التثلیث فی نظر العقل [303-308]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
الفصل السادس [309-310] القرآن ومعبودیة المسیح [300-302]
بعد أن فرغنا من البحث حول التثلیث من وجهة نظر القرآن ، یتعین علینا أن نعرضه على المعاییر العقلیة لنرى مدى انطباقه على تلک المعاییر.
تحکی کلمات المسیحیین ـ فی کتبهم الکلامیة ـ عن أنّ الاعتقاد بالتثلیث ـ عندهم ـ من المسائل التعبدیة التی لا تدخل فی نطاق التحلیل العقلی، لأنّ التصورات البشریة لا تستطیع أن تصل إلى فهم هذا المطلب، کما أنّ المقایسات التی تنبع من العالم المادی تمنع من إدراک حقیقة التثلیث لأنّ حقیقته ـ حسب زعمهم ـ فوق القیاسات المادیة.
ثم یقولون: حیث إنّ تجارب البشر مقصورة بالمحدود، فإذا قال اللّه بأنّ طبیعته غیر المحدودة تتألف من ثلاثة أشخاص، لزم قبول ذلک، إذ لا مجال للمناقشة فی ذلک، وإن لم یکن هناک أی مقیاس لمعرفة معناه، بل یکفی فی ذلک ورود الوحی على أنّ هؤلاء الثلاثة یؤلِّفون بصورة جماعیة الطبیعة الإلهیة اللامحدودة!! وانّهم رغم تشخص کل واحد منهم وتمیّزه عن الآخرین لیس بمنفصل ولا متمیز عن الآخر رغم انّه لیست بینهم أیة شرکة فی الالوهیة، بل کل واحد منهم إله مستقل بذاته ومالک بانفراده لکامل الالوهیة!!!(1).
فالأب مالک ـ بانفراده ـ لتمام الالوهیة وکاملها متحقق فیه دون نقصان.
والابن کذلک مالک ـ بانفراده ـ لتمام الالوهیة وکامل الالوهیة متحقق فیه دون نقصان.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . انظر إلى التناقض الواضح بین تشخص کل واحد من جانب وعدم تمیز کل واحد عن الآخر، ولأجل ذلک جعلوا منطقة التثلیث منطقة محرمة على العقل.
_____________________________________ [الصفحة 304] _____________________________________
وروح القدس هو أیضاً مالک بانفراده ـ لکامل الالوهیة وانّ الالوهیة بتمامها متحققة فیه دون نقصان.
هذه العبارات وما یشابهها من التوجیهات للتثلیث المسیحی توحی بأنّهم یعتبرون مسألة التثلیث فوق الاستدلال والبرهنة العقلیة، وأنّها بالتالیمنطقة محرمةعلى العقل،فلا یمکن الاستدلال الصحیح علیها،بل مستند ذلک هوالوحی والنقل لیس غیر.
ولهذا ینبغی ـ قبل أی شیء ـ أن نبحث أوّلاً فی الأدلة النقلیة، وهم وان کانوا یستندون فی هذه الفکرة إلى النقل ولکن لیس للتثلیث أی مستند نقلی معتبر .
وأمّا الأناجیل الأربعة الفعلیة فلیست بمعتبرة إطلاقاً، إذ لا تشبه الوحی بل تدل طریقة کتابتها على أنّها من بقایا أدب القرن الأوّل والثانی المیلادیین، وهذا یعنی عدم کونها متعلقة بفجر المسیحیة حقیقة.
ثمّ إنّ عالم ما وراء الطبیعة وإن کان لا یمکن أن یقاس بالأُمور المادیة المألوفة ولکنّه لیس بمعنى أنّ ذلک العالم فوضى وخلو من المعاییر،بل لکل مقیاسه الخاص،والدلیل على ذلک انّ هناک سلسلة من القضایا العقلیة التی لا تقبل النقاش والجدل تحکم فی عالم المادة، وعالم ما وراء المادة سواء کمسألة احتیاج کل معلول إلى علة وکمسألة(امتناع اجتماع النقیضین).
إلى غیر ذلک من القواعد العامة الحاکمة فی عالمی المادة والمعنى.
وعلى ذلک إذا أبطلت البراهین العقلیة مسألة التثلیث لم یعد مجال للاستناد بالأدلة النقلیة، بل یتعین أن نعترف ببطلان النصوص هذه، ونذعن بأنّها لیست من کلام اللّه ووحیه إذ کیف یجوز للوحی أن یخالف ما هو مسلم عقلاً.
إذا عرفت هذا، حان الوقت لأن نعرف حقیقة الأمر من وجهة نظر العقل.
_____________________________________ [الصفحة 305] _____________________________________
هل یمکن واحد وثلاثة فی آن واحد؟
یتعین علینا أن نعرف أوّلاً ما هو المقصود من التثلیث الذی ربما یعبرون عن الموصوف به بـ الثالوث المقدس وهم یقولون فی تفسیر فکرة التثلیث :
إنّ الطبیعة الإلهیة تتألف من ثلاثة أقانیم متساویة الجوهر أی الأب والابن وروح القدس.
والأب هو خالق جمیع الکائنات بواسطة الابن، والابن هو الفادی، وروح القدس هو المطهر وهذه الأقانیم الثلاثة مع ذلک ذات رتبة واحدة، وعمل واحد(1).
والأقنوم ـ لغة ـ یعنی: الأصل، والشخص، فإذن یصرح المسیحیون بأنّ هذه الآلهة الثلاثة ذات رتبة واحدة، وعمل واحد وإرادة واحدة، بموجب هذا النقل.
ونحن نتساءل ما هو مقصودکم من الآلهة الثلاثة؟ والواقع إنّ للتثلیث صورتین لا یناسب أی واحد منهما المقام الربوبی:
1. أن یکون لکل واحد من هذه الآلهة الثلاثة وجود مستقل عن الآخر بحیث یظهر کل واحد منها فی تشخص ووجود خاص، فکما أنّ لکل فرد من أفراد البشر وجوداً خاصاً، کذلک یکون لکل واحد من هذه الأقانیم، أصل مستقل، وشخصیة خاصة، متمیزة عما سواها.
غیر أنّ هذا هو نظر الشرک الجاهلی الذی کان سائداً فی عصر الجاهلیة فی
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . قاموس الکتاب المقدس.
_____________________________________ [الصفحة 306] _____________________________________
صورة تعدد الآلهة، وقد تجلّـى فی النصرانیة فی صورة التثلیث !
ولکن دلائل التوحید قد أبطلت أی نوع من أنواع الشرک من الثنویة والتثلیث فی المقام الالوهی والربوبی.
وقد وافتک تلک الأدلة حول التوحید فی الذات وسیأتی ما یدل على التوحید فی الربوبیة فی الفصل الثامن،
والعجیب ـ حقاً ـ أنّ مخترعی هذه البدعة من رجال الکنیسة یصرون ـ بشدة ـ على أن یوفقوا بین هذا التثلیث
و التوحید بالقول بأنّ الإله فی کونه ثلاثة، واحد، وفی کونه واحداً ثلاثة، وهل هذا إلاّ تناقض فاضح؟! إذ لا یساوی الواحد مع الثلاثة فی منطق أی بشر !! ولیس لهذا التأویل من سبب غیر أنّـهم لما واجهوا ـ من جانب ـ أدلة التوحید اضطروا إلى الإذعان بوحدانیة اللّه تعالى.
ولکنهم من جانب آخر لما خضعوا للعقیدة الموروثة (أی عقیدة التثلیث ) التی ترسخت فی قلوبهم أیما رسوخ، حتى أنّهم أصبحوا غیر قادرین من التخلص منها، والتملص من حبائلها، التجأوا إلى الجمع بین التوحید و التثلیث وقالوا: إنّ الإله واحد فی ثلاثة وثلاثة فی واحد!!
أقانیم ثلاثة أم شرکة مساهمة؟!
هناک تفسیر آخر للتثلیث وهو: أنّ یقال انّ الأقانیم الثلاثة لیست بذات لکل منها وجود مستقل، بل هی بمجموعها تؤلف ذات إله الکون الواحد، فلا یکون أی واحد من هذه الأجزاء والأقانیم بإله بمفرده، بل الإله هو المرکب من هذه الأجزاء الثلاثة.
_____________________________________ [الصفحة 307] _____________________________________
ویرد على هذا النوع من التفسیر أنّ معنى هذه المقالة هو کون اللّه مرکباً محتاجاً فی تحقّقه وتشخصه إلى أجزاء ذاته
(أی هذه الأقانیم الثلاثة) بحیث ما لم تجتمع لم یتحقق وجود اللّه.
وفی هذه الصورة سیواجه أرباب الکنیسة والنصارى إشکالات أکثر وأکبر من ذی قبل:
ألف. أن یکون إله الکون محتاجاً فی تحقّق وجوده إلى الغیر (وهو کل واحد من هذه الأقانیم باعتبار أنّ الجزء غیر الکل) فی حین أنّ المحتاج إلى الغیر لا یمکن أن یکون إلهاً واجب الوجود،بل یکون حینئذ ممکناً مخلوقاً محتاجاً إلى من یرفع حاجته کغیره من الممکنات.
بل یلزم کون الأجزاء الممکنة مخلوقة للّه سبحانه من جانب ویلزم أن یکون الإله المتکون منها مخلوقاً لها من جانب آخر .
ب. إمّا أن تکون هذه الأجزاء ممکنة الوجود أو واجبة، فعلى الأوّل یلزم احتیاج الواجب (أعنی: الکل) إلى الأجزاء الممکنة، وعلى الثانی یلزم تعدد واجب الوجود، وهو محض الشرک، وعندئد فلا مناص من أن یکون ذلک الإله الخالق بسیطاً غیر مرکب من أجزاء وأقانیم.
ج. انّ القول: بأنّ فی الطبیعة الإلهیة أشخاصاً ثلاثة، وأنّ کل واحد منها یملک تمام الالوهیة، معناه أن یکون لکل واحد من هذه الثلاثة وجوداً مستقلاً مع أنّهم یقولون: إنّ طبیعة الثالوث لا تقبل التجزئة.
وبتعبیر آخر، إنّ بین هذین الکلامین، أی استقلال کل اقنوم بالطبیعة الالوهیة وعدم قبول طبیعة الثالوث للتجزئة، تناقضاً صریحاً.
_____________________________________ [الصفحة 308] _____________________________________
د. إذا کانت شخصیة الابن إلهاً (أی أحد الآلهة) فلماذا کان یعبد الابن أباه؟ وهل یعقل أن یعبد إله إلهاً آخر مساویاً له، وأن یمد إلیه ید الحاجة، أو یخضع أحدهما للآخر ویخفض له جناح التذلل والعبودیة وکلاهما إلهان کاملا الالوهیة؟!
هذا حق المقال حول التثلیث ومن العجب أنّ أحد القسیسین القدامى وهو أوغسطین قال: أؤمن بالتثلیث لأنّه محال.(1)

ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . راجع مقارنة الأدیان المسیحیة للکاتب أحمد شلبی.
_____________________________________ [الصفحة 309] _____________________________________
الفصل السادس [309-310] القرآن ومعبودیة المسیح [300-302]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma