على حرمة ربا القرض بجمیع أقسامه الخمسة الواردة فی متن کتاب تحریر الوسیلة للإمام الراحل، هو الأحادیث الخاصّة الواردة فی هذا المجال، والتی تتناول کلّ واحد منها قسم من أقسام القروض الرّبویّة، وتحرّمها.
وهذه الرّوایات متعدّدة أیضاً ومتضافرة کذلک، ولذا نجد أنفسنا مستغنین عن البحث فی سندها، ونکتفی لذکر حرمة کلّ قسم من الأقسام، بروایة واحدة رعایةً للاختصار:
1 ـ تحریم القروض الرّبویّة التی تشمل على زیادة عینیّة: (مثل أن یعطی مئة ألف تومان قرض، لیأخذ بعد عدّة أشهر مئة وعشرین ألف تومان). یروی عبدالله بن جعفر فی الحدیث الشریف الوارد فی کتاب ـ قرب الأسناد ـ عن الإمام موسى بن جعفر (علیهما السلام) أنّه قال: سألته عن رجل أعطى رجلا مئة درهم على أن یعطیه خمسة دراهم أو أقل أو أکثر؟
قال(علیه السلام): «هذا الرِّبا المحض»(1).
وبالرغم من أنّ سند کتاب ـ قرب الاسناد ـ محلّ بحث وجدل بین الفقهاء، لذا لا یمکن الاعتماد على الرّوایة الواردة فقط فی هذا الکتاب، ولکن بما أنّ فی هذا المورد روایات متعدّدة، وقد وقعت مورد قبول وعمل الأصحاب، فمن هذه الجهة لا نجد مشکلا من حیث السند، وأمّا من حیث الدلالة فالأمر واضح من خلال تصریح الإمام (علیه السلام) بأنّه ربا محض.
2 ـ أن تکون للقروض الرّبویّة زیادة وصفیّة، مثل أن یعطی مائة کیلو غراماً الحنطة الردیئة کقرض، لیحصل بعد مدّة على مائة کیلو غراماً أُخرى من الحنطة المرغوبة والجیدة، کتسدید لذلک القرض، وهذا أیضاً من الرِّبا المحرّم، ففی الحدیث الشریف الوارد عن الإمام الصادق (علیه السلام) أنّه قال:
«إذا أقرضت الدراهم ثمّ جاءک بخیر منها فلا بأس إذا لم یکن بینکما شرط»(2).
فهذه الرّوایة تدلّ على أنّ هناک زیادة وصفیّة فی مال القرض، غایة الأمر أنّه لا إشکال فی ذلک من حیث عدم وجود إشتراط مسبق فی هذه المعاملة، ومعنى ذلک أنّه لو کان هناک إشتراط فی هذا الأمر فی الزّیادة الوصفیّة، لکان ذلک من الرِّبا الحرام.
3 و 4 ـ تحریم القروض الرّبویّة التی فیها زیادة فی المنفعة، أو الانتفاع
کشرط ضمن العقد، (مثلا أن یقرضه مالا على أن ینتفع من بیته إلى مدّة معینة، أو أن یعطیه شیئاً بعنوان العاریة، لیستفید منه).
وقد جاء تحریم کلا النوعین من الزّیادة المذکورة، فی روایة محمّد بن قیس عن الإمام الباقر (علیه السلام) أنّه قال:
«من أقرض رجلا ورق(3) فلا یشترط إلاّ مثلها فان جوزی أجود منها فلیقبل ولا یأخذ أحد منکم رکوب دابّة أو عاریة متاع یشترط من أجل قرض ورقة»(4).
فلو إشتراط أن یأخذ من المقترض مرکباً لیستفید منه، فهو زیادة فی المنفعة، ولو شرط أن یعیره شیئاً فهو زیادة فی الانتفاع، وکلا هذین القسمین من الرِّبا المحرّم.
5 ـ تحریم القروض الرّبویّة التی فیها شرط من زیادة عمل من الأعمال، کأن یقرضه المال، ویشترط علیه أن یخیط له ثوباً أو یصلح له سیارته.
وقد ورد تحریم هذا النوع من الرِّبا، فی روایة جمیل بن درّاج عن الإمام الصادق (علیه السلام) قال قلت له: أصلحک الله إنّا نخالط نفراً من أهل السواد(5) فنقرضهم القرض ویصرفون إلینا غلاّتهم فنبیعها له بأجر ولنا فی ذلک منفعة؟
فقال(علیه السلام): «لا بأس»(6).
وهو إشارة إلى أنّ هذا العمل جائز ولا إشکال فیه، لأنّه لم یشترط ذلک مسبقاً، فإذا کان بیع الغلاّت مشروطاً ورد بعنوان الشّرط فی عقد القرض، فانه من الرِّبا المحرّم وهذا من قبیل شرط الفعل.
ولکن بما أنّ هذه المسألة لم ترد بصورة الشّرط، ولذا قال الإمام (علیه السلام): «لا بأس».
والجدیر بالذکر أنّ الوارد فی ذیل هذه الرّوایة الشریفة أنّ الراوی قال: ولا أعلمه إلاّ قال: ولولا ما یصرفون الینا من غلاّتهم لم نقرضهم، قال(علیه السلام): «لا بأس».
فهذه الجملة تدّل على أن الداعی هو الزیاده الفعلیة، لا أنّه صرّح بهذا الشّرط للمقترض، وإلاّ ربا وحرام.