5 ما هو معنى الإلوهیة وما هو ملاکها؟ [487-496]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
6 هل الاعتقاد بالسلطة الغیبیة [497-509]4 ماذا یراد من التفویض؟ [469-486]
إذا کانت العبادة هی الخضوع أمام أحد بما هو إله(1)، فیقع الکلام فی معنى الـ : إله فنقول: لا نظن أنّ القارئ الکریم یحتاج فی فهم معنى: إله إلى التعریف، فإنّ لفظی: إله و اللّه من باب واحد، فما هو المتفاهم من الثانی أی اللّه هو المتفاهم من الأوّل أی إله، وإن کانا یختلفان فی المفهوم اختلاف الکلی والفرد.
غیر أنّ لفظ الجلالة علم لفرد من ذاک الکلی ولمصداق منه، دون الـ: إله فهو باق على کلّیته وإن لم یوجد عند الموحّدین مصداق آخر له، بل انحصر فیه.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . هذا هو أحد التعاریف الماضیة فی البحث السابق، وکانت هناک تعاریف أُُخرى من کونها: الخضوع أمام أحد بما هو رب، أو بما هو غنی فی فعله عن غیره، أو بما هو مصدر للشؤون الإلهیة کالشفاعة والمغفرة، فراجع. وقد أوضحنا أنّ هذه القیود جیء بها للإشارة إلى أنّـها لیست مطلق الخضوع بل هو قسمٌ خاصٌّ منه وإنّ دخول هذه القیود فی مفهوم العبادة على غرار دخول الدائرة فی مفهوم القوس وإنّه من باب زیادة الحد على المحدود فراجع.
_____________________________________ [الصفحة 488] _____________________________________
فکما أنّه لا یحتاج أحد فی الوقوف على معنى لفظ الجلالة إلى التعریف فلفظة إله مثله أیضاً، إذ لیس ثمة من فارق بین اللفظتین إلاّ فارق الجزئیة والکلیة، فهما على وجه کزید وإنسان، بل أولى منهما لاختلاف الأخیرین (زید وإنسان) فی مادة اللفظ بخلاف إله و اللّه، فهما متحدان فی تلک الجهة، ولیس لفظ الجلالة إلاّ نفس إله حذفت همزته وأُضیفت إلیه الألف واللام فقط، وذلک لا یخرجه عن الاتحاد، لفظاً ومعنى.
وإن شئت قلت: إنّ ها هنا اسماً عاماً وهو إله ویجمع على آلهة ،واسماً خاصاً وهو اللّه ولا یجمع أبداً، ویرادفه فی الفارسیة خدا وفی الترکیة تاری وفی الانجلیزیة گاد غیر أنّ الاسم العام والخاص فی اللغة الفارسیة واحد وهو خدا ویعلم المراد منه بالقرینة، غیر أنّ خداوند لا یطلق إلاّ على الاسم الخاص، وأمّا گاد فی اللغة الانجلیزیة فکلما أُرید منه الاسم العام کتب على صورة god وأمّا إذا أُرید الاسم الخاص فیأتی على صورة God وبذلک یشخص المراد منه.
ولعل اختصاص هذا الاسم باللّه بخالق الکون کان بهذا النحو: وهو أنّ العرب عندما کانت فی محاوراتها ترید أن تتحدث عن الخالق کانت تشیر إلیه بـ الإله أی الخالق، والألف واللام المضافتان إلى هذه الکلمة کانتا لأجل الاشارة الذهنیة
(أی الإشارة إلى المعهود الذهنی)، یعنی ذاک الإله الذی تعهده فی ذهنک، وهو ما یسمّى فی النحو بلام العهد، ثم أصبحت کلمة الإله مختصة فی محاورات العرب بخالق الکون، ومع مرور الزمن انمحت الهمزة الکائنة بین اللامینوسقطت من الألسن وتطورت الکلمة من الإله إلى اللّه التی ظهرتفی صورة کلمة جدیدة واسم خاص بخالق الکون تعالى وعلماً له
_____________________________________ [الصفحة 489] _____________________________________
سبحانه(1).
