأثیر للأخلاق فی المعاملات الاقتصادیة، ولذا کان الاقتصاد فی المذاهب المادیّة جافّاً تماماً، وفاقداً للروح الإنسانیة، لأنّ المعیار فی هذا النمط من التفکیر هو الربح الأکثر فی جهد أقل، ومن أی طریق کان، فکلّما کان الربح أوفر، والعمل والجهد المبذول أقل، ارتفع المؤشر البیانی لصالح العملیة الاقتصادیة هذه، وعدّ ذلک من علامات النجاح والتوفیق، ولا إرتباط للقیم الأخلاقیة بهذا القانون الاقتصادی، ولذا تعدّ الکثیر من الأسالیب الملتویة للکسب، والنشاطات الاقتصادیة المنحرفة من تهریب المخدرات، وانتاج الأسلحة الفتاکة وذات الدمار الشامل کالقنابل الذریة، وحتى النخاسة وبیع الرقیق من القنوات المشروعة والسائغة فی إقتصاد هاتیک البلدان ما دامت تضمن للعاملین علیها الربح الوفیر، والمردود المادی الکثیر. لأنّ هذه المذاهب لا تعترف بشیء إسمه العواطف الإنسانیة فی الاقتصاد، أو المثل الأخلاقیة فی السلوکیة التجاریة وطریقة تحصیل الربح المادّی، ولذا نجد أنّ أکثر الناس تحضّراً وتمدّناً فی هذه المجتمعات المادیّة هم أرباب الثروات من أصحاب مصانع الأسلحة، وتجّار الرقیق، ومهربی المخدرات وأمثال ذلک، لا الأفراد الذین یعیشون بعواطف إنسانیّة وقیم أخلاقیّة فی تفاعلهم الاقتصادی مع الآخرین.
وأمّا فی المذاهب الإلهیّة والأدیان السماویّة فانّ المسألة تختلف تماماً، یعنی أنّ الأخلاق والاقتصاد مندکّان معاً فی جمیع النّشاطات والمعاملات وأنواع التفاعل البشری، ولا یمکن فصلهما عن بعضهما، والدّلیل على ذلک یتضح بأدنى تأمل وتفکر فی أحکام الشریعة المقدسة من الواجبات والمستحبات والمکروهات فی أبواب المعاملات.
فقد جاء فی الرّوایة الشریفة التی یذکرها العلاّمة الکبیر، والفقیه الاُصولی المقتدر، المرحوم الشّیخ الأنصاری «رضوان الله تعالى علیه»، فی بدایة کتابه القیّم (المکاسب) نقلا عن کتاب تحف العقول(1) والواردة عن الإمام الصادق (علیه السلام): «...فکل مأمور به مما هو غذاء للعباد، وقوامهم به فی أمورهم فی وجوه الصلاح الذی لا یقیمهم غیره مما یأکلون ویشربون ویلبسون وینکحون ویملکون ویستعملون من جهة ملکهم، ویجوز لهم الاستعمال له من جمیع جهات المنافع التی لا یقیمهم غیرها، وکل شیء یکون لهم فیه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا کله حلال بیعه، وشراءه، وإمساکه، واستعماله وهبته، وعاریته .
وأمّا وجوه الحرام: من البیع والشراء، فکل أمر یکون فیه الفساد مما هو منهی عنه من جهة أکله، وشربه، أو کسبه، أو نکاحه، أو ملکه، أو امساکه، أو هبته، أو عاریته، أو شیء یکون فیه وجه من وجوه الفساد...»(2).
أنّ المعیار الأصل فی صحة وبطلان المعاملات وأنواع التجارات هو مسألة أخلاقیّة مهمة، وهی مقدار النفع والضرر لعامّة الناس وأفراد المجتمع، ولیس النفع والضرر المتعلق بذات الشخص صاحب المعاملة (ونلاحظ فی ذلک الفرق والبون الشاسع بین هذا النمط فی التکسّب وذاک).
والخلاصة، إنّ الاقتصاد فی المذاهب الأخلاقیة ینضوی تحت مظلّة الأخلاق، أمّا فی المذاهب المادیة فأنّه أجنبی عن القیم الإنسانیة، ولهذا السبب فانّ الکثیر من المعاملات والنشاطات الاقتصادیة الهادفة لتحقیق عوائد مادیة بحتة تکون بشکل عام مضادة للقیم الأخلاقیة، وتبعث على ارباک السوق، وخلق المتاعب والمشاکل للشرفاء من الکسبة وعامة الناس، فتسفک بها الدماء ویزداد الفقیر فقراً و... فتکون محرّمة فی مقیاس الشریعة المقدّسة، ولنضرب لذلک أمثلة لتوضیح المطلب:


(1) تحف العقول ، الصفحة 245.
(2) بحار الانوار، ج103، ص48، الباب 4، ح 11.
ما هو المراد من إصطناع المعروف؟1 ـ المعاملات المحرّمة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma