4 ـ العدالة 

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
3 ـ أبناء السبیل الروایات المعارضة

هل تعتبر العدالة فی مستحقی الخمس ؟

قال المحقّق (رحمه الله) فی الشرائع : «والعدالة لا تعتبر على الأظهر»(1).

وذکر صاحب المدارک فی شرحه : «(إنّ) هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فیه مخالفاً تمسکاً بإطلاق الکتاب والسنّة... والقول باعتبار العدالة هنا مجهول القائل ولا ریب فی ضعفه»(2).

وقال المحقّق الهمدانی (رحمه الله) بعد نقل کلام الشرائع : «ربّما یستشعر من عبارة المتن حیث جعله الأظهر ولم یرسله إرسال المسلّمات وجود الخلاف فیه ولعلّه لم یقصد بهذا التعبیر الإشارة إلى الخلاف بل نبّه بذلک على استناد الحکم إلى ظواهر الأدلة» ثمّ صرّح فی ذیل عبارته بعدم معروفیة القائل بالاشتراط(3).

وقال صاحب الریاض : «ولا تعتبر العدالة هنا بلا خلاف أجده».

ثمّ قال : «نعم ربّما یظهر من الشرائع وجود مخالف فی المسألة وفی المدارک أنّه مجهول، أقول ولعلّه المرتضى فإنّه وإن لم یصرّح باعتبارها هنا لکنه اعتبرها فی الزکاة مستدلاً بما یجری هن»(4).

وصرّح صاحب الجواهر (قدس سره) أیضاً فی شرح کلام الشرائع عدم وجدانه الخلاف فی المسألة...، لکن قد یوهم ما فی المتن الخلاف فیه بل لعلّه من المرتضى لما حکى عنه من اعتبارها فی الزکاة مستنداً لما یشمل المقام من النهی کتاباً وسنّة عن معونة الفساق والعصاة(5).

أقول : قد ورد التصریح باعتبار العدالة فی باب الزکاة فی کلمات غیر واحد من أساطین الفقه منهم الشیخ الطوسی (قدس سره) فی الخلاف فی المسألة 3 من مسائل کتاب قسمة الصدقات، بل قال : «الظاهر من مذهب أصحابنا أنّ زکاة الأموال لا تعطى إلاّ العدول من أهل الولایة دون الفساق منهم»(6).

وادّعى صاحب الغنیة أیضاً الإجماع علیه(7) وذکر صاحب المبسوط أیضاً اعتبار العدالة کما فی المختلف(8).

ومقتضى اتحاد باب الخمس والزکاة فی أوصاف المستحقین جریان الحکم فی المقام، ولکنه ضعیف هنا وهناک، فإنّ غایة ما یمکن الاستناد إلیه لإثبات اشتراط هذه الصفة أُمور :

أوّلها : ما عرفت من استدلال المرتضى (رحمه الله) بالمنع عن اعانة الفاسقین کتاباً وسنّة.

وفیه : أنّ الحرام هو إعانتهم ولو کان إعطاء الزکاة إعانة للفاسق فی فسقه وعصیانه أمکن القول به، ولکن محل الکلام عام، مثلاً: زید فاسق لارتکابه الغیبة والکذب ولکنه فقیر تعطیه من الزکاة لسد جوعه وکسوته ومسکنه واین هذا من الإعانة على الإثم.

إن قلت : قد ورد النهی فی روایة صفوان المعروفة عن إکراء الإبل لسلطان الجور حتّى للحجّ.

قلت : أُجیب عنه بأنّ حرمته لیست من باب الإعانة على الإثم فإنّ الحجّ لیس إثماً، بل من باب تقویة شوکة الظالمین فکلّ ما یوجب تقویة شوکتهم ولو کان بالحضور فی مجالسهم الدینیة ونشر الکتب العلمیة التی نشروها کان حراماً، مضافاً إلى ما فیه من تحریم حبّ بقائهم حتّى یرجعوا عن الحجّ ویعطوا کراءَهم واین هذا ممّا نحن فیه ؟

ثانیها : ما فی زکاة الخلاف من أنّ دلیلنا طریق الاحتیاط.

وفیه : أنّه لا وجه للرجوع إلیه بعد إطلاقات الأدلة، فإنّ الاطلاق دلیل لفظی من قبیل الامارات ولا مجال للاحتیاط الذی هو من الأُصول العملیة معه.

ثالثها : ما ورد فی روایة داود الصرمی قال : «سألته عن شارب الخمر یعطى من الزکاة شیئاً ؟ قال : ل»(9) وداود وإن کان مجهولاً ولکن یمکن جبر ضعف سند الحدیث بعمل المشهور به، بل ادّعى الإجماع على اعتبار العدالة فتأمل.

هذا، ولکن لا یدلّ إلاّ على حرمان شارب الخمر، غایته جواز التعدی منه إلى سائر الکبائر العظیمة لا مطلقاً.

رابعها : ما ورد فی أمر تقسیم الزکاة فی روایة أبی خدیجة عن أبی عبدالله(علیه السلام)وفیها: «فلیقسمها فی قوم لیس بهم بأس أعفّاء عن المسألة»(10) نظراً إلى أنّ عدم البأس بهم دلیل على عدم ارتکابهم المعاصی فهو ظاهر فی العدالة.

وفیه : مضافاً إلى أنّ أبا خدیجة ـ المعروف ـ هو سالم بن مکرم وهو مجهول لا یمکن الرکون إلیه. اللّهم إلاّ أن یقال : یجبر ضعف السند بما عرفت، أنّ عدم البأس لا یدلّ على العدالة وعدم الذنب مطلقاً، غایة الأمر یمکن أن یقال بعدم شموله للمتجاهرین بالکبائر، مضافاً إلى أنّ الحدیث مشتمل على مستحبات مثل کون الفقیر عفیفاً لا یسأل الناس شیئاً، أو الأمر بعدم تقسیم جمیع الزکاة فی القرابة الوارد فی ذیل الحدیث مع أنّه لیس حراماً، واشتماله على مثل هذه الأُمور یوجب سقوطها عن الدلالة على الوجوب.

خامسها : ما ورد فی روایة محمّد بن سنان عن الرضا (علیه السلام) وهو حدیث طویل فی علّة تشریع الزکاة وفی بعض فقراته قوله : «مع ما فیه من الزیادة والرأفة والرحمة لأهل الضعف والعطف على أهل المسکنة والحثّ لهم على المواساة وتقویة الفقراء والمعونة لهم على أمر الدین»(11).

وفیه : مع الإشکال فی السند فإنّ وثاقة محمّد بن سنان محل کلام، أنّه لا دلالة له على المطلوب لأنّ إعطاء الزکاة للفاسق أیضاً قد یکون معونة له على أمر دینه أو أمر مباح، لأنّ الکلام لیس فیما یکون معونة له على الحرام کما هو ظاهر.

إلى غیر ذلک ممّا قد یتمسک به ولا دلالة له على اعتبار العدالة شیئاً.

نعم، یمکن أن یقال کما أنّ دفع الزکاة إلى شارب الخمر ممنوع، فکذلک دفعه إلى سائر مرتکبی الکبائر لا سیّما مع تجاهرهم بالفسق ممنوع أیضاً. أمّا الأوّل فلما عرفت من إمکان القول بانجبار ضعف روایة داود الصرمی(12) بعمل المشهور، وأمّا الثانی فلإمکان إلغاء الخصوصیة من شارب الخمر إلیه ولا أقل من عدم ترک الاحتیاط بذلک فتدبّر.

وکذا من یستمد منه للحرام، فإنّ فی أدلة المنع عن الإعانة على الإثم فی المقام وأشباهه کفایة، ولا سیّما إذا کان المنع سبباً لردعه عنه، فإنّ أدلة النهی عن المنکر أیضاً یشمله.

هذا وقد یستدلّ على عدم الفرق بین العادل والفاسق بما ورد فی مرسلة علی بن محمّد عن بعض أصحابنا عن بشر بن بشار قال : قلت للرجل، یعنی أبا الحسن(علیه السلام)(والظاهر أنّ المراد به أبو الحسن الهادی (علیه السلام) کما یظهر بملاحظة حال بشر بن بشار) : ما حدّ المؤمن الذی یعطى من الزکاة ؟ قال : یعطى المؤمن ثلاثة آلاف. ثمّ قال : أو عشرة آلاف ویعطى الفاجر بقدر، لأنّ المؤمن ینفقها فی طاعة الله والفاجر فی معصیة الله»(13).

ومن الواضح أن ذکر هذا العدد الخاصّ لا یکون معیاراً لکلّ زمان، بل المقصود إعطاء المؤمن بقدر مؤونة سنته على نحو لائق بشأنه، وإعطاء الفاجر بمقدار قلیل یصرفه عادة فی حوائجه الواجبة ولا یقدر على صرفه فی غیرها من أصناف الفجور، وحینئذ یکون دلیلاً على الجواز بهذا المقدار فقط لا أکثر من ذلک.

هذا ولکن الروایة ضعیفه بالإرسال، ثمّ بالجهل ببعض رواتها مثل بشیر بن بشار فإنه مجهول الحال.

إن قلت : الظاهر من الحدیث جواز إعطاء الفاجر شیئاً منها وإن علم أنّه یصرفه فی الفجور.

قلت : کلا، بل المراد إعطاء مقدار قلیل لا یزید عن حوائجه الواجبة کی لا یقدر على صرفها فی الفجور.

 

بقی هنا مسائل :

المسألة الاُولى : أنّ مستضعف کلّ فرقة (کالصبی والمجنون) ملحق بها، والمراد به الإلحاق من حیث الإیمان والکفر لا من حیث الفسق والعدالة، لجواز إعطاء أطفال السادة الفقراء من الخمس بلا إشکال وإن کان آباؤهم فاسقین متجاهرین بالفسق، وقلنا باشتراط العدالة، أمّا الإلحاق من الجهة الاُولى فهو ممّا لا ریب فیه فی جمیع أحکام الشرع فی باب الطهارات والنکاح والمواریث وغیرها، بل علیه سیرة العقلاء فی أحکامهم ففی محاسبة عدد اتباع کلّ مذهب یعدون الصغار والمجانین منهم، فیقولون مثلاً عدد المسلمین فی الدنیا ألف ملیون وعدد الیهود 16 ملیون وکذا عدد سائر المذاهب، فیحاسبون الأطفال من کلّ فرقه من تلک الفرق.

المسألة الثانیة : هل یجب البسط على الطوائف الثلاث (الایتام والمساکین وأبناء السبیل) أو یمکن إعطاء النصف لصنف واحد ؟ وعلى فرض البسط هل یجب استیعاب أفراد الطائفة ـ أی جمیع أفراد الیتامى ـ أم جمیع أفراد المساکین ؟

أمّا الأوّل فالمشهور بین الأصحاب کما فی الحدائق جواز تخصیص النصف الذی للطوائف الثلاث بواحدة منها، ثمّ قال : «وظاهر الشیخ فی المبسوط المنع حیث قال :... ولا یخصّ فریقاً منهم بذلک دون فریق بل یعطى جمیعهم على ما ذکرناه من قدر کفایتهم ویسوی بین الذکر والأنثى» ثمّ حکى عن أبی الصلاح أنّه قال : «یلزم مَن وجب علیه الخمس إخراج شطره للإمام (علیه السلام) والشطر الآخر للمساکین والیتامى وأبناء السبیل لکلّ صنف ثلث الشطر»(14).

وقال المحقّق النراقی(قدس سره) فی المستند : «هل یجوز أن یخصّ بنصف الخمس الذی للطوائف الثلاث طائفة أو طائفتان منها، أم یجب البسط على الأصناف؟ المحکى عن الفاضلین ومن تأخرعنهما: الأوّل، بل هو المشهور بین المتأخرین کما صرّح به جماعة... ـ ثمّ قال : - وعن المبسوط والحلبی والتنقیح: الثانی ومال إلیه جمع من متأخری المتأخرین، منهم الذخیرة والحدائق وبعض شرّاح المفاتیح، وهو الأقوى»(15).

وقال صاحب الجواهر بعد ذکر کلام الشرائع، أی قوله: «هل یجوز أن یخصّ بالخمس طائفة ؟ قیل نعم، وقیل لا وهو الأحوط» قال: «وإن کان الأوّل أقوى بل لعلّه لا خلاف معتدّ به فیه لعدم ظهور عبارة من حکى عنه ذلک فضلاً عن صراحتها فیه»(16).

أقول : الإنصاف ظهور عبارة المحکی عن الشیخ والحلبی (قدس سرهما) أو صراحتها فالمخالف فی المسألة موجود وإن کان المشهور الأوّل.

وعمدة ما استدلّ به لقول المشهور أُمور :

1 ـ الأصل: والظاهر أنّ المراد به البراءة عن وجوب بسطها على الطوائف، لکن الإنصاف أنّ الأصل هنا هو الاشتغال بمعنى أن الحقّ الواجب تعلق بالمال (بعنوان الملک أو غیره) ولا یعلم أداؤه بدون البسط علیهم جمیعاً فاللازم هو البسط علیهم.

وإن شئت قلت: حقّ السادة موجود فی ماله وفی ضمانه ولا یعلم أداءه بغیر البسط.

2 ـ صحیحة البزنطی عن الرضا (علیه السلام) : .. فقیل له: أفرأیت إن کان صنف من الأصناف أکثر وصنف أقلّ ما یصنع به ؟ قال : «ذاک إلى الإمام، أرأیت رسول الله (صلى الله علیه وآله)کیف یصنع ؟ ألیس إنّما کان یعطی على ما یرى، کذلک الإمام»(17).

وأورد صاحب الحدائق على الاستدلال به بأنّها ناظرة إلى صورة تفاوت أفراد الطوائف کثرة وقلّة، وأنّ الإمام یعطی حینئذ على ما یراه من المصلحة لا جواز تخصیص طائفة بها دون الأخرى.

