التوحید الاستدلالی: البرهان الثانی عشر [205-211]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
التوحید الاستدلالی ـ البرهان الثالث عشر [212-225]التوحید الاستدلالی: البرهان الحادی عشر [193-204]
آیات اللّه فی عالم الطبیعة
إنّ القرآن الکریم یدعونا إلى التفکّر والتدبّر والنظر فی آیات اللّه فی عالم الطبیعة والخلق ویعتبر مثل هذا النظر والتفکّر جدیراً بأهل الفکر والألباب وأصحاب الضمائر الحیة والعقول السلیمة.(1)
و الآیات القرآنیة فی هذا المجال من الکثرة بحیث لا یمکننا نقل عُشرها فی هذه الصفحات القلائل، ولذلک سنقتصر على إیراد نماذج معدودة منها، ثم نتحدث عن أهداف هذا القسم من الآیات فیما بعد.
وإلیک الآن هذه النماذج التی وعدناک بها:
(إِنَّ فِی خَلْقِ السَّمَواتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْکِ الَّتِی تَجْری فِی الْبَحْرِ بِمَا یَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاء فَأَحْیَا بِهِ الأرضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِیهَا مِنْ کُلِّ دابَّة وَتَصْرِیفِ الرِّیَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَیْنَ السَّمَاءِ والأرْضِ لآیَات لِقَوْم یَعْقِلُونَ).(2)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . (لِقَوْم یَعْقِلُونَ) (البقرة : 164) (لِقَوْم یَتَفَکَّرُونَ) (الرعد: 3) (لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ) (إبراهیم: 25) (لأُولِی الألْبَابِ)(ص:43).
2 .البقرة: 164.
_____________________________________ [الصفحة 206] _____________________________________
هذه الآیة تدعونا إلى التدبّر فی أُمور عدیدة:
1. النظر فی العالم من أرض وسماء واختلاف اللیل والنهار.
2. التدبّر فی أمر صناعة السفن، والتدبّر فی منافعها الاقتصادیة.
3. التفکّر فی الکائنات الجویة، کالریاح والسحاب والمطر، وعلل تکوّنها.
4. التدبّر فی الأحیاء والدواب التی تعیش على وجه البسیطة، والذی یؤلِّف أساس علم الأحیاء.
إنّ للتدبّر فی هذه الأُمور والأشیاء نتائج مهمة، ویمکن أن یکون منشأ لمعرفة سلسلة من المعارف والعلوم.
فماذا تهدف هذه الآیة من دفعنا إلى التدبّر فی هذا النظام البدیع؟
هل تهدف إلى أن نهتدی من التدبّر فی هذا النظام البدیع إلى مبدعه وصانعه؟
أو أن نتعرّف على صفاته تعالى من هذا السبیل کالقدرة والعلم؟
أمّ أنّ الهدف هو شیء ثالث وهو : أن نوحّده فی العبادة بعد أن وقفنا على أنّه سبحانه هو خالق هذا النظام البدیع وتعرفنا على مدى علمه، فتکون هذه الآیة فی الحقیقة دعوة إلى التوحید العبادی.
هذه الاحتمالات الثلاثة لیست مطروحة فی هذه الآیة فحسب، بل هی مطروحة ومحتملة فی کل الآیات التی تشیر إلى النظام الکونی والقدرة الإلهیة الکبرى فی عالم الطبیعة.
(وَهُوَ الَّذِی مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِیهَا رَوَاسِیَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ کُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ
_____________________________________ [الصفحة 207] _____________________________________
فِیهَا زَوْجَیْنِ اثْنَیْنِ یُغشِی الَّلیلَ النَّهَارَ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیات لِقَوْم یَتَفَکَّرُونَ).(1)
هذه الآیة تدعونا إلى التدبّر والنظر فی أُمور معینة، ومن المعلوم أنّ للتدبّر فی هذه الأُمور نتائج مختلفة متنوعة:
وأمّا هذه الأُمور فهی:
1. کیف امتدت الأرض واتّسعت؟
2. کیف ولماذا وجدت الجبال والأنهار فی الأرض ؟
3. کیف خلقت الثمار أزواجاً؟
4. کیف یختلف اللیل والنهار ؟
إنّ التدبّر فی هذه الأُمور کما یمکن أن یقودنا إلى معرفة وجود اللّه سبحانه، کذلک یدلّنا على علم اللّه وقدرته، وکذا على وحدانیة مدبّر الکون أیضاً، ذلک لأنّ وحدة النظام وترابط أجزائه یکشف عن حاکمیة إرادة واحدة على عالم الکون، ولو کان هناک آلهة متعدّدون لتعرض هذا النظام للفوضى والفساد والتبعثر ... .
کما أنّ التعرف على مرکز القدرة وصاحب التدبیر الحقیقی من شأنّه أن یوقظ ضمائرنا ویدفعنا ـ بالتالی ـ إلى عبادة هذا الخالق الحقیقی والمدبّر الواقعی للکون دون سواه.
(وَفِی الأرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَاب وَزَرْعٌ وَنَخِیلٌ صِنْوانٌ وَغَیْرُ صِنْوَان یُسْقَى بِمَاء وَاحِد وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْض فِی الأکُلِ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیات لِقَوم یَعْقِلُونَ).(2)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الرعد: 3.
2 . الرعد: 4.
_____________________________________ [الصفحة 208] _____________________________________
هذه الآیة تدعونا إلى التدبّر فی الأُمور التالیة:
1. الأرض رغم کونها متصلة ببعضها، فإنّ قسماً منها صالح للزراعة، وقسماً آخر غیر صالح للزراعة، منها الخصب، ومنها الجدب، فما هو السبب؟
2. فی کثیر من المزارع والبساتین توجد ثمار متنوعة ومختلفة، من عناقید العنب وأعذاق التمر، وسنابل القمح إلى غیر ذلک من ألوان الثمر والنباتات.
فلماذا ـ ترى ـ هذا التنوّع والاختلاف فی الألوان، والتراب واحد، والماء واحد، وأشعة الشمس تتساقط على الجمیع بصورة متساویة، والمنطقة واحدة، والظروف کذلک واحدة؟
3. رب ثمار بستان واحد تختلف فیما بینها فی النوعیة والجودة، فلماذا ذلک؟
إنّ التدبّر والنظر والتفکیر فی هذه الأُمور الثلاثة لا ریب تستتبع نتائج هامة ثلاث:
أ. أنّ هذه المشاهد الجمیلة للبساتین التی تمثّل معرضاً طبیعیاً لأجمل اللوحات تکشف ـ ولا ریب ـ عن وجود صانع وخالق رسم بریشته الخفیة هذه النقوش الرائعة الجمال فی صفحة هذه البساتین الزاهیة المناظر .
ب. أنّ هذه المعارض الجمیلة ذات النقوش المتناسقة تکشف ـ أیضاً ـ عن علم صانعها وقدرته المطلقة.
ج. أنّ صاحب هذه النقوش البالغة الروعة وهذه المعارض والمشاهد الجمیلة هو اللّه فهو الذی أوجد هذه المعارض والنقوش، فلماذا إذن لا نعبده وحده، ولماذا نعبد سواه مما لا یکون لا خالقاً ولا مدبّراً.
إنّ الآیات التی تتضمن بیان النظام الکونی البدیع والسنن الإلهیة فی عالم
_____________________________________ [الصفحة 209] _____________________________________
الطبیعة التی لا تقبل تحویلاً، وتغیراً، من الکثرة والوفور بحیث لا یمکن نقلها جمیعاً فی هذه الصفحات، ولکنّنا عرّفنا القارئ الکریم على نماذج منها، ولمزید الاطّلاع یراجع المعجم المفهرس مادة: آیة.
فمثلاً ذکرت فی سورة الروم دلائل وجود اللّه فی ست آیات، وکلها تبدأ بکلمة:(وَمِنْ آیاتِهِ)،وإلیک فیما یلی هذه الآیات نصاً:
(وَمِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَکُمْ مِنْ تُرَاب ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ * وَمِنْ آیاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُمْ مِنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْکُنُوا إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَات لِقَوْم یَتَفَکَّرُونَ * وَمِنْ آیَاتِِهِ خَلْقُ السَّموَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِکُمْ وَأَلْوَانِکُمْ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَات لِلْعَالِمِینَ *وَمِنْ آیَاتِهِ مَنَامُکُمْ بِالَّیْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُکُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَات لِقَوم یَسْمَعُونَ * وَمِنْ آیَاتِهِ یُرِیکُمُ البَرْقَ خَوْفَاً وَطَمَعاً وَیُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَیُحْىِِ بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیات لِقَوم یَعْقِلُونَ *وَمِنْ آیَاتهِِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأرْضُ بِأَمْرِه ثُمَّ إِذَا دَعَاکُمْ دَعْوَةً مِنَالأرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجونَ).(1)
لا شک أنّ هذه الآیات تترکز ـ فی الأکثر ـ على إیقاظ الوجدان البشری وتوجیهه إلى صفات اللّه، والتأکید على أنّه هو الإله الواحد العالم القادر المدبّر الرحیم.
وقد ذکرت هذه النتائج فی ذیل الآیات ، التی تبدأ فی القرآن بکلمة (وَمِنْ آیاتِهِ).(2)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الروم: 20 ـ 25.
2 . راجع المعجم المفهرس.
_____________________________________ [الصفحة 210] _____________________________________
وفی سورة النحل توجد سلسلة من الآیات التی تشیر هی أیضاً إلى جوانب من النظام الکونی العجیب البدیع وکیفیة انتفاع البشر بها، وتبدأ هذه الآیات بقوله: (هُوَ الَّذِی) :
(هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَکُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِیهِ تُسِیمُونَ *یُنْبِتُ لَکُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّیْتُونَ وَالنَّخِیلَ وَالأعْنَابَ وَمِنْ کُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِی ذِلَکَ لآیَةً لِقَوم یَتَفَکّرونَ * وَسَخَّرَ لَکُمُ اللّیلَ والنهارَ والشمسَ والقمرَ والنجومُ مُسَخَّراتٌ بأمرِهِ إنَّ فی ذلک لآیات لقوم یَعْقِلُونَ * وَمَا ذَرَأَ لَکُمْ فِی الأرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَةً لِقَوْم یَذَّکَّرُونَ * وَهُوَ الَّذِی سَخَّرَ الْبَحَرَ لِتَأْکُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَریّاً وَ تَسْتَخْرجُوا مِنْهُ حِلْیَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْکَ مَوَاخِرَ فِیهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ *
وَأَلْقَى فِی الأرْضِ رَوَاسِیَ أَنْ تَمِیدَ بِکُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ * وَعلامَات وَبِالنَّجْمِ هُمْ یَهْتَدُونَ).(1)
ثم یستنتج القرآن من کل ذلک بقوله: (أَفَمَنْ یَخْلُقُ کَمَنْ لا یَخْلُقُ أَفَلاَ تَذَکَّرُونَ)(2)، إنّ هذه الآیة الأخیرة تکشف عن أنّ الهدف من تلک الآیات هو الدعوة إلى التوحید العبادی، ولأجل ذلک صدرت الآیة الحاضرة بفاء النتیجة، لأنّ بعض مشرکی العرب رغم علمهم بأنّ اللّه هو الخالق والمدبّر للکون، کانوا یعبدون آلهة مدّعاة مصطنعة، ولذلک یعنی التذکیر بمظاهر القدرة الإلهیة فی عالم الطبیعة، إیقاظ ضمائرهم الغافلة، وإثارة عقولهم الغافیة،
کیما یتذکروا أنّ العبادة لاتصح إلاّ للّه سبحانه دون سواه،وأنّ ما یعبدون من دونه عاجزون ضعفاء لایملکون ضراً ولا نفعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . النحل: 10 ـ 16.
2 . النحل: 17.
_____________________________________ [الصفحة 211] _____________________________________
وقد یکون الهدف من التذکیر بالنظام الکونی البدیع هو التمهید لطرح موضوع المعاد والحیاة الأُخرى، لکی لا ینکر الإنسان المعاد، أو لا یستبعد وقوعه بعد وقوفه على مظاهر وآثار القدرة الإلهیة فی عالم الکون، إذ صرح سبحانه بهذا الاستنتاج بقوله:
(... ثُمَّ إِذَا دَعَاکُمْ دَعوةً مِنَ الأرْضِ إذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ).(1)
وعلى هذا الأساس فإنّ الاستدلال بهذه الآیات على وجود اللّه یجب أن یکون بصورة ضمنیة لا بصورة أنّه الهدف الأصلی لها، لأنّه إذا کانت أجزاء هذا الکون، من صغیرها إلى کبیرها، من دقیقها إلى جسیمها، تشهد بثبوت صفة القدرة والعلم للّه تعالى، وإذا تعرفنا من خلالها على جماله وکماله سبحانه، فإنّ من القطعی البدیهی أن تهدینا إلى أصل وجوده، ویثبت لنا ذلک بما لا یقبل الشک، کما تهدینا إلى أنّه المعبود دون غیره، وانّه وحده یستحق العبادة.
إنّ الطریق الواضح لمعرفة اللّه والذی یتناسب مع أذهان کل الطبقات هو البحث حول أنظمة الکون الدقیقة العجیبة البدیعة التی تشهد بلسان حالها على وجوده وتوحیده وسائر صفاته العلیا:
وفی کل شیء له آیة تدل على أنّه واحد
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الروم: 25.
_____________________________________ [الصفحة 212] _____________________________________
التوحید الاستدلالی ـ البرهان الثالث عشر [212-225]التوحید الاستدلالی: البرهان الحادی عشر [193-204]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma