لاحظنا فی الآیات الآنفة کیف أنّ الله تبارک وتعالى یدعو الناس إلى دراسة هاتین الظاهرتین اللتین تبدوان عادیتین للعیان ، ویعُّدهما من آیاته ، والحقیقة أننا کلَّما امعّنا النظر فی هذا المجال نتوصل إلى اُمور جدیدة :أ) فنحنُ نعلمُ أنّ اللَّیل والّنهار فی جمیع أنحاء العالم یختلفان تمام ، فطول اللیلِ عند خط الاستواء 12 ساعة ، وطول الّنهار 12 ساعة أیضاً فی کافة الفصول ، إلاّ أنَّ السَّنةَ کلَّها فی المنطقة الجنوبیة وعلى خط 90ْ لیست أکثر من یوم واحد ولیلة واحدة حیث تکون مدة کلٍّ منهما ستة أشهر تقریباً « ومثل هذه المناطق غیر مأهولة طبع » ، وهنالک مراحل وسط بین هذین الوضعین فی باقی بقاع العالم .إلاّ أنَّ مایثیر العجب هو بالرغم من هذا الاختلاف فانَّ جمیع بقاع الأرض تستفید من أشعة الشمس بنفس النسبة على مدار السنة وهذا نظامٌ عادلٌ للغایة ! .ب) إنّ الّنهار اکثرُ طولا أثناء الصیف واللیل أکثرُ طولا فی الشتاء ، أی أنّ هذین الأمرین یسیران بشکل متزامن ، زیادة طول الّنهار ، والاشعاع العمودی « أو شبه العمودی » للشمس ، فیکمل أحدُهما أثر الآخر ، ویؤدّیان إلى زیادة حرارة الجو فتثمرُ الفواکه والمحاصیل الزراعیة ، وفی الشتاء یؤدّی إلى زیادة البرودة وتساقط أوراق الأشجار والنباتات ، واللطیف أنّه فی المناطق الاستوائیة حیث یشع ضوء الشمس عمودیاً لا یطول الّنهار أبد ، وإلاّ لداهمها خطر الحرارة الشدیدة واحترقت النباتات .ج) إنّ ضوء الشمس یسبب الیقظةَ والجد والسعی والحرکة باستمرار ، على العکس من
اللّیل الذی یبعث على السکون والاستقرار والنوم ، ویُلاحَظُ هذا الأمر على وجه الخصوص فی عالم الحیوانات ، حیث تستیقظ الطیور مع سفور الصبح وتتجه نحو الصحراء ، وتعود وتستریح فی أوکارها عند غیاب الشمس ، وفی الاریاف حیث إنّ لمعظم الناس حیاةً طبیعیة ، ویکون برنامج حیاتهم کذلک أیض ، ولکن نظراً لتطور الآلة ، وصناعة النور الاصطناعی ، فانَّ الکثیر من الأشخاص یسهرون جزءً من اللَّیل وینامون بعض النهار ، وهذا أحدُ الأسباب لبعض أنواع الأمراض ، وفی الحقیقة أنّ القرآن یُحذِّرُ مثل هؤلاء الأفراد بانَّ ترک النوم لیلا یؤدّی إلى فقدان الاطمئنان الروحی وذلک من خلال عبارة : ( هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَکُمُ اللَّیْلَ لِتَسْکُنُوا فِیْهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِر ) .( یونس / 67 )