والإنصاف أنّ إشکاله وارد ولا أقل من إبهام الحدیث فلا یصحّ التمسک به فی المقام، اللّهم إلاّ أن یقال : قوله(علیه السلام): «یعطی على ما یرى...» عام یشمل البسط مع التفاوت وعدمه فتدبّر.

3 ـ السیرة المستمرة على عدم البسط، ولو کان البسط واجباً لوجب حفظ مقدار من الخمس لیوجد صاحبه من أبناء السبیل، إذا لم یکن هناک موجوداً کسائر الأموال المشترکة ومن الواضح أنّه کثیراً ما لا یوجد ابن السبیل أو لا نعرفه بعینه لو کان موجوداً مع أنّا لم نسمع أحداً ادّخر سهم ابن السبیل حتّى یلاقیه، فهذه قرینة على عدم البسط، لا سیّما إذا کان الخمس قلیلاً.

4 ـ البدلیة الثابتة بالقرائن القطعیة، وقد صرّحوا فی أبواب الزکاة بعدم وجوب البسط بل المسألة إجماعیة هناک على الظاهر، ودلّت علیه روایات کثیرة، فراجع(18)، ومقتضاه عدم البسط هنا أیضاً. اللّهم إلاّ أن یقال : إنّ القدر المسلّم منه إنّما هو البدلیة فی المستحقین وأوصافهم، أمّا مقدار ما یعطى إلیهم وأنّ الواجب البسط وعدمه فلا یمکن استفادته من أدلتها، ولکن الإنصاف أنّه یفهم منه أنّ وزان تقسیم الخمس وزان تقسیم الزکاة، فلو کان متفاوتاً معه کان الواجب التصریح به فی روایات هذا الباب وحیث لم یرد یعلم أنّهما غیر متفاوتین من هذه الناحیة.

واستدلّ للقول الثانی بظاهر آیة الخمس الدالّة على تقسیمه إلى ستة أسهم مع ما یعلم من أن نصف الخمس یتعلّق بالله تعالى ورسوله (صلى الله علیه وآله) والإمام المعصوم (علیه السلام) وهذا بنفسه قرینه على البسط.

وإن شئت قلت : لا شک فی أنّ السهام الثلاثة الاُولى من قبیل البسط وأنّه مع التسویة أیضاً وإن کان اختیارها کلّها بید النبی (صلى الله علیه وآله) فی حیاته وبید الإمام المعصوم (علیه السلام)بعده، فهذا قرینة على کونه کذلک فی الثلاثة الأخیرة، ومن البعید التفرقة بینهما من هذه الجهة.

ویمکن الجواب عنها بأنّها لو لم تکن ظاهرة فی القول الأوّل فلا أقل من عدم دلالتها على الثانی وذلک لاُمور :

أوّلها : أنّ الظاهر هو کون الأصناف الثلاثة الأخیرة مندرجة تحت عنوان الفقیر أو ذوی الحاجة فلیس الیتیم قسیماً للمسکین، وکذلک أبناء السبیل فإنّهم أیضاً فقراء فی السفر وإن کانوا ذوی المکنة فی أوطانهم.

ففی الواقع ینقسم الخمس إلى قسمین، نصف منه للحکومة الإسلامیة التی یکون أمرها بید النبی (صلى الله علیه وآله) أو الإمام (علیه السلام) أو نائبه بعده (صلى الله علیه وآله) ونصف منها لذوی الحاجة من أهل بیته (علیهم السلام)ومن الواضح ـ کما سنشیر إلیه إن شاء الله ـ أنّه لا یجب استیعاب کلّ فرد من أفراد هذا العنوان، فإذن لا مانع من صرفه فی بعض الیتامى فقط أو بعض المساکین أو غیر ذلک.

ثانیها : أنّ أبناء السبیل قلیلون فی جنب الباقی جدّاً لا سیّما فی جنب المساکین، ومن الواضح أنّه لا یمکن تخصیص سهم مساو لهم فی مقابل الباقین، مع أنّ ظاهر الآیة ـ کما عرفت ـ کون السهام الستّة متساویة فهذه قرینة أخرى على أنّ المراد من الآیة لیس ما یبدو منها فی بادىء النظر.

ثالثها : أنّها کما تدلّ على لزوم البسط على الطوائف الثلاث، تدلّ على لزوم استیعاب الطوائف الثلاث بحسب الأفراد لکونها عاماً شاملاً لجمیع أفراده، وحیث لا یجب الاستیعاب قطعاً بل لا یمکن ذلک عادة، ولو أمکن فلا یکون المال کافیاً لذلک غالباً، فاللازم رفع الید عن ظاهر الآیة، فهذه أیضاً قرینة على أنّ المراد لیس ظاهرها.

والعمدة من بین هذه الوجوه هو الأوّل (وهو اندراج جمیع الطوائف الثلاث فی واحد) واستیعاب الأفرادی غیر واجب بالاتفاق.

وأمّا ما أجاب به بعضهم عن هذا الدلیل بأنّها مسوقة لبیان المصرف کما فی آیة الزکاة.

ففیه : أنّه مخالف لظاهرها لاستلزامه القول بإمکان صرف الجمیع فی مصارف سهم الإمام، أو جمیع الخمس فی خصوص السادة المحتاجین ولم یقل به أحد.

واستدلّ لهذا القول أیضاً بروایة حمّاد بن عیسى عن بعض أصحابنا وفیها : «ونصف الخمس الباقی بین أهل بیته فسهم لیتاماهم وسهم لمساکینهم وسهم لأبناء سبیلهم، یقسم بینهم على الکتاب والسنّة (الکفاف والسعة) ما یستغنون به فی سنتهم...»(19).

وما رواه أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا رفع الحدیث قال : «... وسهم للیتامى وسهم للمساکین وسهم لأبناء السبیل...»(20).

وما رواه السیّد المرتضى فی (رسالة المحکم والمتشابه) نقلاً عن تفسیر النعمانی باسناده الآتی عن علی(علیه السلام) قال: «... ثمّ یقسم الثلاثة السهام الباقیة بین یتامى آل محمّد ومساکینهم وأبناء سبیلهم»(21).

ومثلها ما رواه إسحاق عن رجل قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن سهم الصفوة فقال: «... وثلاثة أسهم للیتامى والمساکین وأبناء السبیل یقسّمه الإمام بینهم، فإن أصابهم درهم درهم لکلّ فرقة منهم نظر الإمام بعد فجعلها فی ذی القربى...»(22).

وأنت خبیر بأن هذه الروایات کلّها ضعیفة الإسناد، مهجورة عند المشهور، فلا یمکن الرکون إلیها، مضافاً إلى أنها وإن کانت فی بادىء النظر ظاهرة فی البسط على الأصناف الثلاثة ولکن عند الدقّة یظهر منها خلافه، ففی روایة حمّاد جعل فقراء قرابة الرسول فی مقابل فقراء الناس فقال : «وإن فقراء الناس جعل أرزاقهم فی أموال الناس على ثمانیة أسهم لم یبق أحد منهم وجعل للفقراء من قرابة الرسول نصف الخمس فأغناهم به» ومن المعلوم أنّه لا یجب البسط هناک، فکذلک هنا، فتأمل.

مضافاً إلى أنّ ظاهر الروایة الأخیرة لزوم التقسیم بالسویة بین أفراد کلّ واحد من هذه الأصناف الذی لا یقول به أحد.

فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّ القول بالبسط بین الطوائف الثلاث ممّا لا یمکن المساعدة علیه، وأظهر من ذلک عدم لزوم الاستیعاب بالنسبة إلى الأفراد لعدم أمانه غالباً ومخالفته للسیرة المستمرة قطعاً ولفعل المعصومین (علیهم السلام) وممّا ذکرنا ظهر الحال فی المقام الثانی ـ أعنی عدم وجوب رعایة المساواة بین الأصناف ـ لما عرفت من التصریح به فی صحیحة البزنطی.

وأمّا المقام الثالث (وهو الاستیعاب لجمیع أفراد صنف واحد) : فالمشهور فیه أیضاً عدم الوجوب حتّى أن المحقّق الذی احتاط فی مسألة البسط على الطوائف الثلاث صرّح بعدم وجوب استیعاب أشخاص کلّ طائفة هنا، بل قد حکى عن غیر واحد من الأصحاب نفی الخلاف أو الإجماع فیه، ویدلّ علیه أُمور :

1 ـ الأصل، فإنّ مقتضاه هو البراءة عن القید الزائد وهو وجوب الاستیعاب، ولکن قد عرفت آنفاً أنّ الأصل هنا هو الاشتغال بمعنى أنّ أرباب الخمس مالکون لسهمهم مشاعاً فی المال، أو مستحقون له بنحو آخر وهو فی الحقیقة أمانة بید المالک ولا یعلم أنّه هل یؤدی بدفعه إلى بعضهم دون بعض، والقدر المتیقن من الأداء هو الاستیعاب فقاعدة على الید وقاعدة الاشتغال تقتضی ذلک.

2 ـ مقتضى البدلیة عن الزکاة هنا أیضاً عدم الاستیعاب بالبیان الذی مرّ آنفاً.

3 ـ الاستیعاب غیر ممکن أو متعسر فهو غیر واجب.

وفیه : أنّ العسر والحرج أمر شخصی یتقدر بقدره، فاللازم الاستیعاب مهما أمکن ویسقط وجوبه عند التعذر والتعسر.

4 ـ الجمع المحلى باللام فی کتاب الله بمعنى الجنس لا العموم، فقوله تعالى الیتامى والمساکین محمول على الجنس.

وفیه : أنّه مجرّد دعوى لم تثبت صحّته وإن کان الأقرب فی النظر إرادة الجنس فی أمثال هذه الموارد.

5 ـ الخطاب هنا للمجموع، فالمؤمنون جمیعهم مخاطبون بأداء خمسهم لمجموع الیتامى والمساکین وأبناء السبیل من بنی هاشم، ولازمه التقسیم بإعطاء کلّ واحد إلى بعضهم.

وفیه : أنّه أیضاً دعوى بلا دلیل، بل الأصل فی العمومات الحمل على العموم الإفرادی لا المجموعی لأنّه المتبادر إلى الذهن عند إطلاقها.

6 ـ السیرة المستمرة الجاریة على عدم الاستیعاب فإنّه لم یسمع من فعل رسول الله(صلى الله علیه وآله)والأئمّة المعصومین(علیهم السلام)، وکذا العلماء فی البلاد المختلفة استیعاب جمیع بنی هاشم أو من حضر منهم البلد، ولو وجب ذلک لاشتهر اشتهاراً تاماً.

7 ـ واستدلّ له أیضاً بقوله (علیه السلام) کذلک الإمام (أی یعطی على ما یرى) فإنّ إطلاقه یشمل عدم الاستیعاب لآحاد المستحقین، ولکن قد عرفت أنّه یشکل الاعتماد على هذا الظهور بعد کون السؤال عن التساوی بین الأصناف الثلاثة وعدمه فلعلّ الجواب أیضاً ناظر إلیه فقط، وبالجملة لولا ظهوره فی ذلک فلا أقل من إجماله فلا یجوز التمسک به لما نحن بصدده.

والحاصل : أنّه لا دلیل على وجوب الاستیعاب بل الدلیل موجود على عدمه، ولولاه کان مقتضى الأصل الاستیعاب بحسب الأفراد مهما أمکن.

نعم، لا شک أنّه إذا کانت هناک أموال کثیرة للسادة بید ولی الأمر وکان فیهم اُناس کثیرون محتاجون غایة الحاجة فعلیه تنظیم البرنامج لسد خلّتهم ورفع حاجتهم، ویشکل إعطاؤه بعضهم تمام حاجاتهم السنویة من دون رعایة حال الباقین، بل لعلّه یعد ذلک تقصیراً منه فی أمر الولایة وأداء الحقوق ونظم الأُمور، فعلیه جعل النقباء واحصائهم وجعل الرواتب لهم وتقسیم حقوقهم على نحو مطلوب لا سیّما فی عصرنا وزماننا الذی یعد القصور فی هذه الأُمور تقصیراً فی أداء أمر الولایة، وهذا هو المستفاد من أدلة ولایته.

وبالجملة لو لم یکن ذلک واجباً قطعیاً علیه فلا أقل من الاحتیاط الذی هو سبیل النجاة، بل الأمر فی حقّ غیره أیضاً فی بعض الظروف کذلک، فلو کان فیمن حضره أیتام من بنی هاشم یحتاجون إلى الأولیات ممّا یحتاج إلیه فی أمر الحیاة کاللباس والغذاء و...، فلو أعطى الخمس کملاً لغیره ممّن یصرفه فیما یلیق بشأنه من غیر الضروریات کالخادم اللائق بحاله وسفر الزیارة وبعض الهدایا والصلات اللائقة بحاله، کان صرف سهم السادة فی الثانی دون الأوّل فی غایة الإشکال، والوجه فیه أنّا وإن قلنا بعدم لزوم الاستیعاب ولکن أدلّة الجواز منصرفة عن مثل هذه الصورة وأشباهها ویشکل البراءة عن حقّ السادة بذلک کما لا یخفى على من دقق النظر فی لسان أدلة الخمس وغیرها.

المسألة الثالثة : مستحقّ الخمس من انتسب إلى هاشم بالأبوة، فلو انتسب إلیه بالاُمّ لم یحل له الخمس وتحلّ له الزکاة.

هذا هو المعروف والمشهور بین الأصحاب، ولکن حکى الخلاف فیه عن السیّد المرتضى وابن حمزة ولکن فی کون الثانی أعنی ابن حمزة (قدس سره) مخالفاً، کلام، فإنّ صاحب الجواهر قال : إنّ فیما حضرنی من نسخة الوسیلة موافقة المشهور ویؤیده نسبة غیر واحد من الأصحاب الخلاف إلى السیّد المرتضى خاصة(23).

هذاولکن صاحب الحدائق (قدس سره) اسند الخلاف فی المسألة إلى جماعة کثیرة من الأصحاب نظراً إلى ما ذکروه فی الأبواب الاُخر وإلیک نصّ عبارته : «والأصحاب لم ینقلوا الخلاف هنا إلاّ عن السیّد (رحمه الله) وابن حمزة مع أن شیخنا الشهید الثانی فی شرح المسالک فی بحث میراث أولاد الأولاد نقله عن المرتضى وابن ادریس ومعین الدین المصری. ونقله فی بحث الوقف على الأولاد عن الشیخ المفید والقاضی وابن ادریس».

ثمّ قال : «ونقل بعض أفاضل العجم فی رسالة له صنفها فی هذه المسألة واختار فیها مذهب السیّد، هذا القول أیضاً عن القطب الراوندی والفضل بن شاذان، ونقله المقداد فی کتاب المیراث من کتابه کنز العرفان عن الراوندی والشیخ المحقّق أحمد بن المتوج البحرانی الذی کثیراً ما یعبر عنه بالمعاصر، ونقله فی الرسالة المشار إلیها ایضاً عن ابن أبی عقیل وأبی الصلاح والشیخ الطوسی فی الخلاف وابن الجنید وابن زهرة فی الغنیة، ونقل عن المحقّق المولى أحمد الأردبیلی(رحمه الله) المیل إلیه أیضاً، وهو مختار المحقّق المدقق المولى العماد میر محمّد باقر الداماد وله فی المسألة رسالة جیّدة قد وقفت علیها، واختاره أیضاً المحقّق المولى محمّد صالح المازندرانی فی شرح الاُصول والسیّد المحدّث السیّد نعمة الله الجزائری وشیخنا المحدّث الصالح الشیخ عبدالله بن صالح البحرانی».

ثمّ قال صاحب الحدائق: «وأنت خبیر بأن جملة من هؤلاء المذکورین وإن لم یصرّحوا فی مسألة الخمس بما نقلناه عن السیّد المرتضى (رضی الله عنه) إلاّ أنّهم فی مسائل المیراث والوقف ونحوها لما صرّحوا بأنّ ولد البنت ولد حقیقة اقتضى ذلک إجراء حکم الولد الحقیقی علیه فی جمیع الأحکام التی من جملتها جواز أخذ الخمس وتحریم أخذ الزکاة» ثمّ نقل عباراتهم تفصیلاً فی تلک الأبواب (انتهى محل الحاجة من کلامه)(24).

أقول : قد وقع الخلط هنا بین مسألتین (کما أشار إلیه کثیر من الأعلام) :

إحداهما : صدق الولد حقیقة على ولد البنت وهو ممّا لا ریب فیه عرفاً وشرعاً، فإنّ الأولاد والأسباط یتکوّنون من الجانبین من ناحیة الأب والاُمّ، ویشهد له أنّ أحکام النکاح والارث المترتبة على النسب جاریة فیهما بلا خلاف فیها بین علماء الإسلام، والسرّ فیه أن تکوّن الولد من ناحیة الأب والاُمّ، وقد ثبت الیوم أنه لولا الترکیب بین خلیة من الرجل المسمّاة بالاسبرماتوزوئید وخلیة من المرأة وهی المسماة بالاوول لم تنعقد النطفة فی الرحم.

نعم قد کان هناک فکر جاهلی یتجسم فی شعرهم المعروف :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا *** بنوهن أبناء الرجال الأباعد

الذی یخالف العقل والنقل من الکتاب والسنّة، ولنعم ما قال سیّدنا الاُستاذ العلاّمة المحقّق البروجردی(رحمه الله) فیما حکى عنه فی محاضراته (زبدة المقال) : «أنّه هل یمکن التمسک بقول شاعر مجهول هویته، فیردّ به على کتاب الله وسنّة رسوله(صلى الله علیه وآله) ، وهل هذا إلاّ کدفع ما حکم به العقل السلیم بتخیلات شعریة»(25).

وقوله «کتاب الله» إشارة إلى ما ورد فی قوله تعالى إشارة إلى إبراهیم الخلیل على نبیّنا وآله وعلیه السلام : (وَمِن ذُرِّیَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَیَْمانَ وَأَیُّوبَ وَیُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَکَذَلِکَ نَجْزِى ا لُْمحْسِنِینَ * وَزَکَرِیَّا وَیَحْیَى وَعِیسَى وَإِلْیَاسَ کُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِینَ)(26).

فإن عیسى (علیه السلام) لا یکون من ذریة إبراهیم (علیه السلام) إلاّ من قبل الاُمّ، وقوله «سنّة رسول الله» إشارة إلى أحکام الإرث والمناکح الثابتة فی السنّة.

والظاهر أنّ عرب الجاهلیة ومن تبعهم بعد ظهور الإسلام کانوا یعتقدون أنّ الاُمّ لا تکون إلاّ وعاء لحفظ النطفة الحاصلة من الأب کما تکون الأرض وعاء لحفظ البذور وتنمیتها، کما یقول شاعرهم.

وإنّما اُمّهات الناس أوعیة *** مستودعات وللأحساب آباء.

وقد أخذ بهذه الفکرة جمع من أعداد أهل البیت المنکرین لفضائلهم حیث کان من مفاخرهم العظیمة أنّهم أبناء رسول الله (صلى الله علیه وآله) ویراهم الناس فی هذا الموقف، فخالفهم المعاندون وقالوا: إنّکم منتسبون إلى رسول الله (صلى الله علیه وآله) من ناحیة الاُمّ أی الزهراء المرضیة(علیها السلام)وولد البنت لیس ولداً حقیقة فأجابوهم بالکتاب والسنّة والدلائل الظاهرة.

فهذا الحکم أعنی کون ولد البنت ولداً حقیقة حکم واضح یعرفه کلّ مسلم بلا ریب، وکان انکار ذلک مسألة سیاسیة جاهلیة من ناحیة الخلفاء الجائرین وأذنابهم دفعاً لأئمّة أهل البیت (علیهم السلام) عن حقّهم الذی جعل الله تعالى لهم.

ثانیتهما : إنّ حکم الخمس یجری على أولاد هاشم أی کلّ من ینتسب إلیه شرعاً وعرفاً من طریق الولادة أو خصوص من ینتسب إلیه بالأبوة فقط، ومدّعى الأصحاب فی المقام هو الثانی لقیام دلیل خاصّ فیه لا إنکار صدق البنوة.

والشاهد القوی على ذلک نفس ما ذکره صاحب الحدائق (واتعب نفسه الزکیة فیه لتأیید مذهبه والحال أنّه دلیل على خلاف مذهبه) أنّهم صرّحوا فی الأبواب الاُخر من الفقه بعموم الحکم، ولکن قصروا هنا على خصوص من ینتسب بالأبوة فهذا دلیل واضح على کون الحکم فی المقام لدلیل خاصّ.

وصاحب الحدائق وجماعة أُخرى حیث تخیلوا أنّ المسألتین من واد واحد قالوا بالعموم مع أنّهما مختلفتان لا تنسجان على منوال واحد.

بل قد یظهر من مستند العروة أنّ ما نسب إلى السیّد (قدس سره) من عموم الاستحقاق للمنتسب إلى هاشم من طرف الاُمّ أیضاً غیر ثابت(27).

وقد بحثنا فی کتب السیّد (قدس سره) فلم نجد هذه الفتوى فی هذا المبحث، بل الذی یظهر من کلمات غیر واحد منهم أنّ السیّد لم یصرّح بهذه المقالة فی الخمس بل الذی صرّح به هو کون ولد البنت ولداً حقیقة ففرعوا علیه ذلک.

قال العلاّمة(قدس سره) فی المختلف : «اختلف فی استحقاق مَن أُمّه هاشمیة وأبوه غیر هاشمی، فاختار الشیخ فی المبسوط والنهایة المنع من الخمس ویجوز له أن یأخذ الزکاة، واختاره ابن ادریس وابن حمزة، وذهب السیّد المرتضى إلى أنّ ابن البنت ابن حقیقة، ومن أوصى بمال لولد فاطمة دخل فیه أولاد بنیها وأولاد بناتها(علیها السلام) حقیقة، وکذا لو أوقف على ولده دخل فیه ولد البنت لدخول ولد البنت تحت الولد»(28).

وذکر الوصیة والوقف دون ذکر الزکاةوالخمس دلیل على أن السیّد لم یتعرض له فی المقام بل تعرض للمسألة فی مقامات أخرى، فاستنبطوا منه حکم المقام زعماً منهم أنّ المسألتین من باب واحد.

وقال المحقّق القمّی فی الغنائم : «المشهور بین الأصحاب أیضاً اشتراط الانتساب إلى عبدالمطلب بالأب ولا یکفی الانتساب بالاُمّ... وخالف فی ذلک المرتضى وابن حمزة محتجاً باستعمال لفظ الابن والبنت فی المنتسب بالاُمّ، کما فی تسمیة الحسنین(علیهما السلام) بابنی رسول الله (صلى الله علیه وآله)»(29).

وهذا التعبیر أیضاً شاهد على ما ذکرنا، ولعلّ اختلاف کلماتهم فی ما ذهب إلیه ابن حمزة فنسب العلاّمة إلیه فیما عرفت من کلامه مذهب المشهور، ونسب إلیه المحقّق القمّی مذهب السیّد أیضاً ناشىء من هذا الأمر، فالعلاّمة رأى فتواه فی مذهب الخمس والمحقّق القمّی رأى قوله أنّ ولد البنت ولد حقیقة.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ غایة ما یمکن الاستدلال به على مذهب المشهور أُمور :

1 ـ مرسلة حمّاد (ولا یضرّها الارسال أمّا لأنه من أصحاب الإجماع وأمّا لانجبارها بعمل المشهور) عن العبد الصالح قال : «.. ومن کانت أُمّه من بنی هاشم وأبوه من سائر قریش فإن الصدقات تحلّ له ولیس له من الخمس شیء»(30).

فهذا الکلام صریح فی مذهب المشهور ولا یبعد استنادهم إلیه لأنّه أصرح شیء فی المقام، والمفروض أنّ الحکم على خلاف القاعدة لأنّ مقتضاها العموم لأنّ ولد البنت ولد حقیقة کما عرفت، فاستناد فتواهم إلیه قریب جدّاً.

2 ـ استقرار الفتاوى فی الأبواب الاُخر من المناکح والمواریث وغیرها على العموم مع استقرارها على الخصوص دلیل واضح على وجود دلیل صالح للاستناد إلیه هنا، مع شدّة الابتلاء بها فقد قال صاحب مستند العروة إنّ الحکم لو شمل المنتسب إلى هاشم بالاُمّ دخل غالب الناس فیه فإنّه قلما یتفق عدم استناد المسلمین إلیه من هذا الطریق فی طول سلسلة نسبهم.

3 ـ ویؤیده أو یشهد له ما ذکره صاحب مصباح الفقیه أنّه لو کان الانتساب إلى بنی هاشم من قبل الاُمّ موجباً لحرمة الصدقة وإباحة الخمس، استقرت السیرة على ضبط النسبة وحفظها من الصدر الأوّل کی لا یرتکبوا الحرام، وتحل لهم الأخماس مع أنّه لیس کذلک بعدم جریان عادة المتشرعة على حفظ هذه الأنساب وضبطها کجریان عادتهم على حفظها من طرف الأب من أقوى الشواهد على أنّه لیس لها هذا الأثر فی الشریعة.

(ولا یخفى أنّ عمدة الأثر الشرعی تظهر فی هذین الحکمین حکم الزکاة وحکم الخمس).

4 ـ یمکن الاستدلال له بما ورد من التعبیر فی الروایات فإنّ التعابیر فیها مختلفة :

ألف : فی بعضها ورد التعبیر بـ : «آل محمّد» (راجع الروایة 9 و12 و16 من الباب الأوّل من أبواب قسمة الخمس).

ب : فی بعضها الآخر ورد التعبیر بـ : «أقرباء الرسول أو أهل بیته» (راجع 1 و2 و5 و10 و13 منه).

ج : فی بعضها التعبیر بقوله منا خاصة أو فینا خاصة (4 و7 منه).

وهذه التعابیر کلّها شاملة عامة للجمیع.

لکن المصرّح به فی روایات کثیرة فی أبواب الزکاة هو عنوان بنی هاشم وبنی عبدالمطلب بحیث یظهر منه أن الحکم یدور مدار هذا العنوان. راجع الروایة (1 و2 و3 من الباب 29 من أبواب المستحقین للزکاة).

والروایة (1 و2 و3 و5 و6 و7 و9 من الباب 32).

والروایة (1 من الباب 33).

والروایة (1 و2 و4 من الباب 34).

إلى غیر ذلک وظاهر کونها فی مقام البیان من حیث حرمة الصدقة على بنی هاشم، وهی أکثر عدداً وأقوى ظهوراً وأظهر دلالة ممّا ورد فی باب الخمس ـ کما لا یخفى على الخبیر المتدبّر ـ ومن المعلوم أن عنوان بنی هاشم وبنی عبدالمطلب لا یصدق إلاّ على من انتسب إلیهما من طریق الأب، ولعلّ الأصحاب عند الجمع بین هذه التعبیرات المختلفة رأوا أنّ الأخیر أقوى من بینها فأفتوا بمقتضاه.

اللّهم إلاّ أن یقال : نسبة هذه الروایة مع الروایات السابقة (أی الطوائف الثلاث الأُولى) وإن کان نسبة المطلق والمقید إلاّ أنّهما من قبیل المثبتین، ومن المعلوم عدم التقیید فی مثله.

وإن شئت قلت : إثبات جواز الخمس على بنی هاشم (بناءً على اختصاص هذا العنوان بمن یکون نسبته من طریق الأب) لا ینافی العموم المستفاد من قوله آل محمّد أو قرابة الرسول أو غیرها من أمثالها، فإنّ إثبات الشیء لا ینفی ما عداه.

ولکن الإنصاف أنّ هذه الروایات الواردة فی أبواب الزکاة حیث وردت فی مقام بیان عنوان المستحقین یستفاد منها المفهوم، فقوله (علیه السلام) فی صحیحة الفضلاء : «إنّ الصدقة لا تحلّ لبنی عبدالمطلب»(31) وقوله (علیه السلام) فی صحیحة ابن سنان : «لا تحل الصدقة لولد العبّاس ولا لنظرائهم من بنی هاشم»(32) فی مقام بیان جمیع من یحرم علیه الصدقة ویحلّ له الخمس طبعاً، فاستفادة المفهوم منه وتقیید تلک الروایات السابقة بها غیر بعید.

وأوضح حالاً منها قوله فی مرسلة حمّاد : «إنّما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم، یعنی بنی عبدالمطلب عوضاً لهم من صدقات الناس»(33).

إن قلت : ما الدلیل على اختصاص هذا العنوان بمن یکون منسوباً من قبل الأب فقط، لأنّا نعلم أنّ الابن هنا یشمل جمیع الأولاد من المذکر والمؤنث لعدم اختصاص الخمس بالرجال من بنی هاشم، والانتساب إلى هاشم کما یکون من قبل الأب یکون من قبل الاُمّ أیضاً ؟

قلت : فرق بین مسألة النسب والقرابة والرحم، وبین مسألة القبیلة والطائفة ـ کما لا یخفى على من راجع العرف ـ فالأوّل لا فرق فیه بین الانتساب من ناحیة الأب والاُمّ، لأنّه مسألة الدم وأخذ النطفة وتکوّنها، ولکن الثانی إشارة إلى حقیقة اجتماعیة تدور مدار الأب فقط کالهاشمی أو التمیمی أو القرشی، (ومثله بنو هاشم وبنو تمیم أیضاً وبنو أسد لأنّ هذا التعبیر بین العرب إنّما یکون إشارة إلى الطائفة والقبیلة) فلو تزوج رجل من بنی أسد امرأة من بنی تمیم، عد أبنائهما من قبیلة بنی أسد أی قبیلة الزوج لا من بنی تمیم.

وهکذا الیوم فإنّ الرجل إذا تزوج امرأة من قبیلة أخرى یسمّى الأولاد باسم قبیلة الرجل ویأخذون الجنسیة باسم قبیلة الرجل لا المرأة، والظاهر أنّه لا یختصّ هذا المعنى بالعرب والعجم فی جوامعنا بل الأمر کذلک فی سائر جوامع العالم حتّى الیوم.

فالمنتسب لهاشم من قبل اُمّه إذا کان أبوه من بنی أسد مثلاً لا یسمّى هاشمیاً بل أسدیاً وهکذا أشباهه.

ومن هنا یظهر أنّ الأحکام التی تدور مدار النطفة والدم ـ مثل المناکح والمواریث ـ لا یفترق الحال فیها بین الانتساب من ناحیة الأب أو الاُمّ، وأمّا الأحکام التی تدور مدار عنوان الطائفة فلا یجری الحکم إلاّ من ناحیة الانتساب من طریق الأبوة.

فهذا هو السرّ فی الفرق الذی یستفاد من فتاوى المشهور من أعاظم العلماء وأساطین الفقه. ولکن الغافل عن هذا التفاوت یزعم أنّهم غفلوا عن وحدة الأحکام فتدبّر جیّداً.

إن قلت : النسبة بین الروایات الدالة على أنّ الخمس لمطلق قرابة النبی(صلى الله علیه وآله)والروایات الکثیرة الدالّة على أنّه لبنی هاشم أو بنی عبدالمطلب الظاهرة فی خصوص من کان منسوباً إلى هذه الطائفة من طریق الأب هو العموم من وجه، لأنّ الأوّل لا یشمل أعمام النبی ونظراءَهم والحال أنّه یشمل بنی هاشم.

قلت : عدم شمول تلک العناوین لأعمامه (صلى الله علیه وآله) ونظرائهم أوّل الکلام لا سیّما مع العلم بدخولهم من القرائن الخارجیة وأنّهم داخلون فی هذا الحکم بالإجماع.

سلّمنا، إذا وقع التعارض من جهة العموم من وجه فحکمه التساقط لا الرجوع إلى المرجحات، وبعد التساقط فالأصل عدم جواز التعدی عن القدر المعلوم وهو المنتسب بالأب کما عرفت.

وممّا ذکرنا یظهر الوجه فی الاستدلال بقوله تعالى : (اُدْعُوهُمْ لاَِبَائِهِم)(34) فی مرسلة حمّاد بن عیسى بعد قوله : «ومن کانت اُمّه من بنی هاشم وأبوه من سائر قریش فإن الصدقات تحلّ له ولیس له من الخمس شیء»(35).

فإن دعاءهم باسم آبائهم من أوضح القرائن على أن المعیار فی معرفة الأشخاص فی ذلک المجتمع کان من ناحیة الأب وکذا شمول أسم القبیلة والطائفة کما أنّ المعمول الیوم أیضاً کذلک فی المجتمعات العربیة فیدعون کلّ إنسان باسم أبیه فیقال مثلاً سلیمان محمود، فالأوّل اسمه والثانی اسم أبیه.

والحاصل : أنّ هناک فرقاً بین قولنا ادعوهم باسم آبائهم لا باسم اُمّهاتهم وبین قولنا أنّهم بنو آبائهم لا بنو أُمّهاتهم.

 

بقی هنا شیء :

وهو أنّ صاحب الحدائق (رضی الله عنه) قد أتعب نفسه الزکیة بإثبات شمول الحکم للمنصوبین من ناحیة الاُمّ ودافع عن هذا القول فی کتابه الحدائق المجلد الثانی عشر بما یقرب من ثلاثین صفحة(36).

ولا بأس بالنظر الاجمالی إلیها کی یتبیّن حالها، والناظر فی کلامه یرى فیها الأُمور التالیة :

1 ـ قسم کبیر منها ناظر إلى بیان أقوال الفقهاء لا فی المسألة، بل فی الأبواب الاُخر فی إثبات أنّ ولد البنت ولد فی الحقیقة کأبواب المواریث والأوقاف والوصایا.

وقد عرفت أنّها کلّها خارجة عن محل الکلام لأنّ کون ولد البنت ولداً حقیقة ممّا لا ریب فیه، ولذا یترتب علیها أحکام الولد بلا کلام فی الارث والمناکح، إنّما الکلام فی وجود خصوصیة فی باب الخمس یوجب اختصاص الحکم لمن ینتسب من قبل الأب فقط.

2 ـ قسم کبیر آخر منها ناظر إلى الروایات الدالّة على أنّ ولد البنت ولد حقیقة، وأنّ أئمّة أهل البیت الهداة المهدیین (علیهم السلام) أولاد رسول الله (صلى الله علیه وآله) حقیقة لا مجازاً.

وهذا أیضاً حقّ لا ریب فیه ولکن خارج عن محلّ الکلام.

3 ـ قد جعل أحسن الأدلة فی المقام مرسلة حمّاد، ثمّ أورد علیها بأنّها ضعیفة السند على مصطلح القوم وإن کانت صحیحة على مختاره، وأورد علیها أیضاً بأنّها مخالفة لکتاب الله أوّلاً، وموافقة للعامة ثانیاً.

أمّا مخالفتها لکتاب الله فلأنّه دالّ على أن ابن البنت ابن حقیقة، وأمّا مخالفته للعامّة فلما ذکره السیّد المرتضى(رحمه الله) من أنّ مخالفینا لا یوافقوننا فی تسمیة ولد البنت ولداً على الحقیقة.

وفیه: أوّلاً : أنّ المرسلة منجبرة بعمل الأصحاب کما عرفت فهی معتبرة على اصطلاحنا أیضاً.

وثانیاً : أوّل المرجحات هی الشهرة کما ذکر فی محلّه، والشهرة هنا موافقة لحرمان أولاد البنت.

وثالثاً : قد عرفت مراراً أنه لیس الکلام فی کون ولد البنت ولداً حقیقة، وأنّ المرسلة أیضاً لا تنفی ذلک حتّى تکون مخالفة لکتاب الله بل هی ناظرة إلى النسب الاجتماعی والطائفی وإنّما هو إلى الأب لا الاُمّ، هکذا کان الأمر فی الأعصار السابقة وفی عصرنا هذا.

ورابعاً : أنّ العامّة أیضاً لا یخالفوننا فی إجراء أحکام الولد على ولد البنت، وإنّما أنکر بعض المعاندین منهم تسمیة الأئمّة (علیهم السلام) باسم أولیاء رسول الله انکاراً لفضلهم.

4 ـ وأخیراً ذکر فی کلامه موارد من روایات أهل البیت (علیهم السلام) ورد التعبیر فیها بالعلوی أو المحمّدی (لا فی باب الخمس واشباهه بل فی مناسبات أخرى).

ولکن من الواضح أنّها لیست ناظرة إلى عشیرة أو طائفة بهذا الاسم، بل إنّما هی فی مقام بیان تشریف بعض الأشخاص وعلو منزلتهم مثلما قد یقال سلمان المحمّدی بدلاً عن سلمان الفارسی.

ثمّ قال صاحب الحدائق : «الظاهر أنّ معظم الشبهة عند من منع فی هذه المسألة من تسمیة المنتسب بالاُمّ ولداً بالنسبة إلى جدّه من أُمّه هو أنّه إنّما خلق من ماء الأب، والاُمّ إنّما هی ظرف ووعاء»(37). ثمّ أشار إلى حدیثین أحدهما فی بیان اعتراض هارون الرشید على الإمام الکاظم (علیه السلام) بقوله لماذا لا تمنعون شیعتکم عن خطابکم بابن رسول الله (صلى الله علیه وآله) ؟ فأجابه(علیه السلام) بقوله تعالى : (فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَکُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَکُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَکُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى ا لْکَـاذِبِینَ)(38) فإنّ المراد من الأبناء هو الحسن والحسین(علیهما السلام) أبناء رسول الله(صلى الله علیه وآله) وبقوله تعالى فی سورة الأنعام (الآیة 184).

والآخر هو قصة الحجاج مع الشعبی الذی کان من علماء العامة لکن کان له میل إلى أهل البیت (علیهم السلام) فاطلع الحجاج على ذلک واستعظمه فأمر بعقد مجلس من علماء مصر واعترض فیه على الشعبی اعتراضاً شدیداً، فأجابه الشعبی بالآیة السابقة والحدیث المعروف المنقول عن الرسول (صلى الله علیه وآله) : «إنّ هذا ابنی حسن، فبهت الذی کفر».

ثمّ استدل فی الحدائق لحسم مادة الشبهة عندالمشهور (على زعمه) بقوله تعالى : (یَخْرُجُ مِن بَیْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئبِ) فإنّ الصلب من الرجل والترائب من المرأة، وقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْنَا ا لاِْنسَانَ مِن نُّطْفَة أَمْشَاج) ففسّر الامشاج بنطفة مختلطة من نطفة الأب ونطفة الاُمّ، وبالأحادیث القائلة بأنّه إن سبقت نطفة الأب فکان الولد شبیهاً لأبیه، وإن سبقت نطفة الاُمّ فکان شبیهاً لأُمّه فلا مجال لما زعمه المشهور(39).

أقول : قد سبق أن قلنا إنّ الأمر اشتبه على صاحب الحدائق ـ رضوان الله علیه ـ فتوهّم أنّ الموضوع فی باب الخمس هو صدق الولد على أولاد البنت ولکن عرفت أنّ الحقّ خلافه، فإنّ للإنسان نسبتین :الاُولى : نسبته إلى أبیه واُمّه وعلیه فلا شک أنّ ولد البنت ولد حقیقة، وهذا هو موضوع البحث فی أبواب المواریث والأوقاف والنکاح.

الثانیة : نسبته إلى قومه نسبة اجتماعیة ولا إشکال فی ملاحظة الانتساب من طریق الأب فیها دون الاُمّ، والإضافة الملحوظة فی إطلاق الهاشمی أو بنی هاشم على شخص فإنّما هی الإضافة الاجتماعیة من أجل التمییز بین القبائل والأنساب.

وقد قال المجلسی الأوّل (رحمه الله) : الاحتیاط عدم أخذ المنتسب إلى الاُمّ من الخمس ولا الزکاة.

لکن لا یخفى أنّ هذا خلاف الاحتیاط جدّاً إذ الخمس والزکاة شرعاً لإغناء الفقراء ورفع حوائجهم، فکیف یجوز منع کثیر من الناس وهم المنتسبون إلى هاشم من ناحیة الاُمّ عن الخمس والزکاة ؟ !

ثمّ هل یکون المستحقّ للخمس منحصراً فی بنی علی (علیه السلام) وبنی فاطمة أو یشمل مطلق بنی هاشم ؟

قال صاحب الجواهر : الإجماع محصل ومنقول علیه یعنی على استحقاق مطلق بنی هاشم علویاً کان أو عباسیاً أو عقیلیاً أو غیرهم(40).

ولا یخفى أنّ ولد هاشم منحصر فی عبدالمطلب وقد اختلف فی عدد أولاده بین العشرة وأحد عشر واثنى عشر، وقد بقى خمسة منهم وهم عبدالله وأبو طالب وعبّاس وحمزة وزبیر، وأمّا عبدالله وأبو طالب فصار نسلهما نسلاً واحداً لزواج علی (علیه السلام)وفاطمة(علیها السلام) وأمّا أبناء عقیل بن أبی طالب فلم یعرف أحد منهم، وأمّا حمزة والزبیر فلم یبق منهما نسل.

وقد استدلّ على المجمع علیه بین الأصحاب أوّلاً : بأخبار کثیرة قد سبقت بعضها من جعل الحکم على عنوان المطلبی والهاشمی.

وثانیاً : بما رواه عبدالله بن سنان عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : «لا تحلّ الصدقة لولد عبّاس ولا لنظرائهم من بنی هاشم»(41).

وهذه الروایة صحیحة معمول بها بین الأصحاب، وقد ذکر (علیه السلام) فیها بنی عبّاس بالخصوص ثمّ عمّم الحکم لمطلق بنی هاشم.

لکن هناک أخبار قد یستشم منها الخلاف، لترتب الحکم فیها على عنوان بنی فاطمة، والتعبیر بأنّ الخمس فینا خاصة.

والحقّ أنّها فی مقام بیان الفرد الجلیّ لا اقتصار الخمس على بنی فاطمة(علیهم السلام)ولا شک فی کون روایة عبدالله بن سنان وما وافقها من الأخبار أقوى من هذه الروایات.

ثمّ إنّ السیادة أمر معنوی ناشیء من وجود الرسول (صلى الله علیه وآله) المبارک فإنّه(صلى الله علیه وآله) کان سیّداً بذاته فسیادة هاشم کانت منه(صلى الله علیه وآله) لا بالعکس وهذه السیادة قد أثرت فی أبنائه إلى یوم القیامة، وأمّا سیادة عبدالله وعبدالمطلب وهاشم فلقد کانت من أثر نورانیة وجوده(صلى الله علیه وآله)لکونهم حاملین لنوره(صلى الله علیه وآله) فی صلبهم.

وأمّا أبو هاشم وسائر أجداده ـ رضوان الله علیهم ـ فلا یکفی الانتساب إلیهم (لو ثبت) فی سیادة الشخص، وذلک لا لعدم تأثیر نور وجوده(صلى الله علیه وآله) فیهم فإنّه ممتد إلى آدم (علیه السلام)بل لمحدودیة الانتساب الاجتماعی، فتدبّر.

الثانیة : قال المحقّق الیزدی فی العروة : «وینبغی تقدیم الأتم علقة بالنبی(صلى الله علیه وآله)على غیره أو توفیره کالفاطمیین»(42) وقد تبع فی ذلک صاحب الجواهر وغیره ـ قدس الله أسرارهم ـ حیث صرّح فی بعض کلماته بعد نقل کلام الدروس «ینبغی توفیر الطالبیین على غیرهم وولد فاطمة على الباقین» ثمّ قال : «ولا بأس به خصوصاً الثانی منه بل ولا بما فی کشف الغطاء أنه لیس بالبعید تقدیم الرضوی ثمّ الموسوی ثمّ الحسینی والحسنی وتقدیم کل من کان علاقته بالأئمّة (علیهم السلام) أکثر»(43).

وقد أفتى فی نجاة العباد أیضاً بمثل ذلک وقال : «وینبغی تقدیم الأتم علقة بالنبی(صلى الله علیه وآله)على غیره أو توفیره»(44).

والمراد من التوفیر، جعل سهامهم أزید من غیرهم فی خصوص ما یحتاجون لا أزید من مقدار الحاجة، کما أنّ المراد من التقدیم إعطاؤهم وعدم إعطاء غیرهم إذا لم یکن المال بمقدار یرفع حاجة کلیهما، هذا ولم یذکر دلیلاً على هذا المعنى ولعلّه لوضوحه فإنّ المستحقّ وإن کان کلّ هاشمی، إلاّ أنّ حفظ حرمة من کانت علاقته أتم یکون حفظاً لحرمة النبی(صلى الله علیه وآله).

هذا ولکن قد یکون هذا معارضاً لجهة أخرى توجب أولویة غیرهم، کما إذا کان غیرهم شدید الحاجة بخلافهم، أو کان العلوی أو الحسنی أتقى وأفضل وأشدّ علاقة بخدمة الإسلام من الرضوی أو الموسوی أو شبه ذلک.

الثالثة : بماذا یثبت النسب ؟

الظاهر أنّ طریق ثبوته کسائر الموضوعات، فلابدّ من أن یثبت بالعلم أو الشیاع المفید له أو قول البیّنة لو قامت بیّنة فی مثل المقام، بل الظاهر کفایة الشیاع والاشتهار فی بلده وإن لم یوجب ذلک علماً، وذلک لجریان السیرة علیه فی باب الأنساب بل لیس له طریق غالباً إلاّ هذا، بحیث لو لم نقبل الشیاع فی بلده انسد طریق إثبات النسب فی غالب الموارد.

وإن شئت قلت : مقدمات الإنسداد الصغیر قائمة هنا فلابدّ من الأخذ بها والعمل على وفقها، ولکن العدول إلى کلّ ظنّ مشکل، لأنّ نتیجة مقدمات الإنسداد مهملة فلابدّ من الأخذ بالقدر المتیقن وهو الشیاع فی البلد.

والحاصل : أنّ قیام السیرة من جانب، وإمکان تحصیل مقدمات الإنسداد الصغیر من جانب آخر ـ لعدم إمکان تعطیل أحکام الأنساب ـ یوجب التعویل على مثل هذا الشیاع.

ولعلّ هذا هو المراد ممّا ذکره الصدوق(رحمه الله) فیما رواه بعض الأعلام منه أنّه : «یؤخذ بظاهر الحال فی خمسة اُمور : الولایات والمناکح والذبائح والشهادات والأنساب» وإلاّ لیس هنا طریق إلى ظاهر الحال إلاّ ما ذکر.

نعم، الأخذ بزی السادة من العمامة السوداء أو الخضراء فی بلده الذی یعرفه الناس أیضاً دلیل على اشتهاره بالنسب فیه، وإلاّ لم یکن یقدر على الأخذ بزیّهم کما هو واضح، ویمکن أن یکون کلام الصدوق إشارة إلیه.

ثمّ إنّه هل یصدق مدعى النسب أم لا ؟ قال صاحب کشف الغطاء : «إنّه یصدق مدعى النسب إن لم یکن متهماً کمدّعى الفقر» وخالفه فی ذلک صاحب الجواهر وتبعه صاحب العروة وجماعة من المحشّین وصاحبا المستمسک ومستند العروة.

ویدلّ على ذلک ـ أی عدم تصدیق المدّعى ـ أنّه لم یقم دلیل على کفایة الادّعاء فی ذلک ومقتضى الأصل عدم براءة الذمّة بدفع الخمس إلیه، فإنّه مال السادة ولا یجوز دفعه إلى مشکوک الحال.

وقد یقال : إنّ مقتضى استصحاب العدم الأزلی أیضاً عدم الانتساب إلى هاشم ولا یعارضه عدم الانتساب إلى غیره أیضاً، لأنّ الأوّل له الأثر الشرعی والثانی لا أثر له(45).

إن قلت : أثره جواز إعطاء الزکاة له.

قلت : هذا من آثار عدم الانتساب إلى هاشم لا من آثار انتسابه إلى غیره فتأمل جیّداً.

والعمدة إنّا ذکرنا فی محلّه عدم حجیة استصحاب العدم الأزلی لعدم الحالة السابقة له فی نظر العرف، فإنّ زیداً مثلاً قبل تولده لم یکن شیئاً مذکوراً حتّى یقال إنّه منتسب إلى هاشم أو لیس منتسباً إلیه، والمنتفی بانتفاء الموضوع إنّما هو شیء حاصل بالدقّة العقلیة الخارجة عن افهام العرف.

وإن شئت قلت : إنّ السالبة فی الحالة السابقة هی السالبة بانتفاء الموضوع وفی الثانیة بانتفاء المحمول، فاتحاد القضیتین المعتبر فی صحّة الاستصحاب غیر حاصل هنا.

أمّا قیاس المسألة على مسألة مدّعى الفقر، فقیاس مع الفارق لأنّ مدّعى الفقر مسبوق به لکون الفقر موافقاً للأصل فی کلّ إنسان إلاّ ما شذّ، ولکن قد عرفت أنّ الاستصحاب غیر جار فی مسألة الانتساب إلى هاشم.

هذا مضافاً إلى أن تصدیق مدّعى الفقر أیضاً محل إشکال، بل المتیقن منه هو قبول من یکون ظاهره الفقر وإن کان یکفی فیه الظنّ کما ذکرنا فی محلّه فی الزکاة.

هذا وقد یستند لجواز التصدیق بأصالة صحّة دعوى المسلم فیما لا یعارضه فیه أحد کما جرت علیه سیرة العقلاء، فمن ادّعى أنّ الکیس المطروح فی الطریق ماله وقد أخذه بنفسه من الطریق، حکم له بالملکیة وجرت علیها آثارها.

وقد ورد ذلک فی الحدیث أیضاً، ففی مرسلة منصور بن حازم عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال : قلت : عشرة کانوا جلوساً وسطهم کیس فیه ألف درهم، فسأل بعضهم بعضاً ألکم هذا الکیس ؟ فقالوا کلّهم : لا. وقال واحد منهم : هو لی. فلمن هو ؟ قال : «للّذی أدّعاه»(46).

وبعض طرق الحدیث خال عن الارسال.

وهکذا الروایات الکثیرة الدالّة على قبول ادّعاء المرأة عدم کون الزوج لها (راجع الباب 23 و24 من أبواب عقد النکاح إلى غیر ذلک) فجمیع ذلک دلیل على قبول قول المدّعى إذا لم یعارضه غیره.

وفیه : أنّه لا دخل لها بما نحن فیه، فإنّ الکلام هنا فی جواز دفع مال له مالک خاصّ إلى من لا یعرفه، وأین هذا من أخذ المدّعى المال الذی لا نعلم مالکه ؟ وما نحن فیه إنّما هو من قبیل ما إذا کان هناک مال من الموقوفة أو من الارث، وادّعى واحد أنّه من الموقوف علیهم أو من أبناء المیّت، فلا إشکال ولا کلام فی عدم جواز دفعه إلیه بمجرّد هذه الدعوى، ومسألة دعوى الخلو عن الزوج أیضاً مسألة خاصة واردة فی مورد خاصّ لا یتعدى منه إلى غیره.

 

بقی هنا شیء :

وهو قول صاحب الجواهر إنّه یمکن الاحتیال فی الدفع إلى المجهول المدّعى للنسب بأن یوکله صاحب الخمس فی دفع خمسه إلى مستحقه إذا فرض عدالته أو قلنا بعدم اشتراطها فأخذه لنفسه، فإنّه یکفی ذلک فی براءة ذمّته فإنّ المدار على علم الوکیل لا الموکّل لکنه لا یخلو من تأمل(47).

وتبعه المحقّق الیزدی(رحمه الله) فی العروة وقد خالفه کثیر من المحشّین.

أقول : الإنصاف أنّه لا فائدة فی هذا الاحتیال ولا جدوى من ورائه، وذلک لأنّ مقتضى وجوب أداء الأمانات إلى أهلها ـ وحقّ السادة فی ید المالک بمنزلة الأمانة ـ
هو تحصیل العلم أو الحجّة الشرعیة بوصولها إلى مالکها،ومجرّدالتوکیل غیرکاف فی ذلک ما لم یعلم بذلک،فهل یکفی فی أداء الدیون أوالأمانات توکیل رجل غیر موثوق به ویکتفی بادّعائه فی الایصال،وهل یکفی علم الوکیل أو ادّعاؤه العلم فی ذلک، وهل تحصل البراءة بمجرّد ذلک ؟ لا أظن أحداً یلتزم بذلک فی أبواب الدیون، وما نحن فیه من قبیلها.

ولذا قلنا فی باب الاستئجار للحجّ إنّ مجرّد دعوى الأجیر غیر کافیة فی الحکم ببراءة ذمّة المیّت، بل لابدّ من العلم أو الوثوق.

نعم، إذا کان ثقة أمکن الاعتماد علیه نظراً إلى ما هو المختار من حجّیة قول العدل الواحد أو الثقة فی الموضوعات (فی غیر أبواب الدعاوى) ولکن مثل هذا غیر محتاج إلى التوکیل، فالتوکیل لا یغنی فی المقام شیئاً.

وممّا ذکرنا ظهر أنّ ما رواه الصدوق(رحمه الله) من أنّه یؤخذ بظاهر الحال فی خمسة أُمور: الولایات والمناکح والذبائح والشهادات والأنساب (کما رواه صاحب مستند العروة) غیر دالّ على شیء ممّا نحن فیه، لأنّ الأخذ بظاهر الحال غیر الأخذ بمجرّد الدعوى کما هو ظاهر.

المسألة الرابعة : هل یجوز إعطاء الخمس لواجبی النفقة کما إذا کانت زوجته من بنی هاشم فدفع نفقتها إلیها محتسباً لها من الخمس الواجب علیه ؟

المحکى عن شیخنا الأنصاری (قدس سره) : الجزم بعدم جوازه، ومال إلیه أو أفتى به صاحب مستند العروة، وذکره المحقّق الیزدی(رحمه الله) فی العروة بعنوان الاحتمال من دون جزم بالحکم، ولکن قواه ـ أی عدم الجواز ـ سیّدنا الحکیم(رحمه الله) وغیره فی بعض الحواشی وهو الأقوى کما ذکرناه فی تعلیقاتنا على العروة.

وذلک لما یظهر من بعض التعلیلات الواردة فی کتاب الزکاة الشامل للمقام، مثل ما ورد فی صحیحة عبدالرحمن بن الحجاج عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : «خمسة لا یعطون من الزکاة شیئاً: الأب والاُمّ والولد والمملوک والمرأة، وذلک إنّهم عیاله لازمون له»(48).

وفی الحقیقة هذا تعلیل بأمر عقلی لا أمر تعبدی فإنّ الخمس أو الزکاة من الواجبات المالیة التی تصرف فی مصارفها، وأمّا ما یصرف فی مصارف الإنسان نفسه فلا ربط له بمسألة الخمس أو الزکاة، ومن الواضح أنّ مصارف واجب النفقة مصارف شخصه فإنّهم لازمون له کما فی الحدیث.

وإن شئت قلت : إنّ ایجاب الخمس أمر وراء الواجبات الأخرى فلا یتداخل معه، بناءً على أنّ الأصل عدم تداخل الأسباب لظهور کلّ سبب فی مطالبة مسبب خاصّ به، ولذا لو نذر انفاق شیء فی سبیل الله إذا قضى الله حاجته، لا یکفیه الانفاق على واجب النفقة بلا إشکال، ومثل هذا التعلیل ما ورد فی مرفوعة عبدالله بن الصلت عن أبی عبدالله(علیه السلام) أنّه قال : «خمسة لا یعطون من الزکاة: الولد والوالدان والمرأة والمملوک، لأنّه یجبر على النفقة علیهم»(49).

یعنی هذا أمر واجب آخر لو تخلف عنه یجبر علیه فکیف یکفی عن الزکاة، ومن الواضح أنّ هذا التعلیل بعینه جار فی الخمس أیضاً.

ویؤیّده حرمة ذلک فی باب الزکاة بالإجماع بل کونها أمراً مفروغاً عنه عند أصحاب الأئمّة (علیهم السلام) ولذا سأل إسحاق بن عمّار عن أبی الحسن موسى (علیه السلام) وقال : فمن ذا الذی یلزمنی من ذوی قرابتی حتّى لا احتسب الزکاة علیهم ؟ فقال : «أبوک وأُمّک» الحدیث(50).

فقد سأله عن بعض مصادیق واجب النفقة وکان أصل حکم تحریم الزکاة علیهم معلوماً عنده مفروغاً عنه، وحیث إنّ الخمس بدل عن الزکاة یکون شبیهاً له فی الأحکام غالباً (وهذا مؤیّد لا دلیل کما عرفت سابقاً).

نعم یجوز الانفاق علیهم من الخمس أو الزکاة لاُمور :

1 ـ لما یحتاجون إلیه ممّا لا یکون من النفقة الواجبة کنفقة من یعولون، فإنّ نفقة زوجة الابن غیر واجبة على الأب ولو کان فقیراً، وإنّما یجب علیه نفقة نفسه.

2 ـ للتوسعة علیهم فیما لا یجب من باب النفقة مثل اشتراء الکتب التی یحتاج إلیها ولده کما إذا کان من أهل العلم، أو الانفاق علیه لسفر الحجّ ومثله.

3 ـ إذا لم یقدر الأب على تحصیل نفقتهم وکانوا فقراء، فإنّه یجوز الانفاق علیهم من باب الخمس أو الزکاة لما ذکرناه فی أبواب الزکاة فإنّه یجری دلیله هنا أیضاً کما لا یخفى على الخبیر.

المسألة الخامسة: هل یجوز دفع أکثر من مؤونة سنة واحدة لمستحقّ سواء کان تدریجاً أو دفعة واحدة؟

قال المحقّق النراقی(رحمه الله) فی المستند : «ظاهر الأکثر أنّه لا یعطی فقیر من الخمس أزید من کفایة مؤونة السنة على وجه الاقتصاد ولو دفعة واحدة، (ثمّ قال:) والحق أنّ حکم نصف الأصناف (سهم السادة) حکم الزکاة ویجوز إعطاء الزائد من المؤونة دفعة واحدة ـ أی قبل خروجه عن الفقر ـ لإطلاق الأدلة، وأمّا نصف الإمام (علیه السلام) فلا یجوز إعطاء الزائد من مؤونة السنة على وجه الاقتصاد قطعاً، لأنّه القدر المعلوم إذنه فیه، بل یعلم عدم رضاه بغیر ذلک مع وجود المحتاج غیره، بل یشکل إعطاء قدر مؤونة السنة کاملة لواحد مع وجود محتاج بالفعل»(51).

وقال صاحب الجواهر ما حاصله : الأقوى فی النظر وفاقاً للدروس والمسالک وغیرهما بل لا أجد فیه خلافاً أنّه لا یجوز إعطاء الفقیر من الذریة زائداً عن مؤونة السنة وإن کان دفعة(52).

واختاره بعض الاساتذة الکرام فی مستند العروة، ولکن احتاط المحقّق الیزدی(رحمه الله)فیها بعدم الجواز من دون الفتوى به.

ولکن الإنصاف عدم الجواز هنا وکذا فی أبواب الزکاة وإن کان الحکم مشهوراً بینهم هناک أو ادّعى الإجماع علیه، ویدلّ علیه ذا أمور :

الأوّل : لا إشکال فی أنّ الضرائب والمالیات کانت بین العقلاء من أهل العرف قبل الإسلام، وکانت سنویة کما هو الیوم کذلک، فکلّ حکومة لها نظام سنوی بحسب الخراجات والضرائب تحسب فیه مداخلها ومصارفها فی کلّ سنة، فکما أنّ المالیات سنویة، فمصارفها أیضاً کذلک، وقد جاء الشرع القویم وأتى بضرائب خاصة مشتملة على مصالح الأُمّة ورفض الخرائج الظالمة، ولکن أمضى طریقة السنویة فیها غالباً کما فی زکاة النقدین والأنعام الثلاث، بل زکاة الغلات أیضاً سنویة غالباً، وهکذا خمس أرباح المکاسب والخراج.

ومن الواضح أنّ هذه الضرائب کما تکون سنویة فکذلک مصارفها تکون بحسب السنة، کما أنّ مدار الفقر والغنى أیضاً بتملک ما یحتاج إلیه فی السنة وعدمه، فعلى هذا لا یجوز دفع أکثر من مؤونة السنة لا هنا ولا فی الزکاة وإن ادّعى الإجماع علیه هناک.

الثانی : مع قطع النظر عمّا ذکرنا فالأدلّة قاصرة عن إثبات الأزید من مؤونة السنة، إمّا تدریجاً فواضح لأنّه بعد ما صار غنیاً بدفع مؤونة السنة یخرج عن عناوین المستحقین للخمس ویدخل تحت عنوان الغنى، وإمّا دفعة فلأنّ إطلاقات جواز دفع الخمس إلى الفقیر من بنی هاشم والزکاة إلى فقراء الناس منصرفة إلى ما یدفع به فقرهم لا أزید، فإنّ هذا هو العلّة لتشریع الخمس والزکاة فإعطاء الأزید مشکل جدّاً، لا سیّما أنّه لیس للأزید فی کلماتهم فیما رأیناه حدّ فیجوز إعطاء جمیع الأخماس أو زکوات بلد واحد لفقیر واحد وإن صار به أغنى أغنیاء البلد، ومن الواضح أنّ الالتزام به غیر ممکن لمن کان له المام بمدارک الحکم ومصادر تشریع الخمس والزکاة.

الثالث : ما أفاده صاحب مستند العروة من أنّ العبرة فی الغنى والفقر إنّما هی بملاحظة حال الإعطاء لا قبله ولا بعده، فلو أعطاه زائداً على حدّ الغنى (أی مصارف السنة) کان دفع الزائد إلى الغنی فهو غیر جائز.

وإن شئت قلت : لا یجوز إعطاء الخمس لغنی فی حال إعطائه، والمفروض أنّه بإعطاء مؤونة السنة یصیر غنیاً فإعطاء الزائد فی تلک الحالة یکون إعطاء للغنی وهو غیر جائز، هذا ملخص کلامه(53) وهو جیّدا.

إن قلت : ظاهر الأدلة تحقق موضوع الفقر والغنى قبل ذلک.

قلت : دعوى الظهور ممنوعة فی جمیع الموارد، ولو فرض صحتها فی غیر المقام فهی غیر صحیحة فی محل الکلام لمناسبة الحکم والموضوع کما لا یخفى.

والأصحاب القائلون بالجواز فی مسألة الزکاة لم یقیموا علیه من الأدلّة ما تطمئن به النفس ـ کما ذکر فی محلّه ـ فالأقوى عدم الجواز فی المقامین، بل لا یبعد عدم جواز إعطاء مؤونة السنة أیضاً فی بعض المقامات إذا کان بنو هاشم فی عسرة شدیدة، ویکون تخصیص بعضهم بمؤونة السنة موجباً لحرمان الباقین ووقوعهم فی حرج شدید.

المسألة السادسة : فی حکم الخمس فی زمن الغیبة بالنسبة إلى سهم السادة وسهم الإمام(علیه السلام) وهذه المسألة معرکة للآراء، وقد وقع فیه اضطراب شدید فی کلماتهم وإن کان أکثر العلماء کما نسب إلیهم على تولى نائب الغیبة عنه (علیه السلام) فی سهمه أو فی جمیع السهام سهم الأصناف الثلاثة وسهمه (علیه السلام).

واللازم نقل الأقوال فی المسألة ثمّ الرجوع إلى الأدلة، وإن کان کثیر من هذه الأقوال واضح الضعف بل بعضها غیر قابلة للذکر، ولکن نذکرها دفعاً لما وقع فی بعض النفوس من الشک فی هذه المسألة فنقول ومنه جلّ ثناؤه التوفیق والهدایة :

ذکر المحقّق(رحمه الله) فی الشرائع: فیه أقوال خمسة، ولکن صاحب الحدائق ذکر أنّها أربعة عشر قول(54) نذکرها ملخصاً مع تقدیم وتأخیر کثیر فیها، لرعایة الأهم فالأهم ولجهات أخرى، وستعلم أنّ بعض هذه الأقوال لیس من أقوال المسألة حقیقة.

1 ـ أنّه یسقط فی زمن الغیبة ویباح للشیعة، حکاه صاحب المختلف عن سلاّر وحکاه صاحب الحدائق عن صاحب الذخیرة المحقّق السبزواری ثمّ قال، وهذا القول مشهور الآن بین جملة من المعاصرین.

2 ـ حصّة الأصناف الثلاثة تؤدّی إلیهم وأمّا حصة الإمام (علیه السلام) فتقسم على الهاشمیین أیضاً توفیراً لهم (ذکره المحقّق(رحمه الله) فی الشرائع بعد ذکر الأقوال السابقة وجعله الأشبه) وقال صاحب الحدائق: هو المشهور بین المتأخرین کما نقله شیخنا الشهید الثانی(رحمه الله)فی الروضة.

3 ـ یصرف النصف إلى الأصناف، وأمّا الباقی فیصرف إلیهم أیضاً، ومع عدم حاجة الأصناف یباح للشیعة وهو مختار الشیخ الحرّ العاملی (رحمه الله) فی الوسائل.

4 ـ یصرف النصف إلى الأصناف الثلاثة وجوباً أو استحباباً ویحفظ نصیب الإمام إلى حین ظهوره، ولو صرفه العلماء إلى من یقصر حاصله من الأصناف کان جائزاً وهو اختیار الشهید (رحمه الله) فی البیان.

5 ـ عزله والوصیة به من ثقة إلى آخر إلى وقت ظهوره(علیه السلام) ذهب إلیه المفید (رحمه الله)فی المقنعة.

6 ـ یدفع النصف إلى الأصناف، وأمّا حقّه فیجب حفظه کما عن أبی الصلاح وابن البرّاج وابن ادریس واختاره العلاّمة (رحمه الله) فی المختلف.

7 ـ حصة الأصناف تصرف إلیهم وحصته (علیه السلام) تسقط لإباحتها، وهو ظاهر کلام صاحب المدارک والمحدّث الکاشانی(رحمه الله).

8 ـ حصة الأصناف تصرف إلیهم وحصته (علیه السلام) لموالیه العارفین کما عن ابن حمزة.

9 ـ یدفن جمیعها حکاه شیخنا المفید (رحمه الله) فی بعض کلماته ولم یسم قائله.

10 ـ یدفع النصف إلى الأصناف، وأمّا حقّه فیودعها من ثقة إلى ثقة أو یدفن وهو مذهب الشیخ (رحمه الله) فی النهایة.

11 ـ حصّة الأصناف تصرف إلیهم، وأمّا حصّة الإمام فیتخیّر فیها بین الدفن والوصیة بها وصلة الأصناف اختاره الشهید (رحمه الله) فی الدروس.

12 ـ خمس الأرباح مباح للشیعة فإنّه بأجمعه للإمام (علیه السلام) دون سائر الأصناف، وأمّا سائر ما فیه الخمس فهو مشترک بینه (علیه السلام) وبین الأصناف، اختاره صاحب المعالم فی المنتقى (ولکن لم یبین فیما حکى عن کلامه حال غیر الأرباح وأنّه کیف یصرف).

13 ـ قصر أخبار التحلیل على جواز التصرف فی المال الذی فیه الخمس قبل إخراج الخمس منه بأنّ یضمن فی ذمّته، وهو مختار المجلسی (قدس سره).

ومن الواضح أنّه لیس قولاً فی المسألة بل هو توجیه لروایات التحلیل.

14 ـ لا یباح شیء بالکلیة حتّى من المناکح والمساکن والمتاجر التی أکّد جمهور الأصحاب على إباحتها، وهو مذهب ابن الجنید.

وغیر خفی أنّ هذا أیضاً لیس قولاً فی المسألة، بل هو قول بالخلاف فی مسألة أخرى وهی مسألة تحلیل المناکح والمساکن والمتاجر وسیأتی الکلام فیها إن شاء الله.

فالأقوال فی الواقع إثنا عشر قولاً وإن کان قد یحکى أقوال أخرى أیضاً فی المسألة عن بعض آخر.

15 ـ ویظهر من بعض کلمات المحقّق الهمدانی (رحمه الله) فی مصباح الفقیه قول آخر وهو صرف حصّة الأصناف إلیهم والتصدق بمال الإمام (علیه السلام) نظراً إلى جواز التصدق بحال الغائب الذی تعذر ایصاله إلیه وعدم انحصار هذا الحکم لمجهول المالک، ولکن ذکر فی آخر کلامه فی المقام : «الإنصاف أنّ القول بجواز صرفه إلى الفقراء مطلقاً بل وکذا إلى سائر المصارف التی یحصل بها تشیید الدین وإعلاء کلمة الحقّ ممّا یکون القیام به من وظائف الإمام (علیه السلام) لا یخلو عن قوّة»(55).

