بقی هنا مسائل عشر أشار إلیها صاحب العروة الوثقى:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
6 ـ الأرض التی اشتراها الذمی من المسلم7 ـ أرباح المکاسب ممّا یتعلق به الخمس

المسألة الأُولى : هل الحکم شامل للأراضی المفتوحة عنوة، أم لا ؟

قال صاحب الشرائع : «سواء کانت ممّا فیه الخمس کالأرض المفتوحة عنوة أو لیس فیه کالأرض التی أسلم علیها أهلها» وأضاف إلیه صاحب الجواهر : «حیث یصحّ بیعها کما لو باعها إمام المسلمین فی مصالحهم، أو باعها أهل الخمس، إذ قد عرفت ثبوته فی الأراضی من الغنائم أو غیر ذلک، بل قد یقال به فی المبیع منها تبعاً لآثار التصرف فیها وفاقاً للمحکى عن جمع من المتأخرین، بناءً على حصول الملک للمتصرف بذلک، وإن کان هو یزول بزوال

تلک الآثار». انتهى(1).

ولکن عن المحقّق الأردبیلی (رحمه الله) وصاحب المدارک، فیه إشکال، وتبعهما فی ذلک بعض أعلام العصر(2).

والظاهر أن نزاعهم فیه لفظی أو قریب منه، وحاصل الکلام فی المسألة أنّه إذا جاز بیعها، کما إذا کان بإذن الإمام فی مصالح المسلمین، أو قلنا بوجوب الخمس فی هذه الأراضی (وإن کان خلاف التحقیق) فباع السادة حقّهم منها، فلا إشکال ولا کلام فی شمول الحکم لها لإطلاق الدلیل وعدم القرینة على تقییده.

وأمّا فی غیر هذه الصور، فإن قلنا: إنّ الأرض المفتوحة عنوة تملک بتبع الآثار، فیباع کذلک، فالظاهر أیضاً شمول الحکم له لصدق عنوان الشراء علیها، وکون الملک متزلزلاً، وتبعاً للآثار غیر ضائر بعموم الحکم بعد إطلاق الدلیل.

وأمّا إذا قلنا بعدم الملک لها حتّى تبعاً للآثار وأنّه لیس هناک إلاّ حقّ الاختصاص، فشمول عنوان الشراء له غیر واضح إلاّ مجازاً ـ کما اطلق علیه فی أخبار الأراضی الخراجیة ـ فلا یجری فیه هذا الحکم.

ومن العجب، تصریح العروة بشموله لها حتّى فی هذا الفرض، اللّهم إلاّ أن یقال بتنقیح المناط وشمول حکمة الحکم لها، ولکنه ضعیف جدّاً.

 

بقی هنا شیء:

وهو أنّ المعروف بین الأصحاب أنّ هذه الأراضی ملک للمسلمین کافّة، بل قد ادّعى الإجماع علیه فی الخلاف والتذکرة، وقد صرّح فی روایات کثیرة بأنّها فیء للمسلمین أو أنّها للمسلمین جمیعاً (لمن هو الیوم ولمن یدخل فی الإسلام بعد الیوم ولمن لم یخلق بعد) وقد أفتى بها کثیر من الأصحاب.

ولکن حیث یعامل مع هذه الأراضی ـ ومنها أرض العراق ـ معاملة الملک ببناء المساجد وسائر الأعیان الموقوفة وبیعها وشرائها فی هذه الأعصار، بل وقبلها وقع فقهاؤنا ـ رضوان الله علیهم ـ فی حیص وبیص.

فقال غیر واحد منهم: إنّ ذلک إنّما یکون فی خصوص ما إذا رأى إمام المسلمین جواز بیع بعضها لمصلحة أو فی خصوص سهم السادة بناءً على ملکهم لخمس الأرض (کما هو مختار جماعة) أو أنّها کانت من الموات فی حال الفتح، فإنّ أحکام المفتوحة عنوة لا تجری إلاّ على المحیاة حال الفتح، ولکن مع ذلک قال صاحب مفتاح الکرامة:  «بجواز بیع هذه الأراضی ولو مستقلة ومن دون تبعیة للآثار، بل حکاه عن ظاهر الدروس وجامع المقاصد، واستدلّ له بأنّه کان متداولاً بین المسلمین فی زمن الحضور والغیبة عند الخاصة والعامة فی الأراضی المشهورة بأنّها کانت مفتوحة عنوة فی جمیع الأعصار والأمصار إلى عصرنا هذا من دون انکار أحد لذلک وإجراء أحکام المساجد على ما جعل مسجداً، وکذا إجراء أحکام الملکیة علیها.

ثمّ قال : وحمل ما کان یتصرفون فیه منها فی الأعصار السابقة على أنّ الإمام باعه لمصلحة المسلمین أو کان مواتاً حین الفتح أو أنّ ذلک کان فی خمسها تعویل على الهباء واتکال على المنى»(3).

وتبعه فی ذلک صاحب الحدائق وصرّح بأنّ ظاهر الأخبار جواز البیع والشراء من تلک الأراضی مع قیام المشتری بما علیها من الخراج ثمّ قال : «ویحمل ظاهر المنع الذی أشعرت به تلک الأخبار من حیث کونها فیئاً للمسلمین على الشراء على وجه یتملکه بذلک من غیر وجوب دفع حقّ المسلمین منها وهو خراج الأرض المذکورة»(4).

ولکن صرّح غیر واحد منهم وفاقاً لما فی المسالک بأنّ عدم صحّة بیعها ووقفها وهبتها إنّما هو فیما إذا باع رقبتها مستقلة، أمّا لو فعل ذلک فیها تبعاً لآثار التصرف من بناء وغرس وزرع فجائز على الأقوى، فإذا باعها بائع مع شیء من هذه الآثار دخلت فی البیع على سبیل التبع... فإذا ذهبت أجمع، انقطع حقّ المشتری. هکذا ذکره جمع من المتأخرین وعلیه العمل(5).

ولکن صاحب الجواهر أنکر ذلک أیضاً حیث قال : «إنّه مناف للأدلّة القاضیة بأنّها ملک للمسلمین على کلّ حال بل قیل إنّ الملک مناف لترتب الخراج علیها مضافاً إلى أنّ الملک على التأیید والدوام دون الدوران مدار الآثار، أضف إلى أنّه لم یقم دلیل على ملکیته تبعاً للآثار سیّما مع ملاحظه فتوى العلماء الذین هم حفاظ الشریعة». (انتهى ملخصاً)(6).

أقول : هذه معضلة عویصة، فمن ناحیة تدلّ الأدلة على أنّها فیء للمسلمین وملکهم جمیعاً ومن ناحیة اُخرى نرى بیع أراضی العراق وشبهها دائماً ـ سواء فیها الدور والبساتین والأراضی الزراعیة، بمرأى من علماء الدین ومسمع منهم، فکلّ منهم تخلّص منها بطریقة وأخذ مهرباً، والعمدة من بینها طرق ثلاثة :

1 ـ بعضهم کصاحبی مفتاح الکرامة والحدائق أنکروا بقاء حکم الملکیة للمسلمین من أصلها مع أنّها مشهورة معروفة وقد ورد التصریح بها فی روایات کثیرة (وإن ورد التصریح بالبیع والشراء فی غیر واحد من الروایات أیضاً لکن لها محامل أخرى).

2 ـ وبعضهم مال إلى القول بالملکیة المؤقتة تبعاً للآثار مع ما فیه من الإشکال من جهة عدم معروفیة الملکیة المؤقتة بین العرف والعقلاء، وعدم ثبوت الخراج فی الملک بل هو شبه مال الإجارة، مضافاً إلى عدم قیام دلیل خاصّ یدلّ علیه.

أضف إلى ذلک عدم کفایة الملک المؤقت فی الوقف للمسجد وشبهه.

3 ـ وبعضهم حمل هذه التصرفات على خصوص ما کان مواتاً حال الفتح (ولا أقل من احتماله مع حمل فعل المسلم على الصحّة) أو کان من خصوص سهم السادة ـ بناءً على ملکیتهم لخمس الأراضی ـ أو فی موارد رأى إمام المسلمین المصلحة فی بیع بعضها.

وفیه : أیضاً من الإشکال ما لا یخفى، فإنّه لا یزال یتصرف فی هذه الأراضی کأراضی العراق وما فتحت عنوة فی غرب ایران أو فی الشامات وأراضی مصر وغیرها من دون فرق بین جوانبها ونواحیها.

فکلّ من هذه الطرق الثلاثة فیه مزیة وإشکال.

وهناک طریق رابع لعلّه أقوى وأولى وهو أنّ الذی یشتری فیها هو حقّ الأولویة والاختصاص بها المشابه لحقّ السرقفلیة فی عصرنا، وأمّا إحداث المساجد فیها فهو باعتبار أنّها من مصالح المسلمین فیجوز بیعها وشراؤها لذلک ولما أشبهه وقد أذنوا(علیهم السلام)لشیعتهم بذلک، هذا بالنسبة إلى الروایات الدالة على جواز بیعها وشرائها، ولکن مع ذلک لا یسقط الخراج منها وترکه وعدم رعایته بعد البیع والشراء کأنّه نشأ عن التسامح والتساهل وقلة المبالاة، والأحوط لأهل الدین والورع أن یحاسبوا خراجها ولا أقل من الاستئذان من الحاکم الشرعی بالنسبة إلى خراجها، والله العالم بحقائق أحکامه.

وعلى کلّ حال تعلق الخمس بها إذا لم تدخل الأرض فی المبیع ممّا لا وجه له، ومن هنا یظهر الإشکال فی کلام صاحب العروة، وکذا إذا دخلت تبعاً لما عرفت من ظهور الدلیل فی استقلالها بالبیع وصدق شراء الأرض لا شراء الدار والدکان وشبهها.

المسألة الثانیة : قال صاحب المسالک : «ولا یسقط الخمس عن الذمی ببیع الأرض قبل الإخراج (إخراج الخمس) وإن کان البیع لمسلم، ولا بإقالة المسلم له فی البیع مع احتمال السقوط هنا»(7).

وقال المحقّق النراقی (رحمه الله) فی المستند بعد التصریح بعدم سقوط الخمس بالبیع لمسلم : «وکذا لا یسقط لو فسخ الذمّی البیع، ولو کان ذلک بخیار لأحدهما یشکل الحکم، ویحتمل انتقال الخمس أیضاً متزلزلاً»(8).

أقول : انتقالها من الذمی إلى مسلم قد یکون بالبیع ونحوه، وأُخرى بالارث، وثالثة بالإقالة، ورابعة بالفسخ بالخیار، والظاهر عدم سقوط الخمس فی شیء من هذه الفروض الخمسة لإطلاق روایة أبی عبیدة، وما ذکر من أنّ الملاک هو عدم السلطة فهو من باب الحکمة لا العلّة کما هو واضح، هذا من ناحیة، ومن ناحیة أُخرى لو قلنا : إنّ الإقالة فسخ من أصل (سواء قلنا بالکشف أو الانقلاب) أشکل الحکم بوجوب الخمس علیه لانحلال العقد من أصله، وکذا الکلام فی الفسخ بالخیار ولکن هذا الاحتمال بعید فی المقامین.

هذا من ناحیة ثانیة، ومن ناحیة أُخرى قد یقال : فی موارد إمکان الفسخ بالخیار فإنّ البیع متزلزل من أصله (وکذا فی موارد الشفعة) والحدیث منصرف عن مثل هذا الحکم، ولکن الإنصاف أنّ رفع الید عن الإطلاق بمثل هذه الأُمور مشکل جدّاً.

ومن ناحیة رابعة قد یقال : إنّه لو باعها من مسلم شیعی دخل فی مسألة من ینتقل إلیه المال ممّن لا یعتقد بالخمس وأنّه لا خمس فیه فتکون المعاملة صحیحة فی جمیعها حتّى فی مقدار الخمس، ولکن یجاب عنه بأنّ هذا لا ینافی تعلق الخمس بالذمّی فإذا انتقل مجموع الأرض إلى مسلم شیعی وجب الخمس فی ذمّته.

ومن جانب خامس قد یقال کما فی مستند الشیعة : «لو نقل الذمّی الأرض إلى غیره قبل أخذ الخمس (منه) لم یسقط الخمس، بل لا یصحّ النقل فی قدره ویکون للمشتری الخیار إن کان النقل بالبیع... ولو أخذ المبیع من الذمّی بشفعة فالظاهر تقسیط الثمن أخماساً»(9).

والوجه فیه تعلق الخمس بالعین على نحو الإشاعة وشبهها فیکون البیع فضولیاً فی سهم السادة، فالبیع فیه باطل أو منوط بإجازة ولیّ الأمر، وکذا بالنسبة إلى الشفعة فإنّه لا یصحّ الأخذ بالشفعة فی سهم السادة لما ذکروه فی محلّه من أنّ الشفعة إنّما هی فیما إذا انتقل إلیه بالبیع لا بغیره من النواقل کالهبة والأصداق والصلح ونحو ذلک(10).

فتکون الشفعة فی خصوص أربعة أخماس الأرض بأربعة أخماس من الثمن، وکان مراد المحقّق النراقی (رحمه الله) أیضاً هذا.

هذا کلّه على تقدیر القول بتعلق الخمس بالعینوأمّا على تقدیر تعلقه بالمنافع فلاوقع لهذه الإشکالات، لأنّ المدار على بقائها فی یده وزرعها بما یتعلق به الزکاة کما هو واضح.

المسألة الثالثة : إذا اشترى الذمی الأرض من المسلم وشرط علیه الخمس، فهو على أنحاء ثلاثة : تارة یشترط عدم الخمس فهذا الشرط مخالف للشرع قطعاً فلا یصحّ. وثانیة یشترط أن یکون الخمس على المسلم وهو أیضاً شرط مخالف للشریعة، لأنّ الخمس بحسب حکم الشرع واجب على المشتری الذمّی لا على البائع المسلم، وهل یسری فساد الشرط فی هاتین الصورتین إلى العقد أم لا ؟ فیه خلاف، ولعلّ الأقوى الثانی. وثالثة یشترط فی ضمن العقد أن یبذل المسلم مالاً معادلاً للخمس بقصد إبراء ذمّة المشتری الذمّی وهذا القسم لا مانع منه، لعدم مخالفته لحکم الشرع لجواز دفع الغیر عمن یجب علیه الخمس، وحیث یکون بأمره واشتراطه فهو المؤدى للخمس ولو بالتسبیب (وهذا المقدار کاف کمن یستدعی من الغیر أداء دینه) ولکن لا یسقط الخمس عنه بمجرّد هذا الاشتراط بل إنّما یسقط بعد العمل به کما لا یخفى.

المسألة الرابعة : قال صاحب العروة الوثقى (مسألة 43) : «إذا اشتراها من مسلم ثمّ باعها منه أو من مسلم آخر ثمّ اشتراها ثانیاً وجب علیه خمسان، خمس الأصل للشراء أوّلاً وخمس أربعة أخماس للشراء ثانیاً». انتهى.

أقول : مقتضى الإطلاق وجوب الخمس على الذمّی فی کلّ شراء ولا دلیل على تقییده، فیجب علیه خمس مجموع الأرض فی الشراء الأوّل بلا إشکال ـ کما ذکره صاحب العروة ـ لکن الکلام فی وجوبه علیه فی الشراء الثانی فیما إذا دفع قیمة الخمس فی الأوّل بدلاً عن دفع العین فملک مجموعها فباعها ثمّ اشتراها، فهل علیه خمس المجموع أم خمس أربعة أخماسها ؟ من الواضح وجوب خمس المجموع علیه لأنّه اشترى (فی الشراء الثانی) مجموع الأرض لا أربعة أخماسها فقط. وعلى هذا فالصحیح أن یعلّق على ما ذکره صاحب العروة هکذا : «إلاّ إذا أدّى الخمس من قیمتها ففی هذه الصورة یجب دفع خمس مجموع الأرض ثانیاً». هذا کلّه فیما إذا لم یکن المشتری شیعیاً، وأمّا إذا کان کذلک فقد ملک الأرض لمجموعها بشرائها من الذمّی وذلک لشمول أدلّة التحلیل للمقام فإنّه اشتراها ممّن لا یعتقد بالخمس، فإذا باعها من الذمّی وجب علیه (أعنی الذمّی) خمس المجموع سواء أدفعه قبل بیعها من الشیعی من قیمتها أم لا.

المسألة الخامسة : إذا اشترى الأرض من المسلم ثمّ أسلم بعد الشراء فقد قال صاحب

العروة : «لم یسقط الخمس منه» ووافقه کثیر من المحشّین، ولکن حکى فی المدارک عن المحقّق (رحمه الله)فی المعتبر فی کتاب الزکاة والعلاّمة (رحمه الله) فی جملة من کتبه من أنّ الزکاة تسقط عن الکافر بالإسلام وإن کان النصاب موجوداً لقوله (علیه السلام) : «الإسلام یجبُّ عمّا قبله»(11) ثمّ أورد علیه بأنّه یجب التوقف فی هذا الحکم لضعف الروایة المتضمنة للسقوط سنداً ومتناً، ثمّ استدلّ بما ورد فی الأخبار الصحیحة من عدم سقوط الزکاة عن المخالف إذا استبصر(12)، وبقاعدة الاشتغال، وبأنّ لازمه عدم وجوب الزکاة على الکافر لامتناع أدائها حال الکفر وسقوطها بالإسلام. انتهى(13).

وفی مفتاح الکرامة فی کتاب الزکاة(14) حکى القول بسقوط الزکاة بالإسلام عن المفید فی کتاب الاشراف، والشیخ وابن إدریس وابن حمزة وسائر المتأخرین عنهم ثمّ قال: «وما وجدنا من خالف أو توقف قبل صاحب المدارک وصاحب الذخیرة» ثمّ ذکر کلام صاحب المدارک ثمّ قال : «إنّ الخبر منجبر بالشهرة فی سنده وکذا دلالته على الصحیح بل بالإجماع... وقیاسه على المخالف قیاس مع الفارق».

أقول : الظاهر أنّه لا فرق بین الزکاة والخمس من هذه الجهة، وأنّه لا ینبغی الإشکال فی سقوطه عن الکافر أیضاً لما حققناه فی محلّه من أنّ سند الحدیث منجبر بالشهرة المحقّقة بل دلالته أیضاً تامّة لعمومه أو إطلاقه، بل صرّح فی مصباح الفقاهة فی کتاب الزکاة بعد حکایة تسالم الأصحاب على العمل بها : «إنّ مثل الزکاة والخمس والکفّارات وأشباهها من الحقوق الثابتة فی الإسلام بمنزلة القدر المتیقن منها».

والعجب من صاحب العروة حیث صرّح فی کتاب الزکاة فی المسألة 17 من أصل الوجوب بأنّه : «لو أسلم الکافر بعد ما وجبت علیه الزکاة سقطت عنه وإن کانت العین موجودة فإنّ الإسلام یجبُّ ما قبله ووافقه المحشّون فیما رأینا، نعم أشکل بعضهم فی هذا الحکم عند وجود العین، ونطالبهم بالدلیل على الفرق بین المقامین. والقول إنّ محلّ الکلام لیس من الخمس الواجب على کلّ أحد بل على خصوص الذمی فهذا لا یسقط بالإسلام ممنوع جدّاً بعد إطلاق الدلیل، بل الحکم بسقوط هذا القسم أولى فإنّه إذا سقط ما هو مشترک بین الإسلام والکفر فسقوط ما یختص بحال الکفر أولى وأنسب».

وعلى کلّ حال فالدلیل على المقصود مضافاً إلى إطلاق حدیث الجبّ المنجبر ضعفه بعمل الأصحاب، جریان السیرة القطعیة من النبی الأکرم (صلى الله علیه وآله) والأئمّة الأطهار (علیهم السلام)القائمین مقامه من عدم مطالبة من دخل فی الإسلام بأداء الزکوات والأخماس الماضیة مع أنّ کثیراً من أعیانها کانت موجودة بل عند إسلام الذمّیین مع وجود بعض الأراضی المشتراة من المسلمین فی أیدیهم.

أمّا قیاس المسألة على المخالف فقد عرفت أنّه قیاس مع الفارق، وکذا تمسک صاحب المدارک بقاعدة الاشتغال بعد قیام الدلیل على البراءة، فاسد.

وأمّا امتناع أدائها على الکافر لعدم صحته منه حال کفره وسقوطه عنه بالإسلام، فیرد علیه أنّ فائدة وجوبها علیه حال الکفر بعنوان حکم وضعی متعلق بأمواله، إمکان أخذه منه من ناحیة الحاکم الشرعی على أنّ إشکال یجری حتّى فی قضاء عباداته لعدم تأتی قصد القربة منه، فما أجیب به هناک نجیب به هنا وحاصله حصول فائدة التکلیف وعدم لغویته بترتب آثار علیه من قبیل صحّة العقاب، فتأمل.

وعلى کلّ حال فلا ینبغی الإشکال فی أصل المسألة، وأوضح حالاً منه ما لو کانت المعاملة ممّا یتوقف الملک فیه على القبض (کما سیأتی) فأسلم بعد العقد وقبل القبض، فإنّ المفروض عدم حصول الملک بالإشتراء حتّى یجب علیه الخمس کما هو واضح.

إنّما الکلام فی أنّه کیف یتصور اشتراط القبض هنا، وذلک یمکن من وجوه :

منها : أن یکون المسلم قد وهب الذمّی الأرض هبة معوضة أو غیر معوضة، والمعروف فی الهبة اشتراط القبض فی حصول الملکیة فقبله لا یکون ملکاً له حتّى یجب الخمس فیه، والمفروض حصولها فی حال الإسلام (ولکن قد عرفت الإشکال فی تملک الأرض بغیر الشراء).

منها : أن یکون اشتراء الأرض بعنوان السلم ـ کما فی بعض کلمات صاحب مستند العروة (15) ـ ولکن الذی یظهر من المحقّق وصاحب الجواهر والمسالک وغیرهم عدم جوازه عندنا حیث اطلقوا عدم جواز الأسلاف فی العقار والأراضی ولم ینقلوا فیه مخالف(16).

ولعلّه لاشتراط کونه فی مبیع کلی قابل للتوصیف، ومن المستبعد جدّاً إمکان توصیف أرض کلی بصورة واضحة لاختلاف القیم تبعاً لاختلاف الأمکنة.

مضافاً إلى أنّ ظاهر دلیل وجوب الخمس هنا إنّما هو اشتراء الأرض الشخصی لا أرض کلی بعنوان السلف، نعم بعد تعینها فی أرض شخصی لا یبعد صدق تملک الأرض بالشراء.

ومنها : أن تکون الأرض ثمناً فی السلف لعین أُخرى کما إذا باع الذمّی ثیاباً سلفاً بأرض حاضرة وقبل قبض الثمن وهو الأرض قد أسلم وبعد الإسلام قبض وتملک الأرض، ولکن الإنصاف أنّه غیر مفاد روایة أبی عبیدة الحذّاء فإنّ مفادها تملکها مثمناً لا ثمناً، اللّهمّ إلاّ أن یقال : بالغاء الخصوصیة، فتأمل.

والخلاصة إننا لم نجد مثالاً صحیحاً لما ذکره صاحب العروة خالیاً عن المناقشة، ولو أسلم فلا إشکال فی سقوط الخمس عنه لعدم تحقق الملکیة فی حال الکفر فإنّها متوقفة على القبض والمفروض أنّ الذمی لم یبقض الأرض إلاّ بعد إسلامه.

هذا کلّه على القول بتعلق الخمس بالعین، أمّا لو قلنا بتعلقه بعوائدها فهو أیضاً کذلک أعنی إذا أسلم لم یجب علیه إلاّ زکاة واحدة ولو کانت العین موجودة، بل الأمر أوضح هنا لعدم الحاجة إلى قاعدة الجبّ بعد تبدلّ العنوان فإنّ الزکاة المضاعفة واجبة على الذمّی وهو الآن مسلم.

المسألة السادسة : إذا تملک الذمّی الأرض من ذمّی آخر (أو من کافر غیر ذمّی) لعقد مشروط بالقبض ـ کالأمثلة السابقة على إشکالاتها ـ فأسلم الکافر الثانی قبل القبض والاقباض، وحینئذ یصدق انتقال الأرض إلى الأوّل عند إسلام البائع فهل یجب على الذمّی الخمس ؟ قال صاحب العروة : «فیه وجهان : أقواهما الثبوت»(17) وأشکل علیه جماعة من المحشّین.

وقال صاحب مصباح الفقیه : «إنّه لا یخلو عن نظر لخروجه عن منصرف النص»(18).

لکن قال صاحب الجواهر: «الأقوى فیه الخمس»(19).

أقول : ما ذکره صاحب مصباح الفقیه من احتمال الانصراف أو قوته کما یظهر من کلام صاحب الجواهر، حسن جید، فیشکل جعل الخمس علیه حینئذ والأصل عدمه.

المسألة السابعة : إذا شرط البائع المسلم على الذمی أن یبیعها بعد الشراء لمسلم، فهل یسقط الخمس منه أم لا ؟

الظاهر عدم سقوطه لأنّ الملک قد حصل له بل وقد استقر، غایة الأمر أنّ هذا الشرط قد جعله فی معرض الزوال (لا أنّه ملک متزلزل).

وحینئذ یمکن أن یقال بانصراف النصّ عنه وظهوره فی ملک لیس کذلک لا سیّما إذا کانت السلطة على أملاک المسلمین علة للحکم، ولکن الانصراف ممنوع والسلطة إنّما هی بمنزلة الحکمة لو قلنا بها لا العلة التی یدور مدارها الحکم.

ثمّ إنّ هذا الشرط من الشرائط الصحیحة لعدم مخالفتها للشرع ولا لمقتضى العقد ولا لغیر ذلک من الشرائط المعتبرة فی الشروط. نعم هو مخالف لإطلاق العقد وذلک جائز بلا إشکال کما هو الشأن فی کلّ شرط، هذا وقد ذهب بعض إلى بطلان ما لو اشترط البائع على المشتری أن یبیعه منه ثانیاً وذلک لوجود روایات خاصة لا لمخالفته لمقتضى القاعدة.

المسألة الثامنة : إذا اشترى المسلم من الذمی أرضاً ثمّ فسخ البیع بإقالة أو خیار، فقد قال صاحب العروة : فی ثبوت الخمس فیه وجه ثمّ جعل الأقوى خلافه.

قلت : وجه الخمس انتقال الأرض من المسلم إلى الدمّی، لأنّ المفروض أنّها صارت للمسلم ثمّ رجعت إلى ملک الذمّی، فلو قلنا بثبوت الخمس فی کلّ انتقال فهذا من مصادیقه.

ولکن قد عرفت أنّه لم یثبت الخمس فی جمیع الانتقالات، سلّمنا، ولکن لا یصدق علیه الانتقال إلیه من مسلم بعد أن کان الفسخ بالخیار أو الإقالة هو ابطال المعاوضة السابقة لا معاوضة جدیدة فیرجع الملک إلى ما کان من قبل کما هو ظاهر.

المسألة التاسعة : من بحکم المسلم من اطفال المسلمین ومجانینهم فهو بحکم المسلمین، فلو اشترى الذمّی الأرض المملوکة من طفل من أطفال المسلمین بإذن ولیّه وجب علیه الخمس، لجریان جمیع أحکام المسلمین على أولادهم فی طیات کتب الفقه، وکذا الحکم فی عکسه بأن اشترى الذمّی لولده مثلاً أرضاً من مسلم فإنّه داخل فی مورد الروایة (بناءً على تعلق الخمس بغیر البالغین ولکنه محل للکلام) وکان الأولى لصاحب العروة ذکره أیضاً کما ذکره صاحب الجواهر (قدس سره).

المسألة العاشرة : إذا بیع خمس الأرض التی اشتراها الذمی علیه أو على ذمّی آخر وجب الخمس فی ذلک الخمس وکذلک إلى أیة مرحلة انتهى إلیها البیع، هذا إذا کان بعد أداء الخمس إلى أربابه أو إلى الحاکم الشرعی ولو بتخلیة الید لتحقق ملک المسلم لها، أمّا إذا کان قبل الأداء فإن قلنا بتعلق الخمس بالعین على نحو الإشاعة أو الکلی فی المعین فالأمر أیضاً واضح، أمّا إذا قلنا بعدم ذلک وأنّه حقّ مالی یتعلق بالعین فإذا بیع علیه یشکل تعلق الخمس بذلک العین، لعدم صدق الاشتراء بالنسبة إلى الأرض بل بالنسبة إلى الحقّ المتعلق به، فتأمل جیّداً.

 


1. جواهر الکلام، ج 16، ص 66.
2. محاضرات فی فقه الإمامیة، کتاب الخمس، ص 107.
3. مفتاح الکرامة، ج 4، ص 243. والظاهر أنّ ممّا دعاه إلى هذا القول هو ما نراه من بیع أراضی السواد بلا التفات إلى کونها من الموات حال الفتح أو غیرها ولا سیّما أنّها کانت معمورة حتّى قبل التاریخ.
4. الحدائق الناضرة، ج 18، ص 305.
5. مسالک الافهام، ج 3، ص 56.
6. جواهر الکلام، ج 22، ص 349.
7. مسالک الافهام، ج 1، ص 466.
8. مستند الشیعة، ج 10، ص 36.
9. مستند الشیعة، ج 10، ص 36.
10. جواهر الکلام، ج 37، ص 240.
11. عوالی اللئالی، ج 2، ص 54، وبحار الأنوار، ج 6، ص 23.
12. وسائل الشیعة، ج 1، ص 97، الباب 31 من أبواب مقدمة العبادات.
13. مدارک الأحکام، ج 5، ص 42.
14. مفتاح الکرامة، ج 3،کتاب الزکاة، ص 30.
15. راجع مستند العروة، کتاب الخمس، ص 190.
16. جواهر الکلام، ج 24، ص 283.
17. العروة الوثقى، ج 2، ص 388.
18. مصباح الفقیه، ص 134.
19. جواهر الکلام، ج 16، ص 67.

 

6 ـ الأرض التی اشتراها الذمی من المسلم7 ـ أرباح المکاسب ممّا یتعلق به الخمس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma