مواجهة الضغوط فی مکة وبدایة الهجرة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) المدیر والقائد الفذّ الإدارة الدقیقة فی جمیع المراحل

إنّ أجواء مکّة وبسبب هیمنة أشرار قریش وحالات الإرهاب والضغوط التی کانت تمارس ضدّ المسلمین من قِبل المشرکین المتشدّدین، لم تکن تسمح بامتداد الإسلام أکثر، فکان لابدّ من إیجاد خطّة جدیدة وبرنامج منظّم لانتقال المسلمین بشکل تدریجی إلى المدینة التی أعلن أهلها اتّباعهم للنبیّ الجدید واعتناقهم للدعوة الإلهیّة، فکانت الأجواء فی المدینة مساعدة أکثر لنموّ ورشد هذه الدعوة الإلهیّة، وأخیراً قام النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) نفسه بالهجرة وبشکل خفیّ إلى المدینة، والتحق بالمسلمین هناک.

أجل، کانت المدینة بمثابة انعطافة مهمّة فی نهضة الإسلام واتساع الدعوة إلى الرسالة الجدیدة.

وفی هذه المرحلة تمّ إجراء المخطّط بدقّة، بالرغم من أنّ النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)تعرّض لصعوبات کبیرة، وکانت حیاته مهدّدة بالخطر، ولکنّ الله تعالى الذی ادخره لتجسید رسالته العظیمة کان یؤازره وینصره دائماً ویدفع عنه الأخطار.

ولکن فی تلک المرحلة التی کان النبی یعیش فیها فی مکة المکرمة قام بخطوات مؤثرة أخرى وإدارة حاسمة لغرض نشر الدعوة الجدیدة وتشکیل الحکومة الإسلامیة، بوصفها أصلاً مهمّاً ووسیلة قویة للتوصل إلى تحقیق الأهداف الإسلامیة والإنسانیة، ومن جملة ذلک:

1 ـ کانت مراسم الحج فی الجاهلیة مقترنة بالکثیر من الخرافات، فبالرغم من أنّ الحج یعتبر شعیرة فی الدیانة الإبراهیمیة، ولکنّ هذه الشعیرة الدینیة اختلطت بالخرافات الکثیرة من قِبل العرب المشرکین، وقد قام النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) فی موسم الحج بعدّة لقاءات سریّة مع مجموعات من القبائل العربیة التی کانت تأتی إلى مکة للحج، وعقد مع أهل المدینة نواة العهد والبیعة فی هذه الأیّام بالذات.

وفی أحد هذه المراسم وفی منطقة «منى» قام رسول الله(صلى الله علیه وآله) بلقاء بعض نوّاب أهالی المدینة، فبایعوا النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) «نبیّاً وقائداً»، وهذه البیعة اشتهرت فیما بعد بعنوان «بیعة العقبة الاُولى».

وفی موسم الحج القابل جاءت جماعة مکوّنة من 73 شخصاً ومعهم بعض النسوة إلى مکّة والتقوا النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) مرّة ثانیة فی العقبة وبایعوه وهی «بیعة العقبة الثانیة».

وبعد عودة هذه المجموعة إلى المدینة قام هؤلاء بتهیئة مقدّمات هجرة النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله)إلى المدینة وتأسیس الحکومة الإسلامیة، وعلى هذه الأساس کانت مسألة الهجرة تشکّل حادثة مهمّة ومصیریة على المستوى الدینی والسیاسی للمسلمین، وقد استغرق التخطیط لهذه الحرکة المصیریة مدّة سنتین قبل الهجرة(1).

2 ـ هجرة جماعة من المسلمین إلى الحبشة، وهی «الهجرة الاُولى» أو «الهجرة الصغرى»، وکانت بدورها من جملة ما خطّط له النبیّ الأکرم(صلى الله علیه وآله) لنشر الدعوة الجدیدة، لأنّ هذه الهجرة أدّت إلى إیصال صوت الإسلام إلى أفریقیا وسمع بها سکّان تلک المناطق، وکان المهاجرون المسلمون فی الحبشة بمثابة ذخیرة وخزین للحکومة الإسلامیة فی المستقبل، وکانت سبباً أیضاً فی اطلاع المسلمین على وضع الحکومة والنظام السیاسی فی الحبشة وکسبهم لتجارب أکثر فی هذا المجال.

3 ـ عندما مرض أبو طالب، وهو المدافع الأکبر عن النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)، والذی کان المشرکون وزعماء قریش یکنّون له احتراماً خاصّاً،جاء إلیه زعماء قریش المشرکونوعزموا على إجراء «هدنة» فی هذه الجلسة بینهم وبین رسول الله(صلى الله علیه وآله)والمسلمین القلائل من أتباعه، وکانوا مستعدّین لإعطاء امتیازات مهمّة للنبی لیترک دعوته وینظمّ إلى معسکر الشرک.

وحینئذ طلب أبو طالب من رسول الله(صلى الله علیه وآله) أن یشترک معهم فی ذلک المجلس وطرح علیه اقتراح زعماء قریش، وهنا قال النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کلمته المعروفة:

«یـا عَمّاه! کَلِمَةٌ وَاحِدةٌ یُعطُونیها یَملِکُونَ بِها العَربَ، وَیَدِینُ لَهُم العَجم».

فقال أحد قادة المشرکین عندما سمع هذا الکلام: «نَعَم وَأَبِیکَ عَشْرُ کَلمات». أی قسماً بروح أبیک عبدالله نحن مستعدون لإعطائک عشر کلمات لتحقیق هذا الغرض.

فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «تَقُولُون: لا إلَهَ إلاّ اللهُ، وتَخلَعُونَ مَا تَعبُدونَ مِنْ دُونِهِ».

فعندما سمع هؤلاء المشرکون کلمة التوحید هذه ولزوم «خلع الأنداد» وانهدام نظامهم القائم على الشرک، استنکروا ذلک وأخذهم التعصّب وتصوّروا أنّ خلع عقیدة الشرک تعنی خلع کلّ شیء یملکونه فی هذه الحیاة، فقالوا للنبیّ فی حال من التعجب:

«أَتُرِیدُ یـا مُحَمَّد أَنْ تَجعَلَ الآلِهَةَ إلهاً وَاحِداً إنَّ أَمرَکَ لَعَجبٌ»(2). (وهکذا یتبیّن أن شخصیة القبائل العربیة وهویتهم المتّحدة مع أصنامهم ماذا یکون مصیرها فیما لو اعتنقوا الإسلام؟ وکذلک ماذا یکون مصیر الکعبة التی تعدّ مرکز الأوثان للقبائل العربیة فی جزیرة العرب الذین کانوا یأتون إلى مکة کل عام وکانت قریش تجنی من ذلک أرباحاً طائلة).

إنّ هذه الکلام یبیّن بوضوح أنّ النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) کان فی ذلک الوقت یفکر بتشیید حکومة عالمیة عظیمة (اُطروحة عظیمة جدّاً ونقطة بدایة صغیرة) وهذه: إحدى الأُصول المهمّة للإدارة.

4 ـ بعد وصول النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) إلى المدینة، قام قبل کلّ شیء بتشکیل «الحکومة»،  وکما ألمحنا آنفاً أنّ الإسلام لا ینظر إلى مسألة الحکومة على أساس أنّها هدف بل مجرّد وسیلة لتحقیق الغایات السامیة، ولکننا نرى أنّ نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) عندما توفرت عوامل تشیید الحکومة الإسلامیة اهتم قبل کل شیء بأمر مهم وحساس، وهذا الأمر لیس هو بیت المال، أو الجیش أو المحکمة و... بل اهتم فی بناء مسجد، لأنّ المحور الذی تدور حوله جمیع الأمور فی المجتمع الجدید هو المسجد، وبعبارة أُخرى: إنّ جمیع مکونات الحکومة الجدیدة کانت تتلخص فی المسجد.

فالمسجد کان بمثابة الجامعة الإسلامیة الکبیرة.

المسجد، مرکز بناء الذات وتربیة نفوس المسلمین.

المسجد، مرکز هیئة أرکان الجیش الإسلامی.

المسجد، محلّ القضاء والمحکمة الإسلامیة.

وأخیراً فالمسجد، مضافاً إلى کونه المرکز الأصلی للمعنویة والارتباط مع الله وتقویة روح الإیمان لدى المسلمین، کان مرکزاً لتنظیم التشکیلات الإسلامیة فی جمیع المجالات وعلى مختلف المستویات.

لقد کان ینبغی على النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) ایصال دعوته إلى جمیع العالم وجمیع مناطق المعمورة بشکل علنی وصریح، فی حین أنّ الأعداء کانوا یضعون العراقیل والموانع أمام حرکته الرسالیة، ومن هنا کان الوصول إلى هذه الغایة وتحقیق هذا الهدف الکبیر غیر ممکن بدون تشکیل نظام محکم وقوی.

لقد کان النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) یقوم بنفسه بتحکیم أصول ودعائم الحکومة الإسلامیة وکان یأخذ على عاتقه جمیع الأمور المهمّة التی یتولاّها أیّ قائد کبیر، ومن هذا المنطلق کانت مسألة تنظیم الدساتیر والعهود الکفیلة ببناء المجتمع الجدید تقف على رأس الأولویات فی العملیة السیاسیة.

کل ذلک یحکی عن الإدارة الحاسمة والدقیقة للنبی الأکرم(صلى الله علیه وآله).

وصحیح أنّ جمیع هذه الأمور کانت بأمر إلهیّ وناشئة من تعالیم الوحی، ولکن على أیة  حال فإنّ تنفیذ هذه الخطط على أساس دقیق من مبادىء الإدارة والقیادة کانت مؤثرة کثیراً فی إنجاح هذا المشروع الإلهی.


1 . انظر: سیرة ابن هشام، ج 1، مقتبس من الصفحة 431 إلى 467.
2 . سیرة ابن هشام، ج 2، ص 58 و 59.

 

 

نبیّ الإسلام(صلى الله علیه وآله) المدیر والقائد الفذّ الإدارة الدقیقة فی جمیع المراحل
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma