ولعلّ الفقهاء فهموا العمومیة هنا من أُمور 

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
2 ـ المعادنبقى هنا أُمور على تقدیر القول باعتبار النصاب 

أحدها : ما ورد فی صحیحة محمّد بن مسلم (الباب 3 من ما یجب فیه الخمس، الحدیث 4، وقد سبق ذکرها) فإنّ قوله بالنسبة إلى الملاحة «هذا المعدن» دلیل على عمومیة المراد من لفظ المعدن، هنا، بحیث یشمل منابت الجواهر وغیرها ممّا خرج من اسم الأرض وعظم الانتفاع به (ویمکن أن یکون ترکیب الجملة بعنوان المبتدأ والخبر، فهذا مبتدأ، والمعدن خبره، أو کون المعدن عطف بیان وفیه الخمس خبر).

وأمّا ما لم یخرج منها مثل حجارة الرحى والطین الأحمر والجص قبل طبخه فإنّها من مسمّى الأرض یجوز السجود علیها والتیمم بها، هل یتعلق بها الخمس من ناحیة عنوان المعدن، أم لا ؟ فسیأتی الکلام فیه إن شاء الله.

هذا بناءً على نسخة الشیخ (رحمه الله) فی التهذیب، ولکن رواه الصدوق (رحمه الله) فی الفقیه والمقنع بهذه العبارة : «هذا مثل المعدن فیه الخمس» وحینئذ یکون ظاهره عدم شمول موضوع المعدن له، بل یشمله حکمه وهو الخمس، فهو شبیه له من جهة حکمه وإن کان خارجاً موضوعاً، ومن الواضح عدم الفرق من هذه الناحیة فی ما نحن بصدده.

ویؤید ذلک، عدّ الملاحة فی مقابل المعدن، فی روایة حمّاد بن عیسى، عن بعض أصحابنا، عن العبد الصالح (علیه السلام) قال : «الخمس من خمسة أشیاء: من الغنائم والغوص ومن الکنوز ومن المعادن والملاحة»(1). فإنّ المقابلة وعدّ الملاحة أمراً خامساً یجب فیه الخمس، دلیل على خروجها موضوعاً، والظاهر أنّ هذا هو الذی نسیه ابن أبی عمیر فی روایته المعروفة، فهی أیضاً مؤیدة لخروجها موضوعاً.

ثانیها : شمول عنوان الرکاز الوارد فی صحیحة زرارة : «کلّ ما کان رکازاً ففیه الخمس»(2) بناءً على ما ذکره بعضهم من أنّه «یشمل کلّ ما له ثبات وقرار ومرتکز فی مکان حتّى مثل الملح»(3).

ولکنه لا یخلو من تأمل، لأنّ ارتکاز الماء المالح فی بعض الأماکن لیس إلاّ کارتکاز المیاه فی البحار، والرکاز بما له من المعنى الذی سیأتی ذکره عن کتب اللغة (إن شاء الله) یشکل شموله له، وأشد إشکالاً منه ما لم یخرج من اسم الأرض کحجارة الرحى أو حجر الجص قبل أن یطبخ، الذی یصحّ السجود علیه، وکذا التیمم، فإن صدق الرکاز علیها مشکل جدّاً (کما ستأتی الإشارة إلیه عن قریب).

ثالثها : شمول عموم آیة الخمس لها، فإنّ جمیع ذلک داخل فی الغنیمة بالمعنى العام لشمولها کلّ فائدة من الفوائد والمعادن منها.

ویرد علیه : إنّ المقصود هو إثبات الخمس فیها بالخصوص حتّى لا تکون المؤونة خارجة منها وبغیر النصاب فیها على القول باعتباره فی المعدن، ومن الواضح أنّ هذا الدلیل غیر کاف فی إثبات هذا المعنى.

فتحصل من جمیع ما ذکرنا : أنّ العمدة لإثبات العموم هی صحیحة محمّد بن مسلم لا غیر، لکنها لا یستفاد منها أزید من الأصناف الثلاثة (أنواع الفلزات، أنواع العقیق والفیروزج وما أشبههما وأنواع المعادن المائعة کالنفط وشبهه) وأمّا ما لم یخرج عن اسم الأرض مطلقاً کحجر الرحى والجص والأحجار المتخذة للبناء فی أیّامنا وأنواع الطین المستفاد منها للبناء والسفال والآجُر وغیرهما، فلا دلیل على دخوله تحت هذا العنوان.

ولعلّه لذلک کلّه ذکر فی العروة الوثقى بعد ذکر ثمانیة عشرة من الأنواع الثلاثة الاُولى، ما نصّه : «بل والجص والنورة وطین الغسل وحجر الرحى والمغرة وهی الطین الأحمر على الأحوط وإن کان الأقوى عدم الخمس فیها من حیث المعدنیة».

فهذه الأمثلة الخمسة، داخلة فی النوع الرابع الذی لا دلیل على دخوله فی عنوان المعدن ویدخل فی عمومات أرباح المکاسب(4).

 

بقى هنا أُمور :

1 ـ لو شککنا فی بعض هذه الأقسام ودخولها فی عنوان المعدن وعدمه فلا ینبغی الشک فی کون المرجع عمومات أرباح المکاسب والغنائم بالمعنى الأعم فلا یعتبر فیه النصاب ویستثنى منه مؤونة السنة، فإنّ التمسک بالعموم عند الشبهة المفهومیة فی المخصص المنفصل ممّا لا مانع منه کما ذکر فی محلّه، نعم، لو کان المخصص متصلاً، أمکن التشکیک فیه من جهة سرایة الإجمال والإبهام إلى العموم.

هذا، ولو فرض عدم العموم هناک من حیث عدم کون المعدن منفعة مستمرة، فهل المرجع البراءة فی غیر ما زاد عن مؤونة السنة فیدخل المشکوک فی حکم الأرباح أو لابدّ من الأخذ بالاحتیاط ؟ الظاهر هو الأخیر، للعلم الإجمالی بأنّه لو کان داخلاً فی عنوان المعدن لا یستثنى منه مؤونة السنة، ولکن یستثنى منه ما نقص عن النصاب على القول به، ولو کان داخلاً فی الأرباح، استثنى منه مقدار المؤونة ولا یستثنى منه ما نقص عن النصاب، ولازم العلم الإجمالی، الاحتیاط بین الأمرین، فلا یستثنى منه ما نقص من النصاب ولا مقدار المؤونة، فتأمل.

2 ـ لا فرق فی وجوب إخراج خمس المعدن بین أن یکون فی أرض مباحة أو مملوکة له وبین أن یکون تحت الأرض أو على ظهرها، کلّ ذلک لإطلاق الأدلة، بل صریح بعضها بالنسبة إلى الثانی، فإنّ الملاحة بل النفط والکبریت کانت فی تلک الأیّام فی ظاهر الأرض.

3 ـ لا فرق بین أن یکون المُخرج مسلماً أو کافراً ذمّیاً بل ولو حربیاً، بناءً على ظهور إطلاقاتها دلیلاً على تعلق الخمس بنفس المعدن، مطلقاً; فقوله : «هذا وأشباهه فیه الخمس» وأمثاله، دلیل على وجود الخمس فی أنواع المعادن من دون أی فرق بین المالکین، وبعبارة أُخرى، الخمس: حکم وضعی لا تکلیفی، فالحکومة الإسلامیة لو کانت قادرة على أخذ الخمس من الکفّار الذمیین، لأخذت منهم وکذا الحربیین، لا بعنوان استنقاذ أموالهم، بل بعنوان الخمس، ولو استنقذ إنسان أموالهم وکانت ممّا أخرج من المعادن، وجب علیه إخراج خمسها لتعلق الخمس بالعین، کما سیأتی إن شاء الله، هذا مضافاً إلى أنّ الکفّار مکلّفون بالفروع کما هم مکلّفون بالاُصول، ولو أسلم الکافر والعین موجودة أُخذ منه الخمس ولو تلف واستقر الخمس فی ذمّته، أمکن الحکم بجب الإسلام عمّا سبقه.

4 ـ وکذا، لا فرق بین أن یکون المُخرج للمعدن بالغاً أو صبیاً أو مجنوناً أو عاقلاً، لأنّ ظاهر أدلة الخمس کونه حکماً وضعیاً لا یختصّ بالمکلّفین فقط بل یشمل أموال الصبی والمجنون.

فقوله : «هذا وأشباهه فیه الخمس» أو قوله فی الجواب عن السؤال عن المعادن وعن الرصاص والصفر والحدید و... : «فیها الخمس»(5) وغیر ذلک ممّا هو فی معناه، دلیل على تعلق الخمس بهذه الأموال من دون فرق بین کون مالکها مکلّفاً بالغاً أو غیر مکلّف.

وسیأتی مزید کلام فی هذا، فی المسألة 75 من ما یجب فیه الخمس فی باب تعلق الخمس بالعین، وفی المسألة 84 منه.

5 ـ لا ینبغی الإشکال ظاهراً فی جواز استخراج المعادن بمعونة الغیر، وفی أنّه یملک حاصله ویتعلق به الخمس دون المعیّن الذی لم یقصد بفعله تملک ما فی المعدن، بل قصد غیره ذلک بمعونته، إنّما الکلام فی أنّه إذا أقدمت بعض الحکومات على ذلک کما هو المتداول الیوم فی استخراج النفط والبترول، بل وکثیر من المعادن الأخرى بمعونة العمال والمهندسین، فهل هی تملکه ویتعلق به الخمس أم لا ؟

الحقّ أنّه تملکه، لما ذکرنا فی محلّه من صحّة مالکیة «الجهة» و«العنوان» مثل عنوان «الحکومة» أو شرکة فلان أو جمعیة فلان، بل وکذا یملک المسجد أو الحسینیة أشیاء تتعلق بها وتهدى إلیها، لأنّ الملکیة أمر اعتباری عقلائی لا یعتبر فیها عندهم کون المالک شخصاً خارجیاً بل یکفی کونه شخصاً حقوقیاً وعنواناً اعتباریاً کالأمثلة السابقة.

وکذا لا یعتبر فیها کون المالک من ذوی العقول کما عرفت، والوسوسة فی ذلک بعدما نشاهد مصادیقها الکثیرة متداولة بین العقلاء من أهل العرف، أمر غریب، کیف، وکثیر من أموال العالم لو لم نقل أکثرها، ملک الجهة ـ أی الحکومات ـ فی أقطار الأرض، ومجرّد عدم وجود هذا فی عصر النبی (صلى الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام)، غیر ضائر بالمقصود بعد أخذ الموضوعات من العرف، والأحکام من الشرع، کما هو کذلک فی الموضوعات المستحدثة والمصادیق الجدیدة لموضوعات الأحکام.

بل لا نسلِّم بعدم وجودها فی تلک الأعصار بعد وجود الحکومات فی تلک الأزمنة وعدم المعاملة مع أموالها معاملة الملک الشخصی.

وکذلک الأوقاف العامة أو الخاصة التی هی فی الحقیقة ملک العنوان، فلذا لا تتوارث، بل کلّ من کان داخلاً تحت العنوان یستحقه، وإذا خرج منه خرج عن استحقاقها.

وتملیک شیء للمسجد أو الحسینیة أو الکنائس وأشباهها أمر متداول بین الناس.

والحاصل : أنّ صحّة التملک من هذه الجهة لا ینبغی الریب فیها ـ کما أنّه لا وجه لعدم تعلق الخمس بها ـ بعد إطلاقات أدلّته، فالمعدن یتعلق به الخمس من دون فرق بین أن یکون مالکه شخصاً عینیاً أو عنوانیاً، ولا وجه للقول بعدم شمول الإطلاقات له أو انصرافه عنه کما هو ظاهر، فیجوز للحاکم الشرعی أخذ الخمس ممّن استخرج المعادن سواء کان شخصاً أو

شرکة أو حکومة.

نعم، إذا کانت الحکومة الإسلامیة هی المتصدی للاستخراج فیمکن دعوى عدم شمول الخمس له، نظراً إلى عدم تعلّق الخمس بما یتملکه صاحب الخمس ویدلّ على ذلک أو یؤیده ما رواه علی بن الحسین بن عبد ربه، قال : «سرّح الرضا (علیه السلام)بصلة إلى أبی، فکتب إلیه أبی، هل علیَّ فی ما سرّحت إلیَّ خمس ؟ فکتب إلیه: «لا خمس علیک فیما سرّح به صاحب الخمس»(6) وإن کان فی سنده إشکال.

فإذا لم یتعلق الخمس بما یعطیها صاحب الخمس فلا یتعلق بأمواله بطریق أولى، وهکذا بالنسبة إلى تعلق الزکاة بأموال الحکومة.

أضف إلى ذلک أنّ دعوى الانصراف هنا قویة وإن هو إلاّ من قبیل أخذ المالیات من أموال الحکومة، فإنّ المالیات تؤخذ لدعم الحکومة وتقویتها وتزویدها بما یعینها على مقاصدها، وحینئذ لا معنى لأخذ الخمس من أموال الحکومة الإسلامیة وإخراجه من بعض جیوب الحکومة إلى بعضها الآخر.

إن قلت : هذا الکلام فی نصف الخمس وهو سهم الإمام (علیه السلام) صحیح تام، فلا یتعلق بأموال الحکومة، وأمّا سهم الهاشمیین وهو النصف الآخر، لیس کذلک فهو حقّهم لابدّ من أخذه من أموال الحکومة الإسلامیة أیضاً.

قلت : الذی یظهر من الأدلّة هو أنّ أمر الجمیع بید الإمام (علیه السلام) ولذا قد یبیحه لبعض الشیعة أو لجمیعهم فی بعض الأعصار، فهی فی الحقیقة من قبیل أموال الحکومة وإن کان مصرف النصف منها هم السادة الکرام، فتأمل.

کما أنّ سهم الفقراء غیر السادة فی الزکاة کذلک، ولذا لم یسمع أخذ الزکاة من أموال بیت المال ولو کانت الآلاف والملایین من الدراهم والدنانیر أو فی سهمه من الأراضی الخراجیة أو المواشی الحاصلة لها من ناحیة الخمس أو غیر ذلک.

وبالجملة، انصراف أدلة الخمس عمّا نحن فیه قوی جدّاً.

6 ـ هل یعتبر النصاب فی المعدن، وعلى تقدیره فهل مقداره دینار أو عشرون دیناراً ؟

اختلفت الأقوال فی ذلک، ولقد أجاد صاحب الحدائق فی کیفیة جمع الأقوال فی المسألة، حیث قال : «قد وقع الخلاف هنا فی موضعین: أحدهما، فی اعتبار النصاب وعدمه فی المعدن وعلى تقدیر اعتباره، فهل هو عشرون دیناراً أو دینار واحد ؟

فذهب الشیخ فی الخلاف إلى وجوب الخمس فیها ولا یرعى فیها النصاب وهو اختیاره فی الاقتصاد أیضاً، ونقل عن ابن البراج وابن ادریس مدعیاً علیه الإجماع حیث قال : إجماعهم منعقد على وجوب إخراج الخمس من المعادن جمیعها على اختلاف أجناسها قلیلاً کان المعدن أو کثیراً... وهذا إجماع منهم بغیر خلاف.

1 ـ ونقل عن ابن الجنید وابن أبی عقیل والمفید والسیّد المرتضى وابن زهرة وسلاّر أنّهم أطلقوا وجوب الخمس وهو ظاهر فی موافقة القول المتقدم.

2 ـ واعتبر أبو الصلاح بلوغ قیمته دیناراً واحداً ورواه ابن بابویه فی المقنع ومن لا یحضره الفقیه.

3 ـ وقال الشیخ فی النهایة : ومعادن الذهب والفضة لا یجب فیها الخمس إلاّ إذا بلغت إلى القدر الذی یجب فیه الزکاة، ونحوه فی المبسوط.

واختاره ابن حمزة وعلیه جمهور المتأخرین» انتهى کلام صاحب الحدائق(7).

فتحصّل من ذلک أنّ القدماء عدا شرذمة قلیلة، على عدم اعتبار النصاب فیها، وأمّا بین المتأخرین فیکون الأمر بالعکس، ومن قال باعتبار النصاب من بین القدماء، وهم، أبو الصلاح وابن بابویه والشیخ (فی بعض کتبه) وابن حمزة، على قولین، فالأوّل أنّه على اعتبار دینار واحد، والأخیران على اعتبار عشرین دیناراً.

وأمّا من فقهاء الجمهور، فالحنفیة قالوا : بوجوب الخمس فی خصوص المنطبع من المعادن، والمالکیة قالوا : بوجوب الزکاة فی معادن الذهب والفضة بشروط الزکاة (منها النصاب وهو عشرون مثقالاً عندهم) وقالت الحنابلة : إنّ المعدن إن کان ذهباً أو فضة وبلغ حدّ النصاب بعد التصفیة وجب علیه الزکاة ربع العشر، وقالت الشافعیة : إنّ المعدن خاص بالذهب والفضة ویجب فیه ربع العشر بشروط الزکاة(8).

وعمدة ما یدلّ على عدم اعتبار النصاب هو العمومات والإطلاقات الواردة فی باب خمس المعدن، وأمّا دلیل اعتبار عشرین دیناراً الذی علیه أکثر المتأخرین هو ما رواه البزنطی فی الصحیح : قال : سألت الرضا (علیه السلام) عمّا أخرج المعدن من قلیل أو کثیر، هل فیه شیء ؟ قال : «لیس فیه شیء حتّى یبلغ ما یکون فی مثله الزکاة عشرین دیناراً»(9).

وقد أورد علیها من جهات ثلاث :

1 ـ من ناحیة السند، بإعراض قدماء الأصحاب عنه، فإنّه لم ینقل العمل به إلاّ عن الشیخ وابن حمزة، بل الشیخ أیضاً مخالف له فی (الخلاف) بل ادّعى الإجماع فیه، وما فی بعض الکلمات من أنّ المخالف بین أربعة أشخاص أو خمسة وأنّه معارض بموافقة المتأخرین(10)، کما ترى، فإنّ المخالف جمیع من نقل عنه الفتاوى من القدماء، نعم، یمکن أن یکون بعض کلماتهم مطلقة لم یصرح فیه بشیء وهذا أیضاً کاف، لأنّ السکوت فی مقام الإفتاء والبیان یدلّ على الإعراض، وقد عرفت نقل کلماتهم فی کلام صاحب الحدائق الذی یستفاد منه مخالفة أکثر من عشرة منهم، من مصرِّح بعدم النصاب، ومن قائل بوجوب الخمس فی الغنیمة مطلقاً، ومن عامل بخبر الدینار الواحد.

وأعجب من هذا جعل موافقة المتأخرین معارضاً لإعراض القدماء، وذلک لأنّ المدار فی الإعراض والعمل هو کلمات القدماء باعتبار أنّهم کانوا قریبی العهد إلى عصر المعصومین (علیهم السلام) وکان عندهم کتب وقرائن لیست عندنا، وأمّا حال المتأخرین فمعلوم لنا، لا تزید مدارکهم على المدارک الموجودة عندنا.

2 ـ أمّا من ناحیة الدلالة فلعدم التصریح بمسألة الخمس فیها، فلعلّ المراد منها هو الزکاة، فتکون الروایة على نحو ما عرفت من کلمات العامة، فقد مرّ أنّ ثلاثة من أئمّتهم الأربعة قائلون بوجوب الزکاة فی المعادن، أو معادن الذهب والفضة إذا بلغ حدّ النصاب، وحینئذ تحمل على التقیة، وهذا الاحتمال مع ملاحظة کلمات فقهائهم غیر بعید، نعم، قد یقال إنّ إطلاق المعدن فی صحیحة البزنطی وعدم اختصاصه بمعادن الذهب والفضة من جانب، والتعبیر بمثل قوله (علیه السلام): «حتّى یبلغ ما یکون فی مثله الزکاة» من جانب آخر، دلیل واضح على أنّ المراد منه الخمس لا الزکاة.

لکن یمکن الجواب عن کلیهما، أمّا الأوّل : فلأنّ المماثلة إنّما تکون فی خصوص الأجناس الزکویة کالذهب والفضة، وإلاّ کان اللازم أن یقول حتّى یبلغ ما یکون فی مقداره بحسب القیمة فإنّ الحدید ولو بلغ من الکثرة ما بلغ لا یکون فی مثله زکاة أبداً کما هو ظاهر.

وأمّا الثانی : فلعلّ المراد مماثله غیر المسکوک بالمسکوک فإنّ الذهب والفضة اللذین تضرب علیهما الزکاة بحسب المتعارف هو المسکوک (بل الشرط عندنا أن یکونا مسکوکین، وعندهم فی بعض مصادیق غیر المسکوک خلاف، فراجع)(11).

فالمعنى، إذا بلغ الذهب والفضة الخارجیین من المعدن ما یکون فیه الزکاة من الدراهم والدنانیر، فتأمل.

وأمّا ذکر خصوص نصاب الذهب دون الفضة فیمکن أن یکون من باب ذکر المثال ومعلومیة الفضة منه.

3 ـ من ناحیة المعارض، فقد روى البزنطی أیضاً عن محمّد بن علی بن أبی عبدالله عن أبی الحسن، قال : «سألته عمّا یخرج من البحر من اللؤلؤ والیاقوت والزبرجد، وعن معادن الذهب والفضة هل فیها زکاة ؟ فقال : إذا بلغ قیمته دیناراً ففیه الخمس»(12).

ورواه الصدوق عن أبی الحسن موسى بن جعفر (علیه السلام)(13).

ومحمّد بن علی بن أبی عبدالله وإن کان مجهولاً إلاّ أنّ أحمد بن محمّد بن أبی نصر لایروى إلاّ عن ثقة کما حکاه سیّدنا الاُستاذ العلاّمة البروجردی (رحمه الله) عنه على ما فی بعض تقریراته(14).

قال الشیخ (رحمه الله) فی عدّة الاُصول : «.. ولأجل ذلک سوّت الطائفة بین ما یرویه محمّد بن أبی عمیر وصفوان بن یحیى وأحمد بن محمّد بن أبی نصر وغیرهم من الثقات الذین عرفوا بأنّهم لا یروون ولا یرسلون إلاّ ممّن یوثق به وبین ما أسنده غیرهم»(15).

فتکون الروایتان متعارضتین وکلاهما شاذتان بحسب الفتوى وعمل القدماء ویشکل ترجیح أحدهما على الآخر بعمل المتأخرین کما عرفت.

وبعض ما ذکرنا فی تضعیف الروایة من الجهات الثلاث وإن کان قابلاً للنقض والإبرام إلاّ أنّ ملاحظة مجموعها یمنعنا عن الفتوى، وینبغی أن یحتاط فی المسألة بعدم ترک الخمس فی ما نقص عن النصاب أیضاً لا سیّما مع وجود الإطلاقات الکثیرة الواردة مورد البیان الخالیة جمیعها من هذا القید مع أنّ مورد الابتلاء شدید.

إن قلت : ما یکون أقل من النصاب أمر نادر فی المعادن، فلذا لم تتعرض له روایات هذا الباب إلاّ فی حدیث واحد، فیصحّ تقیید تلک المطلقات الکثیرة بروایة واحدة.

قلت : کلاّ، فإنّ عشرین دیناراً یساوی 15 مثقالاً صیرفیاً وهو فی أیّامنا یبلغ أکثر من 75 ألف تومان وکثیر من المعادن لا سیّما مثل الملح والزرنیخ والنورة وشبهها ولا سیّما فی تلک الأعصار، بل الأمر بالعکس کما أشار إلیه فی المصباح، فإنّه قلّما یتفق هذا النصاب فی مثل الملح، فالاحتیاط لا ینبغی ترکه.

أمّا دلیل القول باعتبار دینار واحد فقد عرفت ما یدلّ علیه من حدیث البزنطی أیضاً، وما فیه من إشکال فی السند، وأشکل منه أنّ الروایة معرض عنها بین الأصحاب لعدم عمل القدماء والمتأخرین بها وعدم الفتوى بها إلاّ من شاذ قلیل.

 


1. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 4.
2. المصدر السابق، الباب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 3.
3. مستند العروة الوثقى، کتاب الخمس، ص 38.
4. ومن هنا یظهر أنّه یمکن العدول عمّا ذکرناه من الاحتیاط الواجب فی التعلیقة، إلى الاحتیاط المستحبّ.
5. راجع وسائل الشیعة، ج 6، الباب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 2 و4.
6. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 11 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 2.
7. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 329.
8. تلخیص من (الفقه على المذاهب الأربعة)، ج 1، ص 612.
9. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 1.
10. مستند العروة الوثقى، کتاب الخمس، ص 41.
11. الفقه على المذاهب الأربعة، ج 1، ص 601.
12. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 5.
13. راجع المصدر السابق، الباب 7 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 2.
14. زبدة المقال فی خمس الرسول والآل، ص 19.
15. عدّة الاُصول، ج 1، ص 386.

 

2 ـ المعادنبقى هنا أُمور على تقدیر القول باعتبار النصاب 
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma