وهنا من المناسب جدّاً إلقاء نظرة على تاریخ الإسلام لنرى عاقبة الفشل الذریع الذی حلّ بالمسلمین فی غزوة «اُحُد» وما کانت النتیجة؟ وکیف أنّ نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) استخدم هذه الهزیمة کوسیلة فاعلة ومؤثرة لتحقیق انتصارات سریعة متلاحقة؟ بحیث إنّ أحد المفسّرین المعروفین یقول: «إنّ أحد الأشخاص رأى النبیّ(صلى الله علیه وآله) فی منامه فقال له: إذا خیّرت فی اُحُد بین النصر أو الهزیمة، فإنّی سأختار الهزیمة بسبب النتائج المهمّة التی ترتبت على هذه الحرب للمسلمین»(1).
ونرى من المناسب أن نشیر إلى أصل غزوة اُحد ومدیات الإدارة والقیادة الحاسمة فی هذه الحرب وتحلیل عوامل الهزیمة والفشل فیها، ولهذا نرجو السماح لبسط هذا البحث وتفصیل الوقائع لیکون شاهداً ناطقاً على بحثنا الحاضر.
ورد فی الروایات وفی المصادر التاریخیة الإسلامیة أنّه: عندما ذاقت قریش طعم الهزیمة النکراء فی بدر ورجع المشرکون إلى مکّة بعد أن فقدوا 70 قتیلاً و70 أسیراً(2)، قام أبوسفیان بتحذیر أهالی مکّة وقال لهم: لا تدعوا النساء یبکون على قتلاهنّ لأنّ البکاء یزیل الحزن ویخفف من العداوة والحقد من قلبهنّ لمحمّد، وحلف أبوسفیان أن ینتقم لقتلى بدر ولا یقارب زوجته ما لم ینتقم من محمّد والمسلمین.
وعلى هذا الأساس قام بتحریک قبائل قریش بکل وسیلة وتثویر الناس للحرب ضد المسلمین وانتشرت فی مکّة صرخة «الانتقام الانتقام» وحینما حلّت السنة الثالثة للهجرة عزمت قریش على قتال رسول الله(صلى الله علیه وآله) بثلاثة آلاف فارس وألفی راجل، وخرجوا من مکّة بکامل العدّة والعدد، ومن أجل تقویة روحیة الجنود ومعنویاتهم وإثارة غضبهم وحقدهم فی میدان القتال، فإنّهم قد جاءوا معهم بالأصنام والنساء أیضاً.