عندما نصّب الإمام أمیرالمؤمنین(علیه السلام) «محمّد بن أبی بکر» والیاً على مصر وقائداً للجیش، بیّن له المنهجیة التی ینبغی علیه السیر وفقها:
«فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَکَ، وَأَلِنْ لَهُمْ جَانِبَکَ، وَابْسُطْ لَهُمْ وَجْهَکَ، وَآسِ بَیْنَهُمْ فِی اللَّحْظَةِ والنَّظْرَةِ، حَتَّى لاَ یَطْمَعَ الْعُظَمَاءُ فِی حَیْفِکَ لَهُمْ، وَلاَ یَیْأَسِ الضُّعَفَاءُ مِنْ عَدْلِکَ عَلَیْهِمْ، فَإِنَّ اللّهَ تَعَالَى یُسَائِلُکُمْ مَعْشَرَ عِبَادِهِ عَنِ الصَّغِیرَةِ مِنْ أَعْمَالِکُمْ وَالْکَبِیرَةِ، والظَّاهِرَةِ وَالْمَسْتُورَةِ، فَإِنْ یُعَذِّبْ فَأَنْتُمْ أَظْلَمُ، وَإِنْ یَعْفُ فَهُوَ أَکْرَمُ.
وَاعْلَمْ ـ یَا مُحَمَّدَ بْنَ أَبِی بَکْر ـ أَنِّی قَدْ وَلَّیْتُکَ أَعْظَمَ أَجْنَادِی فِی نَفْسِی أَهْلَ مِصْرَ، فَأَنْتَ مَحْقُوقٌ أَنْ تُخَالِفَ عَلَى نَفْسِکَ، وَأَنْ تُنَافِحَ عَنْ دِینِکَ وَ لَوْ لَمْ یَکُنْ لَکَ إِلاَّ سَاعَةٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَلاَ تُسْخِطِ اللّهَ بِرِضَا أَحَد مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّ فِی اللّهِ خَلَفاً مِنْ غَیْرِهِ، وَلَیْسَ مِنَ اللّهِ خَلَفٌ فِی غَیْرِهِ. صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا الْمُوَقَّتِ لَهَا، وَلاَ تُعَجِّلْ وَقْتَهَا لِفَرَاغ، وَلاَ تُؤَخِّرْهَا عَنْ وَقْتِهَا لاِشْتِغَال. وَاعْلَمْ أَنَّ کُلَّ شَیْء مِنْ عَمَلِکَ تَبَعٌ لِصَلاَتِکَ. ومنه: فَإِنَّهُ لاَ سَوَاءٌ، إِمَامُ الْهُدَى وإِمَامُ الرَّدَى، وَ وَلِیُّ النَّبِیِّ، وَ عَدُوُّ النَّبِیِّ. وَلَقَدْ قَالَ لِی رَسُولُ اللّهِ(صلى الله علیه وآله): إِنِّی لاَ أَخَافُ عَلَى أُمَّتِی مُؤْمِناً وَلاَ مُشْرِکاً; أَمَّا الْمُؤْمِنُ فَیَمْنَعُهُ اللّهُ بِإِیمانِهِ، وَأَمَّا الْمُشْرِکُ فَیَقْمَعُهُ اللّهُ بِشِرْکِهِ، وَ لکِنِّی أَخَافُ عَلَیْکُمْ کُلَّ مُنَافِقِ الْجَنَانِ عَالِمِ اللِّسَانِ، یَقُولُ مَا تَعْرِفُونَ، وَیَفْعَلُ مَا تُنْکِرُونَ»(1).