الکل یرید أن یعرف أجوبة هذه الأسئلة :
من أین جئن ؟
أین نحن ؟
وإلى أین نذهب ؟
وبالطبع فثمة سؤال مهم آخر إلى جانب هذه الأسئلة الثلاثة وهو :
«لماذا جئنا؟» هل کان لمجیئنا غایة؟ وإن کانت له غایة فما هی؟
وما هی الوسائل المتوفرة لدینا من أجل الوصول إلى هذه الغایة ؟
من هو المُبدىء الأصلی لهذا العالم ، ومن أین نَبَعَ عالم الخلقة ؟
وأخیر ، هل هناک طریق لمعرفة هذا المُبدىء الکبیر ؟
هذه هی أهم أسئلة البشر .
إنّ الذین لا یرون ضرورة فی العثور على أجوبة هذه الأسئلة هم الغرقى فی الحیاة المادیة الیومیة إلى درجة أنّهم لا یفکرون فی شیء سوى « النوم والأکل واللذة الجنسیة » ، فهم کالأنعام لا علم لهم «بالعالم الإنسانی».
أو أنّهم سعوا وحاولوا العثور على جواب هذه الأسئلة لکنهم لم یصلوا إلى شیء ، فیئسوا وکفوا عن البحث .
وإنطلاقاً من أنّ « السؤال » هو الدافع « للحرکة » دائم ، الحرکة نحو الإجابة ، وأنّ الأسئلة کلما کانت متنوعة وعمیقة کانت الحرکة أوسع وأکثر تجذر ، لهذا یجب أن تستقبل الأسئلة المهمّة بصدور واسعة ، ولا نخشَ کثرة الأسئلة وأهمیّته ، بل نستقبلها بکل رحابة صدر .
ویمکن أن تکون محصلة عمر الإنسان لیست فی الحقیقة شیئاً سوى العثور على أجوبة الأسئلة ، وأنّ نتیجة جهود کل علماء العالم والفلاسفة وعلماء العلوم الطبیعیة بلا استثناء هی الأجابة عن بعض هذه الأسئلة .
یحاول علماء الفلک أن یشرحوا کیفیة ظهور السماوات والنظام الذی یحکمه .
وعلماء الجیولوجیا یجیبون على الأسئلة ذات العلاقة بظهور الأرض وترکیبه .
وعلماء الأنثروبولوجیا والتحلیل النفسی وکل الذین یدرسون العلوم الإنسانیة والاجتماعیة یریدون أن یعثروا على أجوبة الأسئلة المتعلقة بهذا الموجود العجیب المسمى بـ « الإنسان » .
ویرید الفلاسفة بمساعیهم المتواصلة أن یطلعوا على حقیقة المُبدىء ومصیر العالم إلى الحد الذی یستطیع عقل البشر أن یصل إلیه ـ أو الإجابة عن بعض الأسئلة المتعلقة بهذا المجال على الأقل .
نستنتج ممّا ذکرناه أنّه إن کان البحث حول « الخالق لعالم الوجود » ومبدأ هذا العالم الکبیر الذی نعیش فیه من أقدم البحوث وأرسخ الأسئلة الإنسانیة ، فلیس ذلک أمراً عجیب .
ولهذا نرى من واجبنا السعی بقدر استطاعتنا للعثور على جواب هذه الأسئلة :
من هو مُبدىء عالم الوجود ؟ وکیف یمکن معرفته ؟ !