الحکومة الإسلامیة وسیلة لتحقیق أربعة أهداف کبیرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
الأهداف الأصلیة للإدارة الإسلامیة نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) المدیر والقائد الفذّ

لا شک أنّ الإسلام لا ینظر إلى الحکومة على أساس أنّها هدف، بل وسیلة «لتحقیق الأهداف السامیة» لحیاة البشریة المتکاملة.

ولکن ما هی هذه الأهداف السامیة، وکیف یمکن تحقیقها؟

فی تحقیق کلّی یمکن الترکیز على «أربعة أهداف أساسیة» أکثر من غیرها، وهذه الأهداف لا تنحصر بالحکومة الإسلامیة، بل إنّ جمیع أنواع الإدارات التی تنشأ وتتولد من هذه الحکومة یجب أن تأخذ بنظر الاعتبار هذه الأهداف الأربعة وتتحرک فی هذا الخط:

1 ـ الاهتمام بتوعیة الناس وفتح آفاق المعرفة أمامهم.

2 ـ التربیة المعنویة وإحیاء القیم الأخلاقیة.

3 ـ إقامة القسط والعدل بحیث یکون منبثقاً من عمق المجتمع وبشکل تلقائی وطبیعی لا أنّه مفروض علیه من الخارج.

4 ـ تحریر الناس من قیود الأسر.
والأفضل فی هذا المجال ومن أجل فهم أعمق لهذه الأهداف، أن نعود إلى القرآن الکریم الذی یمثّل أصلاً أساسیاً ومحوریاً لفهمنا الدینی، ونستمد منه ما یؤکد هذه الأُصول المهمّة، وعلى رأسها أصل «المعرفة والوعی» و«التربیة الإنسانیة»، حیث یتحدّث القرآن الکریم عن هذین الأصلین ویقول:

(هُوَ الَّذِی بَعَثَ فِی الاُْمِّیِّینَ رَسُولا مِنْهُمْ یَتْلُو عَلَیْهِمْ آیَاتِهِ وَیُزَکِّیهِمْ وَیُعَلِّمُهُمْ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَإِنْ کَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِی ضَلاَل مُبِین)(1).

هنا نرى أنّ القرآن الکریم یقرّر أنّ هدف بعثة الأنبیاء هو نجاة البشریة من «الضلال المبین»، عن طریق تلاوة الآیات الإلهیّة وعملیة التزکیة الأخلاقیة وتعلیم الکتاب والحکمة، ویقرر أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) مکلّف بتحقیق هذین الهدفین الکبیرین «التعلیم والتربیة» ورسم الآلیات والبرامج العملیة لإنجاز هذا الغرض.

واللافت أنّ مسألة «التعلیم»(2) فی الآیات القرآنیة مقدّمة على مسألة «التربیة»، وأحیاناً تقدّم «التربیة» على «التعلیم»، وهذا إشارة إلى أنّ کلا هذین الأصلین یتأثر أحدهما بالآخر فی عملیة التأثیر المتقابل، بمعنى أنّ التعلیم فی بعض المراحل یکون أساساً ومصدراً للتربیة الأخلاقیة، کما أنّ التربیة الأخلاقیة بدورها قد تکون منبعاً ومصدراً للحرکة فی خط الوعی والمعرفة الصحیحة بعیداً عن حجب الجهل والتشویش الفکری.

ولذلک یعتبر الله تعالى القرآن هدىً للمتقین الذین یسیرون فی خط الصلاح والخیر والعبودیة والمسؤولیة: (ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیهِ هُدىً لِلْمُتَّقِینَ)(3).

ومن البدیهی أنّ المجتمع ـ ومن أجل التوصل إلى هذین الهدفین الکبیرین ـ لیس أمامه سوى طریق الاستفادة من آلیات الحکومة والسلطة، فکیف یمکن إنجاز مسألة التعلیم والتربیة بدون استخدام شبکة واسعة من التخطیط والبرمجة من قِبل الحکومة، ومن دون الاستمداد من بیت المال، وکیف یمکن تحقیق عملیة تهذیب الأخلاق وتزکیة النفوس وتفعیل حرکة العلم والثقافة فی المجتمع الإسلامی بدون الاعتماد على حکومة صالحة ومقتدرة؟

ومن هنا یتبیّن أنّ أحد الخطوط الأصلیة فی السیاسات الاستعماریة هو الاستعمار الفکری، حیث وظف الاستعمار جمیع قواه وإمکاناته للسیطرة على الأفکار والعقول من خلال المدرسة والجامعة ووسائل الارتباط الجمعی واستخدم کل ذلک فی سبیل تسخیر عقول المفکرین والمتعاطین فی الشؤون الثقافیة والسیاسیة.

والغایة التی یتوخّاها الاستعمار من ذلک هی اقصاء المصلحین الإلهیین وأصحاب الفکر النیّر عن الوسط المجتمعی لتحقیق أهدافه المشؤومة.

فإذا کانت البرامج الدراسیة فی المدارس والجامعات وعملیة التثقیف والتوعیة للناس من خلال وسائل الإرتباط العام بید قوى الانحراف، ولم تکن بید القوى المؤمنة والواعیة، فکیف یمکن تحقیق أهداف الأنبیاء فی تربیة البشر والتقدم خطوة إلى الأمام فی طریق تهذیب النفوس وإصلاح الواقع الأخلاقی والاجتماعی فی حرکة الحیاة؟

إذا کانت عملیة التربیة الثقافیة والأخلاقیة بید الشیاطین وقوى الشرّ والزیغ فسوف لا تتمکن القوى المؤمنة والإلهیّة من العمل فی الفضاء الاجتماعی، فلابدّ من أجل الإمساک الأمور فی هذا الشأن من الاستفادة من آلیات «الحکومة الإلهیّة» واستثمار أدواتها فی نشر الوعی الدینی والأخلاقی السلیم بین الناس.

إنّ إقامة العدل والقسط بین الناس وخاصّة إذا کانت العملیة بشکل تلقائی وطبیعی ومنبعثة من عمل المجتمع، تعدّ هدفاً مهمّاً آخر من أهداف بعث الأنبیاء الإلهیین فی المنظور القرآنی:

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَیِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْکِتَابَ وَالْمِیزَانَ لِیَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ... )(4).
ولا یمکن تحقیق هذا الهدف إلاّ من خلال تشکیل الحکومة وإقامة النظام السیاسی الصالح فی المجتمع البشری

هل یمکن مقابلة قوى الشرّ ومواجهة قوى الباطل فی العالم، والتی لاترى ولا تعترف إلاّ بمنافعها ومصالحها، إلاّ من خلال آلیات الحکومة والسلطة وبالتالی التصدی لهذه القوى الظالمة وکبح جماحها وقطع یدها من استغلال ثروات الشعوب المستضعفة؟

هل أنّ قوى الشر والهیمنة فی العالم تعیر اُذناً صاغیة للأدلة المنطقیة للعلماء ونصائح المصلحین، والقیم الإنسانیة، حتى یمکن التحاور معها على هذا الأساس؟

هل ینبغی الجلوس والتفرّج على هیمنة الظالمین والنظر إلى مجاعة المظلومین والاکتفاء فی أداء المسؤولیة والرسالة الإنسانیة والأخلاقیة فی مقابل «کِظَّةِ ظَالم» و«سَغَبِ مَظلُوم»(5) بالنصیحة والموعظة فقط؟!

هل یمکن التعامل مع الفاقدین للمنطق والأخلاق وإقامة القسط والعدل فی ربوع المجتمع إلاّ من خلال استخدام أدوات السلطة والقوّة؟!

وطبعاً لا شک فی ضرورة دعوة الجمهور العام إلى إحیاء القیم الأخلاقیة والتربیة الصحیحة من خلال التوعیة الثقافیة والدینیة، ولکن ما هو الموقف أمام قوى الشر والهیمنة، وهل یمکن إقامة العدل والقسط مع کل الموانع التی تقیمها قوى الشر إلاّ من خلال تشیید أرکان الحکومة الإسلامیة؟

وأخیراً فإنّ تحریر أفراد المجتمع البشری من القیود والأسر یعدّ أحد الأهداف الأصیلة لبعثة الأنبیاء کما صرّح القرآن الکریم بهذه الحقیقة الحاسمة وقال:

(وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالاَْغْلاَلَ الَّتِی کَانَتْ عَلَیْهِمْ...)(6).

صحیح أنّ القسم الأعظم من «الإصر»(7) و«الأغلال» الفکریة والثقافیة یمکن إزاحتها بواسطة التعلیم السلیم والتربیة الصحیحة، ولکن کیف یمکن فکّ القیود السیاسیة والعسکریة والاقتصادیة، وحتى القیود الثقافیة التی تکبّل أفراد المجتمع الإسلامی، بدون استخدام آلیات السلطة والحکومة؟!

صحیح أنّ الأهداف الجزئیة القریبة فی جمیع أنواع الإدرات والقیادات تتلخص فی الوصول إلى الحدّ الأعلى من العوائد الإیجابیة، وبشکل أفضل وفی زمان أقصر وبخسائر أقل، على سبیل المثال فإنّ الغایة من الإدارة الصحیحة لمعمل النسیج تتلخص فی تقدیم منتوجات جیدة ورخیصة فی نفس الوقت وبخسائر أقل، أو بالنسبة للقیادة العسکریة الصحیحة لفوج من الجیش فإنّ الأداء الکامل للوظیفة العسکریة الملقاة على عاتق هذا الفوج وبکیفیة عالیة وخسائر أقل تمثّل هدفاً قریباً لهذه القیادة العسکریة، ولکن مع کل ذلک ففی نظر الإنسان المسلم لا یمکن أن تکون هذه الإدارة للمصنع أو القیادة العسکریة منفصلة عن الأهداف الکلیة الإلهیّة والإنسانیة التی یطمح إلیها الدین ومنها تشکیل الحکومة، بل یجب أن تتجه جمیع الأهداف الجزئیة باتجاه الأهداف الکلیة العالیة، وتسیر فی نفس الخط، لا فی الجهة المخالفة، ولا أن تقف منها موقف المحاید، وهذا الأمر هو الذی جعل مسألة الإدارة والقیادة فی الإسلام تتمیز عن الإدارة المادیة فی الشرق والغرب، وتتخذ لها صبغة خاصّة وتتعامل بآلیات وأدوات خاصّة: (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ)(8).

المهم، أنّ جمیع المعاییر وخاصّة «معیار الإدارة» فی الحکومة الإسلامیة یجب أن تکون معاییر إسلامیة مقتبسة من الکتاب والسنّة، کیما تتجلى هذه الحقیقة المهمة، وهی أنّ استخدام هذه المعاییر الإسلامیة لحلّ المشاکل والمعضلات الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة والعسکریة أفضل بکثیر من المعاییر الأرضیة المعروفة فی دول الشرق والغرب.

ولو لم نفلح ـ لا سامح الله ـ فی تحقیق هذا الهدف ـ بسبب التساهل والتکاسل وعدم رعایة الموازین الإسلامیة فی إدارة الأمور ـ وأخفقنا فی التوصل إلى إقامة المجتمع النموذجی الذی یریده الإسلام للبشریة، فنخشى أن یستغل الجهلاء أو الأعداء هذا الإخفاق وینسبونه إلى ضعف مبانی الإدارة فی الإسلام، وسیترتب على ذلک توجیه ضربة للإسلام والرسالة السماویة، وهذه مصیبة أعظم ومعضلة أکبر وخسارة لا یمکن جبرانها.


1 . سورة الجمعة، الآیة 3.
2 . انظر: سورة البقرة، الآیة 129; سورة آل عمران، الآیة 164; سورة الجمعة، الآیة 2.
3 . سورة البقرة، الآیة 2.
4 . سورة الحدید، الآیة 25.
5 . إشارة إلى أنّ علماء المجتمع لا ینبغی لهم السکوت عمّا یرونه من مجاعة المظلومین، وتخمة الظالمین، ولأجل هذه المسألة المهمّة والتعهد الرسالی وفی تلک الشرائط الصعبة قَبِل الإمام علی(علیه السلام)بالحکومة وتولی السلطة حیث قال: «...وَلولا مَا أَخَذَ اللّهُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ لا یُقَارُّوا عَلَى کِظَّةِ ظَالِم، وَلا سَغَبِ مَظْلُوم، لاََلْقَیْتُ حَبْلَها عَلَى غَارِبِها...»، (نهج البلاغة، الخطبة 3).
6 . سورة الأعراف، الآیة 157.
7 . «الإصر» فی اللغة بمعنى الحفظ والمنع، وکل عمل صعب یمنع الإنسان من الفعّالیة یقال له «إصر»، وأمّا العهد والمیثاق والعقوبة والمؤاخذة التی یطلق علیها إصر، فهو من باب ما یخلق للإنسان من محدودیة فی إنجاز عمله.
8 . سورة البقرة، الآیة 138.
الأهداف الأصلیة للإدارة الإسلامیة نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) المدیر والقائد الفذّ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma