نموذج من إیجاد الدافع

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
5 ـ إیجاد المحرک والدافع نموذج آخر


إنّ قضیة بیعة الرضوان والتی تسمى أیضاً «بیعة الشجرة» تعتبر نموذجاً کبیراً آخر لجمیع المسلمین فی هذا المجال.

وقد ألمحنا سابقاً إلى أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) توجه فی السنة السادسة للهجرة إلى مکة المکرمة لأداء مناسک العمرة مع 1400 نفر من المسلمین(1) وهم فی حالة الإحرام فی حین أنّ العلاقة بینهم وبین المشرکین فی مکّة لازالت متوترة وکانوا یعیشون العداء الشدید فیما بینهم، حیث لازالت ذکرى حرب بدر واُحد والأحزاب فی أذهان کلا الطرفین، ومن الواضح جدّاً أنّ نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) قد انتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، وأصل هذا العمل کان بأمر من الله تعالى ویعتبر أحد أشجع المواقف العسکریة والسیاسیة فی حیاة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) لأنّه أثبت بهذه الحرکة، ومع هذا العدد القلیل وبدون عدّة عسکریة «سوى السیف الذی کان یحمله کل واحد من المسلمین وکان فی عرف ذلک الزمان یعتبر من جملة ما یحمله المسافر من السلاح» والتوغل بهذه الکیفیة وهذا العدد إلى منطقة الخطر وتجاوزحدود العدو بدون أیّة تغطیة وملجأ یلجأ إلیه المسلمون لدرء خطر العدو القوی، أثبت النبی بذلک منتهى الجرأة والشجاعة، إلى درجة أنّ المنافقین قالوا إنّ محمّد وأتباعه لن یرجعوا من هذا السفر أبداً، کما تحدّث القرآن الکریم عنهم بقوله:

(بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ یَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِیهِمْ أَبَداً وَزُیِّنَ ذَلِکَ فِی قُلُوبِکُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَکُنْتُمْ قَوْماً بُوراً)(2).

وهذا الموقف الشجاع من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) الزاخر بالمعطیات السیاسیة والعسکریة والروحیة یعدّ فی الحقیقة اظهاراً للقدرة وبمثابة مناظرة عسکریة جریئة تدفع بالعدو إلى الإحجام عن أیّ إقدام عسکری وهجوم جدید على المدینة، وضمن ذلک یرسل رسالة بهذه المناورة إلى جمیع القبائل العربیة فی الجزیرة أنّ المسلمین یحترمون ویقدّسون الکعبة، وبهذه الطریقة أجهض النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) الإعلان السلبی لقریش عن المسلمین وأبطل اتهاماتهم وإشاعاتهم، ومن جهة أخرى أثبت لقریش أنّ مکانة «مکة» بعد انتصار الإسلام سوف تبقى على محوریتها ولا تهتز ولا تتزلزل قدسیتها فی أنظار الناس والمسلمین الذین سمعوا آیات الوحی وهی تؤکد على قداسة البیت والحرم وتؤکد على مسألة الحج والعمرة.

وأخیراً وصل المسلمون إلى أرض «الحدیبیة» وهی قریة تقع على مقربة (20 کیلومتراً تقریباً من مکة)، وکما کان متوقعاً فإنّ المشرکین منعوا المسلمین من دخول مکّة وحدثت مبادلات فی الرسل بین جیش الإسلام وقریش وانتهى أخیراً بترتیب «صلح الحدیبیة» الذی یعتبر نصراً کبیراً للإسلام وامتیازاً عظیماً للمسلمین، وقد دوّى خبر هذا الصلح فی جمیع أرجاء الجزیرة العربیة کالقنبلة، ومهّد الأرضیة اللازمة لتسریع امتداد الإسلام فی کافة مناطق الجزیرة، وهذه الحادثة التاریخیة تعتبر من أهم وقائع الإسلام فیما تتضمنه من دروس وعناصر حیویة ونقاط ثریة.

الغرض أنّ المؤرخین ذکروا فی هذه الحادثة أنّ قریش فی ذلک الوقت أقدمت على  اعتقال أحد سفراء النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، وقد اُشیع لاحقاً أنّ المشرکین قتلوا هذا السفیر، فغضب النبی بشدّة وقال:

«لا نَبرَح حتّى نُناجِزَ القَومَ فَدعا رَسُولُ الله(صلى الله علیه وآله) النّاسَ إِلى البَیعَةِ»(3).

ومن أجل إثارة عزائم المسلمین وتطویر علاقتهم وإیجاد أقوى الحوافز فی نفوسهم أقدم النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) على مطالبة أتباعه بالبیعة مرّة أخرى، وجلس فی ظلّ شجرة کبیرة وجاء جمیع من کان معه من المسلمین وبایعوه معلنین له الوفاء والطاعة والتضحیة بالنفس فی سبیل الدعوة الجدیدة.

وقد تسببت هذه البیعة التاریخیة فی نیل رضوان الله تعالى عن هؤلاء المؤمنین، ولهذا السبب سمّیت «بیعة الرضوان» ویشیر القرآن الکریم إلى هذه الحادثة یقول:

(لَقَدْ رَضِىَ اللهُ عَنْ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبَایِعُونَکَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِی قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّکِینَةَ عَلَیْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً)(4).

وبما أنّ هذه البیعة وقعت تحت شجرة فقد سمّیت «بیعة الشجرة».

وتعکس هذه البیعة العزم الراسخ للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والمسلمین فی المضی فی هذا الطریق إلى آخر نفس والاستعداد لبذل آخر قطرة من الدم، وهنا شعر العدو بالخوف والرعب من هذه العملیة الجریئة، وکان ذلک أحد العوامل المؤثرة التی مهّدت الطریق لتوقیع معاهدة الصلح التی أفرزت امتیازات کبیرة للمسلمین، ومن جهة أخرى أدّت إلى خلق انسجام وتلاحم فی صفوف الجیش الإسلامی وأدّت إلى تقویة الدوافع النفسیة للجهاد فی سبیل الله بأفضل وجه(5).

وهذه الحرکة الإلهیّة والابداعیة حدثت فی وقت حساس وظرف متمیز من حیاة المسلمین ومسیرة الدعوة الجدیدة.


1 . انظر: سیرة ابن هشام، ج 3، ص 322.
2 . سورة الفتح، الآیة 12.
3 . سیرة ابن هشام، ج 3، ص 330.
4 . سورة الفتح، الآیة 18.
5 . ذکر جمیع المؤرخین والمفسّرین حادثة صلح الحدیبیة فی کتبهم التاریخیة والتفسیریة.
5 ـ إیجاد المحرک والدافع نموذج آخر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma