خصائص جهاز الاستخبارات الإسلامی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
بث الفرقة والخلاف فی جیش الکفر 9 ـ جذب العناصر الصالحة

قلنا إنّ کل «مدیر» و«قائد» ینبغی أن تکون لها معلومات کافیة عن دائرة مدیریته وقیادته ویکون مطلعاً على کافة التفاصیل المتعلقة بالتشکیلات التی تحت یده لیستطیع تنظیم مواقفه وأعماله لغرض الوصول إلى الأهداف المطلوبة.

طبعاً هذا الکلام لا یعنی أن یقضی المدیر وقته فی جمع الأخبار والاحصاءات التی لا تدخل فی مجمل عملیة إدارته إلاّ قلیلاً، أو لا تکون مرتبطة بدائرته، لأنّ هذا العمل سوف یعیقه عن القیام بوظائفه الأصلیة ویمتص الکثیر من طاقاته وفاعلیته وبالتالی سیتأخر عن مطلوبه ولا تحقق إدارته التقدم والنجاح المطلوب.

یقول أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی کتابه لعامله «الحارث الهمدانی» والذی کان من خلّص أصحابه ومن فقهاء الشیعة الکبار یقول:

«وَاقْصُرْ رَأَیَکَ عَلى مَا یَعنِیکَ»(1).

وروی عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أَنّه قال:

«مِنْ حُسْنِ إِسلامِ المَرءِ تَرْکُهُ مَا لا یَعْنِیهِ»(2).

وعلى حدّ تعبیر «الفیض الکاشانی»: إنّ رأس مال الإنسان الأصلی هو عمره ووقته، فإذا أهدر ذلک الوقت فی أمور لا تعنیه فإنّه قد أهدر رأس ماله واستنزف عمره(3).

وورد فی الحدیث الشریف عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أنّه قال للصحابی المجاهد أبی ذر:

«ألاَ أُعَلّمُکَ بِعَمَل خَفِیف علَى الْبَدَنِ ثَقِیلٌ فی الْمِیزانِ؟ قُلْتُ: بلى یا رَسولَ اللهِ، قَالَ: هُوَ الصَّمْتُ وحُسْنُ الْخُلُقِ، وَتَرْکُ مَا لا یَعْنِیکَ»(4).
إنّ أهم الشروط لجهاز الاستخبارات وإدارة الاحصاء وجمع المعلومات للمدارء الإسلامیین کالتالی:

1 ـ الأهم من کل شیء أن تدور المعلومات حول محور الحقائق لأنّ الأخطر هو رفد الإدارة بالمعلومات الخاطئة والمضللة والمبالغ فیها حتى لو کانت تنسجم مع رغبات وطموحات المسؤولین.

وصحیح أنّ الخبر لوحده لا یکفی فی المقام، فربّما یوجد هناک خبر صحیح فی الأصل ولکنّه یکون مضللاً وغیر صحیح من جهة الکم والکیف والمقدار.

وللأسف أننا نرى فی جمیع أنحاء العالم وعلى إمتداد التاریخ، سوى موارد استثنائیة، وجود المعلومات والإحصاءات الکاذبة والتی تکون منشأ للحوادث المؤسفة وتتسبب فی إخفاقات کبیرة وأسباب وجود هذه المعلومات الزائفة ما یلی:

أ) إنّ المخبرین ورجال الاستخبارات یرغبون فی إضفاء رغباتهم وفرض میولهم الشخصیة أو الفئویة على الأخبار والمعلومات، وبعبارة أخرى أنّهم ینقلون الحوادث کما یریدونها أن تکون لا کما هی واقعاً وعلى أرض الواقع الموضوعی.

ب) عدم الشجاعة الکافیة لقبول الحقائق المرّة، وهذا یعتبر عاملاً مهمّاً آخر فی تزییف المعلومات والحقائق إلى درجة أنّ بعض المدراء غیر مستعد أساساً لسماع الحقائق المرّة على أرض الواقع، ولذلک یمتنع أتباعه والعاملون تحت یده من نقل مثل هذه الأخبار، أو ینقلونها له بشکل آخر لا یعبّر عن الواقع الموضوعی.

ومثل هذا العمل کمثل الشخص الذی یعلم بأنّ الطعام الذی وضع أمامنا مسموم ولکنّه لا یبوح بهذه الحقیقة، أو یخبرنا عن أوصافه الایجابیة، ألا یعنی هذا العمل خیانة کبیرة؟

ج) رغبة البعض فی الهدوء النفسی الکاذب یعتبر عاملاً آخر للابتعاد عن الحقائق الموجودة فی واقع الإنسان والحیاة.

وکذلک وجود أشخاص متملقین وانتهازیین یتزلفون للمدراء، ویعتبر ذلک عاملاً مساهماً ومؤثراً فی تحریف الحقائق.

د) العامل الآخر للحرمان من المعلومات الصحیحة، الاعتماد على المصادر الضعیفة والابتلاء بحسن الظن بهذه المصادر الخبریة بدون دلیل، أو سوء الظن بالمصادر الخبریة الأخرى، وینبغی على المدیر أو القائد اجتناب هذه الحالة بشدّة لکی یستطیع تقییم مواضع تشکیلاته بشکل صحیح ولا یتورط فی الخطأ والزیغ فی عملیة إدارة تلک التشکیلات وقیادة تلک المؤسسات.

ومن أجل الحصول على معلومات صحیحة لابدّ من الاعتماد على أشخاص شجعان یتسمون بالمثابرة والاستقامة والدقة والواقعیة فی تقییم الأمور ویملکون الصراحة والالتزام الأخلاقی، وبالطبع فمثل هؤلاء الأفراد قلیلون ولکن ینبغی البحث عن هؤلاء الأفراد وکسبهم أو تربیة مثل هذه العناصر الجیدة.

2 ـ لاینبغی للمدیر الإسلامی أن یتحرک على مستوى التجسس على الحیاة الشخصیة للأفراد، فذلک مخالف لتعالیم القرآن الصریحة من جهة، ومن شأنه أن یسلب اعتماد هؤلاء الأفراد تجاه المدیر وطریقة إدارته من جهة أخرى، ویثیر فیهم سوء الظن به.

ویتحدث القرآن الکریم فی هذا المجال بقوله:

(یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا کَثِیراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ یَغْتَبْ بَعْضُکُمْ بَعْضاً...)(5).

ونرى فی هذه الآیة الشریفة أنّ القرآن الکریم نهى فی البدایة عن سوء الظن الذی یعتبر من آفات الإدارة، وبعد ذلک نهى عن التجسس، وأخیراً عن الغیبة لأنّ هذه الأمور الثلاثة مرتبطة ببعضها، فسوء الظن یورث التجسس، ویؤدی إلى الغیبة، والنتیجة أنّ العلاقة العاطفیة بین الأفراد ستصاب بالاهتزاز والتزلزل وینهدم الاعتماد والثقة المتبادلة بین أفراد التشکیلة الواحدة.

وطبعاً فالتجسس یعنی الکشف عن الأمور الخفیة التی لا الناس الکشف عنها، وأسرار الناس تخص فی الغالب نقاط ضعفهم وسوء سلوکیاتهم ومن شأن الکشف عن هذه الأمور سلب حریتهم، ولذلک منع الإسلام من إفشاء أسرار الناس ونهى الأشخاص الذین یعلمون بخفایا الناس عن فضحهم والمساس بکرامتهم.

وهذا الأصل الأخلاقی المهم نجده بشکل مؤکد فی الروایات الشریفة، فقد روی عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أنّه قال:

«یـا مَعشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلسانِهِ وَلمْ یَخْلُص الإیمانُ إلى قَلْبِهِ لا تَذُمُّوا المُسلِمینَ وَلا تَتبِعُوا عَوراتِهِم»(6).

3 ـ إنّ المعلومات التی تقدّم للمدراء یجب أن تکون على شکل إحصاءات وأرقام، وینبغی اجتناب تقدیم المعلومات الکلیة الفاقدة للدقّة أو التی تملک أرقاماً وأعداداً مجهولة غیر معیّنة، لأنّ مثل هذا الأمر یوقع المدیر فی دوامة من الخطأ والاشتباه فی حساباته، وقد کان رسول الله(صلى الله علیه وآله) یسعى دائماً فی غزواته وحروبه إلى التعرف على عدد جنود العدو ومقدار تجهیزاتهم وکیفیة حرکتهم بشکل دقیق لیستطیع تنظیم جیشه على هذا الأساس.

4 ـ إنّ المعلومات یجب أن تقدم بشکل منتظم ومستمر، لأنّ الکثیر من المسائل والأمور لا تتضح حقیقتها فی مقطع زمنی قصیر بل تحتاج إلى مرور زمان لتنکشف تفاصیلها.

5 ـ لا یمکن الاعتماد فی تقدیم المعلومات على الحافظة فقط، بل یجب الاعتماد على المکتوبات والتقاریر المدوّنة بشکل صریح وصحیح، لأنّ الحافظة، حتى لدى أذکى الأشخاص، تخون الإنسان أحیاناً وتؤدی إلى الاخفاق والفشل فی التعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض.

وقد ورد فی التعالیم الإسلامیة: «قَیّدُوا العِلمَ بِالکِتَابة»(7).

6 ـ یجب على المدیر والقائد أن یکون مطلعاً على حالات المأمورین والعاملین فی هذا السلک ویشکل مجموعة من الأفراد المعتمدین والموثوقین للتحقق من وضع الموظفین وحالاتهم وللحصول على جمیع أخبارهم المهمّة والاطلاع علیها.

وقد کان أمیرالمؤمنین الإمام علی(علیه السلام) فی أیّام حکومته یستخدم جماعة من الأفراد الموثوقین کمخبرین للبحث فی أوضاع الموظفین والعاملین فی الحکومة فی المدن المختلفة، ولذلک نراه(علیه السلام)یعتمد کثیراً فی کتبه على ما یرده من أخبار هؤلاء ویستند إلیها، ونلاحظ أنّه وبّخ بعض العاملین لصدور بعض المخالفات عنه، ومثل هذه الکتب والرسائل کثیرة،ونکتفی هنا بنقل بعض ما کتبه الإمام علی(علیه السلام)لعامله على البصرة «عثمان بن حنیف»:

وکان «عثمان بن حنیف» شیخاً ورعاً وله سابقة فی الإسلام وقد جعله الإمام(علیه السلام)والیاً على البصرة، وفی إحدى اللیالی دعاه أحد شباب البصرة لضیافته وعقد له مجلساً حاشداً.

وقد وصلت أخبار هذه الضیافة إلى الإمام(علیه السلام) فامتعض منها بشدّة وتأثر من قیام أحد عمّاله بالاستجابة لدعوة شخص من طبقة الأشراف والجلوس على مائدته التی تحوی صنوف وألوان الطعام، فکتب إلى عثمان بن حنیف کتاباً توبیخیاً جاء فیه:

«أَمَّا بَعْدُ، یَا ابْنَ حُنَیْف: فَقَدْ بَلَغَنِی أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْیَةِ أَهْلِ البَصْرَةِ دَعَاکَ إِلَى مَأْدُبَة فَأَسْرَعْتَ إِلَیْهَا، تُسْتَطَابُ لَکَ الاَْلْوَانُ، وَتُنْقَلُ إِلَیْکَ الجِفَانُ! وَمَا ظَنَنْتُ أَنَّکَ تُجِیْبُ إِلَى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ مَجْفُوٌّ، وَغَنِیُّهُمْ مَدْعُوٌّ»(8).

ویستفاد من کلمة «بلغنی» أنّ الإمام علی(علیه السلام) کان یکلّف مخبرین وجواسیس موثوقین فی تلک المدینة وقد أرسلوا إلیه هذا الخبر، واعتماداً على قولهم أرسل الإمام کتابه هذا إلى عامله.

وقد طلب بعض علماء الإسلام أیضاً من حکّام زمانهم إرسال مخبرین إلى مناطق مختلفة من البلاد الإسلامیة، ومنها ما أوصى بها، أبو یوسف فی کتابه «الخراج» کنصحیة لحاکم عصره وقال: «أرى من الصلاح للحاکم أن یرسل جماعة من الأشخاص الموثوقین والنزیهین ومن أهل الدین والأمانة إلى المدن للتعرف على أوضاع وأعمال العمّال والاُمراء، لأنّ أحد هؤلاء العمّال والاُمراء قد ظلم الناس هناک وتعدى على حقوقهم وخان الأمانة، ففی هذه الصورة یحرم علیک استخدامهم مرّة ثانیة».

ثم إنّ أبا یوسف أشار فی کتابه هذا إلى رسالة أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب(علیه السلام) إلى أحد عمّاله ویدعى «کعب بن مالک» وقد ذکر فیها:

«أمّا بَعْدُ، فَاسْتَخْلِفْ على عَمَلِکَ وَاخْرُجْ فی طائِفَة مِن أصْحابِکَ حَتّى تَمُرَّ بِأرْضِ السَّوادِ کورَةً کورَةً فَتَسْأَلَهُمْ عَنْ عُمّالِهِمْ وَتَنْظُرَ فی سِیرَتِهِمْ حَتّى تَمُرَّ بِمَنْ کانَ مِنْهُمْ فِیما بَیْنَ دِجْلَةَ وَالْفُراتِ...»(9).



1 . نهج البلاغة، الرسالة 69.
2 . بحارالأنوار، ج 17، ص 150.
3 . المحجة البیضاء، ج 5، ص 200.
4 . المحجة البیضاء، ج 5، ص 201.
5 . سورة الحجرات، الآیة 13.
6 . بحار الأنوار، ج 75، ص 214 نقلاً عن ثواب الأعمال، ص 216.
7 . بحار الأنوار، ج 2، ص 151 و 152.
8 . نهج البلاغة، الرسالة 45.
9 . کتاب الخراج للقاضی أبی یوسف، ص 128.

 

بث الفرقة والخلاف فی جیش الکفر 9 ـ جذب العناصر الصالحة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma