مرتکزات البحث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
ضرورة المؤسسات وأهمیّة الإدارة 1 الأهداف الأصلیة للإدارة الإسلامیة

ولابدّ فی البدایة من الالتفات إلى هذه الحقیقة، وهی أنّ الإدارة والقیادة نوع من «الایدیولوجیة» بمعنى أنّها منظومة من «الواجبات».

فالمدیر ینبغی أن یکون بهذه الصورة، والقائد العسکری یجب أن یکون بتلک الصورة، ووظیفة القائد هی کذا وکذا، وهکذا وظیفة المدراء، ونعلم أنّ «الواجبات» تنبعث دائماً من «الرؤیة الکونیة» والنظرة الموضوعیة التی تبحث الأشیاء من مکوّناتها الذاتیة والواقعیة.

فهناک بحث واسع الأطراف فی موضوع العلاقة بین «الرؤیة الکونیة» و«الایدیولوجیة» أی بین الوجود والواجب، وما هی نوع العلاقة بینهما، ولکننا فی هذا الشأن نکتفی بالقول إننا نؤید وجود علاقة بینهما.

نحن نعتقد أنّ «الواجبات» تنبع دائماً من «الواقع» وما هو موجود فی الخارج، وهناک علاقة ورابطة قویة ومنطقیة بین ما ینبغی فعله، وبین الرؤیة الکونیة وما هو موجود على أرض الواقع الموضوعی.

وعلى هذا الأساس فبما أننا نواجه فی عالم الإدارة والقیادة تشکیلة منظمة من «الواجبات» فمن الطبیعی أن نرى ما هی الواقعیات التی تفرز تلک الواجبات، وبما أنّ موضوعنا یبحث عن الإدارة الإسلامیة، فلابدّ أن تکون رؤیتنا الکونیة وتصورنا للعالم الخارجی رؤیة إسلامیة.

ولو ألقینا نظرة إجمالیة على عالم الوجود من جهة، وألقینا نظرة إجمالیة على الآیات القرآنیة من جهة أخرى، فسوف نحصل على رؤیة کونیة خاصة فی هذا المجال، ثم نتطرق للبحث فی تفاصیل الإدارة والقیادة، وما ینبغی وما لا ینبغی فی هذا المجال.

ومن أجل الوقوف على ضرورة التشکل والتنظیم ودوره فی انجاح التفاعل والتواصل وتحقیق الأهداف الاجتماعیة الکبیرة ینبغی قبل کل شیء التحرک على مستوى السیر «الآفاقی» و«الأنفسی».

فی الشق الأول نلقی نظرة إجمالیة على العالم الکبیر، فی أول نظرة، نرى أنّ مجموعة عالم الوجود متشکلة من نظام عظیم، وبعبارة أخرى أنّ هذا العالم یدار على شکل منظومة متناسقة وکبیرة ومن قِبل مدیر ومدبّر ومقتدر مطلق وذو علم وعالم مطلق.

والملفت للنظر أنّه من بین الصفات الإلهیّة الواردة فی القرآن الکریم، فإنّ کلمة «ربّ» مستخدمة أکثر من سائر الصفات، وقد وردت هذه الکلمة ألف مرّة تقریباً فی القرآن الکریم «أی مرّة واحدة فی کل ستّ آیات تقریباً»(1) وبعدها من حیث العدد کلمة لفظ الجلالة «الله» وهو إشارة إلى الذات الجامعة لجمیع الصفات والکمالات، وقد وردت فی القرآن الکریم 2700 مرّة تقریباً وتقترب من حیث العدد من کلمة «ربّ».

وذکر أرباب اللغة معان کثیرة لکلمة «ربّ» منها خمسة معانی وهی: «مالک»، «مدیر»، «مربی»، «قیم»، «منعم»(2)، حیث یستوحى من مجموع هذه المعانی مسألة «الإدارة»، وذهب بعض آخر فی معنى هذه الکلمة أنّها تدلّ على مفهوم «المَالِک المُصلِح» حیث یعکس هذا المعنى مفهوم الإدارة بشکل أوضح.

وممّا یجدر ذکره أنّ هذه الکلمة عندما تذکر بصورة مطلقة وبدون أیّ قید فإنّها تعنی کلمة «الله»، ولکن عندما یراد استخدامها للمخلوق لابدّ من إضافة شیء إلیها، مثلاً نقول: «ربُّ الدّارِ»، «رَبُّ البَیتِ» و...

على هذا الأساس عندما ننظر من نافذة المفاهیم القرآنیة نرى أنّ الله تعالى هو المدیر والمدبّر لجمیع عالم الوجود.

ونستنتج من ذلک أنّ عالم الوجود على شکل تشکیلة منظمة کبیرة یقوم على رأس هرم إدارتها وتدبیر أمورها الله تعالى.

إنّ الرؤیة الکونیة الإسلامیة تقرر لنا هذه الحقیقة، وهی أنّ جمیع عالم الوجود بمثابة منظومة واحدة وتخضع لإدارة واحدة ومدبّر واحد وهو الله تعالى.

وفی منظور «الرؤیة التوحیدیة» فإنّ مجموع العالم والکون لیس سوى منظومة واحدة تخضع لتشکیلات منسجمة تحت حاکمیّة «الله».

ویؤکد القرآن الکریم على أنّ المسلمین یجب أن یوفقوا أنفسهم مع نظام هذا العالم الکبیر: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِیزَانَ)(2)، ویستنتج القرآن مباشرة من ذلک:

(أَلاَّ تَطْغَوْا فِی الْمِیزَانِ)(3). أی لا ینبغی للإنسان الانحراف عن خط العدالة.

وهذا یعنی أنّکم أیّها الناس بمثابة قطرة من هذا المحیط العظیم والبحر الزاخر للوجود وذرة من رمال هذه الصحراء الواسعة، وجزء صغیر من هذا العالم الکبیر، فهل یعقل أن تکونوا مستثنین من النظام الحاکم على کل هذه المنظومة العظیمة وبالتالی تعیشون حیاتکم بدون حساب وکتاب؟ هل یعقل أن تکونوا رقعة غیر منسجمة وملتصقة بهذا العالم الکبیر؟

وأساساً فإنّ أهم دلیل على معرفة الله والذی یستند إلیه جمیع الفلاسفة والمتکلّمین، وتدور أکثر الآیات التوحیدیة فی القرآن الکریم على محوریة هذا الدلیل هو «برهان النظم»، الذی یقرر وجود تدبیر وإدارة دقیقة لهذه العالم من قِبل «مدیر ومدبّر مطلق»، ولولا وجود کل هذا التدبیر الدقیق لعالم الوجود الفسیح فإنّ معرفة الله لا تکون ممکنة حینئذ.

ولیس فقط عدم إمکانیة معرفة الذات المقدّسة، بل ستنعدم المعرفة بالکثیر من صفات وسمات هذا النظام الدقیق وهذه الإدارة العظیمة لعالم الوجود.

إنّ جمیع الکتب التی تمّ تدوینها فی مختلفة العلوم تتحدّث عن أشکال النظم فی عالم الخلیقة وفی المنظومات الشمسیة والمجرات الکونیة لتکشف لنا عن عجائب الخلقة فی الذرة وأنواع النباتات والأحیاء ودقائق الموجودات الأخرى، فکلها بیان وشرح لهذه «الإدارة الدقیقة» و«التدبیر المنظم» لله تبارک وتعالى فی هذا العالم.

وجود الإنسان والمنظومة الدقیقة:

إنّ «السیر الآفاقی» یستمر معنا إلى آخر العمر بدون أن نشعر بالتعب والملل من هذا المسیر، أو یصل إلى خط نهایته، ولکننا حالیاً نترک هذا المسیر لنتوجه إلى «السیر الأنفسی» ونخرج من «العالم الکبیر» لنغوص فی تفاصیل «العالم الصغیر» الذی یتلخص فیه العالم الکبیر (على حدّ تعبیر أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)):

أَتَزعُمُ أَنَّکَ جُرمٌ صَغیر *** وَفِیکَ انطوى العَالَمُ الأَکبَرُ(5)

إنّ بناء وجود الإنسان بدوره یتمثّل فی منظومة وتشکیلة دقیقة جدّاً، وفی غایة من التعقید بحیث تتوفر فیها جمیع الأمور الضروریة للإدارة الصحیحة، وتمثّل النموذج الأعلى للتشکیلة المنسجمة فی کافة المجالات.

إنّ التشکیلات المحیّرة للعقول والمنظومات الدقیقة تتضمن الأقسام التالیة:

1 ـ مرکز الإدارة.

2 ـ المدراء على اختلاف مراتبهم.

3 ـ الأدوات والتنفیذیة.

4 ـ الدوافع المحرکة.

5 ـ التخطیط والتنظیم.

6 ـ الضبط والتنسیق. و...

بحیث إنّ هذه التشکیلات لو انقطعت من التدبیر والمدیریة لحظة واحدة فإنّ الإنسان یواجه الموت وستکون فیها نهایة حیاته أو على الأقل سیعیش المرض والظروف الصعبة.

ومن أجل التوفر على اطّلاع ومعرفة بالأصول الصحیحة لهذه التشکیلات ومسألة التنظیم، والضوابط التی ینبغی توفرها فی عملیة الإدارة والقیادة، فلا طریق أفضل من الاستفادة والاقتباس من هذین العالمین فی عملیة التنظیم «العالم الکبیر والصغیر» وبذلک نحقق ونجسد المفهوم القرآنی العمیق فی قوله تعالى:

(وَفِی الاَْرْضِ آیَاتٌ لِلْمُوقِنِینَ * وَفِی أَنفُسِکُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ)(6).

إنّ وظیفة الإنسان الموحد والملتزم هی أن یتعرف على نفسه والعالم الذی یعیش فیه بالدرجة الاُولى ویتطلع على الأصول والنظم الحاکمة على هذا العالم الواسع بما أمکنه، ویسعى إلى تطبیق هذه الأصول والضوابط فی حیاته الاجتماعیة، لأنّ معرفة هذه النظم والأصول والسنن للنظام الکونی تعتبر رمزاً للنجاح والتوفیق فی النظم التشریعیة.

إنّ الإنسان لا یستطیع أن یعیش فی هذا العالم بشکل غیر منسجم مع المنظومة الکونیة ویکون بشکل رقعة غیر متجانسة مع عالم الوجود، وکلما ابتعد عن «النظام» و«التشکیلات» و«الإدارة الصحیحة» فإنّه سیواجه خطر الفشل والإخفاق والفناء.

ولو تجاوزنا کل ذلک فإنّ من خصوصیات حیاة الإنسان أنّه یتحرک فی جمیع أعماله ونشاطاته المهمّة فی إطار جماعی ویتفاعل فی عمله مع الآخرین فی عملیة تواصل مستمر، وعلى ضوء ذلک لا تکون نتیجة فقدان النظم والتدبیر سوى الفوضى والهرج والمرج والانفلات واستنزاف الطاقات والإمکانات المتاحة.

لو افترضنا أنّ جمیع الإمکانات والوسائل اللازمة فی حیاة الإنسان بمثابة «جسم»، فإنّ الإدارة الصحیحة بمثابة «الروح» لذلک الجسم، ومع فصل هذه الروح سوف لا یبقى أمامنا سوى بدن متعفن لا یصلح للحیاة.

ویشیر الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام) إلى دور المدیر والقائد فی المجتمع من خلال تشبیهه بالخیط الذی یربط جمیع الأجزاء والقطع الصغیرة لهذا العقد ویجعل منها تشکیلة واحدة ومنتظمة ومترابطة، فلو انقطع ذلک الخیط فإنّ الأجزاء والقطع سوف تتناثر وتفقد وحدتها وانسجامها.

قال الإمام علی(علیه السلام): «وَمَکَانُ الْقَیِّمِ بِالاَْمْرِ مَکَانُ النِّظَامِ مِنَ الْخَرَزِ یَجْمَعُهُ وَیَضُمُّهُ، فَإِنِ انْقَطَعَ النِّظَامُ تَفَرَّقَ الْخَرَزُ وَذَهَبَ، ثُمَّ لَمْ یَجْتَمِعْ بِحَذَافِیرِهِ أَبَداً»(7).

«الإدارة»، کما سیأتی تفصیل الکلام عنها لاحقاً، تمنح القوى المختلفة فی المجتمع «الجهة والاتجاه» وکذلک «الدافع والمحرک» و«النظم والانتظام» و«الضبط والانضباط» و«الانسجام والتجانس»، وهذه الأصول والمبادىء هی التی تقف وراء کل عمل منتج ومثمر فی حرکة الحیاة والإنسان. وعلى ضوء ذلک یتبیّن مغزى ما ورد فی وصیة الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام) التی أوصى بها أبناءه وأهل بیته فی آخر لحظات حیاته المبارکة، حیث تصلح أن تکون نموذجاً وأصلاً أساسیاً لحیاة جمیع أتباع هذا الإمام الذی أوصى بهذه الوصیة وهو على فراش الشهادة:

«أُوصِیکُمَا، وَجَمْیِعَ وَلَدِی وَأَهْلِی وَمَنْ بَلَغَهُ کِتَابِی، بِتَقْوَى اللّهِ، وَنَظْم ِأَمْرِکُمْ»(8).

وهذا ما نراه أیضاً فی المفهوم القرآنی فی سورة النور عندما یتحدّث عن المؤمنین الحقیقیین ویقول:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِینَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا کَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْر جَامِع لَمْ یَذْهَبُوا حَتَّى یَسْتَأْذِنُوهُ...)(9).

وهذه الآیة تبیّن فی مضمونها الدستور الذی یتولى عملیة ضبط التشکیلات بما یؤکد مسألة إعمال الإدارة ویعکس فی طیاته عملیة الإشراف على مسألة «الحضور والغیاب».

وجاء فی الآیة اللاحقة: (لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَیْنَکُمْ کَدُعَاءِ بَعْضِکُمْ بَعْضاً قَدْ یَعْلَمُ اللهُ الَّذِینَ یَتَسَلَّلُونَ مِنْکُمْ لِوَاذاً فَلْیَحْذَرِ= الَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ)(10).

فهذه إشارات أخرى فی المضامین القرآنیة على مسألة الانضباط الناشىء من الإدارة ونظام التشکیلات.

* * *


1 . وهناک أقوال ستة حول عدد آیات القرآن الکریم وعلى الترتیب التالی: 6000 ـ 6204 ـ 6214 ـ 6219 ـ 6225 ـ 6236 (الاتقان، ج 1، ص 96).
2 . لسان العرب، مادة «ربّ»، وقد ورد فی هذا القاموس العربی الواسع 10 صفحات حول المعانی المختلفة لکلمة ربّ.
3 . سورة الرحمن، الآیة 7.
4 . سورة الرحمن، الآیة 8.
5 . الدیوان المنسوب إلى أمیرالمؤمنین الإمام علی(علیه السلام).
6 . سورة الذاریات، الآیتان 20 و 21.
7 . نهج البلاغة، الخطبة 146.
8 . نهج البلاغة، الرسالة 47.
9 . سورة النور، الآیة 62.
10 . سورة النور، الآیة 63.

 

ضرورة المؤسسات وأهمیّة الإدارة 1 الأهداف الأصلیة للإدارة الإسلامیة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma