الخامس: الرِّبا یتنافى مع الحکمة من وجود الأموال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الربا و البنک الإسلامی
4 ـ المعاملات المکروهة(5) ربا المعاوضة وربا القرض

لأنّ الرِّبا سیکون باعثاً على تحویر الغایة من وجود الأموال، وتحریف شکلها الأصلی من ثمن إلى بضاعة وأجناس، حیث أنّ المال والثروة فی الأصل عبارة عن کونها ثمناً لا مثمناً، فهی وسیطة فی المعاملات، ووسیلة لتحصیل البضاعة، لا أنّها بضاعة بنفسها، إلاّ أنّ الرِّبا یجعل المال بضاعة، وبذلک یخسر المجتمع اسلوبه الطبیعی فی تعامله الاقتصادی.
 وتوضیح ذلک: إنّ المعاملات الاقتصادیة فی التاریخ الغابر کانت تجری بین الناس بدون توسط الأموال، بل کانت على شکل استبدال بضاعة باُخرى، وهذا الاسلوب لا زال قائماً فی القبائل البدویّة أیضاً، وحتّى أنّه یجری أیضاً بین الدول أحیاناً فی المعاملات الضخمة والتبادل التجاری الواسع بأن تبیع دولة نفطها فی مقابل المنتجات الصناعیّة والزراعیّة للدولة المقابلة، ولکنّ الإنسان وجد من الصعوبة بمکان الاستمرار على هذا الأسلوب من التعامل التجاری لعدّة ملاحظات:
 أوّلا: إنّ الأجناس والبضائع لا تقبل أحیاناً التبدیل إلى بضاعة اُخرى، مثلا لو کان لدیّ مقداراً من القمح، واُرید أن أشتری لأهلی حذاءً مثلا، فقد لا یکون بائع الأحذیة بحاجة إلى القمح، ولذلک لا أستطیع أن أُبادله الحذاء بما لدیّ من القمح، فأضطر إلى تبدیل هذا القمح ببضاعة یحتاجها بائع الأحذیة، ثمّ أقوم بعد ذلک بالتعامل معه، ولذا کان هذا الأسلوب من التعامل الاقتصادی لا یخلو من عسر بالغ وصعوبة کبیرة.
 الثّانی: إنّ حمل الأجناس والبضائع بعنوان أنّها ثمن لشراء أجناس أُخرى، لا یخلو من مشکلة وخاصّة فی السفر، فکم یستطیع الفرد حمل مقدار ما یحتاج فی السفر من القمح لمصروفاته ونفقاته الاُخرى؟
 الثالث: إنّ المشکلة الکبیرة التی تواجه الفرد تکمن فی المعاملات الواسعة والکبیرة، حیث تتولد مشاکل وصعوبات فی تنفیذ هذه المعاملات بین العاملین وأرباب العمل، أو بین الدول والشرکات الکبرى من قبیل مشکلات الخزن والحفظ والعمل والنقل وأمثال ذلک بما لا یخفى على أحد.
 وبهذا الدّلیل والأدلة الاُخرى أدرک الإنسان أنّه لا یستطیع أن یتجاوز هذه العقبات إلاّ إذا أوجد له آلیة میسورة وحلقة رابطة بین هذه المعاملات، یعنی أنّه فهم أنّه یحتاج إلى شیء یقبل التبدیل إلى جمیع الأجناس، ویکون من حیث الحجم والوزن بحیث یتمّ حمله ونقله بیسر وسهولة، ولذا إنتخب لهذه الغایة الذهب والفضّة، لأنّ هذین الفلزین مقبولان لدى الجمیع، وبذلک تمّ التغلّب على الکثیر من المشکلات فی هذا المجال.
 فتمّ إنتخاب الذهب کبدیل وثمن فی المعاملات التجاریّة الکبیرة، والفضّة للصغیرة منها وانتشر إستعمال الذهب والفضّة فی مختلف البلدان والمجتمعات، وتمّ بعد ذلک إختراع المسکوکات الذهبیّة والفضیّة من الدنانیر والدراهم، فکانت بمثابة الاحتیاطی لقدرة الدول ورصیدها القوی، وحلّت مکان الاجناس البدیلة، فکانت بعنوان حلقة الوصل بین جمیع البضائع والأجناس المتبادلة بین الناس وسمّیت بالأموال.
 مع التقدّم العلمی والتطور فی المجالات المختلفة للحضارة البشریّة، توصل الإنسان إلى أنّ الذهب والفضّة لا یمکنها أن یکونا حلقة إتصال مناسبة، فبالرغم من أنّهما استطاعا أن یعینا الإنسان فی حلِّ الکثیر من مشکلات التعامل الاقتصادی والتجاری، إلاّ أنّه بقیت عدّة مشاکل لا تقبل الحل فی هذا السبیل، وخاصّة مسألة الحمل والنقل والانتقال فی المعاملات التجاریة الکبیرة والثقیلة، ومواجهة مشکلات السرقة، وخاصّة فی الأسفار البعیدة التی یحتاج الإنسان فیها إلى حمل مقدار کبیر من الذهب والفضّة، مضافاً إلى أنّ کمیّة الذهب والفضّة فی الدنیا محدودة، ولا تستطیع أن تلبّی احتیاجات الإنسان فی هذا المجال.
 فهذه المشکلات أدّت إلى أن یتجّه الإنسان صوب الأوراق النقدیة، وإستبدال الذهب والفضّة بأموال ورقیّة من هذا القبیل، وبالرغم من أنّ الأموال والنقود الورقیّة لا تخلو من مشکلات جدیدة، ومنها التضخم النقدی (فالتضخم یکون فی الکثیر من الحالات ولید الأموال النقدیة الورقیّة، لأنّ قیمة الذهب والفضّة ترتفع مع إرتفاع سائر الأجناس) ولکن بما أنّها لا تکتنف مشکلات الذهب والفضّة، وتتوفر فیها مرونة تبادلیة عالیة، فلذا حلّت محلها فی المعاملات الاقتصادیة المختلفة.
 ونخرج من هذا البحث بنتیجة أنّ الأموال (وخاصة الأموال والنقود الورقیّة) وسیلة من وسائل تبدیل البضائع والأجناس إلى غیرها، وحلقة من حلقات الربط الاقتصادی، لا أنها تکون بنفسها بضاعة، فهی فی إصطلاح الفقهاء عبارة عن ثمن لا مثمن، وبتعبیر آخر أنّها حوالة، وبعبارة رابعة أنّها أمر اعتباری تستمد قدرتها وإعتبارها من قدرة الدولة التی تدعمها (مع أنّ التصور الرائج والسائد فی الأوساط أنّ احتیاطی الذهب والفضّة الموجود فی خزانة الدولة وغیره من الأموال والثروات هی الرصید للعملة الورقیّة).
 فإذا تمّ تبدیل النقود الورقیة إلى بضاعة من خلال العقود الرّبویّة، وتمّ تحصیل الربح بهذا الاسلوب، فستکون العملیة على خلاف الحکمة الأولیّة لوجود الأموال والنقود الورقیّة والسکک، وبعبارة اُخرى، أنّه أکل للمال بالباطل، وبهذا الطریق یمکن إدغام هذه الحکمة فی الغایة الاُولى لتحریم الرِّبا، (فتأمّل).
 هذه هی الغایات والعلل الخمس لتحریم الرِّبا الواردة فی الآیات والرّوایات غالباً.

4 ـ المعاملات المکروهة(5) ربا المعاوضة وربا القرض
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma