التوحید الاستدلالی: البرهان الأوّل [129-138]

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
مفاهیم القرآن
التوحید الاستدلالی: البرهان الثانی [139-151]التوحید الاستدلالی [124-128]
برهان الفقر والإمکان
(یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّهِ وَاللّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ * إِنْ یَشَأْ یُذْهِبْکُمْ وَیَأْتِ بِخَلْق جَدِید * وَمَا ذَلِکَ عَلَى اللّهِ بِعَزِیز)(1).(2)
قبل الورود فی توضیح الآیات التی وردت لإثبات وجوده سبحانه نأت بنکتة وهی: أنّه قد سبق منا ـ آنفاً ـ أنّ البراهین الواردة فی القرآن حسب النوع تناهز عشرة براهین أو أکثر، ولسنا مدّعین أنّ هذه الآیات صریحة فی تلک البراهین أو منطبقة علیها انطباقاً تاماً حسب العناوین التی نأتی بها فی أوّل البحث، وإنّما هدفنا هو طرح الأدلّة التی تعرّض لها القرآن واستدلّ بها لإثبات الصانع، سواء کانت هذه الأدلّة الواردة فی القرآن منطبقة مع الأدلّة والبراهین السالفة الذکر أم لا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . فاطر: 15 ـ 17.
2 . یصف القرآن الکریم (اللّه تعالى) فی الآیة الأُولى من الآیات الثلاث بأنّه الغنی الحمید، وقد جاء فی الآیتین التالیتین دلیل ذلک: 1. أمّا أنّ اللّه غنی، فلأنّه یمکنه أن یعدمنا لنعلم أنّه لا یحتاج إلینا، وأنّه لو شاء لأتى بخلق جدید، وهذا مفاد (الآیة 16). 2. وأمّا أنّه تعالى حمید، فلأنّه قادر على ذلک وهذا هو مفاد (الآیة 17).
_____________________________________ [الصفحة 130] _____________________________________
وصفوة القول: إنّ ما نبغیه هنا هو التتلمذ على القرآن واتّخاذه إماماً ومعلماً لنا فی هذا المجال لا ما یقوله الحکماء والفلاسفة والعلماء نعم لو طابق شیء من کلامهم مع ما ذهب إلیه القرآن واستدل به أشرنا إلیه، وقلنا انّ هذا الاستدلال یشیر إلى دلیل النظم أو الإمکان أو ...
وفی کل ذلک نستعین اللّه على فهم مراد کتابه ومفاهیمه، وهو ولی التوفیق.
لا ریب أنّ فقر الشیء دلیل قاطع على احتیاجه إلى غنی قوی یزیل حاجته، ویمسح عن وجهه غبار الاحتیاج والافتقار، فما لم تمتد ید من الخارج إلى ذلک الشیء لم یرتفع فقره، ولم یندحر احتیاجه.
تلک حقیقة لا یمکن أن یجادل أو یشک فی أمرها أحد.
من هنا لا بد أن یکون لهذا الکون ـ بأسره ـ من أفاض علیه الوجود .
فالظواهر الکونیة من الذرة إلى المجرة مقرونة بـ الفقر الذاتی .. فجمیعها مسبوقة بالعدم، ولهذا فهی تحتاج فی تحقّقها ووجودها إلى غنی یطرد عنها غبار العدم، ویلبسها حلّة الوجود .
افترض ـ للمثال ـ أیّة ظاهرة شئت تجد أنّها قبل أن ترتدی حلّة الوجود کانت تختفی خلف حجاب العدم وتنغمس فی ظلماته، ثم استطاعت ـ فی ظل قدرة فعّالة ـ أن تمزّق حجب العدم ، وتشق طریقها إلى عالم الوجود .
ومن المعلوم أنّه لو لم یکن ثمت غنی باسم العلة لما قدر لهذه الظاهرة المعـدومـة ـ أصلاً ـ أن تدخل إلى ساحة الوجود، ذلک لأنّ نسبة أی شیء ممکن یتصوّره الذهن، إلى الوجود والعدم سواء، بمعنى أنّه کما لا یترجح وجوده ذاتیاً کذلک لا یترجح عدمه ذاتیاً أیضاً.
_____________________________________ [الصفحة 131] _____________________________________
ویسمّى هذا التساوی فی منطق العلماء بـ الإمکان.
ولکی ندرک بنحو أحسن معنى هذا التساوی، ومعنى الإمکان المذکور لابد أن نشیر إلى مثال مقنع فی هذا المقام.
إنّ للفلاسفة فی تصویر الإمکان بیاناً نشیر إلیه فیما یأتی:
فهم یقولون:
لنفترض دائرة، ولنضع ما نتصوّره فی ذهننا من الأشیاء فی وسط هذه الدائرة تماماً.
ولنجعل على طرف من الدائرة: الوجود ، ونجعل فی مقابله العدم.
ثم یقولون:
إنّ الشیء الممکن هو کهذا الشیء المتصور الموضوع فی وسط الدائرة لا یقتضی بذاته أی واحد من الحالتین لا الوجود ولا العدم. بل هو بالنسبة إلیهما سواء .. بمعنى أنّ الوجود أو العدم لا ینبع من ذات ذلک الشیء .. وإلاّ لکان ذلک الشیء ممتنع الوجود ان اقتضى العدم ذاتیاً، أو واجب الوجود ان اقتضى الوجود ذاتیاً.
ولأجل ذلک فإنّ کل الظواهر التی کانت معدومة ـ ذات یوم ـ ثم لبست حلة الوجود فی یوم آخر ما هی ـ فی الحقیقة ـ إلاّ سلسلة من المفاهیم المجردة عن الوجود أو العدم کالنقطة الموجودة فی وسط الدائرة بین کفتی الوجود و العدم التی نسبتها إلى کل من الحالتین سواء .. ولو حدث أن خرجت هذه المفاهیم المجردة عن وسط الدائرة ومالت إلى إحدى الحالتین الوجود أو العدم فإنّ ذلک الخروج لم یتحقّق بالضرورة إلاّ بسبب علة ساقت تلکم الظاهرة إلى الحالة التی
_____________________________________ [الصفحة 132] _____________________________________
تلبست بها.
إنّ العلة الموجدة هی التی جرّت الظاهرة المذکورة إلى ناحیة الوجود.
کما أنّ علة العدم هی التی جرّتها إلى ناحیة العدم .
بناء على هذا فإنّ الوجود أوالعدم لم یکن ولن یکون عیناً ولا جزءاً أصیلاً فی ذات الشیء المجرد عن علة الوجود أو العدم، بل جاذبیة العامل الخارجی هی التی ساقت ذلکم الشیء إلى إحدى الناحیتین ..
فإن کان هناک موجد غنی، جرّ الظاهرة قهراً إلى ناحیة الوجود .
وأمّا لو واجهت الظاهرة فقدان علة الوجود انجذبت قهراً إلى جانب العدم.
على أنّ هناک فرقاً بین مسألة وجود الظاهرة و عدم وجودها.
فلظهور ظاهرة ما ووجودها لابد من حضور علة موجدة ضمن ظروف وشروط خاصة لتعطی الوجود لتلک الظاهرة.
بینما لا یحتاج فقدان الظاهرة إلى أی نوع من الفعل والانفعال، بل یکفی لفقدان أیة ظاهرة فقدان علتها فقط.
إنّ الظواهر الحاضرة فعلاً، والتی کانت قبل هذا معدومة، ومختبئة خلف حجب العدم قروناً متمادیة، لم یکن فقدانها ـ فی تلک الأزمنة ـ لأجل أنّها کانت ترفض الوجود ذاتیاً .. إذ لو کان کذلک لامتنع وجودها بالمرة وإلى الأبد، بل انّ فقدانها فی تلک الأوقات إنّما هو لفقدان مقتضی وجودها، ومجرد فقدان هذا المقتضی کان کافیاً لأن تنجذب الظواهر الکونیة المذکورة بسببه إلى ناحیة العدم وأن لا تتجلّـى على مسرح الوجود.
_____________________________________ [الصفحة 133] _____________________________________
ثم إنّ قولنا: بأنّ الظواهر تنجذب إلى ناحیة الوجود على أثر وجود عللها لا یعنی أنّ هذه الظواهر بعد وجودها بسبب العلة تتخلص نهائیاً من صفة الفقر الذاتی ومن خصلة الإمکان الذاتی فتنقلب إلى موجودات غنیة، لا تحتاج إلى علة.
لا نقول ذلک، لأنّه لا یمکن أن ینقلب ما هو فقیر بالذات إلى غنی بالذات(1) إنّما المقصود هو أنّ الظاهرة تلبس حلة الوجود مع کونها متصفة بالفقر والإمکان الذاتیین دون أن تفقد هذه الصفة حتى بعد ارتدائها حلة الوجود.
ولأجل هذا الإمکان والفقر الذاتیین یکون الاحتیاج إلى العلة احتیاجاً أبدیاً وحالة دائمیة لا تفارق طبیعة الأشیاء، بحیث لو انقطع الارتباط بین العلة والمعلول لحظة واحدة لم یبق للظاهرة أی وجود .. بل عادت خبراً بعد أثر کما یقول المثل السائر .
ولتوضیح هذه الحقیقة نشیر إلى مثالین:
1. لنتصور قصراً فخماً غارقاً فی أضواء المصابیح المتعدّدة المتنوعة.
فعند ما یرى الشخص السطحی التفکیر هذا المشهد یظن أنّ هذا النور نابع من القصر نفسه.. أی انّ طبیعة المصابیح مضیئة بنفسها. بینما لو تفحص هذا جیداً لرأى أنّ هذا النور وهذه الأضواء تتعلّق بـ مولد الکهرباء بحیث لو انقطع الارتباط بین المصابیح والمولد الکهربائی لحظة واحدة لغرق القصر بأسره فی
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . نعم غایة ما یحصل أنّ الظاهرة بعد انضمام العلّة إلیها تصبح غنیة بالعرض ـ حسب المصطلح الفلسفی ـ وهو یجتمع مع الفقر الذاتی ولا یناقضه ولا یعارضه.
_____________________________________ [الصفحة 134] _____________________________________
الظلام، ولهذا فلابد أن یستمر المولد الکهربائی فی إمداد القصر بالطاقة والتیار الکهربائی حتى یبقى ذلک القصر مضاء سابحاً فی الأنوار.
2. لنتصوّر أرضاً مملحة تحت أشعة الشمس، ونحن نرید أن تبقى رطبة .. ففی هذه الصورة لابد أن تتوالى قطرات الماء علیها فتسقط القطرة ثم تلیها القطرة الثانیة قبل أن تجف الأُولى.. وهکذا حتى نحافظ على رطوبتها ونحول دون جفافها.. إذ فی غیر هذه الصورة تجف الأرض تحت أشعة الشمس.
هذان مثالان یوضحان لنا أنّ الفقیر ذاتیاً لابد من ارتباطه بعلة وجوده على الدوام وبصورة مستمرة لیحافظ على وجوده.. وذلک لأنّه لیس من طبیعته: الوجود ، وما لیس الوجود من طبیعته افتقر إلى علة موجدة واستمر افتقاره هذا ما دام الفقر الذاتی إلى الوجود ملازماً له، وحاکماً فیه.
من البیان السابق نستنتج الأُمور التالیة:
أوّلاً: أنّ احتیاج الظواهر إلى العلة هو مقتضى ذاتی لتلک الظواهر، وأمر ملازم لها، بحیث لا ینفک هذا الاحتیاج عنها لا فی حال تلبسها بالعدم، ولا فی حال اتصافها بالوجود.
ثانیاً: أنّ حالة الشیء المحتاج الممکن لن تتغیّر ولن تتبدّل ما لم یساعده الغنی فی ذلک.
ثالثاً:أنّ جمیع البشر،وجمیع الظواهر الکونیة فقیرة ومحتاجةـ بطبیعتهاـ وأنّها کانت تبقى محکومة بالعدم مالم یتوفرعلتها.. ولو کان الوجود عیناً أو جزءاً من ذاتها وطبیعتها لما عدمت ولا لحظة واحدة. ولو أنّ غنیاً بذاته غیر مفتقر
فی وجوده إلى غیره، لم یمد إلیها ید العون ولم یفض علیها الوجود لبقیت خلف حجب العدم إلى الأبد .
_____________________________________ [الصفحة 135] _____________________________________
وحیث إنّ الفقر والاحتیاج من لوازم ذوات تلک الأشیاء ـ لأجل ذلک ـ یجب أن تبقى محکومة بالفقر فی کل الحالات، حتى بعد وجودها.
بناء على ذلک، ومن ملاحظة حالة الموجودات الکونیة، وملاحظة فقرها واحتیاجها الذاتی وکونها غیر قادرة على تغییر حالتها ووضعها وانتقالها من عالم العدم إلى صفحة الوجود دون الاعتماد على رکن أصیل غنی.
أقول: من ملاحظة کل هذه الأُمور یمکن الاستدلال على وجود خالق غنی أصیل هو الذی منح الوجود لهذه الأشیاء، وهو بالتالی واهب الکون والمکان والوجود والزمان لجمیع الممکنات کما ویمکن ـ بهذا الدلیل ـ إثبات احتیاج الممکنات ـ بجملتها ـ إلیه فی کل الأزمنة واللحظات وفی جمیع الأحوال والأوقات، ابتداء من أول عمرها إلى آخره، احتیاجاً لازماً لا ینقطع، وافتقاراً دائماً لا یزول ولا یرتفع.
هذا هو ما صرح به القرآن الکریم فی نداء یشمل جمیع أبناء البشر إذ قال:
(یَا أَیُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّهِ وَاللّهُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ)(1).
ففی هذه الآیة رکز القرآن الکریم على موضوع الفقر الذاتی فی الإنسان واحتیاجه إلى العلة الموجدة أی اللّه تعالى، إذ قال: (أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّهِ)وصرح بأنّ الموجود الوحید الذی یمکنه رفع هذا الاحتیاج والفقر الإنسانی هو اللّه تعالى شأنه.
فهو الوحید الذی یقدر على مساعدة البشر، ولیس سواه بقادر على ذلک
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . فاطر: 15.
_____________________________________ [الصفحة 136] _____________________________________
لاتصاف ما سواه بصفة الإمکان.
وقد بیَّنت الآیة هذه الحقیقة بقولها: (إِلَى اللّهِ وَاللّهُ هُو [أی وحده] الْغَنِیُّ).
على أنّ القرآن الکریم لا یعتبر الإنسان محتاجاً وفقیراً إلى اللّه قبل الخلق فحسب، بل هو محکوم لهذا الفقر والحاجة حتى بعد أن یرتدی حلّة الوجود ..
وهذا هو ما تفیده جملة : (أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّهِ)
فهی کما نلاحظ لم یؤخذ فیها قید الزمان الماضی فلم یقل مثلاً: کنتم الفقراء إلى اللّه، بل بإطلاقها وعدم تقیدها بالزمان تشمل الماضی والحاضر والمستقبل، وهذا یعنی بکل وضوح أنّ الإنسان محتاج إلى اللّه سبحانه، وجوداً وبقاءً.
وینقل الحکماء والفلاسفة المسلمون فی هذا الصدد حدیثاً عن الرسول الأعظم ـ صلَّى الله علیه وآله وسلَّم ـ یقول فیه:
الفقر سواد الوجه فی الدارین(1).
ویقال: إنّ مراد النبی الأکرم ـ صلَّى الله علیه وآله وسلَّم ـ من هذه العبارة هو: الإشارة إلى أنّ حاجة الإنسان إلى اللّه أمر ملازم له فی الدنیا والآخرة.
وقد رکز القرآن الکریم فی مواضع متعددة على صفة الغنى فی الذات الإلهیة بحیث یمکن اعتبار ذلک إشارة ضمنیة أو صریحة إلى هذا البرهان، نعنی: برهان الفقر والإمکان.
وإلیک فیما یلی بعض الآیات التی وصف اللّه فیها بالغنى:
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . تجد نصَّ هذا الحدیث فی الکتب الفلسفیة والعرفانیة وسفینة البحار: 2/378.
_____________________________________ [الصفحة 137] _____________________________________
(وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى)(1)
وهذا هو موسى الکلیم ـ علیه السَّلام ـ یعتبر نفسه محتاجاً إلى ما وهبه له ربّه وما أنزل وینزل علیه ـ ومن ذلک وجوده ـ إذ یقول:
(رَبِّ إِنِّی لِمَا أَنزَلْتَ إِلَیَّ مِنْ خَیْر فَقِیرٌ)(2).
وقد وصف اللّه ذاته فی تسعة عشر موضعاً(3) آخر بأنّه الغنی إذ یقول ـ على غرار ما مر فی الآیة المبحوثة هنا ـ :
(وَاللّهُ الْغَنْیُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ)(4).
فقر الأشیاء وبرهان الإمکان
إنّ هذه الآیة، أعنی قوله تعالى: (وَاللّهُ الْغَنْیُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ) ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . النجم: 48.
2 . القصص: 24.
3 . نشیر فیما یلی إلى هذه المواضع بذکر السورة والآیة: البقرة: 263 و 267. آل عمران: 97. الأنعام: 133. یونس: 68. إبراهیم: 8. الحج: 64. النمل: 40. النساء: 131. العنکبوت: 6. لقمان: 12 و 26. فاطر: 15. الزمر: 7. محمد: 38. الحدید: 24. الممتحنة: 6. التغابن: 6.
4 . محمد: 38.
_____________________________________ [الصفحة 138] _____________________________________
یمکن أن تکون ناظرة إلى برهان الإمکان(1)، لأنّ الترکیز فی هذه الآیة واقع ـ کما نرى ـ على مسألة الفقر والاحتیاج الکائنین فی أبناء البشر والملازمین للکیان الإنسانی حتى بعد وجوده، ملازمة الظل للشاخص.
إنّ الفقر والاحتیاج عین الإمکان أو ملازم له، لأنّ الممکن یفقد ـ بطبیعته ـ الوجود، والعدم، إذا قیس بـ واجب الوجود و ممتنع الوجود، ولذا فالممکن فی حد ذاته مفتقر فی اتصافه بإحدى الحالتین (أعنی: الوجود والعدم) إلى العلة التی توجده، أو تعدمه.
فعندما نقول: الإنسان ممکن الوجود فکأنّنا نقول: الإنسان فاقد ـ فی مقام التصور ـ للوجود ومحتاج للتلبّس بالوجود والاتصاف به إلى غنی یأتی به ویهب له الوجود .
لهذا یمکن القول بأنّ أساس الاستدلال فی هذه الآیة هو : برهان الإمکان.
ــــــــــــــــــــــــــــ
1 . المقصود من الإمکان فی هذا الفصل هو : الإمکان الماهوی الذی هو صفة الماهیة والمفاهیم الذهنیة، ولیس الإمکان الوجودی الذی له معنى آخر و إجماله هو: تعلّق الموجودات باللّه القائم بنفسه. والحاصل أنّ الإمکان قد یقع صفة للماهیة ومعناه حینئذ تساوی الماهیة بالنسبة إلى الوجود والعدم. وقد یقع صفة لنفس الوجود ولا یصح حینئذ تفسیره بتساوی الوجود والعدم بالنسبة إلیه، إذ لا معنى لتساوی الوجود بالنسبة إلى الوجود، لأنّ ثبوت الشیء لنفسه ضروری، بل معناه عندئذ قیامه بالواجب القیوم واحتیاجه إلیه: (حدوثاً وبقاءً).
_____________________________________ [الصفحة 139] _____________________________________
التوحید الاستدلالی: البرهان الثانی [139-151]التوحید الاستدلالی [124-128]
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma