مراتب التوحید [13-18]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
"الکمال المطلق". [19-20]"التفسیر والمفسرون" [9-11]
لقد لخّص المحقّقون الإسلامیون البحوث المرتبطة بالتوحید فی أربعة أقسام نذکرها فیما یأتی باختصار :
1. التوحید فی الذات
والمقصود به أنّ اللّه واحد أحد لا شریک له ولا نظیر ولا یتصور له شبیه ولا مثیل.
بل انّ ذاته المقدّسة بسیطة غیر مرکبة، من أجزاء کما هو شأن الأجسام.
2. التوحید فی الصفات
ویراد منه أنّ اللّه تعالى وإن کان متّصفاً بصفات عدیدة کالعلم والقدرة والحیاة، إلاّ أنّ هذا التعدّد إنّما هو باعتبار المفهوم الذهنی ولیس باعتبار الوجود والواقع الخارجی، بمعنى أنّ کل واحدة من هذه الصفات هی عین الأُخرى ولیست غیر الأُخرى، وهی أجمع عین الذات ولیست غیر الذات.
فعلم اللّه ـ مثلاً ـ هو عین ذاته، فذاته کلّها علم، فی حین تکون ذاته کلها
_____________________________________ [الصفحة 14] _____________________________________
عین القدرة، لا أن حقیقة العلم فی الذات الإلهیة شیء، وحقیقة القدرة شیء آخر، بل کل واحدة منهما عین الأُخرى، وکلتاهما عین الذات المقدسة.
ولتقریب المعنى المذکور نلفت نظر القارئ الکریم إلى المثال التالی فنقول:
من الواضح أنّ کل واحد منّا معلوم للّه، کما أنّه مخلوق للّه فی نفس الوقت.
صحیح أنّ مفهوم المعلومیة غیر مفهوم المخلوقیة فی مقام الاعتبار الذهنی وعند التحلیل العقلی البحت، ولکنَّهما فی مقام التطبیق الخارجی واحد، فإنّ وجودنا بأسره معلوم للّه، کما أنّ وجودنا بأسره مخلوق للّه فی نفس الوقت .. هکذا وجود واحد باعتبارین.
فهما (أی المعلومیة والمخلوقیة) المتصف بهما وجودنا لیسا فی مقام المصداق الخارجی إلاّ عین الأُخرى، وهما عین ذاتنا، لا أنّ قسماً من ذاتنا هو المعلوم للّه والقسم الآخر هو المخلوق له تعالى، بل کل ذاتنا بأسره مخلوق ومعلوم للّه فی آن واحد.
3. التوحید فی الأفعال
نحن نعلم أنّ هناک فی عالم الطبیعة سلسلة من العلل والأسباب الطبیعیة لها آثار خاصة کـ :
الشمس والإشراق الذی هو أثرها ومعلولها، والنار والإحراق الذی هو أثرها ومعلولها، والسیف والقطع الذی هو أثره ومعلوله.
_____________________________________ [الصفحة 15] _____________________________________
والتوحید الافعالی هو أن نعتقد بأنّ هذه الآثار مخلوقة هی أیضاً للّه تعالى کما أنّ عللها مخلوقة له سبحانه .
بمعنى أنّ اللّه الذی خلق العلل المذکورة هو الذی منحها تلک الآثار.
فخلق الشمس وأعطاها خاصیة الإشراق، وخلق النار وأعطاها خاصیة الإحراق، وخلق السیف وأعطاه خاصیة القطع،
إلى آخر ما هنالک من العلل والمعلولات، والأسباب والمسببات والمؤثرات وآثارها.
وبعبارة أُخرى: انّ التوحید الافعالی هو أن نعترف بأنّ العالم بما فیه من العلل والمعالیل، والأسباب والمسببات،
ما هو إلاّ فعل اللّه سبحانه، وأنّ الآثار صادرة عن مؤثراتها بإرادته ومشیئته.
فکما أنّ الموجودات غیر مستقلة فی ذواتها بل هی قائمة به سبحانه، فکذا هی غیر مستقلة فی تأثیرها وعلّیَّتها وسببیَّتها.
فیستنتج من ذلک أنّ اللّه سبحانه کما لا شریک له فی ذاته، کذلک لا شریک له فی فاعلیته وسببیته، وأنّ کل سبب وفاعل ـ بذاتهما وحقیقتهما وبتأثیرهما وفاعلیتهما ـ قائم به سبحانه وأنّه لا حول ولا قوة إلاّ به.
ویندرج فی ذلک الإنسان ، فبما أنّه موجود من موجودات العالم وواحد من أجزائه فإنّ له فاعلیة، وعلیة بالنسبة لأفعاله، کما أنّ له حریة تامّة فی مصیره وعاقبة حیاته، ولکنَّه لیس موجوداً مفوّضاً(1) إلیه ذلک، بل هو بحول اللّه وقوته یقوم ویقعد ویتسبب ویؤثر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . المراد من التفویض هو أنّ اللّه أعطاه الفاعلیة ثم هو یفعل ما یرید دون مشیئة اللّه وعلى نحو الاستقلال،
وسیأتی شرح التفویض فی الفصول القادمة مسهباً.
_____________________________________ [الصفحة 16] _____________________________________
إنّ التوحید الافعالی لا یعنی إنکار العلل الطبیعیة أو إنکار مشارکتها فی التأثیر وفی حدوث معلولاتها،
بل یعنی مع الاعتراف بأنّ للعلل تمام المشارکة فی ظهور الآثار، وأنّ هذه الآثار هی من خواص هذه العلل.
أقول: یعنی مع الاعتراف بهذا، الاعتراف بأنّه لا مؤثر حقیقی فی صفحة الوجود إلاّ اللّه وأنّ تأثیر ما سواه من المؤثرات إنّما هو فی ظل قدرة اللّه، ذلکالمؤثر الحقیقی الأصیل، وأنّ هذه العلل ما هی إلاّ وسائط للفیض الإلهی.
فمنه تعالى تکتسب الشمس القدرة على الإشراق والإضاءة کما استمدت منه أصل وجودها.
ومنه تعالى تکتسب النار خاصیة الإحراق والحرارة کما استمدت منه أصل وجودها، وأنّه تعالى هو الذی منح هذه العلل والأسباب هذه الخواص، وأعطاها هذه الآثار کمامنحها: وجودها أساساً وأصلاً.
وبتعبیر آخر نقول: إنّ التوحید الأفعالی یعنی أنّه لا مؤثر بالذات ـ فی هذا الوجود ـ إلاّ اللّه، فهو وحده الذی لا یحتاج إلى معونة أحد أو شیء فی الإیجاد والتأثیر والإبداع والابتکار.
وأمّا تأثیر ما عداه من العلل، فجمیعه یکون بالاعتماد على قدرته وقوته سبحانه .
بهذا البیان یتضح الفرق بین مدرستین فی هذا المجال:
مدرسة الأشاعرة القائلین بعدم دخالة العلل فی الآثار مطلقاً.
والمدرسة القائلة بالتوحید الافعالی.
_____________________________________ [الصفحة 17] _____________________________________
فتذهب المدرسة الأُولى إلى أنّ الشمس والنار والسیف غیر مؤثرة إطلاقاً، وغیر دخیلة مطلقاً فی وجود النور والحرارة والقطع، بل انّ عادة اللّه هی التی جرت على أن یوجد اللّه النور بعد طلوع الشمس، والحرارة عند حضور النار،
والقطع عند حضور السیف، وإن لم تکن لهذه الأشیاء[أی الشمس والنار والسیف ]أیّة مشارکة فی إیجاد هذه الآثار ووقوعها.
ولا شک أنّ هذه النظریة مرفوضة فی نظر العقل ومنطق القرآن(1).
فبینما تنفی مدرسة الأشاعرة دور العلل ومشارکتها رأساً، تذهب المدرسة الثانیة (القائلة بالتوحید الافعالی) إلى الاعتراف بأنّه لا مؤثر حقیقی فی الوجود إلاّ اللّه(2) ولکن مع الاعتراف ـ إلى جانب ذلک ـ بدخالة العلل فی إیجاد الآثار، مستمدة هذه القدرة على التأثیر من ذلک المؤثر الحقیقی الواحد، ونعنی اللّه سبحانه وتعالى.
ولهذا یغدو أی اعتقاد بالثنویة أو التثلیث مرفوضاً فی منطق هذه المدرسة.
وبهذا یتبیّـن أنّ القائلین بأنّ الإنسان محتاج إلى اللّه فی أصل وجوده، ولکنه مستغن عنه تعالى فی أفعاله ومستقل فی تأثیره، قد سقطوا فی الشرک من حیث لا یعلمون، ذلک لأنّهم بمثل هذا الاعتقاد یکونون قد اعترفوا ـ فی الحقیقة ـ بمؤثرین أصیلین مستقلین غنیین وخرجوا بذلک عن إطار التوحید الافعالی !!
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . فالقرآن یصرح بتأثیر العلل الطبیعیة فی معالیلها حیث یقول: (یُنبِتُ لَکُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّیْتُونَ وَالنَّخِیلَ وَالأعْنَابَ) (النحل:11) فإنّ قوله (بِهِ) صریح فی تأثیر الماء فی إنبات هذه الثمار، وسیوافیک تفصیل القول فی ذلک عند البحث فی التوحید الربوبی.
2 . الاعتراف بوحدانیة المؤثر فی صفحة الوجود لا ینافی القول بتأثیر العلل الطبیعیة فی معالیلها.
_____________________________________ [الصفحة 18] _____________________________________
کما أنّ الذین اعتقدوا بوجود مبدأین لهذا العالم، وتصوّروا بأنّ خالق الخیر هو غیر خالق الشر هم أیضاً خرجوا عن دائرة التوحید الافعالی وارتطموا فی الشرک والثنویة فی الفاعلیة والتأثیر.(1)
4. التوحید فی العبادة
و نعنی أنّ العبادة لا تکون إلاّ للّه وحده، وأنّه لا یستحق أحد أن یتخذ معبوداً مهما بلغ من الکمال والجلال وحاز من الشرف والعلاء.
ذلک لأنّ الخضوع العبودی أمام أحد لا یجوز إلاّ لأحد سببین، لا یتوفران إلاّ فی اللّه جل جلاله:
1. أن یبلغ المعبود حداً من الکمال یخلو معه عن أی عیب ونقص، فیستوجب ذلک الکمال أن یخضع له کل منصف ویعبده کل من یعرف قیمة ذلک
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . ونظنک أیّـها القارئ قد وقفت على الفرق بین التوحید الافعالی، وبین ما یذهب إلیه الأشاعرة والمجبرة. فإنّ الفاعل عند هاتین الطائفتین (الأشاعرة والمجبرة) لامشارکة له فی أفعاله وآثاره أصلاً، وإنّها تستند إلى اللّه سبحانه مباشرة وبلا واسطة فهو الذی ینفذ الفعل عن طریق الفاعل دون إرادة و مشارکة من الفاعل فی الفعل مطلقاً!! و أمّا الذی نقوله نحن فهو أنّ کل فاعل إنّما یعتمد ـ فی فعله وأثره ـ على اللّه من حیث إنّه فقیر محتاج إلى الغنی بالذات فی جمیع شؤونه وأطواره. وأنّ للفاعل ـ مریداً کان أو غیر مرید ـ دوراً فی حدوث الأثر و بروزه و أنّ الأثر لا یمکن أن یتحقق على صعید الوجود إلاّ عن طریق هذا الفاعل. وکم فرق بین أن ننسب أفعال الفاعل کلها إلى اللّه مع نفی مشارکته فیها، وبین أن نعزی إمکانیة التأثیر إلى اللّه مع الاعتراف بمشارکة الفاعل فی فعله. و سوف یظهر لک الفرق بین المدرستین ـ بنحو أکثر تفصیلاً ـ فی البحوث الآتیة.
_____________________________________ [الصفحة 19] _____________________________________
"الکمال المطلق". [19-20]"التفسیر والمفسرون" [9-11]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma