إنّ إحیاء ذکرى الشهداء وإقامة محافل لتجلیلهم لا یمثّل عبادة کبیرة واعترافاً منّا بحقوقهم وتضحیاتهم والتعاطف معهم فحسب، بل له تأثیر کبیر فی تقویة معنویات الآخرین وشحذ هممهم.
وبالإمکان الاستلهام فی هذا المورد من کلمات الإمام علی(علیه السلام) التی تجسد لنا النموذج الأفضل للقدوة الصالحة فی تجلیل القادة الشهداء، فقد کتب الإمام(علیه السلام)بعد استشهاد والیه «محمد بن أبی بکر» کتاباً إلى «عبدالله بن عباس» جاء فیه:
«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ، وَ مُحَمَّدُ بْنُ أبِی بَکْر ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ قَدِ اسْتُشْهِدَ، فَعِنْدَ اللهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً، وَعَامِلاً کَادِحاً، وَسَیْفاً قَاطِعاً، وَ رُکْناً دافِعاً. وَقَدْ کُنْتُ حَثَثْتُ النَّاسَ عَلَى لَحَاقِهِ، وَأَمرْتُهُمْ بِغِیَاثهِ قَبْلَ الْوَقْعَةِ، وَدَعَوْتُهُمْ سِرّاً وَجَهْراً، وَعَوْداً وَبَدْءاً، فَمِنْهُمُ الآتِی کَارِهاً، وَمِنْهُمُ الْمُعْتَلُّ کَاذِباً، وَ مِنْهُمْ الْقَاعِدُ خَاذِلاً. أَسْأَلُ اللّهَ تَعَالَى أَنْ یَجْعَلَ لِی مِنْهُمْ فَرَجَاً عَاجِلاً; فَوَاللهِ لَوْلاَ طَمَعِی عِنْدَ لِقَائِی عَدُوِّی فِی الشَّهَادَةِ; وَتَوْطِینِی نَفْسِی عَلَى الْمَنِیَّةِ، لاََحْبَبْتُ أَلاَّ أَلْقَى مَعَ هَؤُلاَءِ یَوْماً وَاحِداً، وَلاَ أَلْتَقِی بِهِمْ أَبَداً»(1).
وبذلک نأتی إلى ختام هذا البحث بأمل نجاح وانتصار المدراء والقادة المسلمین وجمیع المجاهدین وجمیع جنود الإسلام فی جمیع جبهات الحق ضد الباطل وضد قوى الاستعمار والاستکبار فی جمیع أرجاء العالم.