هل للمجتمع روحٌ ؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
الروح الاجتماعیة للبشر واحدة من أعظم المواهب الإلهیّة :کلمة الختام

إنَّ الأَحیاء على قسمین وأغلبُها یعیش منفرداً ولا وجود اجتماعی فیما بینها ولو على صعید اصغر وحدة اجتماعیة أی العائلة ، وبعضها قد تخطّى هذه الحیاة قلیلا وأخذ یعیش مع قرینهِ ، ولکنّ قلیلا من الحیوانات تعیش حیاةً جماعیةً ، وبعضها قد کون حضارةً ، کالنحل ، والَّنمل ، والأرضة وغیرها من الحیوانات .إلاّ أنَّ هذا الصنف ( الحیوانات الاجتماعیة ) لها نوعان من النقص أیض : الاوّل : هو استحالة الحیاة المشترکة بین المجامیع المتباینة ( کنحلِ خلیتین أو بضع خلای ) ، والثانی : إنَّ حیاتها الاجتماعیة تتخذُ طابعاً واحداً باستمرار ، ای أنَّ النحلَ یعیشُ الیوم کما یعیش قبل ملیون سنة .فالکائن الوحید الذی یعیش حیاةً جماعیةً غیر مقیّدة ویسیر نحو التطور والتکامل هو الإنسان ، والدلیل على ذلک هذا النمو والتطور وسیادة العلم والعقل على حیاته الاجتماعیة .

وهنا بحوث کثیرة لو أردنا الولوج فیها سنخرج من اطار البحث التفسیری ولکن یبدو من الضروری التذکیر ببعض الاُمور :1 ـ ما هو منشأ رغبة الإنسان للحیاة الاجتماعیة ؟ ـ هنالک آراء مختلفة ، ویبدو أکثرها صواباً هو أنّه مزیجٌ من الحوافز « الغریزیة » و« العاطفیة » و« الفکریة » فالعقلُ یقول إنّ التکاملَ ممکنٌ فی ظل الحیاة الاجتماعیة فقط سواء کان معنویاً أو عادی ، لأنَّه من البدیهی إذا أراد فردٌ أو اسرةٌ أن تعیش بمعزل عن الآخرین ، فلا وجود لهذه العلوم والمعارف ولا هذه الصناعات والاختراعات والابداعات ، فلا شک أنّها حصلت من خلال استثمار تکدُس الطاقات الفکریة والجسمیة ، ونقل کلُ جیل تجاربه إلى الأجیال الاُخرى ، واثمرت هذه الظواهر الجبارة من خلال تجمعها وتظافرها.ومن ناحیة اُخرى فانَّ الإنسان یمیل إلى هذه الحیاة من خلال حافز ذاتی وعاطفی ، فهو یضجر من العزلة ، ویشعر باللذة من خلال حدیثه وجلوسه وقیامه مع رفاقهِ ، وسجنُ الوحدة یمثل أقسى عذاب بالنسبة له ، وقد اثبتت تجارب العلماء أنَّ العزلة لو استمرت فستؤدّی إلى اضطرابات نفسیة على مدى فترة قصیرة ، وبغض النظر عن منافع التعایش الجماعی فإنّ هذا یُؤکد على أنَّ الإنسان یرغبُ بطبعهِ فی هذا التعایش .2 ـ لقد اعتبر الإسلام الحیاةَ الاجتماعیةَ للبشر من أهم مبادئه ، ولم یهتم بها فی العلاقات السیاسیة والاقتصادیة فقط بل حتى فی مسألة العبادات التی تعتبر علاقة بین الخلق والخالق ، فاعطى للعبادات الجماعیة ( صلاة الجماعة ) وصلاة الجمعة ومناسک الحج ، أهمیّةً لا مثیل له .فماهیة الصلاة ، والاذان والاقامة تُحفزُ الجمیع لصلاة الجماعة ، ویبرهن ضمیرُ الجمع الوارد فی سورة الفاتحة ، والسلام الذی فی خاتمة الصلاة ، على أنّ الصلاة ذات صفة اجتماعیة واداؤها فرادى یُعد صیغة فرعیة .وقد اُعطیت الحیاة الاجتماعیة اهمیةً بالغةً فی الإسلام بحیث اُعتُبرَ کلُ ما یؤدّی إلى الاختلاف والتفرقة ( کالحسد ، قول الزور ، والغیبة ، والنفاق و ... ) من الذنوب الکبیرة ، وکلُّ ما یؤدّی إلى السَّلام والوئام والإصلاح بین الناس جزءاً من أفضل العبادات .3 ـ أنَّ تحقیق الحیاة الاجتماعیة للبشر لیس امراً بسیط ، لأنّه یحتاج إلى توزیع القابلیات والقدرات العقلیة والجسمیة المختلفة ، وتخطیط دقیق ، وتوزیع للأعمال ، والتنسیق والتآلف بین القلوب ، وطبقاً للتعبیر الذی ورد فی تفسیر الآیات فانَّ البشر کمواد البناء ـ الطابوق والحدید والمواد الإنشائیة الاُخرى ـ التی إذا لم تکن فیما بینها وسیلة للربط والالتحام لم یتشیَّد منها بناءٌ شامخٌ ، وهنا جاءت ید القدرة الإلهیّة لمساعدة الإنسان ، ووضعت الخطة الدقیقة الرامیة إلى تألیف القلوب ، وتوزیع القابلیات العقلیة والجسمیة ، وأنواع الأذواق والفنون ، ورفَدت الإنسان بالمواهب العظیمة التی لن تدور عجلة الحیاة الاجتماعیة للبشر بدونها أبد ، ویُعبَّر عن مجموع هذه الاُمور أحیاناً بـ « روح المجتمع » وإلاّ فاننا نعلمُ أن لیس للمجتمع روح خاصةً غیر ما ذُکر .من یا ترى أوْجَد هذه الروح الاجتماعیة بکل ما فیها من مواصفات من أجل دفع الإنسان نحو التکامل ؟ فهل تستطیع الطبیعة العمیاء الصمّاء التی لا عقل ولا احساس لها أنْ تُوجدَ هذا التخطیط ، وهذه المودَة والرحمة ، وهذه السکینة والاطمئنان ، ونطفة الامشاج ، وهذا التعارف العام ، وهذا التآلف بین القلوب ؟!لهذا تَعتبرُ الآیاتُ المذکورة هذه الاُمور من آیات عظمةِ وعلمِ وقدرة الله تعالى .ونختتم هذا الکلام بالحدیث الذی ورد عن النبی (صلى الله علیه وآله) فیما یخص اهتمام الإسلام بتقویة الأواصر الاجتماعیة بین أبناء البشر ، إذ یقول (صلى الله علیه وآله) :«إنَّ المُسْلِمَ إذا لَقیَ أخاهُ المسلمَ فاخذَ بیَدهِ تحاتت عَنْهُما ذُنوبُهما کَما تَتَحاتُ الوَرقُ عن الشَجَرةِ الیابسةِ فی یومِ ریح عاصف و« لا یفترقان » إلاّ غُفِرَ لَهما ذنوبُهما ولَو کان مثلَ زَبَد البحار !»(1) .


1. الطبرانی، نقلاً عن تفسیر فی ظلال القرآن، ج 4، ص 57.

 

الروح الاجتماعیة للبشر واحدة من أعظم المواهب الإلهیّة :کلمة الختام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma