1 ـ اتخاذ القرار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
المسؤولیات والوظائف العشر فی المدیر والقائد 3 2 ـ البرمجة والتخطیط


یجب على المدیر قبل کل شیء، ومن أجل أداء المهام والوظائف الملقاة على عاتقه، أن یضع القرارات التی ینبغی العمل بها لتساعده على تحقیق هدفه والوصول إلى مقصوده ولذلک ینبغی له الاستعانة بما یلی:



أ) المعلومات والتجارب السابقة

فی هذا القسم ینبغی دراسة ما اختزن فی الذهن من اطروحات علمیة وما اکتسبه الإنسان من خلال العمل والتجربة بشکل دقیق، وإعادة النظر فیه وغربلته ولا ینبغی نسیان موارد الإخفاق والفشل التی تعرض لها الإنسان فی حرکة الحیاة والواقع، ولا ینبغی الإصرار على تجربة المجرَّب مرّة ثانیة وسلوک الطریق الذی ثبت بالتجربة بطلانه وسلبیته، وکما ورد فی الحدیث الشریف: «إنّ المُؤمِنَ لا یُلدَغُ مِنْ جُحر مَرَّتَین»(1).

وهنا نلفت النظر إلى هذه النقطة المهمّة وهی أنّ العلوم الکلاسیکیة فی مجال الإدارة مهما کانت عمیقة وواسعة فإنّها لا تحلّ محلّ التجربة والممارسة، بل إنّما تکون ذات قیمة فیما لو وضعت على محک التجربة والاختبار، وأثبتت نجاحها.

وحالیاً نرى الکثیر من الشباب الأذکیاء مشغولین فی جبهات القتال والجهاد ویکتسبون الکثیر من الخبرات العملیة التی قد تفوق الکثیر من العلوم العسکریة الکلاسیکیة المعروفة فی العالم، وهم من ناحیة عملیة أفضل وأقدر بکثیر من القیادات العسکریة فی الجیوش النظامیة فی بلدان العالم، ولا یختص هذا الأمر بالحقل النظامی والعسکری بل یمتد هذا الأصل إلى کافة الحقول والشؤون.

یقول أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی هذا الصدد: «وَفِی التّجارِبِ عِلمٌ مُستَأنَفٌ»(2).

ب) الاستعانة بالمشورة

وأفضل کلام فی هذا المجال هو ما ورد عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنّه قال: «لا ظَهِیرَ کَالمُشاوَرَةِ»(3). ومن هذا المنطلق یستطیع الإنسان اکتساب جمیع الرؤى والتجارب والأفکار لدى الآخرین من خلال المشورة.

ومضافاً إلى الأمر القرآنی الصریح فی ضرورة المشورة الواردة فی آیتین من سورة (آل عمران) وسورة (الشورى) حیث دعا القرآن جمیع المسلمین إلى التشاور والتباحث فیما یهمهم من الأمور، فإنّ سیرة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) الشخصیة وکذلک سیرة أئمة الهدى(علیهم السلام)تشیر إلى أنّ الإنسان حتى لو کان یمتلک العلوم الإلهیّة والمعارف الربانیة (وَعَلَّمَکَ مَالَم تَکن تَعلمُ...)(4)، وکان على اتصال بمنهل الوحی الفیاض، فإنّه لا یتحرک فی أموره المهمّة بدون الاستعانة بالتشاور مع أصحابه وأتباعه، بل أحیاناً تکون نتیجة المشورة مخالفة لرأی النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، إلاّ أنّه کان یترک رأیه جانباً ویعمل بالمشورة لیکون قدوة و«اُسوة» فی کل عصر وزمان.

وقد ذکر المؤرخون فی غزوة «اُحد» أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان یرى عدم خروج المسلمین من المدینة، ولکنّ أکثر أصحابه أیّدوا الرأی القائل بالخروج من المدینة والتوجه إلى جبل اُحد، وقد أثبتت الحوادث اللاحقة أنّ هذا الرأی لم یکن مصیباً وقد ترتب علیه خسارة کبیرة، إلاّ أنّ هذه الخسارة کانت مقبولة من أجل تثبیت دعائم المشورة بین المسلمین، والنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) نفسه صرّح بهذا المعنى وقال: «أَما إنّ اللهَ وَرَسُولَهُ لَغنیّان عَنها وَلَکن جَعَلَهَا اللهُ رَحمَةً لاُمّتِی فَمَنْ إستَشارَ مِنهُم لَمْ یُقدِمْ إلاّ رُشداً وَمَنْ تَرَکَها لَمْ یُقدِمْ إلاّ غَیّاً»(5).

وعلى ضوء ذلک فعندما یکون النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ملتزماً بالمشورة مع أصحابه واُمّته وهو غنی عنها، فبطریق أولى یکون أتباعه ملزمین بالتشاور فیما بینهم.
ولکن مع کل الأهمیّة لمقولة التشاور لابدّ من الالتفات بدقّة إلى شروط المشورة والمشاور، لأنّه لا یمکن اتخاذ أی شخص بعنوان مشاور وخاصّة فی الأعمال المهمّة والقضایا الحساسة، فلابدّ من توفر شروط معینة فی الشخص المشاور، وإلاّ فالتشاور مع الأشخاص الفاقدین لهذه الشروط ربّما ینتج نتائج عکسیة ویدفع بالشخص إلى هوة الضلالة ویزید المشکلة تعقیداً.

یقول الإمام الصادق(علیه السلام) فی هذا الصدد:

«إنّ المَشورَة لا تَکُونُ إلاّ بِحُدُودِها، فَمَنْ عَرَفها بِحُدُودِها، وإلاّ کَانَتْ مَضَرَّتُها عَلى المُستَشِیر أَکثَرَ مِنْ مَنفَعَتِها لَهُ:

فَأَوَّلُها: أَنْ یَکُونَ الّذی یُشاوِرُهُ عاقِلاً.

وَالثّانِیةُ: أنْ یَکُونَ حُرّاً مُتَدیِّناً.

وَالثّالِیةُ: أنْ یَکُونَ صَدیقاً مُؤاخیاً.

وَالرَّابِعَةُ: أَنْ تُطلِعَهُ عَلى سِرِّکَ فَیَکَونَ عِلْمُهُ بِهِ کَعِلمِکَ بِنَفسِکَ، ثُمَّ یَستُرَ ذَلِکَ وَیَکتُمَهُ، فَإنَّهُ إِذا کَانَ عاقِلاً، انتَفعَتْ بِمَشوَرَتهِ، وإذا کَانَ حُرّاً مُتَدیِّناً جَهَدَ نَفسَهُ فِی النّصِیحةِ لَکَ، وإِذا کَانَ صَدِیقاً مُؤاخیاً کَتَمَ سِرَّکَ إِذا أطْلَعْتَهُ عَلَیهِ، وإِذا أطْلَعْتَهُ عَلى سِرِّکَ فَکَانَ عِلمُهُ بِهِ کَعِلمِکَ بِهِ تَمَّتِ المَشورَةُ»(6).

ولهذا السبب نرى أنّ إمام العارفین وأمیرالمؤمنین علی(علیه السلام) منع «مالک الأشتر» فی عهده التاریخی من التشاور مع عدّة أشخاص وفئات:

«وَلاَ تُدْخِلَنَّ فِی مَشْوِرَتِکَ بَخِیلاً یَعْدِلُ بِکَ عَنِ الْفَضْلِ وَیَعِدُکَ الْفَقْرَ، وَلاَ جَبَاناً یُضْعِفُکَ عَنِ الاُْمُورِ، وَلاَ حَرِیصاً یُزَیِّنُ لَکَ الشَّرَهَ بِالْجَوْرِ، فَإِنَّ الْبُخْلَ وَالْجُبْنَ وَالْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى یَجْمَعُهَا سُوءُ الظِّنِّ بِاللهِ»(7).

ویشیر الإمام الصادق(علیه السلام) إلى أربعة شروط أخرى فی المشاور کما فی الروایة الشریفة حیث یقول:

«وَلا تُشِرْ عَلَى مُسْتَبِدٍّ بِرأَیهِ، وَلا عَلَى وَغْد، وَلا عَلى مُتَلَوِّن، وَلا عَلى لَجُوج...»(8).

وکذلک لا ینبغی أن یکون المشاور کذّاباً، فقد ورد عن الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام)أنّه قال:

«وَلا تَسْتَشِرِ الکَذَّابَ، فَإِنَّهُ کَالسَّرابِ یُقرِّبُ عَلَیکَ البَعیدَ وَیُبعِّدُ عَلَیکَ القَرِیبَ»(9).

وعلى ضوء ذلک فإنّ المشاور ینبغی أن یتمّ اختیاره من بین الأشخاص الذین یتوفر فیهم الوعی، الشجاعة، الإیمان، المعرفة ببواطن الاُمور.



خطر الاستبداد:

إنّ أخطر منزلق یواجه «المدراء» و«القادة العسکریین» هو الاستبداد بالرأی وعدم الإحساس بالحاجة إلى رأی الآخرین والتشاور معهم، کما ورد فی الحدیث الشریف عن أمیرالمؤمین(علیه السلام) حیث قال:

«مَنِ اسْتَبَدَّ بِرَأْیِهِ هَلَکَ، وَمَنْ شَاوَرَ الرِّجَالَ شَارَکَهَا فِی عُقُولِهَا»(10).

وقال أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام):

«... وَالاِْسْتِشَارَةُ عَیْنُ الْهِدَایَةِ. وَقَدْ خَاطَرَ مَنِ اسْتَغْنَى بِرَأْیِهِ..»(11).

ولابدّ من الالتفات إلى هذه النقطة بدقّة، وهی أنّه بعد التشاور مع الأشخاص من أهل الوعی والمعرفة والاستفادة من أفکار وآراء «العلماء والخبراء»، لا ینبغی حینئذ التردد فی اتخاذ القرار وتأخیر الأمور أکثر من اللازم، فربّما تفوت الفرصة ولا تؤدی المشورة ثمرتها حینئذ، لأنّ العزم والحسم فی اتخاذ القرار یعدّ من أهم أسرار النجاح والتوفیق فی حرکة الإنسان، وما أروع قول القرآن الکریم بعد أن أمر النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) بالمشورة:

(فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ)(12).



المشورة، وظیفة أخلاقیة أم إلزامیة؟

ومن المسائل المهمّة المطروحة على بساط البحث فی مسألة الشورى هی: هل أنّ هذا الأمر القرآنی مجرّد دستور أخلاقی بحیث لا یترتب علیه محذور فی ترکه، فحتى لو أقدم الشخص على التشاور ثم خالف المشورة فسوف لا یترتب علیه شیء سوى أنّه ترک الأولى، أو یقال بأنّ التشاور هنا یتسم بجهة إلزامیة وأنّ مخالفته ستکون معصیة؟

وفی مقام الجواب عن هذا السؤال ینبغی الالتفات إلى هذه النقطة، وهی أنّ موارد المشورة ثلاثة:

1 ـ أن تکون المسألة مرتبطة بالحیاة الشخصیة للإنسان نفسه بحیث لا یترتب على صلاحها أو فسادها أثر مهم فی واقع الحیاة والمجتمع.

2 ـ وأحیاناً أخرى تتصل المسألة بالأمور الاجتماعیة والمراکز الحساسة فی المجتمع، ولکن هذه المسألة قد تکون واضحة للجمیع بحیث یدرکها کل مدیر أو قائد فی الجیش ولها اُفق جلی وأبعاد واضحة المعالم.

3 ـ أن تکون المسألة حساسة ومعقّدة وتکون مؤثرة فی مصیر عامة الأفراد أو على الأقل فی مصیر طائفة من المجتمع.

وفی الصورة الاُولى والثانیة من الممکن أن یقال بأنّ قبول نتیجة المشورة غیر إلزامی للشخص وهو مجرّد دستور أخلاقی، ولکن ممّا لا شک فیه أن القسم الثالث من هذه الأقسام الثلاثة، إلزامی سواء فی أصل المشاورة «إذا توفر المشاور» وکذلک فی نتیجة المشاورة، لأنّه یجب على المدراء والقادة امتثال الوظیفة الملقاة على عاتقهم بوصفها أمانة إلهیّة، وعدم الاقدام على المشورة فی هذه المسائل المهمّة یعتبر نوعاً من الخیانة لمصالح المسلمین، وبعبارة أخرى أنّه من وجهة نظر الفقه الإسلامی أنّ هؤلاء الاُمناء یجب أن یلحظوا «غبطة» المسلمین وما هو أصلح للاُمّة، ولا ینبغی مع وجود الأصلح التوجه إلى «الصالح» أو مع وجود «الصالح» لا ینبغی التوجه إلى «غیر الصالح»، ولا شک أنّ التشاور والعمل بالمشورة یجب أن یکون مع رعایة «الغبطة» أکثر.

وهذا هو ما ذکره أمیرالمؤمنین الإمام علی(علیه السلام) فی قولته المشهورة لأحد عمّاله:

«وَإِنَّ عَمَلَکَ لَیْسَ لَکَ بِطُعْمَة وَلکِنَّهُ فِی عُنُقِکَ أَمَانَةٌ...»(13).

وقال رسول الله(صلى الله علیه وآله) مخاطباً أبا ذر:

«إنّها أمانَةٌ وَإِنّها یَومَ الْقِیَامَةِ خِزیٌ وَِنَدامَةٌ إلاّ مَنْ أَخَذَها بِحَقِّها وَأَدّى الّذی عَلیهِ فِیها»(14).

وهناک مورد رابع قد یواجهه المدیر أو القائد ولا یملک فی ذلک المورد والموضوع معرفة کافیة وتخصصاً وافیاً، ففی مثل هذا المورد لا طریق أمامه سوى التشاور والاستفادة من آراء المتخصصین فی هذا الشأن، وطبعاً یجب علیه الإقدام على اکتساب آراء «أهل الخبرة المتدینین الواعین» وإلاّ فهو آثم ویرتکب خیانة للمسلمین.

ومن هنا یجب على المدیر أحیاناً التشاور مع عدّة فئات فی أمور مختلفة لیضمن سلامة عمله ومشروعه، وعدم تشکیل مجالس الشورى هذه أو عدم الاهتمام بنتائج المشورة، یعدّ أحیاناً خیانة.

یقول مولى المتقین الإمام علی(علیه السلام):

«فَإِنَّ مَعْصِیَةَ النَّاصِحِ الشَّفِیقِ الْعَالِمِ الُْمجَرَّبِ تُورِثُ الْحَسرَةَ، وَتُعْقِبُ النَّدَامَةَ»(15).

وقد ورد فی المصادر التاریخیة أنّ المسلمین عندما حاصروا مدینة «الطائف» بقوا خارج أسوار هذه المدینة مدّة 20 یوماً تقریباً ولم یتمکنوا من فتح هذه الأسوار المحصّنة، فما کان من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) إلاّ أن دعا أصحابه للتشاور معهم.
وهنا قدّم «سلمان الفارسی» اقتراحاً فی هذه المعرکة، وقد لقی هذا الاقتراح قبولاً لدى النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) قال سلمان:

«یجب استخدام المنجنیق لهدم هذه الأسوار وتدمیرها»

ثم إنّ سلمان صنع لهم منجنیقاً وربط هذا المنجنیق بدبابتین، (والتی هی بمثابة دبابة صغیرة فی هذا العصر تملک قدرة تدمیریة کبیرة) وتمّ للمسلمین فتح تلک القلعة(16).

یقول «زینی دحلان» فی کتابه عن السیرة النبویة: لقد استمر حصار الطائف ثمانیة عشر یوماً حتى نصبوا المنجنیق، ویعتبر هذا أول منجنیق استخدم فی الإسلام، وکان استخدام المنجنیق بتوصیة من سلمان الفارسی(17).



أضرار وسلبیات الشورى:

أحیاناً یؤدی الالتزام بأصل الشورى إلى تأخیر فی انجاز المشروع واضعاف عنصر الحسم لدى القائد، وأحیاناً تتبخر الفرص الذهبیة بسبب اللجوء إلى المشورة، وبالتالی تکون النتیجة سلبیة للمشورة، ولهذا نرى أحیاناً أنّ بعض المدراء والقادة العسکریین لا یرغبون بهذا الأصل ویتحرکون فی عملهم بعیداً عن التشاور مع الآخرین، ولکن إذا قارنا الخسائر الناشئة من المشورة من الخسائر الناشئة من الاستبداد والتسرع والعمل بالرأی الشخصی فسوف نرى أنّ الاُولى أقل بکثیر من الثانیة، وأنّ الاعتماد على الرأی الشخصی یفضی إلى نتائج وخیمة وعواقب خطیرة.

غایة الأمر لابدّ من السعی إلى ضمّ روح «المشاورة» إلى أصل «السرعة والحسم» والالتزام بهذین الأمرین سویة لکی نحضى بمجتمع فاعل ومتحرک ونضمن بقاء الحیویة فی حرکة الحیاة ونقلل مهما أمکن من الخسائر والسلبیات.

اتخاذ القرار فی الروایات الإسلامیة:

تتحرک الأحادیث الشریفة الواردة فی المصادر الروائیة المعروفة عن رسول الله(صلى الله علیه وآله)لتتحدث عن العلاقة بین «العمل» ومسألة «اتخاذ القرار»، فقد ورد فی الحدیث الشریف: «إنَّما الأعمالُ بالنِیّاتِ»(18). و«لا عَمَلَ إلاّ بِنِیّة»(19)، وهذه من الأحادیث الشریفة المشهورة فی هذا المجال.

ولکن ورد التأکید فی الروایات الإسلامیة أکثر على مسألة إخلاص النیّة وطهارة القلب، بل إنّ المدیر الإسلامی یجب أن یفسّر قبل کل شیء بصفاء نیّته ونقاء غرضه من ذلک العمل ویبعد عن نفسه أی شکل من أشکال التلوث بالرغبات الشخصیة والنوازع الدنیویة فیأتی بالعمل خالصاً ومخلصاً، وفی هذا المجال ورد فی الحدیث النبوی الشریف أنّ رسول الله قال:

«لِکُلِّ امرِىء مَا نَوى، فَمَنْ غَزا ابتِغاءَ مَا عِندَ اللهِ فَقَدْ وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمَنْ غَزا یُرِیدُ عَرَضَ الدُّنیا أو نَوى عِقالاً، لَمْ یَکُنْ لَهُ إلاّ مَا نَوى»(20)

وهنا نرى بوضوح أنّ الإسلام یهتم غایة الاهتمام بمسألة خلوص النیّة، وسوف نتطرق إلى هذا الموضوع أکثر فی فصل «الدوافع»، وهنا نکتفی بالقول: إنّ المفاهیم الإسلامیة تقرر وجود رابطة أکیدة بین النجاح والتوفیق من جهة، وبین إخلاص النیّة من جهة أخرى.



آفات اتخاذ القرار:

یجب على المدیر اجتناب کل ما یعرّض عملیة اتخاذ القرار للخطر والاهتزاز، من قبیل:

1 ـ حالة التردد وعدم الثبات على رأی.

2 ـ الاحتیاط أکثر من اللازم.

3 ـ الوسواس فی مواجهة المسائل المختلفة.
4 ـ التسویف.

5 ـ الخوف والقلق من مواجهة المسائل المهمّة والحوادث الکبیرة والشعور بالخوف فی مقابلها.

6 ـ الاضطراب والهلع فی مقابل الحوادث غیر المتوقعة.

وخلاصة الکلام، إنّ حالة عدم الاعتماد على النفس تعتبر من أهم الموانع التی تعیق اتخاذ القرار لانجاز الأعمال المهمّة، وأحیاناً یکون المانع من اتخاذ القرار هو الخوف من الاخفاق والفشل، فی حین أنّ من الأصول المهمّة التی ینبغی على المدراء الالتفات إلیها، هو أننا مع عدم اطلاعنا على المستقبل والحوادث الاحتمالیة لا یمکننا أن نصل إلى نقطة الیقین بالنجاة فی أی عمل من الأعمال، وبالتالی لا یمکننا القیام بأی عمل، وهذا الانتظار «للحصول على الیقین» یعیق أحیاناً المساعی المفیدة والمؤثرة والمنتجة.

وما هو ضروری للمدراء والقادة أن یأخذوا بعنصر «الاحتیاط» مع «الشجاعة» ویقرنوا الدقّة مع الجرأة، ویتعاملوا مع المسائل المتوقعة من موقع اتخاذ الدقّة والاحتیاط، ومع المسائل غیر المتوقعة من موقع الشجاعة والجرأة، وکما یقول الإمام الباقر(علیه السلام) فی کلام رائع فی هذا المجال:

«صَلاحُ جَمِیعِ المَعَایش والتَّعاشُرِ مِلْءُ مِکیال ثُلثاهُ فِطنَةٌ وَثلُثُهُ تَغافُل»(21).

ولکن لا ینبغی تجاهل هذه الحقیقة، وهی أنّ القسم الأعظم من صلاح المعایش یکمن فی الفطنة التی تمثّل القاعدة الأساسیة لجمیع أشکال التخطیط والتدبیر رغم أنّ مسألة «التغافل» لها سهم وافر فی هذا المجال.


1 . سیرة ابن هشام، ج 3، ص 111.
2 . تحف العقول، ص 96.
3 . نهج البلاغة، الکلمات القصار، 54.
4 . سورة النساء، الآیة 113.
5 . تفسیر الدرالمنثور، ج 2، ص 90.
6 . وسائل الشیعة، ج 2، ص 108.
7 . نهج البلاغة، الرسالة 53.
8 . الحیاة، ج 1، ص 193.
9 . غرر الحکم للآمدی، ج 6، ص 310.
10 . نهج البلاغة، الکلمات القصار، 161.
11 . المصدر السابق، 202.
12 . سورة آل عمران، الآیة 159.
13 . نهج البلاغة، الرسالة 5.
14 . صحیح مسلم، ج 2، ص 124، طبعة بیروت.
15 . نهج البلاغة، الخطبة 35.
16 . السیرة الحلبیة، ج 3، ص 134.
17 . السیرة النبویة، مفتی مکة أحمد دحلان.
18 . وسائل الشیعة، ج 1، ص 33.
19 . المصدر السابق، ص 32.
20 . المصدر السابق، ص34.
21 . سفینة البحار، ج 2، ص 323.

 

 

 

المسؤولیات والوظائف العشر فی المدیر والقائد 3 2 ـ البرمجة والتخطیط
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma