وهنا نترَّنمُ بهذه الجملة المشهورة فی دعاء الجوشن من خلال عالَم من الخشوع والإخلاص ولْنَقُل : « یا مَنْ فی البحار عجائِبُهُ »(1) .
فی ذلک الیوم حیث رُویت هذه العبارة فی دعاء الجوشن عن النبی(صلى الله علیه وآله) لم تزل أسرار البحار غیر مکشوفة لأحد ، والیوم تتجلّىّ لنا عظمة هذه العبارة أکثر من أیِّ وقت .وورد فی دعاء ومناجاة اُخرى لأمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث یقول :« أَنتَ الذى فی السماء عَظَمَتُکَ ، وفى الأرضِ قُدْرَتُکَ ، وفى البحار عَجائبُکَ »(2) .ونواصل هذا البحث بحدیث آخر عن أمیر المؤمنین (علیه السلام) حیث یقول :« سخَّرَ لکُمُ الماءَ یَغدو عَلَیکُمْ وَیَروُحُ صَلاحاً لمعایشکُمْ والبَحْرَ سَبَباً لکَثْرَةِ أمْوالِکُم »(3) .ونختم هذا البحث بمقطع من الحدیث المشهور ب «توحید المفضّل » عن الصادق (علیه السلام) ، إذ یقول (علیه السلام) :« فإذا أردت أن تعرف سعة حکمة الخالق وقصر علم المخلوقین ، فانظر إلى ما فی البحار من ضروب السمک ودواب الماء ، والاصداف والاصناف التی لا تحصى ولا تعرف منافعها إلاّ الشیء بعد الشیء یدرکه الناس بأسباب تحدث ; مثل القرمز فانّه إنّما عرف الناس صبغه بأنّ کلبة تجول على شاطیء البحر فوجدت شیئاً من الصدف الذی یسمى « الحلزون » فاکلته فاختضب خطمها بدمه فنظر الناس إلى حسنه فاتخذوه صبغ ... »(4) . نعم .. ففی البحر وموجوداته ونباتاته وغیرها منافع وبرکاتٌ تتکشفُ عنها المزید من الأسرار فی کل یوم یَمُرُّ من حیاة البشر ، وتظهر لهُ فوائد جدیدة بحیث تجبر الإنسان على الخضوع إلى خالق هذه النِعَم .