ماهیّة الحساب الجاری

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الربا و البنک الإسلامی
خدمات البنوک الفعلیّة فی العصر الحاضرالثّالثة: حسابات التّوفیر

أمّا ماهی حقیقة الحساب الجاری وماهیّته؟
فقلّما بحث هذا الأمر - مع أنّه بحث مهمّ - وعلى ضوء التحقیقات الفقهیّة یمکن أن یقال: إنّ هناک ثلاث إحتمالات فی هذا المجال:
الأوّل: إنّ ماهیّة الحساب الجاری هی ماهیّة القرض، یعنی أنّه نوع من أنواع القرض من قبل أصحاب الأموال للبنوک، ولیس فیه مدّة معینة، ویصطلح علیه (الدّیْن المطالب) مثلا أن تقرض شخصاً مائة ألف درهم، وتشترط علیه أنّک متى ما أردت هذا المال وبأیّ مقدار منه، فلک الحق فی أن تطالبه بذلک، ویجب علیه تسدیده فی الوقت الذی ترید، وطبقاً لهذا الاحتمال یکون الحساب الجاری نوعاً من القرض بدون مدّة معلومة.
سؤال:
إنّ طلب القرض یکون دائماً من قبل المقترض، لا صاحب المال، وهنا نجد على العکس من ذلک، فلا یعتبر ذلک قرضاً.
الجواب:
صحیح أنّ الغالب فی القروض هو أن یکون الطلب من المقترض، ولکنّ هذه المسألة لیست عامّة وکلیّة، بل أحیاناً طلب الإقراض من ناحیة المقترض أیضاً، کما مرّ بنا فی المسألة الخامسة من مسائل الرِّبا، یعنی أن یکون یمرّ صاحب المال بظروف حرجة یخشى فیها على ماله من التّلف، ولا یکون قادراً على حفظ ماله، فیقوم بإقراض الغیر للإطمئنان على ماله وحفظه، وعلى هذا الأساس لا تشکل هذه المسألة مشکلة فی هذا المجال، ولکنّ العرف العام، وإدراک النّاس لمفهوم القرض قد لا ینطبق تماماً على هذا المورد، بل یقال عنه أنّه أودع ماله فی البنک فی الحساب الجاری، فهذا العمل بالرغم من أنّه یشبه القرض (لأنّ القرض هو المال الذی یعطى الى الآخر یتصرّف فیه ثمّ یستردّ صاحب المال نظیر ذلک المقدار) والبنک یقوم بهذا العمل أیضاً، ولکن المترسخ فی أذهان عموم النّاس أنّ الحساب الجاری هو أمانة وودیعة لدى البنک دون إعتباره قرضاً.
الثّانی: إنّ الحساب الجاری فی الواقع ودیعة وأمانة من قبل النّاس لدى البنوک، یعنی أنّ صاحب الحساب یضع أمواله بعنوان أمانة لدى البنک، وله أن یأخذ أیّ مقدار منها متى شاء، غایة الأمر أنّه یأذن فی التّصرف للبنک فی هذه الأموال وتبدیلها، وعلى هذا الأساس تکون ماهیّة الحساب الجاری فی حقیقتها هی ماهیّة الأمانة والودیعة المقارنة مع الوکالة فی التّغییر والتّبدیل، (فتأمّل).
هذه النّظریّة أقرب الى تصوّر العرف العام لمفهوم الحساب الجاری، فإنّهم یرونه کالأمانة لدى البنک.
ولکن یطرح هنا سؤال هو: هل أنّ موضوع هذه الأمانة هو شخص المال الموجود فی الخارج، أو أنّها تکون فی الذمّة؟
فلو کان موضوعها هو المال الخارجی، فیجب على البنک أن یکون له إحتیاطی بمقدار الودائع المصرفیّة للنّاس، لأنّ متعلق الوکالة هو التّغییر والتّبدیل، ومفهومها أنّ البنک یستطیع أن یتصرّف فی الودائع ویستبدلها بمثلها، ویضع مبالغ مماثلة لها فی صندوقه فی حین أنّ البنوک الفعلیّة لا تسلک هذا السبیل، ولا ترى نفسها ملزمة بأن تدّخر إحتیاطیّاً مساویاً للودائع فیها.
وعلى هذا الأساس، لا یمکن أن یقال أنّ موضوع هذه الأمانة هو الشی الخارجی، بل إنّها أمانة فی الذّمة، سواء کانت ذمّة شخصیّة (إذا کان مالک البنک شخصاً أو أشخاصاً معینین)، أو ذمّة حقوقیة (فی صورة أن یکون مالک البنک شخصیة حقوقیة) وفی هذه الصّورة تضحى الأمانة نوعاً من أنواع القرض، ولیست ودیعة حقیقیّة، لأنّ عین المال غیر موجود لدى البنک، ولا عوضه، فی حین أنّ الودیعة یجب أن یکون لها وجوداً خارجیّاً، وبهذا التّرتیب نواجه مشکلة فی الفرضیّة الثّانیّة.
الثّالث: أن تکون ماهیّة الحساب الجاری، هی ماهیّة الودیعة، لکن لا الودیعة فی عین المال، بل الودیعة (فی قیمة المال) یعنی أنّ الشّخص عندما یودع مائة ألف درهم مثلا عند البنک، فإنّه لا یودع عین هذا المال بعنوان أمانة وودیعة، حتى یکون البنک ملزماً بحفظ وإدّخار معادل هذا المال لدیه، بل أنّه یودع قیمته لدى البنک، وفی هذه الصّورة لا یواجه البنک مشکلة شرعیّة، فیما إذا لم یدّخر بمقدار مطالبات النّاس.
ولکنّ الانصاف أنّ هذا الاحتمال هو عین الاحتمال السّابق (الفرضیّة الثّانیة)، غایة الأمر مع إختلاف الألفاظ والصّورة، لأنّ القیمة لمال معین لا بدّ أن یکون لها وجود فی الخارج أو فی الذمّة ، وفی فرض المسألة لا وجود خارجی للملکیّة إذاً لا بدّ أن تکون فی الذمّة وفی هذه الصّورة تعتبر نوع من القرض، لأنّ کلّ مال نعطیه الى آخر ویکون لنا الحق فی ما یعادل هذا المال فی ذمته فهو قرض، فعلى هذا یکون الاحتمال الثالث ضعیفاً، ولم یأتِ بجدید.
وإذا أردنا استجلاء النتیجة من هذه الاحتمالات الثّلاثة، أمکن القول بأنّ الاحتمال الثّانی أقرب الاحتمالات لمعنى الحساب الجاری، وهو أنّ ماهیّة الحساب الجاری بمثابة الودیعة والأمانة مع توکیل البنک فی التّغییر والتّبدیل والتّصرّف، وطبعاً هذا المعنى یماثل القرض فی النّتائج، ولکنّ المهم أنّنا إذا قبلنا کل من الاحتمالات الثّلاثة المذکورة للحساب الجاری،
فإنّ هذا العمل یکون فی عرف العقلاء عملا منطقیّاً ولا إشکال فیه شرعاً.(1)
الثّانیة من خدمات البنک: القروض (البحتة):
إنّ القروض بالشکل الاسلامی وبدون فائدة ربویّة غیر متدوالة فی البنوک السّائدة فی عالم الیوم حسب الظاهر، لأنّ جمیع القروض لا تخلو من إشتراط الفائدة والرّبح، أمّا القرض الحسن(2) الذی لا یتضمن شرط الفائدة فهو أمرأخلاقىٌّ تماماً، ولا محلّ له من الاعراب فی المعاملات البنکیّة فی العصر الحاضر، ولکنّ البنک الاسلامی یتمیز بهذه الخدمة الجلیلة حیث
یخصّص البنک مبالغ معینة من الأموال المودعة لدیه فی هذا المجال وتحت ضوابط معینة، ویقوم بإقراضها الى المتقاضین.
وهذه الخدمة من البنوک الاسلامیّة مضافاً الى مشروعیتها، فهی مفیدة وضروریّة وتعتبر إحیاءً وترشیداً لسنّة إسلامیّة کبیرة تظافرت الآیات(3)والرّوایات(4) الشّریفة على الاشادة بها.
أمّا على أرض الواقع فممّا یؤسف له أنّ البنوک الاسلامیّة لم تأخذ هذه المسألة بصورة جدیّة، ولم تولیها أهمیّة کبیرة، وذلک أنّ المبالغ المخصّصة حالیّاً لهذا الأمر المهم والنافع فی البنوک الاسلامیّة تمثل نسبة مئویّة ضئیلة جداً، فی حین أنّ العدالة والانصاف توجبان تخصص مبالغ أکبر لهذا الأمر، لأنّ العمدة فی رؤوس الأموال فی هذه البنوک متعلقة بآحاد النّاس وینبغی إعطاء المعوزین والمستضعفین قروضاً هذه الأموال دون فائدة من قبل هذه البنوک، لکی یتمیّز البنک الاسلامی عن غیره،
وتظهر فضیلة البنک الاسلامی وجدارته فی خدمة المستضعفین، ولکن مع الأسف نلاحظ أنّ هذه البنوک تشید بأمر القرض الحسن ظاهراً وعلى الصّعید النّظری، ولکن عملا لا نجد أثراً وخبراً عن ذلک، لذا ینبغی على البنوک الاسلامیّة مراجعة تصوّراتهم وإعادة ترتیباتهم المالیّة واصلاحها لتتسع لهذا المجال الحیوی.
ولا بأس طبعاً فی أن یقوم البنک بأخذ مبالغ مختصرة على هذه القروض لتغطیة نفقات البنک وأجور العاملین والقائمین على هذه النّشاطات الاقتصادیّة، ولا بدّ من تقسیمها على جمیع المقترضین بالنّسبة، بحیث لا یدفع البنک شیئاً إضافیّاً على نفقاته اللاّزمة لهذا العمل.
ولو شرطت أجرة العمل هذه فی أصل عقد القرض فلا إشکال فی ذلک، لأنّ أجرة العمل لا تعتبر نفعاً وربحاً للبنوک بل تمثل أجرة الأجیر ونفقات المحاسبین وأمثال ذلک، فتکون نوعاً من أنواع عقود الاجارة، وفی الواقع أنّ المقترض یقوم بعقد معاملة القرض مع البنک من جهة، وکذلک یقوم بعقد معاملة أخرى وهی عقد الاجارة على الخدمات المربوطة لهذا الأمر.
وعلى هذا الأساس فإنّ مال الاجارة بالمعنى الواقعی للکلمة لا إشکال فیه مطلقاً، ولکن مع الأسف أنّنا نجد أنّ الکثیر من موارد مال الأجرة هذا، یکون بمثابة غطاء وقناع للرّبا، والدّلیل على ذلک أنّ المبالغ المأخوذة کأجرة للعاملین تزید کثیراً على النّفقات الواقعیّة للموظفین وبقیّة خدمات البنک المتعلقة بالقروض.
النتیجة أنّ المسلک الثّانی للبنوک الاسلامیّة على صعید خدمة المجتمع، هو تقدیم القروض اللاربویّة، مضافاً الى مشروعیّة هذا السّبیل، فإنّه یعدّ من المستحبات الأکیدة بشرط أن لا تکون أمراً تشریفیّاً وظاهریّاً، بل یراعى فیها جانب الأجرة الواقعیّة أیضاً، فلا تکون أکثر من نفقات البنک الحقیقیّة فی هذا السّبیل.


(1) سؤال: ماهی ثمرة وفائدة هذا البحث؟ بالاخص مع الاحتمالات الثلاثة یصحّ هذا العمل من البنک، فعلیه ما هی فائدة البحث فی ماهیة الحسابات الجاریة؟
الجواب: لهذا البحث فوائد:
أوّلاً: إذا اعتبرنا الحساب الجاری نوعاً من القرض تترتب احکام القرض على الحساب الجاری، ولو اعتبرناه أمانة تترتب احکام الامانة، مثلاً إذا اعتبرناه أمانة یجب على النبک أن یرصد مقداراً لمطالبات الناس دائماً، ولیس له أن ینتفع لنفسه من هذه الثروة، ولکن اذا کان قرضاً فلا یلزم ذلک وللبنک أن یستثمر هذه الثروات.
ثانیاً: إذا کان الحساب الجاری نوعاً من الامانة وتلفت الثروة دون أن یکون هناک تعدی ولا تفریط من جانب البنک، فلا یکون البنک ضامناً، ولیس لاصحاب الاموال حقّ من مطالبة البنک.
(2) سؤال: أیهما أصح القرض الحسنة أم القرض الحسن؟
الجواب: إذا جعلنا کلمة الحسنة صفة للقرض، یجب أن یؤتى بها بدون «تاء» بمعنى أنها تصح فی هذه الصورة «القرض الحسن» أو «قرضٌ حسنٌ»، وجمیع الآیات الواردة فی القرآن الکریم فی القرض جاءت بهذه الصورة، ولکن لو جعلنا کلمة الحسنة مضاف إلیه للقرض، واعتبرنا القرض مضافاً تکون صحیحة بالصورة المتعارفة ویکون مفهومها قرض تتبعه الحسنات.
(3) ومن الآیات التی تدل على هذا المعنى، الآیة 245 من سورة البقرة، والآیة 12 من سورة المائدة، والآیة 11 و 18 من سورة الحدید، والآیة 17 من سورة التغابن، والآیة 20 من سورة المزمل.
هذه الآیات عبرت عن القرض بالقرض الحسنة للّه الذی مالک کل شیء، وعمل یوجب کفّارة الذّنوب، ویؤتیه اللّه تعالى أضعافاً مضاعفاً فی مقابل أجر الکریم، وکما یوجب الغفران ومغفرة السیئات.
(4) ذکرت طائفة من هذه الروایات فی کتاب الشریف وسائل الشّیعة، المجلد 13، ابواب الدین والقرض، الباب استحباب اقراض المؤمن الباب 6.
خدمات البنوک الفعلیّة فی العصر الحاضرالثّالثة: حسابات التّوفیر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma