کلام فی التوقیع المروی عن الناحیة المبارکة 

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
الروایات المعارضةفذلکة البحث فی حکم الخمس فی زمان الغیبة

لکن هنا إشکال وهو أنّ الحمل على التحلیل المالکی أو الشرعی فی مقطع خاصّ دون مقاطع أخرى وإن کان قریباً جدّاً، وطریقاً وحیداً للجمع بین روایات هذا الباب ممّا یشهد بإباحة بعض الأئمّة الهادین وأخذ بعض آخرـ صلوات الله علیهم أجمعین ـ ولکن المهم لنا هو عصر الغیبة، والروایة المرویة فی إکمال الدین عن محمّد بن عصام الکلینی عن محمّد بن یعقوب الکلینی عن إسحاق بن یعقوب فیما ورد علیه من التوقیعات بخطّ صاحب الزمان ـ أرواحنا فداه ـ تدلّ على أنّه أباح الخمس لشیعته حیث قال : «أمّا الخمس فقد أبیح لشیعتنا وجعلوا منه فی حلّ إلى أن یظهر أمرنا لتطیب ولادتهم ولا تخبث»(1) ورواها الطبرسی أیضاً فی الاحتجاج عن إسحاق بن یعقوب.

وظاهرها التحلیل فی طول زمان الغیبة وینطبق على مختار جماعة من المحدّثین وغیرهم حیث اختاروا الاباحة فی عصر الغیبة فقط.

أقول : الإنصاف أنّه یرد علیه أُمور :

أوّلاً : من ناحیة السند فقد صرّح غیر واحد من الأعلام بعدم صحّة سند الروایة لاشتمالها على المجاهیل، لأنّ محمّد بن محمّد بن عصام الکلینی وکذا إسحاق بن یعقوب لم یرد النصّ على وثاقتهما ما عدا کون الأوّل من مشائخ الصدوق والثانی من مشائخ الکلینی(قدس سرهما) بل إطلاق عنوان المشیخة على إسحاق بن یعقوب غیر واضح لأنّه لم یرو عنه فی معجم رجال الحدیث إلاّ حدیثاً واحداً فی التوقیعات الواردة فی کمال الدین (والظاهر هو هذا التوقیع)(2).

کما أنّ محمّد بن محمّد بن عصام أیضاً لم یوثق فی کتبهم بشیء، وممّن صرّح بقصور سند الحدیث صاحب الریاض فی بعض کلماته فی المقام وعلله باشتماله على جملة من الجهلاء(3).

وممّا یوجب العجب أنّ راوی هذه الروایة وهو الشیخ الصدوق (رحمه الله) وکذا ثقة الإسلام الکلینی (قدس سره) الواقع فی السند لم یرویاه فی آثارهما المعروفة ـ أعنی کتاب من لا یحضره الفقیه والکافی بل الکتب الأربعة ـ کما صرّح به بعض الأکابر خالیة عن ذکر التوقیعات مطلقاً !

وهذا قد یوجب الوهن فی هذه التوقیعات ویسری الشک إلیها، ولکن أجاب عن هذا الإشکال العلاّمة المحقّق الأمینی صاحب الغدیر (قدس سره) فی بعض کلماته فی الجزء الثالث صفحة 280 من ذلک الأثر القیم وقال :

أوضح ما هناک من السر المستسر فی عدم تعبدهم بها وعدم ذکر المحامدة الثلاثة (المحمدون الثلاثة) مؤلفوا الکتب الأربعة التی هی عمدة مراجع الشیعة الإمامیة فی تلکم التآلیف شیئاً من الرقاع والتوقیعات الصادرة من الناحیة المقدّسة، وهذا یوقظ شهور الباحث إلاّ أنّ مشائخ الإمامیة الثلاثة کانوا عارفین بما یؤول إلیه أمر الأُمّة من البهرجة وإنکار وجود الحجّة، فإنّهم کانوا منهیین عن ذکر تلک الآثار الصادرة من الناحیة الشریفة فی تآلیفهم مع أنّهم هم رواتها وحملتها إلى الاُمّة، وذلک لئلاّ یخرج مذهب العترة عن الجعفریة الصادقة إلى المهدویة حتّى لا یبقى لرجال العصبیة العمیاء مجال للقول بأنّ مذهب الإمامیة مأخوذ من الإمام الغائب الذی لا وجود له فی مزعمتهم وأنّهم یتعبدون بالرقاع المزورة فی حسبانهم، وهذا سرّ من أسرار الإمامة یؤکد الثقة بالکتب الأربعة والاعتماد علیها.

ثانیاً : لو تمّ سنده، کان إعراض المشهور کافیاً فی إسقاطه عن الحجّیة، لما ذکر فی محلّه أنّ الروایات المعرض عنها کلّما ازدادت صحتها، ازدادت وهناً.

ثالثاً : معارض فی مورده ببعض ما ورد فی المقام ممّا یدلّ على أخذ الخمس من ناحیة صاحب الزمان (روحی فداه) مثل ما رواه الراوندی فی الخرائج وقد مرّ ذکره آنفاً، وقد ورد فیه أنّ العمری وکیل الناحیة المقدّسة أخذ الخمس من بعض موالیه(4).

وفی نفس هذا الباب توقیعان آخران عن صاحب الزمان (علیه السلام) یدلان على إنکاره(علیه السلام)أشد الإنکار فعل من استحل من أمواله شیئاً.

نعم لم یصرّح فیهما بمال الخمس، ولکن قد یقال إنّ الأخماس من أوضح مصادیق أمواله، فلو کانت مباحة لابدّ من التصریح فیهما بالإباحة، وتخصیص هذه الروایات المعارضة بزمن الغیبة الصغرى، واباحة الخمس بالغیبة الکبرى دعوى بلا دلیل.

رابعاً : ما صرّح به غیر واحد من الأکابر منهم المحقّق الهمدانی(رحمه الله) فی مصباح الفقیه عند التکلم فی خمس الأرباح(5) : أنّه لا یثبت إذن الإمام (علیه السلام) الذی هو من الموضوعات الخارجیة ـ کإذن سائر الناس فی التصرف فی أموالهم ـ بمثل هذا التوقیع.

وحاصله أنّ الخبر الواحد على فرض صحّة سنده إنّما یعتبر فی الأحکام، وأمّا الموضوعات فالمعتبر فیها التعدد الذی یعتبر فی البیّنة. هذا ولکن ذکرنا فی محلّه حجّیة خبرالواحد أیضاً فی الموضوعات فراجع کتابنا «القواعد الفقهیة» ومع ذلک یشکل الاعتماد على هذا الحدیث فی المقام، ولو فرض صحّة إسناده لما حققناه فی الاُصول من أنّ حجّیة خبرالواحد فی الأحکام وغیرها لها حدود خاصة، وأنّه یشکل الاعتماد علیه فی الموضوعات الهامة، بل لابدّ فیها من التظافر أو عمل الأصحاب أو غیر ذلک من القرائن، ومن الواضح أنّ تحلیل جمیع الأخماس فی طول الغیبة الکبرى من تلک الموضوعات الهامة التی لا یمکن الرکون فیها إلى خبر واحد حاله کما عرفت.

خامساً : من ناحیة الدلالة لما مرّ سابقاً من أنّ سؤال الراوی إسحاق بن یعقوب لم یذکر فی الروایة ولا ندری عمّا سأل، ومن الواضح أن الجواب دائماً ینظر إلى السؤال فلعلّه سأله(علیه السلام) عن المناکح وأشباهها وأجابه بالاباحة، فهی من هذه الجهة مبهمة مجملة لا یصحّ الرکون إلیها.

سادساً : من ناحیة الدلالة أیضاً وهو أنّ التعلیل الوارد فی ذیله مع قطع النظر عن ابهام السؤال یوجب ظهوره فی خصوص المناکح، لأنّ العلّة قد تعمم وقد تخصص، مثل قولک لا تأکل الرمان لأنّه حامض فإنّه یوجب اختصاص النهی بخصوص هذا القسم من الرمان وإن أوجب تعمیمه من ناحیة أخرى، ولا أقلّ من الإجمال وعدم الدلالة على العموم.

سابعاً : أن تحلیل الخمس واباحته ینافی حکمة جعله وتشریعه لبقاء مصارفه وموارده فی طول الغیبة الکبرى، فإنّه لتأیید الدین وحفظ مدرسة الأئمّة الهادین (علیهم السلام)والذبّ عن شیعتهم وبسط الإسلام والدفاع عن حوزة المسلمین، وکلّ هذه الأُمور قائمة على ساقیها.

مضافاً إلى حرمان أرباب الحاجة من السادة الکرام من الزکاة والخمس جمیعاً.

فتلخص من جمیع ذلک أنّه لا یمکن الاعتماد على مثل هذا التوقیع لإثبات التحلیل من جهات شتّى والحمد لله ربّ العالمین.

إلى هنا تمّ الکلام فی نفی القول بالإباحة المطلقة (أی إباحة الخمس بجمیع سهامه فی عصر الغیبة الکبرى) حکاه صاحب الجواهر عن الدیلمی وصاحب الذخیرة وقال: لا ثالث لهما فیما أجد(6). وحکاه صاحب الحدائق عن المحدّث الشیخ عبدالله بن صالح البحرینی،ولکن النراقی فی المستند أظهر الشک فی وجود قول فی  المسألة بهذا المنوال.

وأمّا الأقوال الاُخر :

فمنها : القول بدفنه أو الایصاء به من ثقة إلى ثقة وهو شیء لا ینبغی أن یذکر، فإنّ الدفن والایصاء کلیهما مظنّة للفساد والتلف مع وجود مستحقیه من الأصناف وسائر المصارف لسهمه(علیه السلام) وإنّ هو إلاّ من قبیل ما إذا کان سافر المالک لأموال أو المتولى لوقف وکان بعض أمواله بید اُناس فدفنوها أو أودعوها إلى ثقة مع أنّ أهل بیت المالک یحتاجون إلیها حاجة شدیدة، ویعلم علماً قطعیاً بأنّ رضاه إنّما هو فی صرفها علیهم.

ومنها : القول بصرف سهم الأصناف الثلاثة إلیهم وقد أُبیح الباقی وکان الوجه فیه التمسک بأخبار التحلیل، وهی وإن کانت مطلقة إلاّ أنّها تقید بخصوص سهم الإمام(علیه السلام)دون الأصناف نظراً إلى حاجة بنی هاشم وکونه عوضاً عن الزکاة، وأنّ الإمام (علیه السلام) لا یبیح إلاّ سهمه الخاصّ، ویشهد له التعبیر بتحلیل حقّهم فی غیر واحد من الأخبار.

وفیه: أوّلاً : أنّ أخبارالتحلیل مطلقة من هذه الجهة بل کثیر منها صریح أو کالصریح فی تحلیل سهم السادة أیضاً فراجع الروایات الکثیرة الواردة فی تحلیل المناکح وشبهها، فإنّ مجرّد تحلیل سهمه الخاصّ لا یوجب طیب الولادة بعد شرکة الأصناف وکون حقّهم فی موارد المناکح.

وراجع أیضاً ما رواه أبو سیّار مسمع بن عبدالملک، فإنّه (علیه السلام) وهبه جمیع خمسه بل وجمیع ما أخذه من الأنفال.

وثانیاً : التعبیر بتحلیل الخمس فی الروایات الکثیرة لا یمکن حمله على خصوص سهمه (علیه السلام) لأنّه عشر الأموال لا خمسه، وحمل الخمس على العشر عجیب، والتعبیر بالحقّ فی بعضها الآخر لا ینافیه لأنّ ظاهر روایات هذا الباب أو صریحها، کون جمیع الخمس حقّهم إمّا بالملک أو بحقّ الولایة على السادة، وکذا کانوا یعطون جمیع الخمس إلیهم أو إلى وکلائهم، فانظر إلى روایات علی بن مهزیار وغیره من الوکلاء الذین کانوا یأخذون الأخماس لهم وقد ورد فی روایة الراوندی أنّ وکیل الناحیة العمری ـ قدس الله نفسه الزکیة ـ أتى الحسین عمّ ناصر الدولة وأخذ خمس ماله.

والحاصل : أنّ الناظر فی روایات هذا الباب یعلم بیقین أنّه لم یکن هناک فرق بین سهم الأصناف وسهمه الخاصّ، وأنّ جمیعها کان من حقّه.

ثالثاً : إن کان بقاء مصرف سهم الأصناف یوجب عدم تحلیله فکذا سهمه(علیه السلام) فإنّ مصارفه أیضاً باقیة قائمة على ساقیها، فهل کان جمیع هذه الأموال الکثیرة غایة الکثرة نفقة لبیته الشریف(علیه السلام) وعیاله المخصوصین به ؟ کلاّ، فإنّ هذا المصرف لا یطلب إلاّ عشراً من أعشاره بل أقلّ، فالباقی إنّما هو نفقة لأهدافه المقدّسة من إعلاء کلمة الإسلام والذبّ عن حریم أهل البیت(علیهم السلام) والاهتمام باُمور الشیعة وحفظ دینهم ودنیاهم فی أقصى البلاد وأدناها.

وأمّا القول بتتمیم حقّ الأصناف وتوفیره علیهم فهو مختار المحقّق فی الشرائع ومحکى عن جماعة من علمائنا،بل هو مشهور بین المتأخرین على ما ذکره صاحب الحدائق(7).

وعلله صاحب الشرائع فی المتن بقوله : «لأنّ علیه الاتمام عند عدم الکفایة وکما یجب ذلک مع وجوده فهو واجب علیه عند غیبته»(8) وأضاف إلیه صاحب الجواهر قوله : «لأنّ الحقّ الواجب لا یسقط بغیبة من یثبت علیه مؤبد»(9).

والعمدة فی ذلک هی المرسلتان المرویتان عن حمّاد بن عیسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح، قال بعد الإشارة إلى سهم الأصناف : «یقسم بینهم على الکتاب والسنّة ما یستغنون به فی سنتهم، فإنْ فضل عنهم شیء فهو للوالی، فإن عجز أو نقص عن استغنائهم کان على الوالی أن ینفق من عنده بقدر ما یستغنون به، وإنّما صار علیه أن یمونهم لأنّ له ما فضل عنهم»(10).

وفی معناه مرسلة أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا فراجع(11).

هذا ولکن یرد علیه ما ذکره صاحب الجواهر من أنّ العمل بالمرسلتین غیر موافق لاُصول المذهب بعد عدم وجود الشهرة الجابرة فی المقام (لما عرفت من تشتت الأقوال فی المسألة وذهاب کثیر منهم إلى خلاف هذا القول).

إن قلت : لا حاجة إلى الانجبار بعمل الأصحاب هنا لأنّ أصل المسألة (أعنی تتمیم الوالی لحصة الأصناف لو نقصت حصتهم عن حاجتهم) مفروغ عنه بین الأصحاب، فإن أعوز کان علیه وإن زاد کان له بل لم ینقل الخلاف فیه إلاّ عن الحلی(رحمه الله)، وما نحن فیه لازم هذا المعنى.

قلنا : کلاّ، بل اللازم انجبارهما بالنسبة إلى ما نحن بصدده وما هو مرتبط بعصرنا وزماننا، هذا مضافاً إلى أنّ المرسلتین ناظرتان إلى زمن بسط ید الإمام (علیه السلام) لا فی غیره الذی هو محل الکلام، کما یظهر لمن راجع ذیل الحدیث الأوّل الوارد فی تقسیم الزکاة فإنّه ینادی بأعلى صوته أنّه ناظر إلى زمان بسط الید (فراجع إلى ما رواه الکلینی (قدس سره)فی الکافی فی الجزء 1 الصفحة 541) (انتهى ما ذکره صاحب الجواهر بتوضیح منّا).

هذا، ولکن الإنصاف أنّه لو ثبت عمل الأصحاب بهما فی أصل المسألة (أعنی تتمیم الوالی عند العازة) ولو فی غیر المقام جاز العمل به فی المقام من باب إلغاء الخصوصیة، کما أنّ احتمال اختصاصه بزمن حضوره وبسط یده أیضاً منفی بهذا المعنى ـ أعنی إلغاء الخصوصیة ـ فعلى نائب الغیبه أیضاً ذلک.

هذا ولکن یرد على هذا القول أمور أخرى :

أحدها : أنّ مفروض الکلام ما لو زاد سهم الإمام (علیه السلام) عن حاجتهم، ومن المعلوم أنّه لا یمکن إعطاؤهم أکثر من حاجة سنتهم کما ورد التصریح به فی نفس الروایة.

وثانیها : ما مرّ مراراً من أنّه لا وجه لتعلیل سهم الإمام (علیه السلام) أو صرفه فی مورد آخر مع بقاء مصارفه الأصلیة، فإنّه ثابت للإمام (علیه السلام) بمقامه السامی فی تدبیر أمر العباد والبلاد ونشر آثار الدین وسنّة سیّد المرسلین وحفظ عقائد المسلمین وسدّ خلّة المحتاجین من محبی أهل البیت(علیهم السلام) وغیر ذلک من أشباهه، فلا معنى لصرفه فی مصرف آخر.

وإن شئت قلت : تتمیم سهم فقراء بنی هاشم عند عدم کفایة الخمس لهم ممّا لا کلام فیه، بل قد عرفت فی کلام صاحب الجواهر أنّ هذا ممّا لا خلاف فیه إلاّ من الحلی، وقد دلت علیه المرسلتان السابقتان ـ کما أنّه لو زاد من حاجتهم کان للإمام (علیه السلام) إنّما الکلام فی وجوب صرف کلّ منهما فی مصارفه المختصة لولا ملاحظات أخرى.

إن قلت : إذا دار الأمر بین رفع حاجة السادة وبین صرف سهم الإمام(علیه السلام) فی نشر آثار الدین ومثله ولم یکن وافیاً بکلیهما، فأیّهما أولى وأقرب.

قلنا : المقامات مختلفة ولابدّ فیها من ملاحظة المرجحات، فربّما یکون السادة فی حاجة شدیدة مبرمة، والدین قائم على ساقیه، وقد یکون الأمر بالعکس، وخطر الأعداء على الدین وهجومهم شدیداً عنیفاً لا سیّما على ضعفاء المسلمین لا یندفع إلاّ بصرف أموال هامة، ولابدّ فی کلّ مقام من ملاحظة المرجح الذی یعلم أو یظن أنّ الإمام(علیه السلام) لو کان بنفسه الشریفة حاضراً لما أقدم على غیر ذلک.

بقی الکلام فی القول إنّه یعامل معه معاملة مجهول المالک الذی مال إلیه المحقّق الهمدانی(رحمه الله) فی بعض کلماته، وقد سبقه إلى ذلک صاحب الجواهر حیث قال : «وأقوى من ذلک معاملته معاملة المال المجهول مالکه باعتبار تعذر الوصول إلیه ـ روحی له الفداء ـ إذ معرفة المالک باسمه ونسبه دون شخصه لا تجدی، بل لعلّ حکمه حکم مجهول المالک باعتبار تعذر الوصول إلیه للجهل به فیتصدق به حینئذ نائب الغیبة عنه، ویکون ذلک وصولاً إلیه على حسب غیره من الأموال التی یمتنع ایصالها إلى أصحابها والله أعلم بحقائق أحکامه»(12).

وقد استدلّ له صاحب مصباح الفقیه ببعض ما ورد فی أبواب اللقطة والبیوع من إجراء حکم مجهول المالک على ما تعذر وصوله إلى مالکه، وإن کان مالکه معلوماً.

مثل ما رواه یونس بن عبدالرحمن فی روایة معتبرة قال : سئل أبو الحسن الرضا (علیه السلام)وأنا حاضر إلى أن قال : «رفیق کان لنا بمکّة فرحل منها إلى منزله ورحلنا إلى منازلنا، فلمّا أن صرنا فی الطریق أصبنا بعض متاعه معنا فأی شیء نصنع به ؟ قال : تحملونه حتّى تحملوه إلى الکوفة. قال : لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف کیف نصنع ؟ قال : إذا کان کذا فبعه وتصدّق بثمنه. قال له : على من، جعلت فداک ؟ قال : على أهل الولایة»(13).

وما رواه علی الصائغ قال : سألته عن تراب الصوّاغین وأنّا نبیعه. قال : «أما تستطیع أن تستحله من صاحبه ؟ قال : قلت : لا إذا أخبرته اتّهمنی. قال : بعه. قلت : بأی شیء نبیعه ؟ قال : بطعام. قلت : فأیّ شیء أصنع به ؟ قال: تصدّق به، إمّا لک وإمّا لأهله. قلت : إن کان ذا قرابة محتاجاً أصله ؟ قال : نعم»(14).

بل یمکن أن یقال : إنّه مع قطع النظر عن الروایتین لا یبعد إلغاء الخصوصیة عن روایات مجهول المالک أو اللقطة بالنسبة إلى المقام ممّا یکون مالکه معلوماً، لأنّ الظاهر أنّ الوجه فیه ایصال المال إلى صاحبه بوجه، فإنّ الصدقة عنه نوع ایصال إلیه ولو من حیث ثوابه، فتأمل (هذا غایة ما یمکن أن یقال فی المقام).

ولکن هذا کلّه وإن کان جیّداً إلاّ أنّه یتمّ فی الأموال الشخصیة ممّا لا یعلم مصارفها، أمّا إذا علمنا بأنّ المال کان له بمقامه السامی لعدم حاجته بشخصه إلى هذه الأموال الضخمة، ویستحیل فی حکمة الباریء ـ جلّ شأنه ـ أن یجعل لهم هذه الأموال التی لا یحتاجون إلیها فی حیاتهم الشریفة الشخصیة بل ولا إلى عشر من أعشارها، فحینئذ لابدّ من صرفها فی مصارفها ممّا نعلم رضاه بذلک قطعاً لا خصوص الصدقة.


1. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 16.
2. راجع معجم رجال الحدیث، ج 3، ص 75.
3. ریاض المسائل، ج 1، ص 301.
4. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 3 من أبواب الأنفال، ح 8.
5. مصباح الفقیه، ج 3، ص 157.
6. جواهر الکلام، ج 16، ص 156.
7. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 441.
8. شرایع الإسلام، ج 1، ص 138.
9. جواهر الکلام، ج 16، ص 170.
10. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 3 من أبواب قسمة الخمس، ح 1.
11. المصدر السابق، ح 2.
12. جواهر الکلام، ج 16، ص 177.
13. وسائل الشیعة، ج 17، الباب 7 من أبواب اللقطة، ح 2.
14. المصدر السابق، ج 12، الباب 16 من أبواب الصرف، ح 2.

 

الروایات المعارضةفذلکة البحث فی حکم الخمس فی زمان الغیبة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma