عدم الإلتزام بأوامر القیادة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
تنظیم صفوف المقاتلین عوامل هزیمة المسلمین فی «اُحد» بوصفها قنطرة للانتصارات اللاحقة


وعندما تقابل الجیشان أخذ أبوسفیان یثیر همم أفراد جیشه ویحرضهم على القتال بمساعدة النساء الجمیلات والأوثان، وکان النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یحرض المسلمین بالاعتماد على الله تعالى ورحمته الواسعة حتى ملأ تکبیر المسلمین أجواء الوادی، ومن جهة تعالت أصوات نساء وبنات قریش بالغناء لتحریک عواطف ومشاعر المقاتلین فی جیش قریش.

وفی بدایة المعرکة استطاع المسلمون بهجومهم السریع من دحر جیش قریش وإجباره على التراجع، ولکنّ «خالد بن الولید» الذی رأى هزیمة قریش أراد مباغتة المسلمین من خلفهم، ودار حول جبل اُحد للهجوم على المسلمین، ولکنّ الرماة أجبروه على التراجع أیضاً.

إلى هنا کانت الأمور تسیر بشکل جید، ولکن حدث بعض الخلل وعدم الالتزام بالأوامر ممّا أدى إلى انقلاب الموازین، وذلک أنّ تراجع قریش فی بدایة المعرکة تسبب بأن یتصور المسلمون أنّ العدو قد انهزم بصورة کاملة فانهالوا على الغنائم ورأى هؤلاء الرماة ذلک فترکوا مواقعهم لیشارکوا المسلمین فی جمع الغنائم، وکلما صاح بهم «عبدالله بن جبیر» بأن یبقوا ولا یترکوا مواقعهم وذکّرهم بأمر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی ضرورة البقاء، إلاّ أنّهم لم یعیروه اُذناً صاغیة سوى عدد قلیل لا یتجاوز عشرة أشخاص من الذین بقوا معه فی تلک النقطة الحساسة.

وکانت نتیجة عصیان الأمر وعدم الانضباط العسکری لدى هؤلاء الرماة أن سارع «خالد بن الولید» مع 200 فارس من الذین کانوا یترصدون الحالة، عندما شاهدوا الموقع الحساس فارغاً، إلى الهجوم وتطویق الموقع، وقتلوا «عبدالله بن جبیر» وأصحابه ثم هجموا بسرعة على جیش الإسلام من خلفه، ومن جهة أخرى عاد جیش قریش المنهزم للقتال مرّة أخرى.

وفجأة شاهد المسلمون أنّهم محاصرون من کل جانب بسیوف الأعداء فانتثر نظمهم وانهارت معنویاتهم، وفی هذه اللحظات استشهد القائد الشجاع حمزة سیدالشهداء(علیه السلام)، ومعه جماعة من أصحاب النبی الشجعان، ولم یبق مع النبی سوى عدد قلیل جدّاً یدافعون عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وأمّا الباقی فقد رجحوا الفرار على القرار(1).

وفی هذه المعرکة الخطیرة کان علی بن أبی طالب(علیه السلام)، وباعتراف جمیع المؤرخین، أکثر الناس دفاعاً عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فکان یذب عن النبی ویدافع عنه إلى نهایة المعرکة(2).

لقد کان الإمام علی(علیه السلام) یقاتل ببسالة وشجاعة مذهلة حتى کسر سیفه فأعطاه رسول الله(صلى الله علیه وآله) «ذوالفقار»، وقد بقی النبی فی متراسه والإمام علی(علیه السلام) یذب عنه الأعداء، وقد ذکر بعض المؤرخین أنّ الإمام علی اُصیب فی هذه المعرکة بأکثر من ستین جرحاً فی وجهه وبدنه، وفی هذا الوقت نزل الوحی على رسول الله(صلى الله علیه وآله)وقال:

«یـارَسُولَ اللهِ هَذِهِ المُواساة».

فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «إِنَّهُ مِنّی وَأَنا مِنْهُ».

فقال جبرائیل: «وَأَنا مِنکُما، فَسَمِعُوا صَوتاً: لا سَیفَ إلاّ ذُوالفقار، وَلا فَتى إلاّ عَلی»(3).

إشاعة مقتل النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله):

نقل بعض المؤرخین: إنّ مقاتلین من قریش ضرب أحد المسلمین ویدعى «مصعب» وهو یظنّ أنّه رسول الله(صلى الله علیه وآله) فقتله، ثم صاح: «واللات والعزى لقد قتل محمّد».

ولکن هذه الإشاعة الخطیرة انقلبت لصالح المسلمین من جهتین:

من جهة أنّ العدو ظنّ أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قد قتل، فاستعد جیش قریش لترک منطقة «اُحد» والتوجه إلى مکّة، وهذا یعنی أنّ جیش قریش، الذی یحمل أشدّ العداوة والخصومة للنبی والإسلام وقد جاء إلى هذه المنطقة للانتقام من النبی ومن المسلمین لا یمکن أن یترک بدون قتل النبی، والعجیب أنّ المشرکین الذین یبلغ عددهم الآلاف لم یکونوا مستعدین للبقاء فی هذه المنطقة إلى الصباح والتحقیق فی هذا الخبر المهم، حیث شدّوا رحال العودة إلى مکّة فوراً(4).

ومن جهة أخرى أدى خبر مقتل النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أن یهب جماعة من المسلمین الذی اُصیبوا بجراح فی المعرکة ویصعدوا على الجبل بأمر النبی لیظهروا للمسلمین أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) حیٌّ یرزق، وقد أدى ذلک إلى عودة الهاربین واجتماعهم حول النبی «وهذه خطوة أخرى».

وبالرغم من السیطرة الکاملة على الموقف وعلى تداعیات الهزیمة إلاّ أنّ المسلمین قدموا خسائر کبیرة على مستوى الأموال والأنفس، فقد قتل منهم 70 نفراً فی میدان القتال(5)وجرح منهم الکثیر أیضاً.

ولکن کما سوف نرى أنّ هذه الهزیمة ترکت درساً کبیراً للمسلمین بحیث أدت إلى انتصارات کبیرة فی المعارک اللاحقة وکانت نتائجها ایجابیة على المستوى المعنوی والعسکری.

أجل، لا شک أنّ حدث فی معرکة اُحد کان کافیاً لانهیار کل جیش انهیاراً تاماً، غیر أنّ الملفت للنظر تجمع المسلمین بعد الهزیمة وعودتهم بعد الفرار من میدان القتال حیث تجمعوا مرّة أخرى حول قائدهم ونبیّهم، وطبعاً فإنّ شهامة وشجاعة النبی(صلى الله علیه وآله) نفسه کانت مؤثرة تأثیراً بالغاً فی هذه الظاهرة وأدت إلى نجاة المسلمین من مخططات الأعداء وتآمر المنافقین الذین کانوا یحیکون للإسلام الدسائس لإجهاض هذه الدعوة الفتیة.

وهنا یجدر بنا الفات النظر إلى هذه النقطة، وهی أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) بقی ثابتاً فی میدان القتال حتى فی الوقت الذی مالت فیه الکفة لصالح الأعداء، وهذا یدلّ على القیادة الفذة والحنکة الرائعة للنبی، سواءً على مستوى تنظیم الجیش وترتیبه، أو على مستوى الثبات النفسی والتسلط على الأعصاب حتى فی أحلک الظروف وأصعب اللحظات.

وقد بقی رسول الله(صلى الله علیه وآله) کالجبل فی میدان الحرب بدون أن یفکر فی نجاة نفسه وکان یصیح بالمسلمین بصوت عال: «أنا رسول الله، هَلُمُّوا إلیَّ»، ولما سمع المسلمون صوت النبی أسرعوا إلیه وأخذوا بالدفاع عنه.

وهکذا الحال فیما ذکره المؤرخون عن غزوة «حمراء الأسد» وتحرک المسلمین فی ملاحقة جیش قریش،ممّا یبیّن فطنة نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) وفکره الثاقب فی هذه العملیة العسکریة من الهجوم غیر المباشر، لأنّ انتصار جیش المشرکین فی غزوة أُحد خلّف أثراً سلبیاً عمیقاً فی أجواء الدعوة الإسلامیة وفی نفوس المسلمین وضعفت عزّتهم وعظمتهم بین الأعداء «الیهود والمنافقین» إلى درجة أنّ طائفة من المنافقین أخذوا یفکرون بالهجوم علیهم لکسب بعض الغنائم من المسلمین، ولهذا السبب تحرک رسول الله(صلى الله علیه وآله)بشجاعة وسرعة لترمیم هذا الخلل وإعادة المیاه إلى مجاریها وإعطاء النهضة زخماً جدیداً وحیویة لإدامة المسیر.

وفی هذا الوقت بالذات أقام المشرکون مؤتمراً فیما بینهم فی منطقة «روحاء» وقد وصل إلیهم خبر تحرک المسلمین بقیادة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لملاحقة جیش المشرکین، فلما سمعوا بهذا الخبر وأنّ النبی الأکرم على مقربة منهم وهو یقود جیشه فی منتهى الشجاعة وقد وصلوا إلى «حمراء الأسد»، اهتزت لذلک معنویاتهم وانکسرت إرادتهم وعرفوا أنّهم عاجزون عن مواجهة المسلمین.

وطبعاً کان خوف أبی سفیان أکثر من الآخرین، ولذلک أرسل إلى النبی رسالة تهدید، ولکنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لم یهتم برسالة أبی سفیان وبقی فی ذلک المکان بکامل العظمة والوقار مع جیشه وباتوا فی «حمراء الأسد» ثلاث لیال وکانوا فی هذه اللیالی یوقدون ناراً عظیمة لتعلم قریش أنّ المسلمین ثابتون ومستعدون للمواجهة، وکانوا مستعدین للهجوم على العدو فی الوقت المناسب، وقد أعطت هذه المناورات العسکریة والسیاسیة ثمارها فی تثبیت جیش الإسلام وتبیّن للعدو صمود المسلمین فی مواجهة قوى الکفر والشرک وحینئذ أمر رسول الله(صلى الله علیه وآله)جیشه الشجاع بالعودة إلى المدینة مرفوع الرأس وسجل بذلک نصراً سیاسیاً وعسکریاً على العدو.

یقول بعض المؤرخین إنّ القادة الذین صمدوا بعد هزیمة جیوشهم وأعادوا سیطرتهم وهیمنتهم على جنودهم یعدّون على امتداد التاریخ بالأصابع، ومن هنا کان النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)أعظم قائد عسکری بقی ثابتاً ومسیطراً على الأوضاع إلى نهایة المعرکة، وخاصّة فی هذه المناورات العسکریة فی غزوة «حمراء الأسد» التی أفضت إلى إعادة المعنویات المنهارة لجیش الإسلام وتماسک المسلمین مرّة أخرى وعودة هیبتهم وعظمتهم أمام القبائل العربیة فی جزیرة العرب(6).


1 . انظر: السیرة الحلبیة، ج 2، ص 238.
2 . الکامل فی التاریخ، لابن الأثیر، ج 2، ص 107، طبعة بیروت، سیرة رسول الله(صلى الله علیه وآله)، ابن اسحاق الهمدانی، ج1، ص 686.
3 . الکامل فی التاریخ، لابن الأثیر، ج 2، ص 107.
4 . انظر سیرة ابن هشام، ج 3، ص 82.
5 . عدّ ابن اسحاق شهداء اُحد 65 نفراً (سیرة النبی، ج3، ص 75 ـ 80) وقد أضاف ابن هشام إلى ذلک العدد خمسة أشخاص; وقال ابن قتیبة الدینوری: قتل یوم اُحد 4 مقاتلین من المهاجرین و70 مقاتلاً من الأنصار; ونقل ابن أبی الحدید عن الواقدی: قتل من الإنصار وحدهم 71 نفراً و4 من قریش و6 من سائر الناس، فیکون المجموع 81 نفراً (طبقات ابن سعد، ج2، ص 42 ـ 44، شرح نهج البلاغة، ج 3، ص 400.
6 . مقتبس من «النبی وأصول الحرب» مصطفى طلاس وزیر دفاع الجمهوریة العربیة السوریة، ص 345.

 

تنظیم صفوف المقاتلین عوامل هزیمة المسلمین فی «اُحد» بوصفها قنطرة للانتصارات اللاحقة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma