الروح اُعجوبة عالم الخلقة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
شرح المفردات توضیحات1 ـ القوى الظاهریة والباطنیة للروح

ورد فی الآیة الأولى من الآیات التی اخترناها لبحثنا هذا قَسَمٌ یختصّ بالروح الآدمیة وخالقه .

ذلک الله الذی خلق الخلق ونظم القوى الروحیة للإنسان إبتداءً من الحواس الظاهریة وهی مقدمة الإدراکات الروحیة وانتهاءً بقوة التفکیر ، الحافظة ، التخیل ، الإدراک ، الابتکار ، الإرادة والتصمیم: ( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا ) .وعلّمهُ طرق الهدایة بعد تنظیم هذه القوى: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُوْرَهَا وَتَقْوَاهَا ) .مع أنّ القوى الروحیة للإنسان متنوعة وکثیرة جدّ ، ولکن القرآن هنا وضع إصبعه من بین کل تلک القوى على مسألة « إلهام الفجور والتقوى » ( إدراک الحسن والقبح ) ، لأنّ هذه المسألة لها تأثیر کبیر جدّاً فی مصیر الإنسان وسعادته وشقائه .قلنا مرار : إنّ القَسَمَ یدلّ على الأهمیّة والعظمة ، أهمیّة المُقْسَمِ به والمُقَسَمِ له ، خاصة القَسَمُ القرآنی لحمل الناس على المزید من التفکّر فی آیات « العظمة » الإلهیّة .فضلا عن أنّ «النفس» فی هذه الآیة ذکرت بصیغة النکرة ، وهی فی مثل هذه الموارد من أجل التأکید على أهمیة الموضوع أو کثرته (1) .

تشیر الآیة الثانیة إلى السؤال الذى طرح من قبل جماعة من المشرکین أو أهل الکتاب ، حیث وفدوا على الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) وسألوه عدة أسئلة کان أحدها عن الروح کما قال القرآن : ( وَیَسْأَلُونَکَ عَنِ الرُّوْحِ ) .ثم یأمر القرآن الرسول الأکرم (صلى الله علیه وآله) : ( قُلِ الرُّوْحُ مِنْ أَمْرِ رَبّى ) .إنّ فی هذا الجواب غیر المستبین إشارة عمیقة إلى مدى غموض ومجهولیة هذه الظاهرة الکبیرة فی عالم الوجود ، ومن أجل أن لا یَقول أحد لماذا لم تظهر واحدة من أسرار الروح ؟ یضیف الله فی آخر الآیة: ( وَما أُوتِیْتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِیْل ) .

ولیس من العجیب أن لا تطلعوا على أسرار الروح بهذا « العلم القلیل » و« المعرفة الیسیرة » ( خصوصاً فی ذلک الزمان وتلک البیئة).روی عن أبن عباس فی بعض الروایات أنّ قریش أرسلت بعض رؤوسها إلى علماء الیهود فی المدینة وقالت لهم : إسألوهم عن محمد لأنّهم من أهل الکتاب ولهم من العلم مالیس لن ، فجاؤوا المدینة وسألوا علماء الیهود ، فقال الیهود فی جوابهم : إسألوه عن ثلاثة أمور : قصة أصحاب الکهف ، وَذی القرنین ، وقضیة الروح ، فإنّ أجاب عن جمیعها أو سکت عن جمیعها فلیس بنبی ، أمّا إن أجاب عن بعض وسکت عن بعض فهو نبی .فعادت رؤوس قریش إلى مکة وعرضت الأسئلة على الرسول (صلى الله علیه وآله) ، فقدّم لهم الرسول شرحاً وافیاً حول ذی القرنین وأصحاب الکهف ، ولکنه فیما یخص السؤال عن الروح إکتفى بذلک الجواب المغلق بأمر من الله (2) ، ومع أنّ هناک تفاسیر مختلفة لمعنى الروح فی الآیة أعلاه فی روایات المعصومین (علیهم السلام) وکلمات المفسرین ، ولکن أغلب هذه التفاسیر لا تتنافى مع بعضها ویمکن الجمع بینه ، والروح الإنسانیة من جملة المفاهیم الداخلیة فی مدلول الآیة المعنیة (3).

فی الآیة الثالثة کلام عن حوار الله مع الملائکة حول خلق البشر ، حیث یقول عزّ وجلّ مخاطباً الملائکة :(إِنَّى خالِقٌ بَشَراً مِّنْ صَلْصَال مِّنْ حَمَأ مَّسْنُون * فَإِذَا سَوَّیْتُهُ وَنَفَخْتُ فِیْهِ مِنْ رُّوْحِى فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِیْنَ ) .

ثمّة نقطتان تثیران الاهتمام فی هذه الآیة ، الأولى إضافة روح الإنسان إلى الله إذ یقول :

( من روحی ) ، وهذا دلیل على منتهى عظمة وأهمیّة الروح الإنسانیة ، وهذا من قبیل الإضافة التشریفیة حسب المصطلح ، کـ « بیت الله » و« شهر الله » التی تشیر إلى أهمیّة الکعبة وعظمة شهر رمضان المبارک ، وإلاّ فإنّ کل مکان هو بیته وکل الأشهر أشهره .والثانیة أمر جمیع الملائکة بالسجدة لآدم بعد نفخ الروح فیه ، وهذا برهان آخر على عظمة مقام الإنسان ، ذلک أنّ السجدة تفید منتهى الخضوع ، فکیف لو کانت من قبل کل الملائکة ؟ وهذه خیر علامة على المقام الرفیع لآدم .

فی الآیة الرابعة وبعد الإشارة إلى خلق النطفة وتطورات الجنین والألبسة المختلفة التی یکسو بها الله هذه القطعة الصغیرة فی مختلف المراحل ، یُغیّر عز وجل لهجة الکلام ویقول : ( ثُمَّ أَنْشَأنَاهُ خَلْقاً آخَر ) .إنّ التعبیر بـ « الانشاء » ( الایجاد ) فی هذه المرحلة وخلافاً للمراحل السابقة التی عبّر عنها بالخلقة ، إضافةً إلى استخدام « ثم » التی تستعمل عادةً من أجل الفصل یدل جمیعُهُ على أنّ الخلق فی هذه المرحلة یختلف تماماً عن المراحل السالفة ، وهذه علامة على أنّ المراد هو خلق الروح التی ترتبط بالجسم بعد تکامله .والمثیر أنّه یعبّر بـ «خلقاً آخر» وهو تعبیر غامض ومُغلق ، خلافاً للتعبیرات السابقة التی یتحدث فیها عن «النطفة» و«العلقة» و«المضغة» و«العظام» و«اللحم» وهی مفاهیم معروفة جمیع ، وهذا دلیل آخر على اختلاف المرحلة الأخیرة عن المراحل الماضیة .ومن العجب أنّ بعض المفسرین ذکروا تفاسیر لعبارة: ( الخلق الآخر ) لا تنسجم أبداً مع
روح الآیة ، من جملته : أنّ المراد بانشاء الخلق الآخر هو ظهور الأسنان والشعر على الجسم(4) ! فی حین أنّ هذا لا یتناسب أبداً مع تعابیر الآیة ولا شک أنّ ظهور الأسنان والشعر لیس له من الأهمیّة ما یوازی سائر تطورات الجنین المختلفة .فی نهایة الآیة وردت جملة عجیبة أخرى تشکل دلالة أخرى على الأهمیّة القصوى لخلق الإنسان فی المرحلة الأخیرة أو فی مجموع هذه المراحل ، یقول تعالى : ( فَتَبَارَکَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ ) فسبحان العلیم الحکیم الذی أودع القابلیة والجدارة فی مثل هکذا موجود حقیر .«تبارک»: من مادة ( بَرْک ) بمعنى صدر الناقة ، وبما أنّ للناقة حین تضع صدرها على الأرض نوع من الثبات ، فقد جاءت هذه المفردة بمعنى « الثبات والدوام » ولأن کل نعمة کانت دائمة إزدادت أهمیته ، فقد سمّیت هکذا نعم بالمبارکة .إنّ استخدام هذه المفردة فی خصوص الله إشارة إلى عظمة وقدسیة وخلود ذاته المطهرة .