وإلى ما ذکرنا یشیر العلاّمة الزمخشری فی کشافه :اللّه أصله: الإله، قال الشاعر:
معاذ الإله أن تکون کظبیة ولا دمیة ولا عقیلة ربرب(2)
ونظیره: الناس أصله، الاناس، فحذفت الهمزة، وعوض عنها حرف التعریف، ولذلک قیل فی النداء یا اللّه بالقطع، کما یقال: یا إله، والإله من أسماء الأجناس کرجل وفرس(3).
وینقل العلامة الطبرسی فی تفسیره عن سیبویه أنّ اللّه أصله إله على وزن فعال، فحذفت فاء فعله، وهی الهمزة، وجعلت الألف واللام عوضاً لازماً عنها، بدلالة استجازتهم قطع هذه الهمزة الداخلة على لام التعریف فی القسم والنداء فی قوله: یا اللّه اغفر لی، ولو کانت غیر عوض لم تثبت الهمزة فی غیر هذا الاسم .(4)
وقال الراغب فی مفرداته: اللّه أصله إله، فحذفت همزته وأُدخل علیه الألف واللام، فخصّ بالباری تعالى ولتخصّصه به قال تعالى: (هَلْ تَعْلَمْ لَهُ سَمِّیاً).(5)
وعلى ذلک فلا نحتاج فی تفسیر إله إلى شیء وراء تصوّر أنّ هذا اللفظ کلی
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . فی هذا الصدد نظریات أُخرى أیضاً راجع لمعرفتها تاج العروس: 9 مادة أله.
2 . استعاذ الشاعر باللّه من تشبیه حبیبته بالظبیة أو الدمیة، والربرب: هو السرب من الوحش.
3 . الکشاف: 1/30 تفسیر البسملة.
4 . مجمع البیان: 1/19 طبعة صیدا.
5 . مفردات الراغب: 31 مادة إله.
_____________________________________ [الصفحة 490] _____________________________________
لما وضع علیه لفظ الجلالة، وبما أنّ هذا اللفظ من أوضح المفاهیم، وأظهرها فلا نحتاج فی فهم اللفظ الموضوع للکلی إلى شیء أبداً، نعم إنّ لفظ الجلالة وإن کان علماً للذات المستجمعة لجمیع صفات الکمال، أو الخالق للأشیاء، إلاّ أنّ کون الذات مستجمعة لصفات الکمال، أو خالقاً للأشیاء لیسا من مقومات معنى الإله، بل من الخصوصیات الفردیة التی بها یمتاز الفرد عمّن سواه من الأفراد، وأمّا الجامع بینه وبین سائر الأفراد، أو التی ربما تفرض (لا المحقّقة) فهو أمر سواه سنشیر إلیه.
ویؤید وحدة مفهومهما، بالذات، مضافاً إلى ما ذکرناه من وحدة مادتهما أنّه ربّما یستعمل لفظ الجلالة مکان الإله(1)، أی على وجه الکلیة والوصفیة، دون العلمیة فیصح وضع أحدهما مکان الآخر، کما فی قوله سبحانه :
(وَهُوَ اللّهُ فِی السَّموَاتِ وَفِی الأرْضِ یَعْلَمُ سِرَّکُمْ وَجَهْرَکُمْ وَیَعْلَمُ مَا تَکْسِبُونَ).(2)
فإنّ وزان هذه الآیة وزان قوله سبحانه :
(وَهُوَ الَّذِی فِی السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِی الأرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَکِیمُ الْعَلِیمُ).(3)
(وَلا تَقُولُوا ثَلاَثَةٌ انتَهُوا خَیْراً لَکُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ یَکُونَ لَهُ وَلَدٌ).(4)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . استعمالاً مجازیاً مثل قول القائل: هذا حاتم قومه ویوسف أبنائه.
2 . الأنعام: 3.
3 . الزخرف: 84.
4 . النساء: 171.
_____________________________________ [الصفحة 491] _____________________________________
(هُوَ اللّهُ الَّذِی لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِکُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَیْمِنُ الْعَزِیزُ الْجَبَّارُ الْمُتَکَبِّرُ سُبْحَانَ اللّهِ عَمَّا یُشْرِکُونَ).(1)
(هُوَ اللّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى یُسَبِّحُ لَهُ مَا فِی السَّموَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ).(2)
ولا یخفى أنّ لفظ الجلالة فی هذه الموارد وما یشابهها یراد منه ما یرادف الإله على وجه الکلیة،
(أی ما معناه أنّه هو الإله الذی یتصف بکذا وکذا).
ویقرب من الآیة الأُولى قوله سبحانه :
(قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَیَّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى).(3)
فإنّ جعل لفظ الجلالة فی عداد سائر الأسماء والأمر بدعوة أی منها ربّما یشعر بخلوه عن معنى العلمیة، وتضمّنه معنى الوصفیة الموجودة فی لفظ: الإله وغیره، ومثله قوله سبحانه :
(هُوَ اللّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ المُصَوِّرُ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى).(4)
فلا یبعد فی هاتین الآیتین أن یکون لفظ الجلالة ملحوظاً على وجه الکلیة لا العلمیة الجزئیة، کما هو الظاهر لمن أمعن فیها نعم، ربما یقال من أنّ لفظ الجلالة من أله بمعنى عبد; أو من أله بمعنى تحیّر، لأجل أنّ العبد إذا تفکر فیه تحیّر; أو من أله بمعنى فزع، لأنّ الخلق یفزعون إلیه فی حوائجهم; أو من إله بمعنى سکن، لأنّ الخلق یسکنون إلى ذکره.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الحشر: 23.
2 . الحشر: 24.
3. الإسراء: 110.
4 . الحشر: 23.
_____________________________________ [الصفحة 492] _____________________________________
أو أنّه متخذ من لاه بمعنى احتجب لأنّه تعالى المحتجب عن الأوهام، أو غیر ذلک مما ذکروه(1)، ولکن ذلک مجرد احتمالات غیر مدعمة بالدلیل، وعلى فرض صحتها، أو صحة بعضها فلا تدل على أکثر من ملاحظة تلک المناسبات یوم وضع وأُطلق لفظ الجلالة أو لفظ الإله علیه سبحانه ، وأمّا بقاء تلک المناسبات إلى زمان نزول القرآن، وانّ استعمال القرآن لهما کان برعایة هذه المناسبات فأمر لا دلیل علیه مطلقاً.
والظاهر أنّ هذه المعانی من لوازم معنى الإله وآثاره، فإنّ من اتخذ أحداً إلهاً لنفسه فإنّه یعبده قهراً، ویفزع إلیه عند الشدائد، ویسکن قلبه عند ذکره، إلى غیر ذلک من اللوازم، والآثار التی تستلزمها صفة الإلوهیة، ولو لاحظ القارئ الکریم الآیات التی ورد فیها لفظ الإله، وما احتف بها من القرائن لوجد أنّه لا یتبادر من الإله غیر ما یتبادر من لفظ الجلالة، سوى کون الأوّل کلیاً والثانی جزئیاً.
هل الإله بمعنى المعبود؟
نعم یظهر من کثیر من المفسرین بأنّ أله بمعنى عبد، ویستشهدون بقراءة شاذة فی قوله سبحانه :
(لِیُفْسِدُوا فِی الأرْضِ وَیَذَرَکَ وَآلِهَتَکَ).(2)
حیث قرئ والاهتک، أی عبادتک.
ولعل منشأ هذا التصور هو کون الإله الحقیقی، أو الآلهة المصطنعة موضعاً للعبادة ـ دائماً ـ لدى جمیع الأُمم والشعوب، ولأجل ذلک فسرت لفظة الإله
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . راجع مجمع البیان: 9/19.
2 . الأعراف: 127.
_____________________________________ [الصفحة 493] _____________________________________
بالمعبود، وإلاّ فإنّ المعبودیة هی لازم الإله ولیست معناه البدوی.
والذی یدل ـ بوضوح ـ على أنّ الإله لیس بمعنى المعبود هو: کلمة الإخلاص: لا إله إلاّ اللّه إذ لو کان المقصود من الإله المعبود لکانت هذه الجملة کذباً صراحاً، لأنّ من البدیهی وجود آلاف المعبودات فی هذه الدنیا، غیر اللّه، ومع ذلک فکیف یمکن نفی أی معبود سوى اللّه؟!
ولأجل ذلک اضطر القائل بأنّ الإله بمعنى المعبود أن یقدر کلمة بحق بعد إله لتکون الجملة هکذا: لا إله [بحق] إلاّ اللّه لیتخلّص من هذا الإشکال، ولکن لا یخفى أنّ تقدیر کلمة بحق هنا خلاف الظاهر، وأنّ هدف کلمة الإخلاص هو نفی أیّ إله فی الکون سوى اللّه، وانّه لیس لهذا المفهوم (أی الإله) مصداق بتاتاً سواه سبحانه ، وهذا لا یجتمع مع القول بأنّ الإله بمعنى المعبود، لوجود المعبودات الأُخرى فی العالم وإن کانت مصطنعة.
وأمّا جمعه على الآلهة فلیس على أساس أنّه بمعنى المعبود، بل لأجل اعتقاد العرب بأنّ هاهنا آلهة غیر اللّه سبحانه ، قال تعالى:
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا).(1)
وإن شئت أن تفرغ ما نفهمه من لفظ الإله فی قالب التعریف فارجع إلى الأُمور التی تعد عند الناس من شؤون الربوبیة ولوازمها فالقائم بتلک الشؤون ـ کلها أو بعضها ـ هو: الإله، فالخلق والتدبیر والإحیاء والإماتة والتقنین والتشریع والمغفرة والشفاعة بالاستقلال کلّها من شؤون الربوبیة، فالقائم بهذه الشؤون حقیقة أو تصوراً: إله، واقعاً أو عند المتصوّر.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الأنبیاء: 43.
_____________________________________ [الصفحة 494] _____________________________________
وهنا آیات تدل بوضوح على أنّ الإله لیس بمعنى المعبود، بل بمعنى المتصرّف المدبّر، أو من بیده أزمّة الأُمور، أو ما یقرب من ذلک مما یعد فعلاً له تعالى، وإلیک بعض هذه الآیات :
1. (لَوْ کَانَ فِیهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتَا)(1)، فإنّ البرهان على نفی تعدد الآلهة لا یتم إلاّ إذا جعلنا الإله فی الآیة بمعنى المتصرّف المدبّر، أو من بیده أزمّة الأُمور أو ما یقرب من هذین، ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان، لبداهة تعدد المعبودین فی هذا العالم، مع عدم الفساد فی النظام الکونی، وقد کانت الحجاز یوم نزول هذه الآیة مزدحم الآلهة، ومرکزها مع کون العالم منتظماً، غیر فاسد.
وعندئذ یجب على من یجعل الإله بمعنى المعبود أن یقیده بلفظ بالحق أی لو کان فیهما معبودات ـ بالحق ـ لفسدتا، ولمّا کان المعبود بالحق مدبّراً ومتصرفاً لزم من تعدده فساد النظام وهذا کله تکلّف لا مبرر له.
2. (مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَد وَمَا کَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَه إِذَاً لَذَهَبَ کُلُّ إِلَه بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بعْض).(2)
ویتم هذا البرهان أیضاً لو فسرنا الإله بما ذکرنا من أنّه کلّی ما یطلق علیه لفظ الجلالة، وإن شئت قلت: إنّه کنایة عن الخالق أو المدبّر المتصرّف أو من یقوم بأفعإله وشؤونه، والمناسب فی هذا المقام هو الخالق، ویلزم من تعدده ما رتب علیه فی الآیة من ذهاب کلِّ إله بما خلق واعتلاء بعضهم على بعض.
ولو جعلناه بمعنى المعبود لانتقض البرهان، ولا یلزم من تعدّده أیُّ اختلال فی الکون،
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الأنبیاء: 22.
2 . المؤمنون: 91.
_____________________________________ [الصفحة 495] _____________________________________
وأدل دلیل على ذلک هو المشاهدة، فإنّ فی العالم آلهة متعددة، وقد کان فی أطراف الکعبة المشرفة ثلاثمائة وستون إلهاً ولم یقع أیُّ فساد واختلال فی الکون.
فیلزم على من یفسر إله بالمعبود ارتکاب التکلّف بما ذکرناه فی الآیة المتقدمة.
3. (قُلْ لَوْ کَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ کَمَا یَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِی الْعَرْشِ سَبِیلاً)(1)، فإنّ ابتغاء السبیل إلى ذی العرش من لوازم تعدد الخالق أو المدبّر المتصرف أو من بیده أزمّة أُمور الکون أو غیر ذلک مما یرسمه فی ذهننا معنى الإلوهیة، وأمّا تعدّد المعبود فلا یلازم ذلک إلاّ بالتکلّف الذی أشرنا إلیه فیما سبق.
4. (إِنَّکُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ کانَ هَؤُلاَءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا)(2)، والآیة تستدل من ورود الأصنام والأوثان فی النار على کونها غیر آلهة، إذ لو کانت آلهة ما وردت النار .
والاستدلال إنّما یتم لو فسرنا الآلهة بما أشرنا إلیه فإنَّ خالق العالم أو مدبّره والمتصرف فیه أو من فوّض إلیه أفعال اللّه أجل من أن یحکم علیه بالنار وأن یکون حصب جهنم.
وهذا بخلاف ما إذا جعلناه بمعنى المعبود فلا یتم البرهان لأنّ المفروض أنّها کانت معبودات وقد جعلت حصب جهنم، ولو أمعنت فی الآیات التی ورد فیها لفظ الإله والآلهة لقدرت على استظهار ما اخترناه، وإلیک مورداً منها:
(فَإِلَهُکُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتینَ ).(3)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . الإسراء: 43.
2 . الأنبیاء: 98 و 99.
3 . الحج: 34.
_____________________________________ [الصفحة 496] _____________________________________
فلو فسر الإله فی الآیة بالمعبود لزم الکذب، إذ المفروض تعدد المعبود فی المجتمع البشری، ولأجل هذا ربما یقید الإله هنا بلفظ الحق أی المعبود الحق إله واحد، ولو فسرناه بالمعنى البسیط الذی له آثار فی الکون من التدبیر والتصرف وإیصال النفع، ودفع الضرّ على نحو الاستقلال لصح حصر الإله ـ بهذا المعنى ـ فی واحد بلا حاجة إلى تقدیر کلمة بیانیة محذوفة، إذ من المعلوم أنّه لا إله فی الحیاة البشریة والمجتمع البشری یتصف بهذه الصفات التی ذکرناها.
ولا نرید أن نقول: إنّ لفظ الإله بمعنى الخالق المدبّر المحیی الممیت الشفیع الغافر، إذ لا یتبادر من لفظ الإله إلاّ المعنى البسیط، بل هذه الصفات عناوین تشیر إلى المعنى الموضوع له لفظ الإله، ومعلوم أنّ کون هذه الصفات عناوین مشیرة إلى ذلک المعنى البسیط، غیر کونها معنى موضوعاً للفظ المذکور، کما أنّ کونه تعالى ذات سلطة على العالم کلِّه أو بعضه سلطة مستقلة غیر معتمدة على غیره، وصف مشیر إلى المعنى البسیط الذی نتلقاه من لفظ الإله، لا أنّه نفس معناه.
وبما أنّ بعض الکتاب المعاصرین خلط بین السلطة الغیبیة المستقلّة التی یمکن أن تقع رمزاً للالوهیة، والسلطة المستندة إلى اللّه غیر المستقلة التی ربما توجد عند الأنبیاء، والأولیاء، وخیار الناس والصالحین من العباد، فلا بأس بأن نبحث فی هذا الموضوع فی البحث القادم.
_____________________________________ [الصفحة 497] _____________________________________
6 هل الاعتقاد بالسلطة الغیبیة [497-509]4 ماذا یراد من التفویض؟ [469-486]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma