النوم من آیات الله

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
شرح المفرداتظاهرة النوم الخفیّة

فی الآیة الاُولى من البحث یَعُدُّ القرآن الکریمُ نومَ الإنسان فی اللیل والنهار أحدَ البراهین على علمِ وقدرةِ الله تعالى فیقول : ( وَمِنْ آیَاتِهِ مَنَامُکُمْ بِاللَّیْلِ وَالنَّهَارِ ) .وهو فی نهایة الآیة یؤکد هذا البرهان ( إِنَّ فِى ذَلِکَ لاَیَات لِقَوم یَسْمَعُونَ ) .

وممّا لا شک فیه أنَّ الکائنات الحیّة کافة تحتاجُ إلى الراحةِ لتجدید قواه ، واکتساب الطاقة اللازمة لاستمرار نشاطاتها الحیاتیة ، الراحةُ التی تلاحقهم تلقائی ، وتجبُرُ حتى الذین یحرصون على عدم التمتع به .فایُّ عامل أفضلُ من النومِ یمکنُ أن نفکر به من أجل تحقیق هذا الهدف حیث یلاحق الإنسانَ بشکل اجباریٍّ ویضطره لایقاف جمیع نشاطاته الجسمیة ، بل حتى بعض من نشاطاته الفکریة الأساسیة ، وفی النتیجة یغطُّ فی راحة عمیقة ، وخلال هذه الفترة تقوم أجهزة الجسم باعادة البناء والاستعداد للسعی والحرکة من جدید .وممّا لا شک فیه أنّ الإنسان لولا النوم ، فانّه یذبُلُ ویتْلَفُ ، ویُصیبُهُ العَجَزُ والانکسار بسرعة ، لذلک فقد قالو : إنَّ النومَ المعتدل والاستقرار سرُّ السلامةِ وطولِ العمر وحیویة الشباب .واللطیفُ أنَّ الآیةَ التی نبحثها وضعت «النوم» ، و( ابْتِغاء فَضْلِ اللهِ ) فی مقابل بعضهم ، وحسب قول بعض المفسرین أنَّ الأولَ هو علامة الموت والثانی علامة القیامة .

إنّ تعبیر«ابتغاء فضل الله» یشیر إلى نقطة ظریفة وهی أن سعی وجهد الإنسان فی حیاته من المسائل ذات الأهمیّة، وکذلک الفضل الإلهی، والجمع بین الاثنین تجعل الإنسان یستفید من مواهب هذا العالم.

وهنا توجد نقطةٌ جدیرةٌ بالاهتمام أیضاً حیث ذکرت الآیةُ أعلاه النومَ بالنهار إضافة إلى النوم باللیل: ( مَنَامُکُمْ بِاللَّیْلِ وَالنَّهارِ ) ، فی الوقت الذی یُعتبرُ النومُ مختصاً باللیل فقط حیث تؤکدَ آیاتُ القرآن الکریم هذا المعنى ، إلاّ أنّ بعضَ الظروف التی تطرأ فی حیاة
الإنسان تجبُرُهُ على أنْ یَسهَرَ اللیل وینامَ النهار ، ویُلاحَظُ هذا الأمر کثیراً فی السفر لیلا، وفی المناطق الحارّةِ جدّاً حیث تتوقف النشاطات النهاریة بسبب حرارة الجو ویکون العمل فقط أثناء اللیل.

وفی عصرنا الراهن حیث تکون الکثیر من المؤسسات الصناعیة ، ومعامل صناعة الأدویة مضطرة للعمل لیلا ونهار ، إذ من الصعوبة ایقاف العمل ، ممّا یدفع العمال إلى تقسیم

أعمالهم إلى ثلاث وجبات یومی ، فتتضح الحاجةُ إلى النوم فی النهار أکثر من أیِّ وقت آخر .والآن .. فلو لم یکن برنامج تنظیم النوم بید الإنسان ، ولم یتیسر النوم نهاراً بدلا عن اللیل ، فمن المسلَّم به أنّ مشکلات کبیرةً ستعترضُ حیاته .

وفی الآیة الثانیة بعد ذکر: ( هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَکُمُ اللَّیْلَ لِبَاساً ) یشیرُ إلى مسألة النوم حیث یقول تعالى: ( وَالنَّوْمَ سُبات ) .ومن الممکن أن یکون تعبیر ( هو الذی ) إشارة إلى الجانب التوحیدی لهذه الاُمور ، فکلٌ منها دلیلٌ على الذات المقدّسة ، أو جانبِ الانعامِ کی یعرفَ الإنسانُ ولیَّ نعمتِهِ ، ومن المسلَّم به أن الإشارة إلى ولیَّ النعمة ستکون مقدمةً لمعرفته أیض .واللطیف أنّه یقول بعد ذلک : ( وَجَعَلَ النَّهارَ نَشُورَاً ) (1) .أجَلْ ... ففی وضح النهار تنتشر الروحُ ویستیقظ الإنسانُ بشکل کامل ، إذ لا یخلو من شَبَه بنشورِ یوم القیامة والحیاة ما بعد الموت .وهذا الاحتمالُ ممکن أیض ، حیث یشیر إلى انتشار الناس فی میدان الحیاة وحرکتهم نحو مقاصدهم المعاشیةِ المختلفة ، وبهذا فانَّ أجراس النوم والراحةِ تقرع مع حلول الظلام ، وتدق هذه الأجراس فی النهوض مع بزوغ الشمس .وفی الآیة الثالثة تکرَّرَ هذا المعنى باختصار طفیف إذ یقول : ( وَجَعَلْنَا نَوْمَکُمْ سُبَاتاً * وَجَعَلْنَا اللَّیْلَ لِبَاساً ) ، فکما یصونُ اللباسُ الإنسانَ من الاخطار ویکون له دوراً فی سلامته فانَّ ظلامَ اللَّیل له مثل هذا الأثر .

وفی الآیة الرابعة والأخیرة فی هذا البحث ، وحینما یتحدث القرآن الکریم عن وقائع غزوة بدر یشیر إلى أنَّ احدى نِعَمِ الله على المؤمنین فی تلک اللیلة التاریخیة کانت ( اِذْ یُغَشِّیْکُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ) .لقد کانَ هذا النومُ الرغیدُ سبباً فی تجدید قواهم والاستعداد للمعرکة الحاسمة فی ساحة المعرکة ببدر صباح ، وبخاصة بعد قطع تلک المسافة الطویلة إلى حد م ، تلک المعرکة التی انتهت بنصر مبین للمسلمین .ولعلَّ تَعبیر «النُّعاس» إشارة إلى عدم استحواذ النوم العمیق علیهم بالرغم من تمتعهم بالراحةِ ، کی لا یستغلَ العدوُّ الوضعَ السائد ویباغِتَهُم لیل ، ولهذا کانت حقیقةُ ذلک النوم نعمةً وکیفیتُهُ نعمةً اُخرى .على أیّةِ حال ، فانَّ الآیَة أعلاه تعتبر تأکیداً على أثر النوم على أعصاب وجسمِ وروح الإنسان أیض ، وتجدید الطاقات من أجل مثابرَة أکثر وجهاد أکثر فاعلیةً فی کافة المراحل .


1. تأملوا جیداً أنَّ « النشور » معنى لمصدر ، و« السُبات » معنى لمصدر أیضاً أو اسمٌ مصدریٌ ، واطلاقهما على اللیل والنهار یفید المبالغة والتأکید .

 

شرح المفرداتظاهرة النوم الخفیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma