مسائل مهمّة فی إحیاء الموات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
السادس: من الأنفال ما یغنم بغیر إذن الإمام(علیه السلام)

ولما وقع الفراغ بحمد الله من مباحث الأنفال بعد مباحث الخمس، نذکر بعض ما یتعلق بها من المسائل الهامة من کتاب إحیاء الموات فنقول ومنه جلّ ثناؤه نستمد التوفیق والهدایة :

الاُولى : لا إشکال ولا کلام فی أنّ الإحیاء فی اراضی الموات وشبهه یوجب اختصاص الأرض بالمحیی إذا کان بإذن الإمام (الإذن العام لجمیع المسلمین أو الخاصّ على ما مرّ آنفاً) إنّما الکلام فی أنّه یوجب الملکیة أم لا ؟

قال العلاّمة (رحمه الله) فی القواعد فی کتاب إحیاء الموات : «المیت من الأراضی یملک بالإحیاء»، وقال صاحب مفتاح الکرامة فی شرحه: «بإجماع الأمّة ـ إذا خلت عن الموانع ـ کما فی المهذب البارع، وبإجماع المسلمین کما فی التنقیح وعلیه عامة فقهاء الأمصار وإن اختلفوا فی شروطه، والأخبار به کثیرة من طرق الخاصة والعامة کما فی التذکرة... وقد صرّحت عبارات أصحابنا وإجماعاتهم و أخبارهم بأنّها تملک بالإحیاء إذا کان بإذن الإمام»(1).

ومع ذلک حکى صاحب الریاض عن النهایة بأنّ المراد بملکها بالإحیاء ملک منافعها لا رقبتها، فإنّها له (علیه السلام) فله رفع ید المحیی إن اقتضت المصلحة ذلک ثمّ قال: وهو کماترى وإن اشعرت به عبارة الماتن (أی المحقّق) أخیراً کالدروس حیث عبّر عن الملکیة بالأحقیة والأولویة(2).

ویظهر ذلک أیضاً من بعض کلمات الشیخ (رحمه الله) فی المبسوط حیث قال فی کتاب الجهاد بعد ذکر الأراضی المفتوحة عنوة : «فأمّا الموات فإنّها لا تغنم وهی للإمام خاصة، فإن أحیاها أحد من المسلمین کان أولى بالتصرف فیها ویکون للإمام طسقه»(3).

وظاهر هذه العبارة أو صریحها عدم تملکها بالإحیاء وإلاّ لا معنى للطسق.

ومن هنا یظهر التدافع بین کلمات فقهائنا الأعلام، فمن جانب نرى دعوى الإجماع من الشیعة والسنّة على أنّها تصیر ملکاً بالإحیاء، ومن جانب آخر ظاهر بعض هذه العبارت عدم کونها ملکاً للمحیى بل له حقّ الأولویة، فمن هنا وقعت الوسوسة فی هذا الحکم فی عصرنا من بعض وتظهر الثمرة فی جواز رفع یده عنها حتّى لو کانت محیاة من ناحیة الإمام(علیه السلام) أو نائبه أو عودها إلى ملکه (علیه السلام) بعد موات الأرض مرّة أخرى، فتأمل.

والأقوى کونها ملکاً بالإحیاء لا یجوز إزالة ید المالک عنها ما دامت محیاة (وأمّا حکمها بعد زوال الإحیاء فسیأتی إن شاء الله) وذلک لوجهین :

1 ـ أخبار هذا الباب وإن کانت مختلفة جدّاً، ففی بعضها أنّها بعد الإحیاء له الظاهر فی الملکیة فی جمیع أبواب الأملاک (وذلک مثل صحیحة الفضلاء التی قلّ ما یوجد مثلها فی الفقه، فقد رواها سبعة رواة من أکابرهم عن الإمامین الباقر والصادق (علیهما السلام) : «من أحیا أرضاً مواتاً فهی له»(4). وهکذا الروایة السادسة والثامنة.

وفی بعضها الآخر أنّه أحقّ بها (مثل ما رواه محمّد بن مسلم عن أبی جعفر (علیه السلام))(5).

وفی بعضها الآخر قد جمع بین لام الملک وقوله «هم أحق به» فقال : «أیّما قوم أحیوا شیئاً من الأرض أو عملوه فهم أحقّ بها وهی لهم»(6) وکذلک 4 و7 من ذاک الباب.

وطریق الجمع بینها هو أنّ ظاهر اللام فی باب الأموال إذا استعمل فی مورد الإنسان فهو الملکیة لا الاختصاص الأعم، ولذا یمثلون للاختصاص فی العلوم الأدبیة  بـ «الجلّ للفرس»، ویشهد لذلک أنّه لا إشکال فی أنّ من قال إنّ هذا الدار لزید یعدّ إقراراً منه بالملک، وکذا فی باب صیغة الهبة، وهکذا فی الوصایا وغیرها، کلّ ذلک یکون ظاهراً فی الملک وإقراراً صریحاً به بلا ریب.

وأمّا التعبیر بالأحق فهو أمر عام یشمل الملک وغیرها، ولذا یقال أنا أحقّ بمیراث أبی من غیری، ولو کان له ظهور فی غیر الملک فلا ریب أنّ ظهور اللام فی الملکیة أقوى وأظهر فیقدم علیه لا سیّما مع ما ورد فی ذیل روایة عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله(علیه السلام)من أنّ له أجر بیوتها وأنّه لیس علیه إلاّ الزکاة العشر ونصف العشر الظاهر فی الملکیة کما لا یخفى على الخبیر بفنون البیان.

2 ـ السیرة المستمرة فی جمیع الأعصار من معاملة الملک مع ما یحیى من الأراضی والمعادن والآجام وشبهها، ولذا یتعلق به الخمس وتصحّ النواقل التی لا تصحّ إلاّ فی الملک ـ کالبیع والشراء والوقف وغیرها ـ ولم نر من شک فی صحّة وقف أرض أحیاها إنسان للمسجد وإجراء أحکام المسجد علیها، وکثیر من المساجد فی البلاد أو فی القرى والرسانیق من هذا القسم.

وإن شئت قلت : بعض الأنفال تملک بالحیازة ـ کالمعادن الظاهرة ـ وبعضها بالإحیاء، فکما أن الأوّل لا یکون بمجرّد الإباحة وإلاّ لا معنى لتعلق الخمس به، فکذا الثانی لعدم الفرق بینهما من هذه الناحیة.

ویؤید ذلک کلّه فهم المشهور کما عرفت، والمسألة ممّا لا غبار علیها والوسوسة فیها فی عصرنا إنّما نشأت من بعض النزعات الفاسدة کما لا یخفى على أهله.

هذا مضافاً إلى ما هو المعلوم من کون الأراضی المفتوحة عنوة ملکاً لجمیع المسلمین لانتقالها من الکفّار إلیهم مع أنّ کثیراً منها أو جمیعها ملکت بالإحیاء، فلو کانت رقبتها باقیة على ملک الإمام (علیه السلام) لم یملکها المسلمون کما هو ظاهر.

إن قلت : هناک روایات تدلّ على أنّه إذا قام القائم یأخذ من الشیعة طسق أراضی الأنفال ویترکها فی أیدیهم حینما یأخذ رقبة الأرض من غیرهم ویخرجهم منها (مثل روایة مسمع بن عبدالملک)(7) أو تدلّ على وجوب الطسق فی حال عدم بسط الید وأخذها من المؤمنین عند بسط الید (مثل روایة عمر بن یزید)(8) إلى الإمام.

وفی بعضها مثل صحیحة أبی خالد الکابلی التعبیر بوجوب الخراج إلى الإمام عند إحیاء الأرض، وأنّه عند ظهوره (علیه السلام) یقاطع الشیعة على ما فی أیدیهم من الأرض ویخرج الباقین(9) وکلّ ذلک مناف لحصول الملک کما هو ظاهر.

أقول : الظاهر أنّ هذه الروایات معرض عنها عند الأصحاب، لأنّ ظاهر کلماتهم حصول الملک للمحیی من دون حاجة إلى أداء الخراج أو الطسق حتّى أنّ ظاهر کلماتهم عدم الفرق بین المؤمن وغیره، مضافاً إلى السیرة المستمرة فی حال الظهور والغیبة على عدم أداء الخراج أو الطسق من غیر انکار کما لا یخفى.

سلّمنا، لکن یمکن أن یکون الطسق من قبیل الاشتراط فی ضمن اجازة التملک بالإحیاء، والأخذ منهم عند قیام الحجّة من قبیل اشتراط الفسخ، وبالجملة لا یمکن رفع الید عن تلک الأدلة بهذه الظواهر.

الثانیة : هل یعتبر إذن الإمام (علیه السلام) فی الإحیاء أم لا ؟

ظاهر عبارة کثیر من الأعلام کالعلاّمة (رحمه الله) فی التذکرة والمحقّق الثانی (رحمه الله) فی جامع المقاصد وصاحب التنقیح فی التنقیح وغیرهم، أنّه معتبر وأنّ ذلک إجماعی(10).

والظاهر أنّه کذلک بعد إجماعهم على أنّه للإمام (علیه السلام) لأنّ من الضروری عدم جواز التصرف فی ملک إلاّ بإذن أهله، وهذا ممّا لا یحتاج إلى مزید بیان.

إنّما الکلام فی أنّه هل یحتاج إلى إذن خاصّ منهم (علیهم السلام) ؟

الظاهر عدم الحاجة هنا إلى إذن خاصّ، لأنّه ثبت الإذن العام من لدن عصر النبی(صلى الله علیه وآله)إلى ما بعده فی ذلک فی زمن الحضور فکیف بعصر الغیبة، والشاهد علیه ما عرفت من الروایات الکثیرة الواردة فی الباب الأوّل من کتاب الإحیاء وسائر أبوابه، مضافاً إلى السیرة المستمرة فی جمیع الأعصار والأمصار من لدن عصره(صلى الله علیه وآله)إلى عصر الغیبة.

نعم، لا یبعد اعتبار إذن الفقیه عند بسط الید لا سیّما مع اشتراط ذلک.

الثالثة : هل یعتبر فی المحیی الإسلام فلا یملکها الکافر ولو أحیاها بإذن الإمام أم لا ؟ فقد تهافتت فیه کلماتهم فعن ظاهر کلام جماعة أنّ الکافر لا یملکها بل ادّعى فی التذکرة الإجماع علیه وکذلک فی جامع المقاصد (فیما حکى عنهما صاحب الجواهر).

ولکن صرّح الشهید الثانی(رحمه الله) بأنّ المسألة ذات قولین، وعن صریح کلمات أصحاب المبسوط والخلاف والسرائر وجامع الشرائع وغیرها عدم اعتبار الإسلام، بل نسب الخلاف فی ذلک إلى الشافعی الذی یظهر منه کون المسألة إجماعیة عندنا.

ولا یخفى ما فی تعبیر بعضهم أنّ الکافر لا یملک ولو أذن له الإمام، لأنّ ذلک التعبیر لا یناسب مقام العصمة، اللّهمّ إلاّ أن یکون المراد نائبه الخاصّ فی حال الحضور أو العام فی حالتی الحضور والغیبة.

وکیف کان فظاهر النصوص والفتاوى عدم الفرق فی التملک بالإحیاء بین المسلمین والکفّار، فإن التعبیر بأیّما قوم أحیوا من الأرض أو التعبیر بـ «من أحیا أرض» أو شبه ذلک دلیل على ذلک، ولا ینافیها أدلة اشتراط الإذن بعد وجود الإذن العام، هذا أوّلاً.

وثانیاً : الظاهر استقرار السیرة على الملکیة لا سیّما بالنسبة إلى أهل الذمّة فی بلاد الإسلام من دون نکیر.

وثالثاً : یدلّ على ذلک صریحاً مصححة أبی بصیر عن أبی عبدالله (علیه السلام) فإنّه بعد السؤال عن شراء الأرض من أهل الذمّة قال : «لا بأس بأن یشتریها منهم إذا عملوها وأحیوها فهی لهم»(11).

وأوضح منه صحیحة محمّد بن مسلم الواردة فی أبواب الجهاد قال : سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الشراء من أرض الیهود والنصارى ؟ فقال : «لیس به بأس قد ظهر رسول الله(صلى الله علیه وآله)على أهل خیبر فخارجهم على أن یترک الأرض فی أیدیهم یعملونها ویعمرونها فلا أرى بها بأساً لو أنّک اشتریت منها شیئاً، وأیّما قوم أحیوا شیئاً من الأرض وعملوها فهم أحق بها وهی لهم»(12).

ورابعاً : لاشک فی کون الأراضی المحیاة المفتوحة عنوة لجمیع المسلمین مع أنّ کثیراً منها من قبیل الأراضی الموات التی أحیوها، والتفصیل بین الموات الموجودة فی بلاد الإسلام والکفر لا وجه له.

فالأقوى عدم اشتراط الإسلام.

الرابعة : المراد من الموات من الأرض کما صرّح به کثیر من الأصحاب فی کتبهم : «هو ما لا ینتفع به لعطلته إمّا لاستیجامه أو لانقطاع الماء عنه أو لاستیلاء الماء علیه»(13) (أو غیر ذلک من أشباهه).

وأضاف صاحب مفتاح الکرامة بعد ما عرفت قوله : «وکیف کان فحال الموات کحال الإحیاء لعدم وجود نصّ فی بیان معناهما وقد قال فى التذکرة: وأمّا الإحیاء فإنّ الشرع ورد به مطلقاً ولم یعین له معنى یختصّ به ومن عادة الشرع فی ذلک ردّ الناس إلى المعهود عندهم المتعارف بینهم... وبمثل ذلک صرّح فى المبسوط والسرائر والتحریر والدروس وغیرها وبمثل ذلک نقول فی الموات»(14).

وما ذکروه جیّد بعد عدم وجود نصّ فی المسألة وایکالها إلى العرف، فالموات من الأرض ما لا یمکن الانتفاع به على حاله بل یحتاج إلى أُمور بعنوان المقدمة حتّى یصیر قابلاً لذلک بالقوة القریبة من الفعل، ولا یعتبر الزرع فیه فعلاً أو إنبات النباتات أو شبه ذلک.

ولیعلم أنّ إحیاء کلّ شیء بحسبه وإن ذلک مختلف بحسب المقامات، فالإحیاء للزراعة لا یکون إلاّ برفع موانع الزرع من الأحجار والماء الغالب علیها والنباتات الوحشیة، وایجاد المقتضیات من تهیئة الماء إذا احتاج إلیه ولا یکفیه المطر، وتسطیح الأرض إذا کانت مرتفعة لا یجری علیها الماء أو غیر ذلک.

وإحیاء الأرض لبناء المساکن قد یکون بتسطیحها وایجاد الشوارع لها وغیر ذلک ممّا لا یمکن الانتفاع من هذه الناحیة إلاّ بها.

وإحیاء المعدن هو حفره وجعله معدّاً للاستخراج منه، وکذا إحیاء الأرض من جهة حفر الآبار لاستخراج المیاه وغیر ذلک، وبالجملة المتتبع هو الصدق العرفی فی جمیع المقامات.

 

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته


1. مفتاح الکرامة، ج 7، ص 3.
2. ریاض المسائل، ج 2، ص 318.
3. المبسوط، ج 2، ص 29.
4. وسائل الشیعة، ج 17، الباب 1 من أبواب إحیاء الموات، ح 5.
5. المصدر السابق، ح 3.
6. المصدر السابق، ح 1.
7. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 12.
8. المصدر السابق، ح 13.
9. وسائل الشیعة، ج 17، الباب 3 من أحیاء الموات، ح 2.
10. جواهر الکلام، ج 38، ص 11.
11. وسائل الشیعة، ج 17، الباب 4 من أبواب إحیاء الموات، ح 1.
12. المصدر السابق، ج 11، الباب 71 من أبواب جهاد العدو، ح 2.
13. مفتاح الکرامة، ج 7، ص 2.
14. المصدر السابق، ص 3.

 

السادس: من الأنفال ما یغنم بغیر إذن الإمام(علیه السلام)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma