العلاقة بین النظام و العلم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
نفحات القرآن (الجزء الثانی)
أسس برهان النظم 1 ـ آیاته فی خلق الإنسان

قبل کل شیء یجب إثبات المقدمة الثانیة المسماة بکبرى القیاس ، ومن أجل هذا لابدّ من تعریف مختصر لـ « النظام » .

یمکن القول : أن أی منظمة أو موجود یعمل وفق برنامج معین ویعطی نتائج معینة ، هو موجود منظم ، وعلى هذا الأساس فإنّ « الحساب »و « البرنامج » و« الهدف » تشکل العناصر الأصلیة الثلاثة للنظام ، فمثلا الساعة نموذج لـ « الموجود المنظم » ، ذلک أنّ أجزاءها مصنوعة وفق حساب دقیق ، ثم هنالک برنامج لترکیبه ، والهدف منها هو التشخیص الدقیق للوقت .

ولأجل التوصل إلى هذه العلاقة ( علاقة النظام والعلم ) یمکن الاستعانة بعدّة أدلة :

1 ـ الوجدان : مع أننا لم نر أبداً الکثیر من العلماء الکبار والمخترعین والفنانین المهرة ، ولم یبق منهم سوى الآثار ، إلاّ أنّنا حین ننظر إلى تلک الآثار والکتب والصناعات واللوحات النفیسة والأبنیة البدیعة ، نعترف بدون الحاجة إلى دلیل بعقلهم وذوقهم وعلمهم ومهارتهم الصناعیة والفنیة .

2 ـ من أجل إثبات هذه العلاقة یمکن ـ بالإضافة إلى الوجدان ـ الاستعانة بالدلیل المنطقی ، فمن أجل أحداث بنایة منظمة واظهارها إلى الوجود یجب أن یکون هناک اختیار فی سبع مراحل على الأقل .

فلو تصورنا بنایة عظیمة وجمیلة ومحکمة ، وجب أن نمارس عملیة الاختیار والانتخاب بشکل محسوب على عدة أصعدة « اوله » نوعیة المواد المستخدمة ، و« ثانیه » مقدار وکمیَّة المواد ، و« ثالثه » جودة المواد ، و« رابعه » الأشکال والأحجام المختلفة ، و« خامسه » إیجاد الانسجام بین الأجزاء ، و« سادسه » إیجاد التناسب بینه ، و« سابعه »

من حیث وضع کل من الأجزاء فی مکانه المناسب .

وهذه الاختیارات السبعة یجب أن تتمّ کل واحدة منها وفقاً للعلم والاطلاع والحساب ، وأحیاناً الحسابات الدقیقة جدّ ، ومن هنا عندما نرى مثل هذه البنایة نتیقن أن صانعها بلا شک کان یملک العلم والمعرفة والاطلاع الواسع .

3 ـ یمکن إثبات هذه العلاقة ( علاقة النظام والعلم ) عن طریق آخر ( عن طریق البرهان الریاضی ) .

إنّ « حساب الاحتمالات » الذی اصبح الیوم فرعاً علمیاً مستقلا فی الجامعات ذو فاعلیة جیدة جدّاً فی مجال العلاقة بین النظام والعلم ، وهو نفس الشیء الذی ندرکه بصورة إجمالیة فی حیاتن ، لکن حساب الاحتمالات یعکسه فی شکل ریاضی واضح .

إنّنا لا نصدق أبداً أنّ إنساناً اُمیاً یستطیع عن طریق الصدفة أن یؤلف کتاباً فی مجال « الفلسفة » مثلا أو « الآداب والشعر » أو « الطب » ، بمعنى أن نعطیه آلة طابعة فیبدأ بدون أن یعرف الحروف بالضغط على أزرار الآلة لیطبع کتاباً.

ولیس من المستحیل کتابة کتاب علمی عن طریق الصدفة فحسب ، بل لا یمکن کتابة حتى رسالة قصیرة أیض .

لأنّه لو افترضنا أن حروف الآلة الطابعة ثلاثون حرفاً فقط ، ( وهی بالطبع أکثر بکثیر ، لأنّ لبعض الحروف صور متعددة ، فمثلا حرف الباء الأولیة والباء الوسطیة والباء النهائیة والباء المفردة تشکل أربع صور مختلفة لحرف الباء ) یقول حساب الإحتمالات هن : إنّ الظهور التصادفی لکلمة « من » المکونة من حرفین هو احتمال واحد من تسعمائة احتمال .

( 30 1 × 30 1 = 900 1 ) .

واحتمال ظهور کلمة مکونة من ثلاثة أحرف هو احتمال واحد من 27 ألف احتمال ، وحین نصل إلى کلمة مکونة من خمسة أحرف سوف نجتاز حدود 21 ملیون !! .

والآن إذا کانت الحروف الموجودة فی رسالة قصیرة هی مائة حرف فإنّ مجموعة احتمالات هذه الأحرف هی العدد 30 مرفوعاً إلى الأُس 100 بحیث أن رسالتنا المعینة

تشکل احتمالا واحداً من هذا العدد الهائل من الاحتمالات ، أی عدداً کسریاً بسطه واحد ومقامه العدد 3 إلى یمینه مائة صفر.

إنّ مقام هذا الکسر من الضخامة بحیث لا یمکن حسابه ، ولا شیء فی هذا العالم یصل إلى ضخامة هذا العدد .

ولأجل إیضاح هذه الحقیقة یکفی أن نعلم أننا لو قطرنا جمیع المحیطات على الکرة الأرضیة قطرة قطرة وحسبنا عددها لکان عددها أقل من عدد على یمینه واحد وعشرون صفراً فقط .

وعلى هذا الحساب لو حسبنا کتاباً مکوناً من ألف صفحة فإنّ عدد الاحتمالات سیتضخم إلى درجة أنّ الاحتمال التصادفی لعدده الکسری ( البسط ) یتساوى مع الصفر أی أنّه مستحیل.

وبهذا الدلیل ، إذا ادّعى شخص مثل : أنّ « ابن سین » مؤلف کتاب « القانون » فی الطب کان أمیاً تمام ، وأنّ « المتنبّی » لم یکن له ذوق شعری مطلق ، وأن « أنشتاین » لم یکن یفقه شیئاً من الریاضیات وأنّ بنّائی الأبنیة التاریخیة الشهیرة لم یکن لهم أدنى اطلاع فی فن العمارة ، وأنّ جمیع الآثار التی ترکوها ظهرت بمحض الصدفة والحرکات غیر المقصودة لأیدیهم على الأوراق أو على المواد الإنشائیة ! فلا شک أنّ من یقول مثل هذا الکلام إن لم یکن یمزح فهو مجنون ! .

وخلاصة القول أنّ علاقة النظام بالعلم واضحة إلى درجة أنّ الکثیر من العلوم والمعارف البشریة قائمة على النظام، فمثلا جزء مهم من تاریخ الحضارة البشریة کتب من خلال مطالعة ودراسة الآثار الجذابة للسلف التی خلفوها بعد رحیلهم.

والعلماء ـ بمطالعة الآثار التی یعثرون علیها بواسطة الحفریات أو التی یکتشفونها فی قبور ومعابد الأقوام الغابرة ـ یتوصلون إلى مستوى ثقافتهم وحضارتهم ونوعیة عقائدهم . فی حین إذا أنکرنا علاقة النظام والعلم إنهارت کل هذه الاستنباطات .

الآن وقد اتّضحت تماماً العلاقة بین النظام والعلم ، وبعبارة ثبتت کبرى البرهان ، نتطرّق إلى مصادیقها فی عالم الوجود التی اعتمد علیها القرآن الکریم .

واللطیف أنّ آیات القرآن لا تتحدث مطلقاً عن کبرى برهان النظام ، أی « علاقة النظام والعلم » ، لأنّها کانت واضحة ووجدانیة إلى حد أنّه لم تکن ثمة حاجة لبیانه ، وکما قلنا فإنّ الإنسان إذا أنکر هذه العلاقة یجب علیه إنکار الکثیر من الحقائق الموجودة فی حیاته ، وما من شک فی أن منکری هذه العلاقة یشبهون بـ « السفسطائیین » الذین ینکرون الحقائق أثناء حدیثهم ، ولکنهم فی حیاتهم الیومیة یقبلون جمیع الحقائق مثل الآخرین ، فمثلا لو تمرضوا یراجعون الطبیب ویستعملون الدواء وینفذون إرشادات الطبیب حرفاً بحرف ، أی أنّهم یعترفون رسمیاً بوجود « الطبیب » و« الدواء » و« علم الطب » و« الصیدلة » ومئات الأمور الأخرى الدائرة فی هذا الفلک.

إنّ منکری « علاقة النظام والعلم » أیضاً بدورهم یستنتجون علمیاً وعملیاً من أی أثر علمی وصناعی وأدبی وفنی ، وجود مُبدىء واع وذی ذوق وفن، ولا یعتمدون أبداً على الاحتمالات المجنونة .

الآن وقد اتّضحت علاقة النظام والعلم تمام ، وثبتت کبرى البرهان حسب الاصطلاح المنطقی ، نعرج على مصادیقها فی القرآن الکریم والتی اعتمد علیه .

ونعتقد أن من الضروری ذکر هذه النقطة وهی: أنّ الفلاسفة المادیین الذین حاربوا برهان النظم ( انکار وجود النظام فی العالم أو إنکار علاقة النظام والعلم ) وعلى رأسهم « دافید هیوم » لم یتحفونا بسوى مجموعة من الوساوس التی لا قیمة له ، الوساوس التی لم یکونوا یقبلونها فی حیاتهم أبد .

 

أسس برهان النظم 1 ـ آیاته فی خلق الإنسان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma