ثمة مثل معروف یقول : « إنَّ الناس عبید الأِحسان » .
ورد نفس هذا المعنى تقریباً فی حدیث عن أمیر المؤمنین الإمام علی (علیه السلام) : « الإنسان عبد الاحسان »(1) .
وورد عنه(علیه السلام): « بالإِحسانِ تملک القلوب »(2).
وفی حدیث آخر عنه أیضاً: « وأفضِلْ على من شِئتَ تکن أمیره »(3).
وجذور کل هذه المفاهیم فی حدیث الرسول (صلى الله علیه وآله) إذ یقول : « إنّ الله جعل قلوب عباده على حبّ من أحسن إلیها وبغضِ مَنْ أساء إلیه »(4) .
والخلاصة هی أنّ هنالک حقیقة تقول : إنَّ الذی یسدی خدمة لشخص أو ینعم علیه نعمة فسیکون عطفه هذا علیه منطلقاً من حبّه له ویکون هذا الآخر محباً لمن اسدى إلیه الخدمة والنعمة ، یحب أن یتعرف علیه تماماً ویشکره ، وکلما کانت هذه النعمة أهم وأوسع ، کان توجه العواطف نحو « المنعم » و« معرفته » أکثر .
ولهذا جعل علماء علم الکلام ( العقائد ) مسألة « شکر المنعم » ـ ومنذ القِدَم ـ إحدى الدوافع على التحقیق حول الدین ومعرفة الله .
ولکن یجب الانتباه إلى أنّ « شکر المنعم » هو قرار عاطفی قبل أن یکون قراراً عقلی .
نختم هذه الإشارة ببیت شعر لأبی الفتوح البستی الشاعر العربی المعروف :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بعد هذه الإشارة ننتقل إلى القرآن ونتأمل خاشعین فی الآیات أدناه :
1 ـ (وَاللهُ أَخْرَجَکُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِکُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَیْئاً وَجَعَلَ لَکُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ).( النحل / 78 )
2 ـ (وَهُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأکُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِیّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْکَ مَواخِرَ فِیهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ).( النحل / 14 )
3 ـ (فَکُلُوا مِمـَّا رَزَقَکُمُ اللهُ حَلاَلا طَیِّباً وَاشْکُرُوا نِعْمَتَ اللهِ إِنْ کُنْتُمْ إِیـَّاهُ تَعْبُدُونَ ). ( النحل / 114 )