فی الآیة الخامسة والأخیرة من الآیات المعنیة فی بحثنا هذا یشیر عز وجل إلى مسألة بقاء الروح ، بتعبیره : ( اللهُ یَتَوَفّى الأَنْفُسَ حِیْنَ مَوْتِهَا ) .وبلحاظ أن کلمة «یتوفّى» تعنی القبض والاستلام الکامل ، و«الأنفس» هی الأرواح ، یتضح أنّ الروح ینفصل کلیاً عن الجسم عند الموت وبأمر الله ، ولکن عند النوم یحصل هذا الانفصال بشکل ناقص: ( وَالَّتى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا ) .ثم أشار إلى عدم عودة بعض الأرواح فی حالة النوم وعودة البعض الآخر حتى أجل مسمى ، وأضاف :( إِنَّ فِى ذَلِکَ لاَیَات لَّقَوْم یَتَفَکَّرُونَ ) (5).

یستفاد من هذه الآیة وبکل سهولة أنّ الإنسان ترکیب من الروح والجسم ، وأنّ الروح جوهر غیر مادی ، وأنّ النوم درجة ضعیفة من الموت ودلیل على ضعف الارتباط بین الروح والجسد .

ویستفاد أیضاً أنّ الموت لا یعنی الفناء والهلاک ، بل هو نوع من البقاء واستمرار الحیاة .والنتیجة هی أنّ الروح الإنسانیة بکل قواها وقدراتها التی تجعلها من أعقد وأعجب ظواهر عالم الوجود هی إحدى آیات الله الکبرى ، کیف یمکن أن یکون خالق کل هذا العلم والقدرة والفکر والذکاء والذوق والإبتکار والإرادة والتصمیم هی الطبیعة الفاقدة للعقل والشعور ولکل أنواع العلم والفکر والذکاء والإبتکار ؟ ! .بل على العکس ، فهذه القطرات والروافد الصغیرة علامة على وجود محیط کبیر تنبع جمیعها منه ، وهذه الاشعاعات الباهتة قبس من تلک الشمس الکبیرة .


1. تفسیر روح البیان، ج 10 ـ ص 442 ; و تفسیر روح المعانی ، ج 30 ـ ص 142 ، وقد احتمل بعض المفسرین أن تکون « النفس » فی الآیة أعلاه إشارة إلى الروح والجسم کلیهم ، مع أنّ عبارة: ( فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَ )تناسب الروح أکثر ، وکذلک الآیة: ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَ ... ).
2. تفسیر روح المعانی ، ج 15، ص 241 « قالت قریش للیهود أعطونا شیئاً نسأل هذا الرجل فقالو : سلوه عن الروح فسألوه فنزلت : ( یسألونک عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتیتم من العلم إلاّ قلیل )» .
3. وردت فی تفسیر المیزان أقوال متعددة فی هذا المجال ، منها أنّ المراد بالروح هی الروح الواردة فی الآیة الشریفة: ( یوم یقوم الروح والملائکة صف ) ومنها أنّ المراد بها جبرائیل وقال بعض المفسرین : إنّها تعنی القرآن ، وآخر التفاسیر هو أنّ المراد بها الروح الإنسانیة ، ثم یضیف : إنّ المتبادر من إطلاق الروح هو هذ .
4. روی هذا الاحتمال عن بعض المفسرین فی تفسیر روح المعانی ، ج 18، ص 14; وتفسیر القرطبی ، ج 7 ، ص4502 .
5. یقول الفخر الرازی فی تفسیرهِ وتعقیباً على هذه الآیة : إنّ الله الحکیم جعل ارتباط الروح الآدمیة بالجسم على ثلاثة أقسام : تارة یسطع شعاع الروح على جمیع الأجزاء الظاهریة والباطنیة للجسم ، وهذه حالة الیقظة ، وتارة یسحب هذا الشعاع من الأجزاء الظاهریة ویبقى فی الباطنیة وهذه حالة النوم ، وتارة یرتفع شعاعها عن الأجزاء الظاهریة والباطنیة وتلک حالة الموت .

 

شرح المفردات توضیحات1 ـ القوى الظاهریة والباطنیة للروح
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma