4 ـ الأمانة والصدق

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الإدارة والقیادة فی الإسلام
2 و 3 ـ العلم والقدرة 5 ـ الصدق فی الحدیث


ومن المعاییر الإسلامیة فی هذه المسألة شرط «الأمانة» إلى جانب القدرة، ولا یستثنى من ذلک أحد من العاملین والموظفین، فالمدیر أو القائد، وبسبب أنّهما یحرزان مقاماً أعلى من سائر الموظفین والعاملین، لا یکون ذلک مسوغاً لاستثنائهم من هذین الشرطین، بل یجب أن یتوفر فیهم هذان الشرطان فی المدیر أو القائد بدرجات عالیة.

وقد رأینا أنّ القرآن الکریم طرح هذا المعنى بشکل خاص فی قصّة موسى وشعیب(علیهما السلام)، فعندما اضطر موسى(علیه السلام)، بسبب تصدیه لقوى الطاغوت فی زمانه، إلى ترک مصر والهجرة إلى أرض مدین فی الشام، صادف أن التقى ـ بتقدیر إلهی ـ باُسرة شعیب(علیه السلام)، وهو نبی من الأنبیاء الإلهیین الکبار، وقد اقترحت إحدى بنات شعیب على أبیها أن یدعو موسى لرعی الأغنام وإدارة الأمور الاقتصادیة فی الأسرة، وذکرت هذه البنت الواعیة والعارفة، التی تربت فی أحضان الوحی، أصلین فی عملیة الاختیار هذا على شکل استدلال، وهما: «القوة» و«الأمانة»، والآیة الشریفة تذکر کلامها هذا بصیغة التأیید والموافقة:

(قَالَتْ إِحْدَاهُمَا یَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَیْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِىُّ الاَْمِینُ)(1).

ولا شک أنّ القوة لا تختص بالقوة البدنیة وقوة العضلات، بل تشمل کل أشکال القدرة فی الإدارة بما یتناسب مع العمل، وکما فی الاصطلاح أنّ الآیة لها اطلاق، وتشمل فی اطلاقها هذا الأشکال المختلفة للقوة والقدرة.

وعلى هذا الأساس فإنّ کل من یتولى مسؤولیة معینة یجب أن یملک القدرة والقوة بحیث یکون مسیطراً على عمله ولا یکون العمل هو المسیطر علیه، وأمّا «الأمانة» فلا تنحصر أیضاً بکون الرجل أمیناً فی حفظ الأموال بل الأمانة فی کل مقام ومنصب تعتبر أیضاً مصداقاً لهذا المفهوم الواسع للأمانة، فالأمین فی هذا المورد هو الذی یحافظ على أسرار مؤسسته والتشکیلات التی تحت یدیه.
واللافت للنظر أنّه ورد فی الروایات أنّ أحد أصحاب النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) جاء إلى رسول الله(صلى الله علیه وآله) وقال: «ألا تستعملنی» بأن تفوّض إلیَّ منصباً ومقاماً مهماً؟

فربت النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) على کتفه وقال:

«إنَّکَ ضَعِیفٌ، وَإِنّها أَمَانَةٌ (والأمانَةُ ثَقِیلَةٌ)، وَإِنّها یَومَ القِیامَةِ خِزی وَنَدامَةٌ، إلاّ مَنْ أَخَذَها بِحَقِّها وَأَدّى الّذی عَلَیهِ فِیها»(2).

والتعبیر هنا بالأمانة فی مورد المناصب السیاسة المهمّة والآلیات الإداریة ورد فی کلام الإمام علی(علیه السلام) فی کتابه لعامله على أذربایجان:

«وإنّ عَمَلَکَ لَیْسَ لَکَ بِطُعمَة وَلَکِنَّهُ فِی عُنُقِکَ أَمَانَةٌ»(3).

وورد هذا المعنى بعبارة أخرى فی کلام هذا الإمام الهمام(علیه السلام) حیث یقول:

«أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِهذَا الاَْمْرِ أَقْوَاهُمْ عَلَیْهِ، وَ أَعْلَمُهُمْ بِأَمْرِ اللهِ فِیهِ»(4).

وبالنسبة للخیانة فی هذه الأمانة الکبیرة فقد تحدث الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام)فی کتابه إلى أحد ولاته وعمّاله:

«وَإِنَّ أَعْظَمَ الْخِیَانَةِ خِیَانَةُ الاُْمَّةِ، وَأَفْظَعَ الْغِشِّ غِشُّ الاَْئِمَّةِ»(5).

یجب على القادة والمدراء أن یتحلوا بالقدرة والأمانة إلى درجة أنّهم من جهة یتحرکون فی أداء مسؤولیاتهم بحسم وحدّیّة، ومن جهة أخرى یهتمون بحفظ أسرار وأموال الإدارات والتشکیلات التی تحت إِمرتهم وأیدیهم.

ویتحدّث رسول الله(صلى الله علیه وآله) عن المدیر الخائن بقوله:

«مَنِ استَعمَلنَاهُ مِنکُم عَلَى عَمَل فَکَتَمنا مَخیطاً فَما فَوقَهُ کَانَ غَلُولاً یَأتِی بِهِ یَومَ القِیامَةِ»(6).

ومرّة أخرى نقرأ فی القرآن الکریم التأکید على هذین المعیارین «العلم» و«الأمانة» بصورة أخرى وتحت عنوان «حفیظ» و«علیم».

فعندما دعا عزیز مصر یوسف(علیه السلام) إلى تولی إدارة الأمور فی بلد مصر «لإنقاذ الناس من خطر الجوع والقحط فی تلک الظروف الصعبة التی حلّت بمصر قال یوسف: (قَالَ اجْعَلْنِی عَلَى خَزَائِنِ الاَْرْضِ إِنِّی حَفِیظٌ عَلِیمٌ)(7).

ونظراً لسعة مفهوم الأمانة فی المصادر الإسلامیة، فلا شک أنّ کل مقام ومنصب یسلّم إلى المدیر والقائد، یعتبر من أهم الأمانات الإلهیّة والاجتماعیة، وقد ورد فی حدیث شریف فی تفسیر الآیة 58 من سورة النساء:

(إِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ...)(8).

وورد فی کلمات أهل البیت(علیهم السلام) أنّ المراد هو: «أَدّوا الولایةَ إِلى أهلِها»(9) أو الحکومة.

ووردت أحادیث کثیرة أخرى فی هذا المجال تؤکد على أنّ الأمانة بمعنى «الإمامة» وقیادة الاُمّة فی خط الهدایة والصلاح والمسؤولیة.

ولا شک أنّ المقصود من هذه التفاسیر لیس تحدید مفهوم الآیة، بل الهدف بیان المصداق البارز لها، وعلى أیّة حال فإنّ هذه الروایات تبیّن أنّ الأمانة لا تنحصر بالمسائل المالیة کما یتصوره الغالبیة من الناس، بل المهم الأمانة فی المناصب الحساسة وخاصّة فی مقام قیادة الاُمّة والحکومة.

واللافت أنّ القرآن یقول بعد ذلک مباشرة: (وَإِذَا حَکَمْتُمْ بَیْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْکُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا یَعِظُکُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ کَانَ سَمِیعاً بَصِیراً)(10).
وهذا یبیّن الارتباط الوثیق بین الأمانة والحکومة.

والأمانة فی المفهوم الإسلامی لها مفهوم أوسع من ذلک أیضاً وتستوعب جمیع المسؤولیات والتکالیف کما نقرأ هذا المعنى فی الآیة الشریفة:

(إِنَّا عَرَضْنَا الاَْمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالاَْرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الاِْنْسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُوماً جَهُولا)(11).

وعلى هذا الأساس کیف یمکن أن نختار لمقام الإدارة شخصاً لا نطمئن لأمانته، سواءً کانت فی الأمور الاقتصادیة، أو الثقافیة، أو السیاسیة، وکذلک فی منصب القیادة العسکریة التی تستلزم وضع الکثیر من الأفراد بید القائد.

ومن الجدیر بالذکر أنّه لا ینبغی أن نتصور إمکان مراقبة أعمال المدراء والقادة بآلیة نصب المخبرین ورجال التحقیق والفحص «رغم أنّ وجود مثل هذه الجهاز ضروری للأشراف على عمل المدراء والقادة» لأنّه أولاً: أنّ جهاز التحقیق والمخابرات بدوره یحتاج إلى محققین ومفتشین ویستلزم الدور والتسلسل، لأنّ هؤلاء المفتشین والمخبرین بشر وحالهم حال المدراء والقادة فی تدخل العوامل النفسانیة والمصالح الدنیویة فی عملهم، فماذا نصنع لمنع تورطهم فی الخیانة أو تواطئهم مع المدراء على المصالح؟ هل یجب نصب مفتشین آخرین علیهم؟

ثانیاً: لیس بالإمکان تعیین مفتشین ومحققین بعدد المدراء والقادة.

وعلى هذا الأساس فالطریق الصحیح هو الاطمئنان بصحة عملهم من خلال ما یملکونه من خصوصیات عقائدیة وأخلاقیة وثقافیة تحکم على سلوکیات هؤلاء المدراء والقادة العسکریین، وهذا هو الطریق الوحید المطمئن لمنع وقوع المخالفات.


1 . سورة القصص، الآیة 26.
2 . صحیح مسلم، ج 2، ص 124.
3 . نهج البلاغة، الرسالة 5.
4 . نهج البلاغة، الخطبة 173.
5 . نهج البلاغة، الرسالة 26.
6 . صحیح مسلم، ج 6، ص 12.
7 . سورة یوسف، الآیة 55.
8 . سورة النساء، الآیة 58.
9 . تفسیر البرهان، ج 1، ص 280، ح 10.
10 . سورة النساء، الآیة 58.
11 . سورة الأحزاب، الآیة 72.
2 و 3 ـ العلم والقدرة 5 ـ الصدق فی الحدیث
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma