لا شک أنّ أحد أبعاد شخصیة الإنسان تتمثّل فی المسائل الناشئة من الوراثة إلى درجة أنّ بعض علماء النفس یرون أنّ شخصیة الإنسان تتلخص فی ثلاثة أبعاد: «الوراثة» و«المحیط» و«التعلیم والتربیة» ویطلقون على هذا المثلث بمثلث الشخصیة.
طبعاً نحن لا نرى أنّ الأبعاد والعوامل البنّاءة لشخصیة الإنسان تتحدد بهذه الأمور الثلاثة وحدها، بل هناک عوامل کثیرة أخرى تتدخل فی ترکیب شخصیة الإنسان وتؤثر فی صیاغتها ممّا لا مجال لتفصیل الکلام فی هذا البحث، ولکن على أیّة حال لایمکن إنکار تأثیر «الوراثة» فی بناء شخصیة الإنسان وکونها عاملاً مهماً فی صیاغة شخصیته.
وفی القرآن الکریم والروایات والزیارات إشارات کثیرة إلى هذا المعنى، ونقرأ فی سورة نوح أنّ هذا النبی العظیم عندما سأل الله تعالى إنزال العذاب على المشرکین استند فی دعائه وطلبه إلى هذا الدلیل:
(إِنَّکَ إِنْ تَذَرْهُمْ یُضِلُّوا عِبَادَکَ وَلاَ یَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً کَفَّاراً)(1).
ونقرأ فی زیارة الإمام الحسین(علیه السلام) المعروفة:
«أَشهَدُ أَنَّکَ کُنتَ نُوراً فِی الأصلابِ الشَّامِخَةِ، والأرحَامِ المُطَهَّرَةِ لَمْ تُنَجِّسْکَ الجَاهِلِیَّةُ بِأَنجاسِها»(2).
وقد ذکر المؤرخون أنّ الإمام الحسین(علیه السلام) خطب الناس فی دار أمیر المدینة «الولید» والی حکومة بنی اُمیّة، وقال:
«إنّا أَهلُ بَیتِ النّبُوّة، وَمَعدَنِ الرّسالَةِ، وَمُختَلفِ المَلائِکَةِ»(3).
وهذا المعنى نقرأه بوضوح أکثر فی عهد مالک الأشتر(رحمه الله) عندما تحدث أمیرالمؤمنین(علیه السلام)عن شروط القادة وقال:
«ثُمَّ الْصَقْ بِذَوِی الْمُروءَاتِ وَ الاَْحْسَابِ وَ أَهْلِ الْبُیُوتَاتِ الصَّالِحَة وَ السَّوَابِقِ الْحَسَنَةِ»(4).
بل ورد فی الروایات الإسلامیة أنّ طعام الاُم ولبنها دخیلان فی تشکیل النواة الاُولى من شخصیة الطفل.
على أیّة حال یجب انتخاب المدراء والقادة مهما أمکن من الاُسر التی تتمتع بوراثة صالحة.