النظریة الثانیة [86-91]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
إشکالات هذه النظریة [91-102]عامة البشر . [81-85]
یحمل بعض المفسرین (وعلى رأسهم: الرمانی وأبو مسلم وفریق آخر) هذه الآیة على: التوحید الفطری، ویفسرونها بهذا التفسیر.
فهم یقولون: یحط الإنسان قدمیه فی هذه الدنیا، وهو ینطوی على سلسلة من الغرائز والاستعدادات، وسلسلة من الحاجات الطبیعیة والفطریة إلى جانب سلسلة من المدرکات العقلیة.
فهو [أی الإنسان ] عند نزوله من صلب أبیه إلى رحم أُمّه، وعند انعقاد نطفته لا یکون أکثر من ذرة، ولکن هذه الذرة تنطوی على استعدادات وقابلیات جدیرة بالاهتمام .. ومن جملة تلکم الاستعدادات هی قابلیته لمعرفة اللّه التی تنمو وتتکامل مع تکامل هذه الذرة وجنباً إلى جنب مع تکامل سائر استعداداته الأُخرى حتى تنتقل فی الم آل من مرحلة القوة إلى مرحلة الفعلیة والکمال.
وبعبارة أُخرى، فإنّ الإنسان یولد وقد أُودعت فی کیانه غریزة معرفة اللّه والتوجه إلى ما وراء الطبیعة بشکل سر إلهی مزروع فی أعماق البشر بحیث لو لم تنله ید خارجیة لنمت غریزة المیل إلى معرفة اللّه فی فؤاد الإنسان ولما انحرف عن جادة التوحید مطلقاً إلى درجة أنّ علماء النفس اعتبروا الشعور الدینی هذا أحد أبعاد الروح الإنسانیة ووصفوه بمثل هذا البعد، إذ قال أحدهم فی تعریف الإنسان بأنّه حیوان میتافیزیقی.
وفی الحقیقة أنّ هذا الشعور الدینی الغریزی رسم فی ضمیر الإنسان بقلم التکوین على غرار بقیة الغرائز والأحاسیس الموجودة فی الإنسان وهی [ أی غریزة الشعور الدینی ] تنمو وتنضج مع نمو الإنسان وتکامله.
_____________________________________ [الصفحة 87] _____________________________________
وبعبارة ـ ثالثة ـ : فإنّ اللّه أخرج أبناء الإنسان من ظهور آبائهم إلى بطون أُمهاتهم وقد جعل تکوینهم بنحو خاص بحیث یعرفون ربهم دائماً، ویحسّون باحتیاجهم إلیه تعالى.
وعندما یحس الإنسان باحتیاجه إلى اللّه، ویجد نفسه غارقاً فی التوجه إلیه سبحانه فساعتئذ یکون وکأنّه یقال له: ألست بربکم؟ فیقول البشر: بلى أنت ربی.(1)
خلاصة القول: إنّ الإنسان خلق مؤمناً باللّه بمقتضى الفطرة الإلهیة السلیمة الموهوبة له، وسیظل بمعونة العقل الهادی إلى اللّه یبحث عن اللّه ویطلبه ویسأل عنه، ویظل یواصل هذه المسیرة ما لم یعقه عائق ولم یمنعه مانع.
وعلى هذا فإنّ المیثاق المذکور فی الآیة لم یکن میثاقاً تشریعیاً وعلى نحو الخطاب والجواب اللفظیین، بل هو میثاق تکوینی فطری، وجوابه ـ کذلک ـ تکوینی فطری.
على أنّ مثل هذا النوع من الحوار والاستیثاق شائع جداً فی القرآن الکریم وکذا فی محاوراتنا الیومیة.
ففی المثال یقال: إنّ اللّه أعطانا البصر وأخذ منّا المیثاق بأن لا نسقط فی البئر .
أو کما یقال: إنّ اللّه أعطانا العقل وأخذ منّا العهد بأن نمیّز به الحق عن
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . راجع لمعرفة هذه النظریة: المیزان: 8/333 طبع طهران، وتفسیر الفخر الرازی: 4/322 ومجمع البیان: 4/498، طبع صیدا، وفی ظلال القرآن: 9/58 ـ 59، وقد جعل الأخیر وقت استقرار الخلیة البشریة فی رحم الأُمّ موعد ذلک المیثاق.
_____________________________________ [الصفحة 88] _____________________________________
الباطل.
ویقول القرآن الکریم حول السماوات والأرض:
(فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِیَا طَوْعاً أَوْ کَرْهَاً قَالَتَا أَتَیْنَا طَائِعِینَ).(1)
وهذا النوع من الکلام وتوجیه الخطاب إلى السماوات والأرض الفاقدة للشعوروالإدراک والعقل لیس إلاّ عن طریق التکوین.. فیکون معنى هذه الآیة هو أنّ السماء والأرض خاضعتین ـ تکوینیاً ـ لمشیئة اللّه وإرادته، وأنّهما تجریان وفق سننه التی شاءها لهما(2).
ونقل من بعض بلغاء العرب وخطبائهم مقال من هذا القبیل إذ قال:
سل الأرض من شق أنهارک وغرس أشجارک، وأینع ثمارک، فإن لم تجبک حواراً أجابتک اعتباراً.(3)
ولهذا الرأی شاهد قرآنی وحدیثی:
أمّا الشاهد القرآنی فهو قوله سبحانه : (فطرة اللّه التی فطر الناس) الذی یمکن أن یکون مبیناً لهذه الآیة .
وغایة التفاوت ما بین الآیتین هی: أنّ آیة (فطرة اللّه) تقول بإجمال: أنّ الشعور الدینی عجن بفطرة البشر وخلقته من دون أن تعین الآیة زماناً، فی حین أنّ الآیة ـ المبحوثة هنا ـ تتحدث عن تحقّق هذا السر الإلهی فی کیان الإنسان فی بدء تکوینه وظهوره، أی أنّ الإنسان کان ینطوی فطریاً وتکوینیاً على هذا السر الإلهی
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . فصلت: 11.
2 . سیوافیک حق المقال فی الآیة فی فصل سریان العلم فی الموجودات.
3 . مجمع البیان: 4/498 طبع صیدا.
_____________________________________ [الصفحة 89] _____________________________________
منذ أن کان موجوداً ذریاً صغیراً فی رحم أُمّه .. وکأنّ أوّل خلیة إنسانیة تستقر فی رحم الأُم تنطوی على هذه الودیعة الإلهیة وهی غریزة المیل والانجذاب إلى اللّه.
وإذا أردنا أن نتحدث عن ذلک بلغة العلوم الطبیعیة لزم أن نقول:
إنّ جینات الخلیة لدى کل إنسان تحمل بین جوانحها هذه الخاصیة الروحیة، وإنّ هذه الخاصیة تنمو وتتکامل مع تکامل الخلیة ونموها.
هذا مضافاً إلى أنّ هذه النظریة تنطبق مع ما جاء فی حدیث معتبر السند من أنّ عبد اللّه بن سنان یقول سألت أبا عبد اللّه ـ الصادق ـ ـ علیه السَّلام ـ ، عمّـا هو المقصود من الفطرة؟ فقال:
هی الإسلام فطرهم اللّه حین أخذ میثاقهم على التوحید ، قال: ألست بربکم و فیهالمؤمن والکافر.(1)
وإنّ للشریف الرضی کلاماً لعله یشیر إلى أنّه اختار هذه النظریة إذ قال:
إنّه تعالى لما خلقهم ورکبهم ترکیباً یدل على معرفته ویشهد بقدرته، ووجوب عبادته، وأراهم العبر والآیات، والدلائل فی أنفسهم وفی غیرهم کان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم وکانوا فی مشاهدة ذلک ومعرفته ـ على الوجه الذی أراده اللّه تعالى وتعذر امتناعهم منه وانفکاکهم من دلالته ـ بمنزلة المقر المعترف وان لم یکن هناک إشهاد ولا اعتراف على الحقیقة، ویجری ذلک مجرى قوله تعالى:
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِیَ دُخانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأرْضِ ائْتِیَا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً قَالَتَا أَتَیْنَا طَائِعِینَ) (2)
وإن لم یکن منه تعالى قول على الحقیقة ولا منهم جواب، ومثله
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . تفسیر البرهان: 3/47 فی تفسیر آیة (فِطْرَة اللّه) الحدیث 7.
2 . فصلت: 11.
_____________________________________ [الصفحة 90] _____________________________________
قوله تعالى: (شَاهِدِینَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْکُفْرِ)(1) ونحن نعلم أنّ الکفار لم یعترفوا بالکفر بألسنتهم وإنّما لما ظهر منهم ظهوراً لا یتمکنون من دفعه کانوا بمنزلة المعترفین به ومثل هذا قولهم:
جوارحی تشهد بنعمتک وحالی معترفة بإحسانک.(2)
ثم إنّ سیدنا الحجة شرف الدین ممن ذهب إلى هذا المذهب إذ قال رحمه اللّه:
واذکر یا محمد للناس ما قد وثقوا اللّه علیه بلسان حالهم التکوینی من الإیمان باللّه والشهادة له بالربوبیة وذلک
(إذ أخذ ربّک) أی حیث أخذ ربک جل سلطانه (من بنی آدم) أی (من ظهورهم ذرّیتهم) فأخرجها من أصلاب آبائهم نطفاً، فجعلها فی قرار مکین من أرحام أُمهاتهم ثم جعل النطف علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ثم کسا العظام لحماً ثم أنشأ کلاً منهم خلقاً سویاً قویاً فی أحسن تقویم سمیعاً بصیراً ناطقاً عاقلاً مفکّراً مدبّراً عالماً عاملاً کاملاً ذا حواس ومشاعر وأعضاء أدهشت الحکماء، وذا مواهب عظیمة وبصائر نیرة تمیّز بین الصحیح والفاسد والحسن والقبیح وتفرق بین الحق والباطل فیدرک بها آلاء اللّه فی ملکوته وآیات صنعه جل وعلا فی خلق السماوات والأرض واختلاف اللیل والنهار ... وبذلک وجب أن یکونوا على بیّنة قاطعة بربوبیته، مانعة عن الجحود بوحدانیته فکأنّه تبارک وتعالى إذ خلقهم على هذه الکیفیة قررهم
(وأشهدهم على أنفسهم)فقال لهم: (ألست بربکم)
وکأنّهم (قالوا بلى شهدنا) على أنفسنا لک بالربوبیة .. نزولاً على ما قد حکمت به عقولنا وجزمت به بصائرنا حیث ظهر
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . التوبة: 17.
2 . الأمالی: 1/30
_____________________________________ [الصفحة 91] _____________________________________
لدیها أمرک ... فلا إله إلاّ أنت خلقتنا من تراب ثم أخرجتنا من الأصلاب فلک الحمد إقراراً بربوبیتک ...
ثم یقول: هذا کلّه من مرامی الآیة الکریمة، وإنّما جاءت على سبیل التمثیل والتصویر تقریباً للأذهان إلى الإیمان وتفنّناً فی البیان والبرهان، وذلک ممّـا تعلوا به البلاغة فتبلغ حد الإعجاز .. ألا ترى کیف جعل اللّه نفسه فی هذه الآیة بمنزلة المشهد لهم، على أنفسهم وجعلهم بسبب مشاهدتهم تلک الآیات وظهورها فی أنفسهم بمنزلة المعترف الشاهد وإن لم یکن هناک شهادة وإشهاد .
وباب التمثیل واسع فی کلام العرب ولا سیما فی الکتاب والسنّة.(1)
إشکالات هذه النظریة [91-102]عامة البشر . [81-85]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma