ممّا لا شک فیه أنَّ الإنسان موجودٌ اجتماعی بالطبع، ویحصل على ما یحتاج إلیه فی الحیاة الجماعیة ، فتکامل الإنسان معنویاً ومادی ، فی العلوم والمعارف ، الحضارات والصناعات ، الآداب والتقالید ، یحصل من خلال الحیاة الجماعیة ، بنحو یمکننا من القول أنّه لو فقدَ الإنسان هذا الطراز من الحیاة فسیفقد کلَّ شیء ، ویهبط إلى مستوى الحیوان .إنَّ اهتمام الإنسان بهذا الطراز من الحیاة علاوة على فطریته ، فهو نابع من کثرة وتباین حاجاته ، وهمته العالیة لبلوغ مراحل اعظم وأکمل ، ولا یمکن تأمین هذه الحاجات الجسمیة والروحیة بدون الحیاة الاجتماعیة ، وإلاّ فما هو دور الإنسان منفرد ؟ولکن یجب أن لا ننسى أنّ الإنسان یحتاج إلى عوامل نفسیة وبدنیة کثیرة من أجل التعایش اجتماعی ، حیث وضعها الخالق فی متناول یدیه ، وإذا تمَّ تحلیل هذا الجانب من حیاة الإنسان تحلیلا موضوعیاً فسیتضح انَّه من أکثر آیات الله عجب .بهذا التمهید نتجه نحو آیات القرآن التی تستند إلى هذا الأمر ونتمعن خاشعین فی الآیات التالیة :
1 ـ ( وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِّنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْواجاً لِّتَسْکُنُوا اِلَیْها وَجَعَلَ بَینَکُمْ مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً اِنَّ فِى ذَلِکَ لاَیات لِّقَوم یَتَفَکَّرُونَ ).( الروم / 21 )
2 ـ ( هُوَ الَّذِى خَلَقَکُمْ مِّنْ نَّفْس وَاحِدَة وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لَیَسْکُنَ اِلَیْه ).( الاعراف / 189 )
3 ـ ( إِنَّا خَلَقْنا الإِنْسَانَ مِنْ نُّطْفَة أَمْشَاج نَّبْتَلِیْهِ فَجَعَلْناهُ سَمِیعاً بَصِیْر ).(الإنسان / 2)
4 ـ ( یَا اَیُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّنْ ذَکَر وَاُنْثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا اِنَّ اَکْرَمَکُمْ عَنْدَ اللهِ اَتْقاکُمْ ).( الحجرات / 13 )
5 ـ ( هُوَ الَّذِى أَیَّدَکَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِیْنَ * وَالَّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ اَنْفَقْتَ مَا فِى الأَرضِ جَمِیْعاً * مَا الَّفتَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَلکِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَیْنَهُمْ إِنَّه عَزِیزٌ حَکِیْمٌ ).(الانفال/6263)