عندما سمع الإمام علی(علیه السلام) أنّ معاویة أرسل جماعة من المخربین من الشام إلى مکّة لإیجاد الفرقة وبعث التناحر والاختلاف فی صفوف المسلمین أثناء مناسک الحج، کتب إلى والیه على مکة «قُثم بن عباس» رسالة تتضمن التعالیم اللازمة والتوصیات الأکیدة للتصدی لهذا الأمر، وهذه التعالیم والتوصیات لا تختص بتلک البرهة من الزمان بل تمتد إلى کل عصر وزمان وتستوعب فائدتها جمیع الأمکنة والأزمنة قال:
«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ عَیْنِی ـ بِالْمَغْرِب ـ کَتَبَ إِلَیَّ یُعْلِمُنِی أَنَّهُ وُجِّهَ إِلَى الْمَوْسِمِ أُناسٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ الْعُمْیِ الْقُلُوبِ، الصُّمِّ الاَْسْمَاعِ، الْکُمْهِ الاَْبْصَارِ، الَّذِینَ یَلْتَمِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ، وَیُطِیعُونَ الَْمخْلُوقَ فِی مَعْصِیةِ الْخَالِقِ، وَیَحْتَلِبُونَ الدُّنْیَا دَرَّهَا بِالدِّینِ، وَیَشْتَرُونَ عَاجِلَهَا بِآجِلِ الاَْبْرَارِ الْمُتَّقِینَ; وَلَنْ یَفُوزَ بِالْخَیْرِ إِلاَّ عَامِلُهُ، وَلاَ یُجْزَى جَزَاءَ الشَّرِّ إِلاَّ فَاعِلُهُ. فَأَقِمْ عَلَى مَا فِی یَدَیْکَ قِیَامَ الْحَازِمِ الصَّلِیبِ، وَالنَّاصِحِ اللَّبِیبِ، وَالتَّابِعِ لِسُلْطَانِهِ، الْمُطِیعِ لاِِمَامِهِ. وَإِیَّاکَ وَمَا یُعْتَذَرُ مِنْهُ، وَلاَ تَکُنْ عِنْدَ النَّعْمَاءِ بَطِراً، وَلاَ عِنْدَ الْبَأْسَاءِ فَشِلاً، وَالسَّلاَمُ»(1).