لقد تحدثَ القرآن الکریم فی الجزء الثالث من الآیات المذکورة عن مسألة التأثیر المهم للعسل فی شفاء المرضى بتعبیر مختصر وغامض ویتم فی هذا العصر کشف النقاب عن أسراره من خلال دراسات المختصین بعلم الغذاء ، إذ یذکر هؤلاء مزایا وآثاراً لا تُحصى للعسلِ تبعث على دهشة الإنسان .فهم یقولون : إنَّ العسلَ مادةٌ لا تفسد أبداً وتبقى صالحةً لآلاف السنین فیما إذا کان صافی ، لأنّ ای مکروب لا یمکنه أن یعیش فیه أبداً (1) .وقد عُثرَ فی قبور الفراعنةِ على ظروف من العسل تعود إلى آلاف خلت من السنین ، وقد بقی هذا العسل صالحاً وطبیعیاً بشکل کامل ، وهذا بحد ذاته دلیلٌ على صدق الادعاء أعلاه .العسل ونظراً لأنّه یُستخرج من رحیق الأزهار المختلفة ( ونحن نعلم أنّ کل نوع من الأزهار یحتوی على مواصفات علاجیة خاصة ) فیمکن أنْ یحمل معه صفات هذه الأزهار .یقول العلماء : یعتبرُ العسلُ مادةً حیَّةً بسبب احتوائه على الفیتامینات و« الانزیمات » و« حامض الفورمیک » فهو یحتوی على الفیتامینات : ، ب ، ث ، د ، ک ، آی ، ومواد معدنیة کالبوتاسیوم ، والحدید ، والفسفور ، و« الرصاص » و « المنغنیز » و« الالمنیوم » و« النحاس » و« الکبریت » و« الصودیوم » ومواد اُخرى متفرقة ، وکذلک یحتوی على مختلف الحوامض (2) .ونحن نعلمُ أنَّ لکلٍّ من هذه المواد الحیاتیة دوراً اساساً فی حیاة الإنسان ، ولهذا فانَّ العسلَ یحتوی على المواصفات الآتیة :یؤثر العسل فی ترکیب الدم .للعسل أثرٌ جیدٌ فی ازالة التعب وتقلص العضلات . یحدُّ العسل من حدوث الالتهابات فی المعدة والامعاء .ویؤدّی إلى أن یتمتع الولیدُ بجهاز عصبیٍّ متین إذا ما تناولته المرأة الحامل .والعسلُ مفیدٌ لمن لدیهم جهاز هضمی ضعیف .ویعتبر العسلُ مُرَمِّماً قوی .ویؤثر فی تقویة القلب .ویولدُ العسلُ طاقةً لا بأس بها لدى المسنّین .ینفع لعلاج قرحة المعدة والاثنی عشری .ویفیدُ العسلُ لعلاج مرض الربو « ضیق التنفس » .ویعتبر عاملا مساعداً فی علاج الأمراض الرئویة .ویعتبر دواء لعلاج مرض الروماتیزم ، وضعف نمو العضلات ، والمتاعب العصبیة .ویعدّ العسلُ مفیداً للمصابین بالاسهال نظراً لمیزته فی قتل الجراثیم .
وتُصنعُ منه ادویةٌ تؤثرُ فی نعومةِ وجمال الجلد وازالة الحروق والتجعدات .ویُصنع من العسل دواءٌ یعالج ورمَ الفم ویُعطرُ التنفس .ویستثمر العسل أیضاً فی معالجة ذبول الجلد ، والتشققات ، والحروق ، والرَّمد ، واللدغات المؤلمة للحیوانات ، وورم العین ، والسعال .وقد قام بعض العلماء بصناعةِ اقراص من رحیق الأزهار تحتوی على مواصفات تشبه مواصفات العسل واهم آثارها مضاعفة طاقة الشباب وتنشیط الخلایا ومن ثمّ یؤدّی إلى الراحة وطول العمر(3) .ولهذا فقد عُرِف أنَّ « فیثا غورس » کان یوصی طُلاّبَه « کلوا العَسَلَ والخبز ما استطعتم » وکان « بقراط » یقول : « لو أردتم عمراً طویلا فعلیکم بالعسل » .إنَّ الآثار المنشّطة والخواص العلاجیة والترمیمیة للعسل أکثر ممّا تمّ بحثه فی هذا المختصر ، حتى دوَّنَ بعضُ العلماءِ کُتباً مستقلةً حول المیزات الغذائیة والعلاجیة للعسل .وقد جمع القرآن الکریم کل هذه المطالب فی جملة: ( فِیهِ شَفَاءٌ لِلنّاسِ )بشکل دقیق .ولا عجب إن کانت لدغة النحل والسم الموجود فیها علاجاً للکثیر من الأمراض أیض ، کالروماتیزم ، والملاری ، وتضخم الغدة الدرقیة ، وألم الأعصاب ، وبعض أمراض العین ، وغیره ، ویجب أن یکون التداوی بوخز النحل حسبَ برنامج خاص وبإشراف الطبیب ، فمثلا فی الیوم الأول مرّة واحدة ، وفی الثانی اثنتان ، وحتى الیوم العاشر یستفاد من عشرة زنابیر ، وتلک هی المرحلةُ الاُولى من العلاج ، وأما فی المراحل الثانیة فیتخذ العلاج شکلا آخر ، وإذا تجاوز وخزُ النحل الحدَّ المعینَّ فمن الممکن طبعاً أنْ تتمخض عنه أخطارٌ ، کما أنّ قلیلُهُ مضر بالأشخاص الذین لدیهم حساسیة اتجاهه .لقد کتبَ بعضُ العلماء مقالةً أو مقالات بهذا الخصوص ، واختار بعضهم رسالته للدکتوراه تحت عنوان « مستخرجات سمِّ النحل وخواصها العلاجیة » (4).
1. مجلة السلامة .
2. الجامعة الاولى، ج 5، ص 129 ( مع شىء من الاختصار ) .
3. الجامعة الاولى، ج 5، ص 212 ـ 290 ، نشرة الطب والدواء وکتب اُخرى .
4. المصدر السابق، ص 174 .
