إنّ کلّ فرد من أفراد المجتمع یمتلک مقداراً من رأس المال القلیل أو المتوسط أو الکثیر، وهذه الثّروات المتناثرة تکون فی الغالب راکدة ومجمّدة دون الاستفادة منها ومن قدرتها على تحریک عجلة الاقتصاد، مضافاًالى أنّ التّجار وأرباب الصنائع یقومون عادةً بتجمید حصّة من رؤوس أموالهم عند الحاجة والضرورة کأحتیاط ورصید مطمئن لرفدهم بالنّقد فی ساعة المحنة والحوادث غیر المتوقعة.
 وکیف کان فإنّ هذه الأموال المتفرقة فی أیدی الناس تشکل مبلغاً باهظاً وثروةً تبلغ الملیارات، ولکنّها معطّلة ومجمّدة وغیر مستثمرة فی خدمة المجتمع.
 وعندما یقوم البنک بجمع هذه الأموال المتفرقة والمشتتة والراکدة فی مکان مرکزیٍّ واحد، فإنّه سیخلق منها قوّةً عظیمة وقدرةً خلاّقة فی سبیل الاستفادة منها بالطرق السلیمة، وسینتج عنها خدمات جدْ عظیمة ومثالیّة للمجتمع البشری.
 فعلى هذا الأساس، فإنّ تجمیع الأموال والثّروات الراکدة والمشتتة وتبدیلها وتحویلها الى رأس مال عظیم ینتفع به فی شتّى مجالات الحیاة، هو أحد الخدمات الکبیرة والسّلیمة للبنوک.
 ولو دققنا النّظر فی هذه المسألة أکثر لتوصلنا الى نکات جدیدة فی هذا المجال، حیث أنّ المالک الأصلی لأموال وثروات النّاس فی الواقع هو البنک، لأنّ النّاس یتعاملون دائماً مع الصّکوک المصرفیّة، حیث یضعون أموالهم النّقدیّة فی البنوک، فیستطیع البنک من خلال ذلک أن یعمل على ترشید هذه الأموال وإستغلالها وإستثمارها فی المشاریع النّافعة والایجابیة.
 ولابدّ لمدیریّة البنوک من معرفة المقدار الذی تضعه کأحتیاطی من أموال النّاس، والمقدار الذی توظفه فی النّشاطات الاقتصادیّة، مثلا تجعل عشرین بالمائة منها کأحتیاطی البنک، وتستثمر ثمانین بالمائة منها فی مختلف النّشاطات الاقتصادیّة کاستثمارات مربحة، ولو أنّ البنوک قامت بأستثمار هذه الأموال والثّروات العظیمة فی خدمة المجتمع ولم تلحظ مصالحها ومنافعها الشخصیّة وذلک عن طریق تخطیط علمیّ دقیق یصبّ نتائجه فی النّاس، لکان ذلک إحدى الخدمات الکبیرة جداً فی سبیل تأمین منافع النّاس عموماً.