المسألة الثانیة: کونه عوضاً عن الزکاة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
المسألة الأُولى: أصل وجوبه1 ـ غنائم دار الحرب

أعنی کونه عوضاً عن الزکاة التی هی أوساخ أیدی الناس، فقد اُشیر إلیه فی روایات کثیرة مرویة فی کتاب الخمس فی الباب الأول من أبواب قسمة الخمس:

منها: ما رواه سلیم بن قیس، عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قال: خطب أمیرالمؤمنین(علیه السلام)وذکر خطبة طویلة یقول فیها: «نحن والله عنى (الله) بذی القربى الذین قرننا الله بنفسه وبرسوله، فقال: فلله وللرسول ولذی القربى والیتامى والمساکین وابن السبیل، فینا خاصة (إلى أن قال) ولم یجعل لنا فی سهم الصدقة نصیباً، أکرم الله رسوله وأکرمنا أهل البیت أن یطعمنا من أوساخ الناس، فکذّبوا الله وکذّبوا رسوله وجحدوا کتاب الله الناطق بحقّنا ومنعونا فرضاً فرضه الله لنا»(1).

ومنها: ما رواه الریان بن الصلت، عن الرضا(علیه السلام) وقال: ... فلما جاءت قصّة الصدقة نزّه نفسه ورسوله ونزّه أهل بیته، فقال: «إنّما الصدقات للفقراء والمساکین ـ الآیة ـ ثم قال: فلما نزّه نفسه عن الصدقة ونزّه رسوله ونزّه أهل بیته لا بل حرّم علیهم، لأنّ الصدقة محرّمة على محمد وآله، وهی أوساخ أیدی الناس، لا تحل لهم لأنّهم طهّروا من کل دنس و وسخ»(2).

ومنها: مرفوعة الصّفار عن أحمد بن محمد عن بعض أصحابنا رفع الحدیث، قال: «الخمس من خمسة أشیاء... والذی للرسول هو لذی القربى والحجة فی زمانه، فالنصف له خاصّة والنصف للیتامى والمساکین وأبناء السبیل من آل محمد ـ(علیهم السلام) ـ الذین لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزکاة، عوّضهم الله مکان ذلک بالخمس»(3).

ومنها: ما رواه صاحب الوسائل فی أبواب الزکاة من تفسیر العیاشی عن الصادق(علیه السلام): قال: «إنّ الله لا إله إلاّ هو، لما حرم علینا الصدقة أبدل لنا الخمس، فالصدقة علینا حرام، والخمس لنا فریضة والکرامة لنا حلال»(4).

(ولعل المراد من الکرامة النذر وأشباهه).

ومنها: صحیحة الفضلاء عنهما(علیهما السلام)، قالا: «قال رسول الله(صلى الله علیه وآله): إنّ الصدقة أوساخ أیدی الناس، وإنّ الله قد حرّم علیَّ منها ومن غیرها ما قد حرّمه...»(5).

ولعل التعبیر بکونها أوساخاً مأخوذ من قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِهَا...)(6)، کان فی الأموال التی بأیدی الناس وسخاً ذاتیاً لا تطهر إلاّ بازالة الأوساخ منها، فأخذ الصدقات یوجب طهارة للنفوس وللأموال کلها، لکن المأخوذ فی الواقع هو نفس الأوساخ ولأجل ذلک لا یحلّ لهم.

وقد مرّ أنّه تعالى فرق فی کتابه الکریم بین الخمس، فأضاف الأموال فی باب الزکاة والصدقات إلى الناس وقال: «خذ من أموالهم»، ولکن فی باب الخمس جعل الشرکة بین أرباب الخمس وأصحاب الأموال، فقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ...).

إن قلت: التعبیر بالأوساخ، یوجب تنفر الطباع عن أخذه هذه العطیة الإلهیّة ـ أعنی الزکاة ـ وهذا مناف لشأنها.

قلت: ولعل النظر تنفیر الطباع منها، حتى لا یحسبها الناس أموالاً یتبرک فیها بل تکون عندهم أمراً لا یقصر إلاّ عند الضرورة والحاجة الشدیدة کی یرغب الناس فی السعی لتحصیل معاشهم، وتبقى الزکاة للزمنی والیتامى ومن لا یقدر على شیء(7).

هذا مضافاً إلى أنّ أقرباء رؤساء الحکومات، کثیراً ما یهیمنون على أموال بیت المال وحقوق الناس، ویوجب ذلک التهمة والشین على رئیس الحکومة، وکان الله تعالى أراد تنزیه ساحة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) والأئمّة(علیهم السلام) عن الدنس فحرّم الزکاة مطلقاً على بنی هاشم وهم قرباه(صلى الله علیه وآله)، حتى یظهر من بعض الروایات عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: إنّ أُناساً من بنی هاشم أتوا رسول الله(صلى الله علیه وآله) فسألوه أن یستعملهم على صدقات المواشی، وقالوا: یکون لنا هذا السهم الذی جعل الله عزّوجلّ للعاملین علیها فنحن أولى به، فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله): «یا بنی عبدالمطلب (هاشم) إنّ الصدقة لا تحلّ لی ولا لکم، ولکنّی قد وعدت الشفاعة»(8).

إن قلت: کیف یکون الخمس عوضاً عن الزکاة، والحال، أنّ آیة الخمس وردت فی سورة الأنفال، وفیها إشارات کثیرة إلى غزوة بدر، فهی أول ما نزلت بالمدینة، وأمّا آیة الزکاة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَکِّیهِمْ بِهَا...)(9)، فقد نزلت بعد فتح مکة، فهی من آخر ما نزلت علیه؟

قلت: الظاهر أنّ تشریع الزکاة کان من قبل، وقد أُشیر إلیها فی سائر السور القرآنیة(10) ولم یکن تشریعها بعد فتح مکة، کیف، وهی من أقدم ما یلزم فی تأسیس الحکومة الإسلامیة وإصلاح أمر بیت المال، فآیة البراءة تأکید علیها أو نزلت بلحاظ ما فیها من الخصوصیات ـ کتطهیرالنفوس بالصدقات وصلاة النبی(صلى الله علیه وآله)، فلا مانع من کون الخمس عوضاً عن الزکاة وتشریعه مقارناً لها.

إن قلت: ألیس فی جعل هذه الأموال العظیمة لبنی هاشم وجعل الزکاة التی قد تکون أقل منها، لجمیع فقراء الناس وسائر المصارف، (نوع تبعیض) مناف للعدالة والمساواة التی أمرنا الله تعالى بها فی الإسلام؟

قلت: کلا، لیس الأمر کذلک، إذا تدبّرنا فی هذه الأحکام حق التدبّر، أمّا بالنسبة إلى سهم الإمام(علیه السلام) (أعنی السهام الثلاثة الأُولى) فلأنّه لیس من حقّ الفقراء فی شیء بل حقّ ولایة الأمر بما لها من المصارف الهامة المعلومة لکل أحد(11)، وأمّا السهام الثلاثة الباقیة، فهی مختصة بفقراء بنی هاشم کما أنّ الزکاة مختصة بغیرهم لا تفضل أحدهما على الآخر، فإنّ الفقیر لا یجوز له أن یأخذ أکثر من قوت سنته على المختار ـ کما سیأتی إن شاء الله ـ فقراء کل من الطائفتین یأخذون بمقدار قوت سنتهم لا أزید، وزکاة الأموال ـ لو أدّاها الناس ـ کانت وافیة بحاجة الفقراء، کما فی الأحادیث، حقّ السادة لو عمل بها الناس، وإن زاد على حاجتهم فی بعض الأعیان، کما فی الجوامع التی اتسعت فیها الصنائع والتجارات (لا خصوص الزرع والضرع) ولکن الزائد عن حاجتهم یعود إلى بیت المال، کما فی الحدیث المشهور الذی رواه صاحب الوسائل، فی الباب 3 من أبواب قسمة الخمس، الحدیث 1 و 2.

قال فی الثانی بعد ذکر تحریم الزکاة على آل محمد(صلى الله علیه وآله): «عوّضهم الله مکان ذلک بالخمس فهو یعطیهم على قدر کفایتهم، فإن فضل شیء فهو له وإن نقص عنهم ولم یکفهم أتمّه لهم من عنده، کما صار له الفضل کذلک یلزمه النقصان».

وهاتان الروایتان وإن کانتا ضعیفتی السند بالارسال والرفع، ولکنّهما موافقتان للقاعدة(12)، کما لا یخفى.

الثالث: کونه من الضروریات التی یوجب إنکارها الکفر إجمالاً

وقد وقع الخلاف بین الأعلام من أنّ إنکار الضروری یوجب الکفر مطلقاً أو بشرط أن یرجع إلى إنکار الأُلوهیة أو التوحید أو الرسالة، والحقّ کما أثبتناه فی محلّه، هو الثانی، والتفصیل موکول إلى هناک

 


1. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 7.
2. المصدر السابق، ح 10.
3. وسائل الشیعه، ج 6، الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 9.
4. المصدر السابق، الباب 29 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 7.
5. المصدر السابق، ح2.
إن قلت: لو کانت الصدقة حراماً على بنی هاشم، فلماذا یجوز اعطاؤهم منها عند قصور الخمس عن کفایتهم، بلا خلاف بین الأصحاب؟ کما قال صاحب الحدائق الناضرة: «الثالث ـ لا خلاف بین الأصحاب رضوان الله علیهم على ما نقله غیر واحد فی جواز اعطائهم (یعنی بنی هاشم) من الصدقة الواجبة عند قصور الخمس عن کفایتهم... إنّما الخلاف فی القدر الذی یجوز لهم أخذه فی تلک الحال» (ج 12، ص 219).
قلت: ذلک مختص بموارد الضرورة والضرورات تبیح المحظورات، لکنّها تقدّر بقدرها، ولذا قال صاحب الحدائق بعد الکلام المتقدم منه: «وبالجملة فالأدلة المتقدّمة قد صرّحت بالتحریم خرج منه ما وقع علیه الاتفاق نصاً وفتوى من القدر الضروری» (المصدر السابق)، على أنّ الصدقة، وسخ مادام لم تصل إلى مستحقها، کما عرفت، لکنّها بمجرّد وصولها إلیه تطیب له، کما فی أموال الیتامى حیث إنّ آکلها ظلماً، یأکل فی بطنه النار على حد تعبیر القرآن الکریم، لکنّها تطیب للیتامى أنفسهم.
6. سورة التوبة، الآیة 103.
7. ولا یخفى أن مقتضى هذا البیان، کون الصدقات ظاهرة عند وصولها إلى أیدی مستحقیها، وإلاّ للزم تنفیر طباعهم، مضافاً إلى وهنهم، وذلک بعید عنه تعالى جدّاً بعد ورود أخبار کثیرة فی مدح الفقراء والأمر بمجالستهم وقول النبی(صلى الله علیه وآله): «الفقر فخری وبه أفتخر» فراجع.
اللّهم إلاّ أن یقال: إنّه ینبه الفقراء وذوی الحاجة على أنّه وإن کانت الصدقة حلاً لهم لکنّها مع ذلک أوساخ ما فی أیدی الناس فیرغبهم على الاجتهاد فی سبیل تحصیل الرزق حتى لا یحتاجوا إلى الزکاة فتأمل.
8. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 29 من أبواب المستحقین للزکاة، ح1.
9. سورة التوبة، الآیة 103.
10. کقوله تعالى، فی سورة الاعراف، الآیة 156: (وَرَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْء فَسَأَکْتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ...)، وسورة النمل، الآیة 3: (الَّذِینَ یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ...)، وسورة فصلت، الآیة 7: (الَّذِینَ لاَ یُؤْتُونَ الزَّکَاةَ...) إلى غیر ذلک من الآیات التی نزلت بمکة المکرمة.
11. ولذلک لا یورث بل یصل إلى الإمام(علیه السلام) من بعده.
12. وهی عدم الدلیل على إعطاء شخص أکثر من مؤونة سنته من الزکاة والخمس.

 

المسألة الأُولى: أصل وجوبه1 ـ غنائم دار الحرب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma