14 ـ الالتزام بالأصول والضوابط

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
13 ـ الامتداد الجماهیری شروط أخرى

ویمکن القول إنّ هذا الأصل یعتبر من أهم الأصول والشروط التی لابدّ من توفرها فی المدیر والقائد، وبالعکس «تقدیم الروابط على الضوابط» یعتبر من أهم آفات الإدارة.

صحیح أنّ التقید بـ «الضوابط» وعدم الاعتناء بسیادة «الروابط» من شأنه أن یثیر مشاکل کثیرة وخاصة فی المجتمعات التی تسود فیها الروابط والعلاقات الشخصیة على حساب المعاییر والضوابط الأصولیة ویتمّ التضحیة عادة بالضوابط على عتبة تلک الروابط الفئویة أو العائلیة، ولکن إذا تمّ تقبل المشاکل الناشئة من ذلک فی مدّة قصیرة فستتبیّن نتائجها الإیجابیة ومعطیاتها الکثیرة فی مدّة طویلة على الأمد البعید.

وأساساً فإنّ أیّة مؤسسة وتشکیلة لاتحکّم فی أعمالها الضوابط والقانون فلا تستحق اسم المؤسسة أو الإدارة،ولایستحق من یقوم على رأسها ویتولى أمورها اسم المدیر والقائد.

إنّ المصادر التاریخیة فی الإسلام زاخرة بالأسناد والوثائق الحیّة التی تشیر إلى أنّ قادة الإسلام کانوا یتحرکون فی عملهم وفی إدارتهم للأمور من موقع حفظ الضوابط وکانوا مستعدین لسحق الروابط لحساب الضوابط.

وقد سمعنا جمیعاً بقصة عقیل و«الحدیدة المحماة» کما ورد فی نهج البلاغة، فقد جاء «عقیل» إلى أخیه أمیرالمؤمنین الإمام علی(علیه السلام) وطلب منه أن یضیف له شیئاً من عطاء من بیت المال (ولعله لم یکن یرید أکثر من کیلوین من القمح لکل یوم).

ولکن الإمام علی(علیه السلام) ومن أجل حفظ الأصول والالتزام بالضوابط لم یرفض طلب أخیه فحسب، بل علمه درساً لا یمکن للتاریخ نسیانه أبداً.

فقد أحمى له حدیدة فی النار، وعندما احمرت هذه الحدیدة من شدّة الحرارة أدناها من ید أخیه (الذی کان أعمى فی ذلک الوقت) وفجأة صرخ عقیل من الألم، فقال له الإمام(علیه السلام):
«یَا عَقِیلُ! أَتَئِنُّ مِنْ حَدِیدَة أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَ تَجُرُّنِی إِلَى نَار سَجَّرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ»(1).

هل سمعتم شخصاً فی العالم یقوم على رأس حکومة قویة وبلاد واسعة وتملک رصیداً مالیاً قویاً فی بیت المال، یتعامل مع أخیه، الذی یسأله شیئاً قلیلاً جدّاً، بمثل هذا التعامل الحاسم والحازم من أجل الالتزام بالمقررات وحفظ الضوابط؟

وقد أورد المؤرخون أنّ امرأة تدعى «فاطمة» من قبیلة معروفة فی الحجاز قبیلة «بنی مخزوم» کانت تعیش فی عصر رسول الله(صلى الله علیه وآله)، وقد سرقت وتحرک زعماء قبیلتها لمنع إجراء الحد علیها وبذلوا جهودهم فی ذلک، إلاّ أن نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) لم یهتم بکل هذه التوسلات والمطالبات وأمر بإجراء الحد علیها ثم قال:

«إنَّ الاُمَمَ السّابِقَةَ قَدْ هَلَکَتْ لاَِنَّهُمْ إذا سَرَقَ فِیهِمُ الضَّعِیفُ قَطَعُوهُ وإذا سَرَقَ فِیهِمُ الْقَوِیُّ تَرَکُوهُ، وَاللهِ لَوْ سَرَقَتْ ابْنَتِی فَاطِمَةُ لَقَطَعْتُ یَدَها»(2).

وکذلک قصّة العقد المعروفة عندما استعارت إحدى بنات الإمام علی(علیه السلام)عقداً من خازن بیت المال، وعلم الإمام علی(علیه السلام) بذلک فوبّخ خازن بیت المال بشدّة وحذّر ابنته من تکرار هذا العمل مرّة أخرى.

وینقل فی کتاب الحدود والدیات عن «اُم سلمة» زوجة نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله) أنّها کانت تملک جاریة وقد سرقت، فعندما ألقی القبض علیها وجیء بها إلى النبی(صلى الله علیه وآله)أرادت اُم سلمة أن تشفع لها عند النبی، فقال النبی(صلى الله علیه وآله):

«یـا اُمُّ سَلَمة! هَذا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللهِ لا یُضَیَّع»(3). ثمّ أمر بإجراء الحدّ علیها، ولکن کما أشرنا آنفاً أنّ إجراء هذا الأصل یعدّ من أصعب المشاکل التی یواجهها المدراء والقادة ولا یمکن إجراءه بآلیات العنف والقساوة أبداً وربّما أفرز ردود فعل سلبیة کثیرة.
من هنا ینبغی قبل کل شیء نشر الوعی والثقافة بشکل مستمر لتمهید الأرضیة اللازمة لهذا الغرض، لیعتاد الناس تدریجیاً على هذا الأمر، وأنّ لاأحد فوق القانون ولا یصح التلاعب بالضوابط بسبب عنصر القرابة والروابط العائلیة والفئویة، ولا یتوقع أحد من الناس أن یتقرب من المدراء والقادة بسبب علاقاته الشخصیة، بل یجب تحکیم الضوابط الإلهیّة فی العمل والتطبیق.



1 . نهج البلاغة، الخطبة 244.
2 . وردت هذه القصّة فی کتاب «العدالة والقضاء فی الإسلام»، ص 247، وما ورد أعلاه خلاصة ما ذکر.
3 . وسائل الشیعة، ج 28، ص 43.

 

13 ـ الامتداد الجماهیری شروط أخرى
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma