لا یوجد أی مدیر أو قائد یملک فی بدایة عمله تجربة معتبرة، ولکن الأعمال السابقة له فی مشاغل ومناصب أخرى بإمکانها أن تمهد الأرضیة لنجاح عمله فی المنصب الجدید، والمقصود من التجربة والخبرة المیدانیة السابقة هو هذا المعنى، على سبیل المثال: لایمکن نصب وتعیین جندی عادی بمنصب قیادة الجیش بدون طیّ سلسلة من المراتب، وإذا رأینا بعض الضرورات الناشئة من الثورة الإسلامیة وبعض أشکال النقص الحاد التی أوجبت هذه العملیة على بعض المستویات، فهذا یعتبر أمراً استثنائیاً لا أنّه یمثّل قانوناً ومعیاراً فی الحالات الطبیعیة، والسبب فی ذلک واضح، لأنّ المسائل المتعلقة بـ «الإدارة» و«قیادة الجیش» تملک بعداً عملیاً وتجربیاً أکثر من البُعد العلمی والنظری، فمن الممکن لشخص أن یملک استعداداً کبیراً لإحراز مقام الإدارة والقیادة وربّما یطوی مراحل عالیة فی الکلّیات العسکریة وفی الإدارة أیضاً، فمن الواضح أنّ مثل هذا الشخص لا یمکنه أن یتولى مسؤولیات مهمّة ویکون مدیراً أو قائداً موثوقاً، لأنّ القسم المهم فی هذا الموضوع یکمن فی التمرین والتجربة والممارسة على أرض الواقع.

وهنا نذکر حدیثاً نبویاً مشهوراً حیث یقول النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله): «وَلَیْسَ مِنْ نَبِیٍّ إلاّ وَقَدْ رَعى الغَنَمَ»(1).

وفی الحقیقة أنّ الأنبیاء الإلهیین ضمن أداء تکلیفهم وتبلیغ رسالتهم فإنّهم أحیاناً یواجهون بعض الأشخاص الجهلاء، فیجب أن یدخلوا دورة عملیة فی رعایة الغنم لیستطیعوا بعد ذلک من التحرک على مستوى نجاة البشریة من الذئاب التی لا ترید الخیر للناس، وبذلک یکتسبون دروساً عملیة وتجربیة فی هذه المسؤولیة.

وأعود للتأکید مرّة أخرى أنّ الضرورة توجب أحیاناً توقیف العمل بهذا الأصل لمدّة قلیلة، مثل الضرورة الحاصلة بعد الثورة الإسلامیة العظیمة فی قلّة الکادر المتخصص والملتزم، ولکن ممّا لا شک فیه أنّه یجب العودة إلى هذا الأصل بأقرب فرصة ممکنة وقبول مبدأ «التجربة والخبرة» بوصفه «قیمة ومعیاراً» فی مسألة الإدارة والقیادة.

1 . الکافى، ج 3، ص 233، ح 1 ; بحارالانوار، ج 6، ص 226، ح 28 .