یقول القرآن بصراحة : إننا جعلنا نطفة الإنسان فی مقر الأمن والأمان: ( ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِى قَرار مَکْین ) . (المؤمنون / 13)
والحقیقة إنّ أکثر نقاط الجسم صوناً هی تلک التی تستقر فیها النطفة والجنین بحیث تکون محمیة من کل جانب ، فمن ناحیة هنالک العمود الفقری والأضلاع ، ومن ناحیة أخرى هنالک العظم القوی المسمى بالحوض ، ومن ناحیة ثالثة الأغطیة والعضلات المتعددة التی تحتویها البطن ، بالإضافة إلى أن أیدی الأم تتحول بشکل لا شعوری أثناء وقوع بعض الحوادث الخطیرة إلى درع مقابل البطن !
والأغرب من کل هذا أنّ الجنین یقع فی داخل کیس مملوء بماء لزج بحیث یکون معلقاً فی داخل ذلک الکیس وفی حالة تامة من فقدان الوزن ، أی لا یواجِهُ أی ضغط من أی جانب ، ذلک أنّ بنیة الجنین وخاصة فی بدایاته تکون رقیقة جدّاً بحیث یمکن لأقلّ ضغط علیه أن یسحقه .ولهذا الکیس بما یحتویه من ماء خاصیة القابلیة على مواجهة الضربات ، وهو تماماً کاللوالب المرنة التی توضع لأفضل السیارات ، حیث بامکانها امتصاص وابطال مفعول أیة ضربة توجه إلیه نتیجة الحرکات السریعة للأم .والألطف أنّه یحفظ درجة الحرارة بالنسبة للجنین ضمن الحدود المعتدلة ، ولا یسمح للحرارة والبرودة المفاجئة التی تهاجم بطن الأم من الخارج أن تترک آثارها بسهولة على الجنین ! فهل یمکن العثور على مقر أکثر أماناً من هذا ؟ وما أجمل تعبیر القرآن حین یسمی مقر النطفة بـ « القَرار المکین » ؟!