16 ـ لکن هنا قول آخر وهو المشهور بین أعاظم المتأخرین والمعاصرین وهو الأقوى فی النظر والموافق للأدلة ـ کما سیأتی ـ وهو القول بصرف سهم الأصناف إلیهم، وصرف سهم الإمام (علیه السلام) فیما یحرز رضاه به أی فیما کان یصرفه حال ظهوره فیه ممّا یرجع إلى تقویة الإسلام والمسلمین وتشیید الحوزات العلمیة، وممّا یرتبط بأمر تبلیغ الإسلام وأمر أهل البیت(علیهم السلام) فی جمیع أقطار الأرض، وبناء المساجد والمدارس والمکتبات وغیرها فی موارد لیس لها باذل خیر ومتبرع یتبرع به، وحفظ ضعفاء الشیعة فی دینهم من شرّ الأعداء وفی دنیاهم من الفقر وشبهها، بل وفی اُمور الخیر ممّا یوجب حسن سمعة الإسلام والدین، ویدلّ على کون أحکامه فی جانب حفظ المستضعفین من الناس إلى غیر ذلک ممّا هو وظیفة الإمام (علیه السلام)ورئیس الحکومة الإسلامیة، وقد کانوا یصرفون أموالهم فی حیاتهم (علیهم السلام) فی هذه السبل کما لا یخفى، فهذا یحرز به رضاهم فی صرف هذه الأموال.

إذا عرفت ذلک فلنرجع إلى أدلة المسألة، والعمدة فی اختلاف الأقوال الروایات الواردة فی باب تحلیل الخمس وما یفهم منها ومن القرائن الاُخرى، وقد أوردها صاحب الوسائل (رحمة الله علیه) فی الباب 4 من أبواب الأنفال وهی 22 روایة، وواحدة منها ما رواه عیسى بن المستفاد(56). لا تدلّ على أمر التحلیل بل هی على خلاف المطلوب أدل، فقد صرّح فیها بوجوب دفع الخمس إلى أهله مهما أمکن ولو بمقدار یسیر، فلا دلالة لها على المقصود بل تدلّ على الخلاف.

وکذا لا دلالة على ما رواه معاذ بن کثیر عن أبی عبدالله (علیه السلام)(57) فیبقى عشرون روایة وهی على طوائف.

الطائفة الاُولى : ما یدلّ على اباحتهم (علیهم السلام) الخمس لشیعتهم، وهی بظاهرها فی بدء النظر مع قطع النظر عن سائر الأدلة تساعد القول بالإباحة مطلقاً لا فی زمن الغیبة بل وفی زمن ظهورهم (علیهم السلام) ممّا لا یقول به القائلون بالإباحة ظاهراً وهی :

1 ـ ما رواه حکیم مؤذن بنی عیس عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : قلت له : (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) قال : «هی والله الافادة یوماً بیوم إلاّ أنّ أبی جعل شیعتنا من ذلک فی حلّ لیزکو»(58).

وقوله «لیزکو» وإن کان یحتمل أن یکون إشارة إلى زکاة النطفة ولکن ربّما یکون إشارة إلى تحلیل المناکح فقط ولکن ظاهره عام یشمل هذا وغیره.

2 ـ ما رواه إسحاق بن یعقوب فیما ورد علیه من التوقیع بخط صاحب الزمان ـ أرواحنا فداه ـ إلى أن قال (علیه السلام) : «وأمّا الخمس فقد أبیح لشیعتنا وجعلوا منه فی حلّ إلى أن یظهر أمرنا لتطیب ولادتهم ولا تخبث»(59).

وقوله «لتطیب ولادتهم» قد یوهم التخصیص فی إطلاق الخمس المذکور فی الروایة فیکون ناظراً إلى خصوص تحلیل المناکح، والعمدة أنّ الروایة وردت فی جواب سؤال إسحاق بن یعقوب ولا نعلم ما هو سؤاله حتّى یکون الجواب ناظراً إلیه، ومع الأسف لم یصل إلینا سؤال وهذا من المشاکل فی هذه الروایة الباهرة.

3 ـ ما رواه الحارث بن المغیرة النصری قال : دخلت على أبی جعفر (علیه السلام) إلى أن قال : «إنّ لنا الخمس فی کتاب الله، ولنا الأنفال، ـ إلى أن قال  ـ اللّهم إنا قد أحللنا ذلک لشیعتن»(60).

4 ـ ما رواه ابن حمزة عن أبی جعفر (الباقر) (علیه السلام) فی حدیث قال : «فنحن أصحاب الخمس والفیء، وقد حرمناه على جمیع الناس ما خلا شیعتن»(61).

5 ـ ما عن تفسیر الإمام الحسن العسکری (علیه السلام) عن آبائه عن أمیرالمؤمنین (علیه السلام)أنّه قال لرسول الله(صلى الله علیه وآله) : «قد علمت یا رسول الله إنّه سیکون بعدک ملک عضوض وجبر فیستولی على خمسی من السبی والغنائم ویبیعونه فلا یحلّ لمشتریه لأنّ نصیبی فیه فقد وهبت نصیبی منه لکلّ من ملک شیئاً من ذلک من شیعتی لتحلّ لهم منافعهم من مأکل ومشرب ولتطیب موالیدهم ولا یکون أولادهم أولاد حرام. قال رسول الله (صلى الله علیه وآله) : ما تصدّق أحد أفضل من صدقتک، وقد تبعک رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی فعلک أحلّ الشیعة کلّ ما کان فیه من غنیمة وبیع من نصیبه على واحد من شیعتی ولا أحلّها أنا ولا أنت لغیرهم»(62).

وظاهر الروایة أنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) وأمیرالمؤمنین (علیه السلام) هما اللذان أحلاّ الخمس للشیعة ومع هذا التحلیل کیف یحتاج إلى تحلیل غیرهما من الأئمّة الهادین (علیهم السلام)ألیس هذا دلیلاً على أنّ التحلیل کان مقطعیاً محدوداً بزمن خاصّ وهو زمنهم فلیکن هذا على ذکر منک.

هذا مضافاً إلى أنّ التعبیر بطیب الولادة قد یشعر بانحصار التحلیل بالمناکح، فتدبّر.

6 ـ ما رواه العیاشی فی تفسیره عن فیض بن أبی شیبة عن رجل عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال : «إنّ أشد ما فیه الناس یوم القیامة إذا قام صاحب الخمس فقال : یا رب خمسی وإنّ شیعتنا من ذلک فی حلّ»(63).

ویحتمل اتحاد هذه الروایة مع ما سیأتی من روایة محمّد بن مسلم(64) فتکون ناظرة إلى حلیة المناکح فقط.

الطائفة الثانیة : ما یدلّ على تحلیلهم (علیهم السلام) لحقّهم مطلقاً الشامل للخمس وغیره من الحقوق من الأنفال وشبهها وهی أیضاً روایات :

7 ـ ما رواه أبو بصیر ومحمّد بن مسلم وزرارة کلّهم عن أبی جعفر (علیه السلام) قال : «قال أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب (علیه السلام) : هلک الناس فی بطونهم وفروجهم لأنّهم لم یؤدوا إلینا حقّنا ألا وإنّ شیعتنا من ذلک وآبائهم فی حلّ»(65).

ولکن لم یذکر فیه إلاّ ما یرتبط بالبطون والفروج فتأمل.

8 ـ ما رواه علی بن مهزیار قال : «قرأت فی کتاب لأبی جعفر (علیه السلام) من رجل یسأله أن یجعله فی حلّ من مأکله ومشربه من الخمس. فکتب بخطه : من أعوزه شیء من حقّی فهو فی حلّ»(66).

ولکن ورد فیه التعبیر بالعازة بمعنى النقصان، ولعلّه ناظر إلى موارد التعسر والضیق فلا یدلّ على العموم.

9 ـ ما رواه داود بن کثیر الرقی، عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : سمعته یقول : «الناس کلّهم یعیشون فی فضل مظلمتنا إلاّ أنّا أحللنا شیعتنا من ذلک»(67).

10 ـ وما رواه الحارث بن المغیرة النصری، عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : قلت له : إنّ لنا أموالاً من غلات وتجارات ونحو ذلک وقد علمت أنّ لک فیها حقّاً ؟ قال : «فلم أحللنا إذا لشیعتنا إلاّ لتطیب ولادتهم وکلّ من والى آبائی فهو فی حلّ ممّا فی أیدیهم من حقّنا فلیبلغ الشاهد الغائب»(68).

الطائفة الثالثة : ما دلّ على تحلیل المناکح، وهی ناظرة إلى مورد خاصّ قد اشتهر استثناؤه عن الخمس بین الفقهاء حتّى ادّعى علیه الإجماع، ویمکن أن تکون شاهدة على الجمع بین المتعارضات کما سنشیر إلیه مبسوطاً إن شاء الله.

وهی أیضاً روایات :

11 ـ ما رواه ضریس الکناسی قال : قال أبو عبدالله (علیه السلام) : «أتدری من أین دخل على الناس الزنا ؟ فقلت : لا أدری. فقال : من قبل خمسنا أهل البیت إلاّ لشیعتنا الأطیبین فإنّه محلل لهم ولمیلادهم»(69).

والتعبیر فیه بالزنا لعلّه بملاحظة حکمه الواقعی وإن کان فی الظاهر محکوماً بالحلّیة بمناسبة کون الوطء عن شبهة، فتدبّر.

12 ـ ما رواه سالم بن مکرم وهو أبو خدیجة عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : قال رجل وأنا حاضر : حلل لی الفروج، ففزع أبو عبدالله (علیه السلام) فقال له رجل : لیس یسألک أن یعترض الطریق إنّما یسألک خادماً یشتریها أو امرأة یتزوجها أو میراثاً یصیبه أو تجارة أو شیئاً أعطیه، فقال : «هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والمیت منهم والحیّ وما یولد منهم إلى یوم القیامة فهو لهم حلال، أمّا والله لا یحلّ إلاّ لمن أحللنا له، ولا والله ما أعطینا أحداً ذمّة وما عندنا لأحد عهد (هوادة) ولا لأحد عندنا میثاق»(70).

13 ـ ما رواه محمّد بن مسلم، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : «إنّ أشدّ ما فیه الناس یوم القیامة أن یقوم صاحب الخمس فیقول : یا ربّ خمسی وقد طیبنا ذلک لشیعتنا لتطیب ولادتهم ولتزکوا أولادهم»(71).

14 ـ ما رواه الفضیل، عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : «من وجد برد حبّنا فی کبده فلیحمد الله على أوّل النعم، قال: قلت : جعلت فداک ما أول النعم ؟ قال : طیب الولادة، ثمّ قال أبوعبدالله (علیه السلام) :قال أمیرالمؤمنین (علیه السلام) لفاطمة (علیها السلام) : أحلّى نصیبک من الفیء لآباء شیعتنا لیطیبوا، ثمّ قال أبو عبدالله (علیه السلام) : إنّا أحللنا أُمّهات شیعتنا لآبائهم لیطیبو»(72).

15 ـ ما رواه زرارة، عن أبی جعفر (علیه السلام) أنّه قال : «إنّ أمیرالمؤمنین (علیه السلام) حللهم من الخمس یعنی الشیعة لیطیب مولدهم»(73).

وهو من قبیل ما تکون العلّة فیه مخصصة.

16 ـ ما رواه عبدالعزیز بن نافع، عن الصادق (علیه السلام) وهو حدیث طویل یدلّ على أنّ بعض أصحابهم ممّن کان أبوه سباهم بنو أمیة استحل منه من جهة حقّهم، فقال له (علیه السلام) : «أنت فی حلّ ممّا کان من ذلک وکلّ من کان فی مثل حالک من ورائی فهو فی حلّ من ذلک»(74).

أقول :لا نعلم لماذا کان بعض أصحابه (علیه السلام) یستأذنونه بعد هذا الإذن العام، ولماذا کانوا مصرین على التصریح باسم کلّ واحد منهم بعد هذا العموم، ویظهر من هذا الخبر أیضاً أنّ إذنه یؤثر فیما سبق ویؤیّد مذهب الکشف فی باب الفضولی، ویکون إذنه(علیه السلام)موجباً لصحّة نکاح الآباء والأُمّهات (مع کونهم عبیداً وإماء) من أوّل أمرهم، وإلاّ على مبنى النقل إذا انعقدت النطفة حراماً لا تنقلب إلى غیر ما هی علیه.

هذا وذکر الآباء فیه ـ مع أنّ الأُمهات اللاتی کن أرقاء أجدر بالذکر ـ لعلّه من جهة أنّ آباءَهم إذا کانوا سبایا وقد تزوجوا فی تلک الحالة بإذنهم (مع عدم حقّ لهم فی الإذن) أو باعوهم أو اعتقوهم وبعد ذلک تزوجوا، وقد کان عتقهم بغیر إذن الإمام المعصوم (علیه السلام)باطلاً فهذا کلّه کان سبباً لبطلان نکاحهم، فدخل هؤلاء الأبناء الوحشة من ناحیة عدم طیب المولد وخافوا أن یکونوا أولاد زنا، فأجاز لهم الأئمّة الهادین(علیهم السلام)من هذه الجهة بما تطمئن به نفوسهم بطیب الولادة.

الطائفة الرابعة : ما یدلّ على تحلیلهم الخمس فی زمن خاصّ ومقطع معین لما کانت الشیعة والموالین لأهل البیت (علیهم السلام) فی ضعف شدید وعسر أکید، ومن هذا الباب :

17 ـ ما رواه محمّد بن سنان، عن یونس بن یعقوب قال : کنت عند أبی عبدالله(علیه السلام)فدخل علیه رجل من القماطین فقال : جعلت فداک، تقع فی أیدینا الأموال والأرباح وتجارات نعلم أنّ حقّک فیها ثابت وأنا عن ذلک مقصّرون. فقال أبو عبدالله (علیه السلام) : «ما انصفناکم إن کلفناکم ذلک الیوم»(75).

وهذه الروایة من أبلغ ما یدلّ على أنّ عفوهم کان لمشاکل خاصة فی ذاک الزمان بحیث لو لم تکن تلک المشاکل لما کان هناک سبب للعفو.

الطائفة الخامسة : ما یدلّ على تحلیل الأنفال للشیعة وموالی أهل البیت (علیهم السلام) إلى أن یقوم القائم المهدی ـ أرواحنا فداه ـ وفی الحقیقة هذه الطائفة خارجة عن مبحث الأخماس وناظرة إلى مبحث الأنفال، ولکن نتعرض لها لاستیفاء جمیع روایات هذا الباب وهی أیضاً روایات :

18 ـ ما رواه أبو سیّار مسمع بن عبدالملک (فی حدیث) قال : قلت لأبی عبدالله(علیه السلام) : إنی کنت ولیت الغوص فأصبت أربعمائة ألف درهم، وقد جئت بخمسها ثمانین ألف درهم، وکرهت أن أحبسها عنک، وأعرض لها وهی حقّک الذی جعل الله تعالى لک فی أموالنا. فقال : «وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس، یا أبا سیّار! الأرض کلّها لنا، فما أخرج الله منها من شیء فهو لنا. قال : قلت له : أنا أحمل إلیک المال کلّه. فقال لی : یا أبا سیّار! قد طیّبناه لک وحللناک منه فضمّ إلیک مالک وکلّ ما کان فی أیدی شیعتنا من الأرض فهم فیه محللون ومحلل لهم ذلک إلى أن یقوم قائمنا فیجیبهم طسق ما کان فی أیدی سواهم، فإنّ کسبهم من الأرض حرام علیهم حتّى یقوم قائمنا فیأخذ الأرض من أیدیهم ویخرجهم منها صغرة»(76).

وصدر هذه الروایة وإن کان ظاهراً فی تحلیل الخمس لکن آخرها یشهد بأنّ جمیع ما استفاده أبو سیّار من المنافع کان ملکاً للإمام (علیه السلام)، إمّا ملکاً تشریعیاً معروفاً (وهذا إنّما یتمّ فی الأنفال) أو ملکاً تشریعیاً فی طول ملک الناس بحیث لا ینافی کون المال ملکاً للناس یبیعونه ویشترونه بإذن المولى کما أنّ العالم کلّه ملک لله تکویناً وتشریعاً قبل أن یکون ملکاً لهم (علیهم السلام) فهم قد أخذوا ملکهم عن الله تعالى شأنه.

وعلى کلّ حال فإنّ ذیل الروایة دلیل على خروجها عن مبحث الأخماس ودخولها فی مبحث الأنفال، أو ما هو فوقها أعنی ملکیة جمیع الأرض لهم بإذن الله تبارک وتعالى لأنّه مالک الملوک.

19 ـ ما رواه عمر بن یزید قال : سمعت رجلاً من أهل الجبل یسأل أبا عبدالله (علیه السلام)عن رجل أخذ أرضاً مواتاً ترکها أهلها فعمرها وکرى أنهارها وبنى فیها بیوتاً وغرس فیها نخلاً وشجراً ؟ قال : فقال أبو عبدالله (علیه السلام) : «کان أمیرالمؤمنین (علیه السلام) یقول : من أحیى أرضاً من المؤمنین فهی له وعلیه طسقها یؤدیه إلى الإمام فی حال الهدنة فإذا ظهر القائم فلیوطن نفسه على أن تؤخذ منه»(77).

20 ـ ما رواه یونس بن ظبیان أو المعلى بن خنیس، عن أبی عبدالله (علیه السلام)ومحصلها أنّ جمیع الأرض لهم وإن ما کان لهم فهو لشیعتهم(78).

والکلام فیه هو الکلام فی روایة مسمع بن عبدالملک. وعلى کلّ حال فالطائفة الأخیرة خارجة عن نطاق البحث.

والذی یتحصّل من مجموع الطوائف الثلاث تحلیلهم (علیهم السلام) الخمس لشیعتهم، أمّا فی خصوص المناکح أو مطلقاً أو فی خصوص حقّهم أعنی سهم الإمام (علیه السلام) بناءً على عدم شمول عنوان الحقّ لسهم السادة، وعلى کلّ حال لا تختص بزمن الغیبة فقط بل تشتمل أعصار الحضور أیضاً، بل من زمن رسول الله (صلى الله علیه وآله) وأمیرالمؤمنین (علیه السلام)وفاطمة (علیها السلام)ولازمها سقوط الخمس بالمرة فی جمیع الأعصار، وحینئذ تکون مع قطع النظر عن الأخبار المعارضة الآتیة غیر حجّة فی نفسها، لأنّها تکون معرضاً عنها للأصحاب بل مخالفاً للإجماع لأنّ سقوط الخمس فی جمیع الأعصار ممّا لم یقل به أحد، هذا أوّلاً.

أمّا ثانیاً : فلازمه حرمان بنی هاشم من الزکاة والخمس جمیعاً، وهذا ممّا لا یمکن الالتزام به، وتخصیص التحلیل بسهم الإمام (علیه السلام) لا شاهد له، مخالف لإطلاقها أو صریحها، لأنّ طیب الولادة لا یحصل بمجرّد تحلیل نصف الأخماس بل اللازم تحلیل جمیعها، واشتمال بعضها على مجرّد الحقّ لا یمنع عن عموم الباقی، مضافاً إلى أنّ الخمس بجمیع سهامه تحت ولایتهم ولذا ورد تحلیل الجمیع فی غیر واحد منها فی خصوص المناکح أو أعمّ منها کما عرفت.

وثالثاً : تحلیل الخمس حتّى بالنسبة إلى سهم الإمام (علیه السلام) أیضاً مناف لحکمة تشریعیة، لما قد عرفت أنّ حقّ الإمام ثابت له بما له من المنصب وبما له من الولایة على الخلق أجمعین وهذا المنصب له مصارف کثیرة لا تخفى على أحد، والخمس عون لهم على دینهم وعلى عیالهم وعلى موالیهم وسبب لحفظ أعراضهم (کما ورد فی روایة محمّد بن زید الطبری عن الرضا (علیه السلام))(79).

حتّى أنّه فی عصر الغیبة وإن کان هو (علیه السلام) غائباً ولکن وظائفه باقیة على أیدی نوابه، وهل یمکن تعطیل الدین أو تعطیل أمر بنی هاشم وغیرهم من فقراء الشیعة، أو ما یتعلق بنشر آثار أهل البیت(علیهم السلام) فی العالم وحفظ الشباب فی مقابل تیارات دعایات الکفر والضلال، وحفظ طلاب العلم الذین یبذلون أنفسهم فی طریق حفظ آثارهم (علیهم السلام)ونشرها فی شیعتهم وفی أقطار العالم ؟

فکیف یمکن تعطیل الخمس مع أنّ مصارفه باقیة قائمة على قدمیها، ومن المعلوم أنّ ما کانوا ینفقون منها على أنفسهم شخصیاً کان قلیلاً جدّاً فی مقابل ما یتعلق بأموال المسلمین من هذه الحقوق، وفی الحقیقة أمر الإمام (علیه السلام) فی عصر الغیبة کأمر زعیم قوم یسافر من بینهم وحده إلى سفر طویل وتبقى عائلته ومن هو تحت نفقته، فهل یمکن تعطیل جمیع أُموره وترک الانفاق على عائلته من حقوقه استناداً إلى أنّه قد سافر مع أنّ وکلاءه موجودون حاضرون وحقوقه وأمواله أیضاً موجودة، وهل یعقل المعاملة مع أمواله معاملة مجهول المالک، أو من غاب عن ملکه، أو یدفن تحت الأرض، أو یعطى إلى ثقة ومنه إلى ثقة أخرى ویبقى أفراد عائلته مشردین محرومین، وأُموره معطلة ووکلاؤه صفر الأیدی ؟ کلاّ إنّ جمیع ذلک ممّا یقطع ببطلانه.

وإن شئت قلت : إن لم تکن حکمة فی تشریع هذا الحکم لکان الواجب عدم تشریعه من أوّل الأمر، وإن کان فیه حکمة (کما أنّه کذلک) والحکمة باقیة لا معنى لتحلیله مطلقاً.

نعم یمکن تحلیلها مؤقتاً وفی بعض الأوقات لمقاصد خاصة لا غیر.

فإذا لم یمکن العمل بهذه الروایات لمنافاتها للإجماع وحکم العقل وحکمة التشریع على ظاهرها، فلابدّ من حملها على أحد أمرین :

1 ـ حملها على خصوص تحلیل المناکح وشبهها من المتاجر والمساکن (کما سیأتی الکلام فیها إن شاء الله).

2 ـ حملها على تحلیل مالکی خاصّ فی بعض الأزمنة أو الأمکنة، أو بالنسبة إلى أشخاص معلومین لا تحلیل تشریعی عام، وقد عرفت أنّ فی غیر واحد منها شاهداً علیه : «منه» ما عرفت فی ما رواه یونس بن یعقوب عن الصادق (علیه السلام) حیث قال : «ما أنصفناکم إن کلفناکم ذلک الیوم»(80).

ولیس ناظراً إلى التقیة بل إلى کون الشیعة فی عسر شدید.

وهکذا قوله : «من أعوزه شیء من حقّی فهو فی حلّ» الوارد فی ما رواه علی بن مهزیار فی روایة صحیحة عن أبی جعفر (علیه السلام)(80) فإنّ العازة دلیل على عدم التحلیل مطلقاً، وحینئذ تقید جمیع إطلاقات هذا الباب بمفهوم هذه الصحیحة ویقال إنّ التحلیل فی مورد العازة والنقصان فقط لا مطلقاً.


1. شرایع الإسلام، ج 1، ص 136.
2. مدارک الأحکام، ج 5، ص 411.
3. مصباح الفقیه، ج 3، ص 150.
4. ریاض المسائل، ج 1، ص 297.
5. جواهر الکلام، ج 16، ص 115.
6. الخلاف، ج 4، کتاب قسمة الصدقات، ص 224، المسألة 3.
7. سلسلة الینابیع الفقهیة، ج 5، ص 241.
8. المختلف، ج 3، ص 207، والمبسوط، ج 1، ص 247.
9. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 17 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 1.
10. المصدر السابق، الباب 14 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 6.
11. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب ما یجب فیه الزکاة، ح 7.
12. المصدر السابق، الباب 17 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 1.
13. المصدر السابق، ح 2.
14. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 380.
15. مستند الشیعة، ج 10، ص 99.
16. جواهر الکلام، ج 16، ص 108.
17. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 2 من أبواب قسمة الخمس، ح 1.
18. راجع جواهر الکلام، ج 15، ص 428.
19. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 8.
20. المصدر السابق، ح 9.
21. المصدر السابق، ح 12.
22. المصدر السابق، ح 19.
23. جواهر الکلام، ج16، ص 90.
24. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 390.
25. زبدة المقال، ص 135 وما بعده.
26. سورة الأنعام، الآیة 84 و 85.
27. مستند العروة، کتاب الخمس، ص 316.
27. مختلف الشیعة، ج 3، ص 332.
28. غنائم الأیام، ج 4، ص 363.
29. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 8.
30. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 29 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 2.
31. المصدر السابق، ح 3.
32. المصدر السابق، الباب 32 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 3.
33. سورة الأحزاب، الآیة 5.
34. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب قسمة الخمس، ح 8.
35. راجع الحدائق الناضرة، ج 12، ص 390 ـ 418.
36. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 411.
37. سورة آل عمران، الآیة 61.
38. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 411 و410 و401.
39. جواهر الکلام، ج 16، ص 104.
40. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 29 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 3.
41. العروة الوثقى، ج 2، ص 404.
42. جواهر الکلام، ج 16، ص 105.
43. نجاة العباد، ص 19.
44. وبما أن موضوع الاستصحاب یجب أن یکون حکماً شرعیاً أو موضوعاً ذا حکم شرعی وعدم الانتساب إلى غیر هاشم لیس منهما فلا یجوز استصحابه.
45. وسائل الشیعة، ج 18، الباب 17 من أبواب کیفیة الحکم، ح 1.
46. جواهر الکلام، ج 16، ص 106.
47. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 13 من أبواب المستحقین للزکاة، ح 1.
48. المصدر السابق، ح 4.
49. المصدر السابق، ح 2.
50. مستند الشیعة، ج 10، ص 137.
51. جواهر الکلام، ج 16، ص 112.
52. مستند العروة، کتاب الخمس، ص 324.
53. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 437 ـ 444.
54. مصباح الفقیه، ج 3، ص 160.
55. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 21.
56. المصدر السابق، ح 11.
57. المصدر السابق، ح 8.
58. المصدر السابق، ح 16.
59. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 14.
60. المصدر السابق، ح 19.
61. المصدر ا لسابق، ح 20.
62. المصدر السابق، ح 22.
63. المصدر السابق، ح 5.
64. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 1.
65. المصدر السابق، ح 2.
66. المصدر السابق، ح 7.
67. المصدر السابق، ح 9.
68. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 3.
69. المصدر السابق، ح 4.
70. المصدر السابق، ح 5.
71. المصدر السابق، ح 10.
72. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 15.
73. المصدر السابق، ح 18.
74. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 6.
75. المصدر السابق، ح 12.
76. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 13.
77. المصدر السابق، ح 17.
78. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 2.
79. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 6.
80. المصدر السابق، ح 2.

 

3 ـ أبناء السبیل الروایات المعارضة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma