مایلفت النظر هو أنّ الحدیث عن ( السموات السبع ) ورد فی سبع آیات من القرآن الکریم (1).وتمّت الإشارة فی احدى هذه الآیات إلى طبقات الأرض السبع أیض ، حیث یقول تعالى : ( اللهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَوات وَمِنَ الاَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) .(الطلاق / 12 )ومن بین جمیع التفاسیر المختلفة التی ذُکرت عن السموات السبع ، یظهر أنّ التفسیر الصحیح هو أنَّ المقصود من « السموات السبع » هو المعنى الحقیقی للسموات السبع ، أی السماء لا تعنی الکرات ، بل مجموعة النجوم والکواکب فی العالم العلوی ، والمقصود من العدد ( سبعة ) هو الرقم المعروف ، ولیس هو للکثرة .إنَّه ما یظهر من الآیات الاُخرى هو أنّ کل ما نراهُ من نجوم ثابتة ، وسیّارة ، ومجرّات ، وسُحُب یتعلق ( بالمجموعة السماویة الاولى ) وعلیه فهناک ست مجامیع عظیمة اُخرى ( ست سموات ) تلی هذه المجموعة العظیمة ، حیث إنّ بعضها أکبر من البعض الآخر ، وتلک خارجةٌ عن متناول علم الإنسان ( لحد الآن على الأقل ) .نقرأ فی قوله تعالى : ( إِنَّا زَیَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنیا بِزِیْنة الْکَواکِبِ ) .(الصافات / 6)وجاء فی قوله تعالى : ( وَزَیَّنَّا السَّماءَ الدُّنْیا بِمَصابِیْحَ ) .(فصلت / 12)وورد هذا المعنى أیضاً باختلاف طفیف فی الآیة الخامسة من سورة المُلک .والجدیر بالذکر أنّ المرحوم العلاّمة المجلسی قد ذکر هذا الاحتمال کأحد التفاسیر لهذه الآیة إذ یقول : « الثالث : ما خطر بالبال القاصر ، وهو أن تکون جمیع الافلاک الثمانیة التی أثبتوها لجمیع الکواکب فلکاً واحداً مسمى بالسماء الدنی » (2) .
صحیحَّ أنَّ معداتنا العلمیة الحدیثة لم تکشف الحجب عن العوالم الستة الاُخرى غیر أنّه لیس هنالک من دلیل ینفیها من الناحیة العلمیة أیض ، ویحتمل أن یکشف النقاب عن هذا السر فی المستقبل .بل یظهر من اکتشافات بعض علماء الفلک أنّ هناک الآن براهین تلوح فی الاُفق عن وجود عوالم اُخرى شبیهة لما نقلناه آنفاً عن مرصد ( بالومار ) الشهیر فیما یتعلق بعظمة العالم ، ونکرر الجملة التی تشهد على کلامنا هذا « تمّ اکتشاف الملایین من المجرّات الجدیدة حیث یبعد بعضها عناّ ملیارد سنة ضوئیة ، لکن هناک فضاءً عظیماً مَهیباً ومظلماً لم یُرَ أیُّ شیء من خلاله أبداً ویبعد مسافة ملیار سنة ضوئیة ، إلاّ أنّ ممّا لا شک فیه وجود مئات الملایین من المجرّات فی ذلک الفضاء المهیب المظلم ، حیثُ تصانُ الدنیا من خلال جاذبیة تلک المجرّات ، ویُعتقد أنّ هذه الدنیا العظیمة التی نراها لیست سوى ذرّة صغیرة متناهیة من عالم أعظمْ ، ولسنا نقطعُ بعدمِ وجود عالم آخر فی مکان آخر من الدنی » (3) .یقول أحدُ العلماء فی مقال کتبهُ حول عظمة عالم الوجود ، بعد ذکر المسافات الهائلة والمذهلة للمجرّات ، وبیان الأرقام المدهشة المحددة طبقاً إلى السنةِ الضوئیة ما یأتی :« لا زال المنجمّون یعتقدون أنّهم لم یقطعوا سوى منتصف طریق ما یُمکنُ رؤیتُهُ من العالم العظیم ، ولا زال علیهم اکتشاف فضاءات أُخَر غیر مکتشفة » (4) .
وعلیه فإنّ العوالم التی تکشَّفت للبشر لحدّ الآن مع عظمتها ما هی إلاّ زاویة صغیرة من هذا العالم الکبیر ، وتصلح للمطابقة مع مسألة السموات السبع (5) .