غالباً ما یکثر الأطفال الرضّع من البکاء ، من الممکن أن یکون هذا البکاء دلالة على آلامهم ، فهم لا یمتلکون لساناً غیر لسان البکاء للافصاح عن الألم ، أو أنّه بسبب الجوع والعطش ، أو بسبب الانزعاج إزاء ظروف الحیاة الجدیدة سواء کانت حراً أو برداً أو ضوءً شدیداً أو ما شابه ، لکن من الممکن أن یبکی الأطفال بدون هذه الظروف أیض ، وهذا البکاء رمز حیاتهم وبقائه .فهم فی ذلک الحین بحاجة شدیدة إلى الریاضة والحرکة والحال أن لیس بامکانهم الریاضة ، الریاضة الوحیدة القادرة على تحریک کل وجودهم بما فیه الأیدی والأرجل والقفص الصدری والبطن وإدارة الدم بسرعة فی کل العروق لتغذیة کافة الخلایا بصورة متواصلة ، هی « ریاضة البکاء » التی تعتبر بالنسبة للطفل ریاضة کاملة ، ومن هنا إذا لم یبکِ الولید فیُحتمل أن یتعرض لأضرار جمّة أو تتعرض حیاته کلها إلى الخطر .
وفضلا عن هذا فإنّ هنالک رطوبة عالیة فی مخ الأطفال إذا بقیت هناک یمکن أن تؤدّی إلى أمراض وأوجاع شدیدة ، أو تسبب العمى ، والبکاء یعمل على خروج الرطوبة الزائدة من أعینهم على شکل دموع ، فیضمن ذلک صحتهم .یقول الإمام الصادق (علیه السلام) فی حدیثه المعروف بـ « توحید المفضل » بعد الإشارة إلى هذا الأمر : « أفلیس قد جاز أن یکون الطفل ینتفع بالبکاء ووالداه لا یعرفان ذلک فهما دائبان لیسکتاه ویتوخّیان فی الأُمور مرضاته لئلا یبکی ، وهما لا یعلمان أنَّ البکاء أصلح له وأجمل عاقبةً ... »(1).
وفی نفس الروایة ، یشیر الإمام (علیه السلام) إلى جریان الماء من أفواه الأطفال الذی یکمّل مهمّة دموع أعین الأطفال ، ویقول : « فجعل الله تلک الرطوبة تسیل من أفواههم فی صغرهم لما لهم فی ذلک من الصحة فی کبرهم »(2).