واستدلّ لهذا القول باُمور 

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الفقاهة - کتاب الخمس و الأنفال
وهنا تفسیرات أخرى لهبقی هنا مسائل (ممّا یلحق بالغنائم)

الأول: وإطلاق الآیة الکریمة وسائر إطلاقات أدلة الخمس فی الغنیمة الواردة فی روایات هذا الباب، فإنّها دالة على عموم الحکم فیشمل صورة عدم الإذن أیضاً وهو جید لولا الدلیل على التقیید، کما سیأتی إن شاء الله.

الثانی: واستدلّ له أیضاً بصحیحة الحلبی أو حسنته عن أبی عبدالله (علیه السلام) فی الرجل من أصحابنا یکون فی لوائهم ویکون معهم فیصیب غنیمة، قال : «یؤدی خمساً ویطیب له»(1).

وکونه مصداقاً لعدم إذنهم واضح، ما ذکره صاحب الجواهر من المحامل : من احتمال التقیة أو تحلیل الإمام (علیه السلام) له خاصة أو کون الحرب بإذنهم لأنّ أصحابه (علیه السلام)لم یصدروا غالباً إلاّ بإذن منهم، کلّها مخالفة لظاهر الحدیث أو إطلاقه.

نعم، یمکن أن یقال : إنّ معاملة الأراضی الخراجیة مع الأراضی التی أخذت فی الفتوحات الإسلامیة مع أنّه لولا الإذن کانت کلّها للإمام، وکذا التصریح بتحلیل خمسهم من السبایا حتّى تطیب ولادتهم، کلّها دلیل على إمضائهم لهذه الفتوحات کلّها، لکونها فی طریق إعلاء کلمة الحقّ، وإن کانت على أیدی الغاصبین من الأمویین وغیرهم ولا یزال الله یؤید هذا الدین برجال لا خَلاق لهم.

ففی التفسیر المنسوب إلى مولانا العسکری (علیه السلام) عن آبائه عن أمیرالمؤمنین (علیه السلام)أنّه قال لرسول الله (صلى الله علیه وآله) : «قد علمت یا رسول الله أنّه سیکون بعدک ملک غضوض وجبر فیستولی على خمسی من السبی والغنائم، ویبیعونه فلا یحل لمشتریه، لأنّ نصیبی فیه، فقد وهبت نصیبی منه لکلّ من ملک شیئاً من ذلک من شیعتی لتحلّ لهم منافعهم من مأکل ومشرب، ولتطیب موالیدهم ولا یکون أولادهم أولاد حرام...»(2) وهو کالصریح فی أنّه لیس لهم من هذه إلاّ الخمس، ولا یصحّ إلاّ على ما ذکرنا، أی، إذنهم للمقاتلین، وإلاّ کانت جمیعها لهم.

الثالث: واستدلّ له أیضاً بصحیحة علی بن مهزیار، الطویلة وفیها فی عداد ما یجب فیه الخمس «ومثل عدوّ یصطلم فیؤخذ ماله»(3).

ولکنّها أجنبیة عمّا نحن بصدده، لأنّ الکلام فی ما یؤخذ بالقهر والغلبة لا بإذنهم(علیهم السلام)إلاّ أن یقال إنّها تدلّ على المقصود بطریق أولى، فتأمل.

ولکن فی مقابل هذا کلّه مرسلة العباس الورّاق عن رجل سمّاه، عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال : «إذ غزى قوم بغیر إذن الإمام فغنموا، کانت الغنیمة کلّها للإمام، وإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا، کان للإمام الخمس»(4).

ودلالتها صریحة على مذهب المشهور، وهو کون الخمس مشروطاً بإذن الإمام فی الحرب، وإلاّ کان جمیعه من الأنفال وله (علیه السلام).

أمّا سندها ضعیف بالارسال، ولکن العباس، ثقة وهو العباس بن موسى، وثقه النجاشی والعلاّمة، والروایة مجبورة بعمل الأصحاب، کما لا یخفى، وقد قال الشهید (رحمه الله)فی المسالک : «وضعفها منجبر بالشهرة» ومن هنا یظهر أنّ الإنجبار بالشهرة کان قبل زمان الشیخ الأنصاری (رحمه الله) خلافاً لما قد یتوهّم من کون أکثر الإنجبارات بعد زمان الشیخ.

هذا مضافاً إلى ما أفاده صاحب الحدائق (رحمه الله) حیث ذکر فی أبواب الأنفال (لا فی باب خمس الغنیمة) ما نصّه : «والظاهر أنّ منشأ هذا الخلاف إنّما هو من حیث إنهم لم یقفوا على دلیل لهذا الحکم إلاّ مرسلة العباس الورّاق المتقدّمة وهی ضعیفة باصطلاحهم، سیّما مع معارضتها بظاهر حسنة الحلبی المذکورة، وأنت خبیر بأنّه قد تقدّم فی صحیحة معاویة بن وهب أو حسنته بإبراهیم بن هاشم (3/5 من الأنفال) ما یدلّ على ما دلّت علیه روایة الورّاق، وحینئذ، فلا یتمّ لهم الطعن فی دلیل القول المشهور بضعف السند، بناءً على أنّه لا دلیل علیه إلاّ الروایة التی ذکروها»(5) انتهى.

وکأنّه(رحمه الله) استدلّ بصدرها الدالّ على اعتبار قیدین، المقاتلة وإذن الإمام، حیث قال : «إن قاتلوا علیها مع أمیر أمره الإمام علیهم أخرج منها الخمس لله وللرسول».

نعم، المذکور فی ذیلها خصوص مفهوم القید الأوّل وهو عدم المقاتلة، وأنّه حینئذ، کان الجمیع للإمام، ولکن ظهور الصدر فی المفهوم ممّا لا ینکر، وعدم ذکره فی ذیل الروایة غیر مانع.

ولکن الذی یوهِّن الروایة أنّ ظاهر قوله : «أخرج منها الخمس لله وللرّسول وقسم بینهم ثلاثة أخماس» کون خمس لله وخمس للرسول وثلاثة أخماس للمقاتلین، هذا شیء لم یعرف قائل به مطلقاً بل هذا مخالف صریح لآیة الخمس، فإنّها تدلّ على وجوب خمس واحد لله ولرسوله، الخ، لا خمسان، کما فی هذه الروایة، فلا محیص إلاّ من طرح الروایة وطرطها، لمخالفتها لکتاب الله وللإجماع.

والقول إنّ عدم العمل ببعضها، لا ینافی العمل بالباقی، مدفوع بما عرفت سابقاً من أنّ عمدة دلیل حجیة خبر الواحد هو بناء العقلاء ولیس بناؤهم على تقطیع أمثال هذه الروایات والعمل ببعضها وترک بعضها الآخر، بل إنّهم إذا وجدوا فی روایة أو سند وقفاً أو وصیة ممّا هو باطل قطعاً، سرى الشک إلیهم فی باقیها، وتوقفوا عن العمل بها.

إن قلت : الموجود فی نسخة الکافی الذی هو المصدر للحدیث، هو أربعة أخماس، فالخطأ إنّما هو فی نسخة الوسائل، ولعلّه وقع من الناسخ.

قلت : کلاّ، أکثر نسخ الکافی (على ما حکاه محققه فی بعض حواشیه) هو ثلاثة أخماس وکذا النسخة الموجودة عند المجلسی(رحمه الله) الذی بنى علیها شرحه المعروف بـ (مرآة العقول)، وکذا النسخة الموجودة عند الفیض الکاشانی التی بنى علیها کتاب (الوافی)، وکذا النسخة الموجودة عند صاحب الجواهر کما یظهر من کلامه فی الجزء 16، الصفحة 127، وهکذا النسخة الموجودة عند صاحب المستند کما یظهر من قوله فیه الجزء 2 الصفحة 195، نعم عند صاحب الوسائل فی أبواب الجهاد(6)، هو أربعة أخماس، ولکنّه حکاه فی أبواب الخمس ثلاثة أخماس، وصاحب الحدائق حکاه أربعة(7).

وکذا سیّدنا الحکیم (رحمه الله) فی محل الکلام من المستمسک.

والحاصل : أنّ أکثر النسخ القدیمة کانت بعنوان ثلاثة أخماس کما یظهر من مجموع کلماتهم، ویؤیده عدم استدلال المشهور بها فی المقام مع ظهورها فی المطلوب.

سلّمنا أنّ النسخ مختلفة لا یفضل إحداها على الاُخرى، ولکن هذا کاف فی إسقاطها عن جواز الاستدلال بها.

إن قلت : قوله : «أخرج منها الخمس لله وللرّسول» فی صدر الروایة دلیل على إخراج خمس واحد منها، فیبقى أربعة أخماس، فهذا قرینة على نسخة الأربعة.

قلت : یمکن أن یکون المراد من هذه العبارة إخراج خمس لله وإخراج خمس للرّسول، بقرینة الذیل، ولو سلّم ظهور هذه العبارة فی صدرها فی الجملة، لکن یمنعه صراحة نسخ الثلاثة فی ذیلها.

إن قلت : إنّ قوله (علیه السلام) : «إن قاتلوا علیها مع أمیر أمّره الإمام» فی صدر الروایة لیس فی مقام الاحتراز عن صورة عدم إذن الإمام، بل هذه العبارة بملاحظة کون القید مأخوذاً فی کلام الراوی حیث قال : «السریة یبعثها الإمام».

قلت : هذا على عکس المطلوب، أدلّ، لأنّ إذن الإمام لو لم یکن شرطاً فی الحکم لم یحتج إلى تکراره فی قوله «مع أمیر أمّره الإمام» بل کان علیه ترکه، وهذا مثل أن یسأل الراوی عن دخوله فی البلد عن السفر قبل الظهر فی شهر رمضان، فقال (علیه السلام) فی الجواب : «إن کنت دخلت البلد قبل الظهر فصم»، کان هذا القید ظاهراً فی الاحتراز.

ولذا قال المحقّق الهمدانی(رحمه الله) فی بعض کلماته فی المقام : «لکن ذکر هذا القید فی الجواب مع کونه مفروضاً فی السؤال مشعر بأنّ له دخلاً فی الاستحقاق لو لم نقل بکونه ظاهراً فی ذلک»(8).

إن قلت : فلماذا لم یذکر مفهوم هذا القید فی ذیل الروایة واکتفى بذکر مفهوم القید الثانی وهو المقاتلة فقط ؟

قلت : کأنّه أوکله إلى وضوحه، فإنّه لا یحتاج إلى ذکر مفهوم کلّ قید قید، ویکفی ذکر بعضها ممّا هو محلّ الحاجة کما فی المقام.

فتحصّل من جمیع ذلک : أنّ الأقوى ما هو المشهور من أنّ الغنیمة لو لم تکن بإذن الإمام کانت جمیعها له، وتدلّ علیه مرسلة العباس الورّاق المنجبرة بعمل الأصحاب ولعلّ السرّ فیه أنّه مجازاة لهم حتّى لا یقاتلوا بغیر إذنه حتّى لا یکون الطمع فی الغنائم سبباً لإثارة الحروب بغیر إذن ولیّ أمر المسلمین، ولولا ذلک قام بعض الناس على حرب الکفّار طمعاً فی غنائمهم، لا أقول، هذا دلیل الحکم، بل أقول: لعلّ الحکمة کانت کذلک.

هذا مضافاً إلى ما فی دعوى الخصم من الضعف والفشل.

أمّا العمومات فقد عرفت إمکان تقییدها بما عرفت من دلیل المشهور، وأمّا روایة الحلبی فقد عرفت ضعف دلالتها على المطلوب، بل سندها أیضاً ضعیف فإنّ السعد وهو سعد بن عبدالله وإن کان ثقة من المشائخ إلاّ أنّ المروی عنه وهو علی بن إسماعیل المعروف بعلی بن السندی، محلّ إشکال، لأنا لم نر له توثیقاً فی الرجال ما عدا توثیق نصر بن الصباح عنه، ولکن النصر، أیضاً مجهول الحال، بل وردت فی ذمّه بعض کلمات أهل الرجال أنّه کان غالیاً. نعم کون علی بن إسماعیل من أصحاب الرضا(علیه السلام) وکثیر الروایة مع نقل المشائخ عنه لعلّه یجعله من الممدوحین، ولکن هذا المقدار غیر کاف فی صحّة سند الروایة کما هو ظاهر.

الأمر الثالث : هل الخمس یختص بالمنقول وما حواه العسکر أو یشمل غیر المنقول وما لم یحوه، من الأراضی والدور وغیرهما ؟ صرّح صاحب العروة بعدم الفرق ولکن أشکل علیه کثیر من المحشّین بعدم ثبوت الخمس فی الأراضی أو التردید فیه.

والمشهور، عدم الفرق بینهما، قال الشیخ (رحمه الله) فی الخلاف : «ما لا ینقل ولا یحول من الدور والعقارات والأرضین عندنا أنّ فیه الخمس فیکون لأهله والباقی لجمیع المسلمین من حضر القتال ومن لم یحضر، فیصرف إنتفاعه إلى مصالحهم; وعند الشافعی أنّ حکمه حکم ما ینقل ویحول، خمسه لأهل الخمس والباقی للمقاتلة الغانمین... وذهب قوم إلى أنّ الإمام مخیّر فیه بین شیئین، بین أن یقسّمه على الغانمین وبین أن یقفه على المسلمین... وذهب أبو حنیفة وأصحابه إلى أنّ الإمام مخیّر فیه بین ثلاثة أشیاء: بین أن یقسّمه على الغانمین وبین أن یقفه على المسلمین وبین أن یقرّ أهلها علیها ویضرب علیها الجزیة باسم الخراج... وذهب مالک إلى أنّ ذلک یصیر وقفاً على المسلمین بنفس الاستغنام والأخذ... دلیلنا إجماع الفرقة وأخبارهم»(9).

وظاهر هذا الکلام إجماع الشیعة على تعلق الخمس بالأرضین أیضاً، کإجماعهم على کون الباقی ملکاً لجمیع المسلمین (ملکاً شبه الوقف)، ولکن اختلف المخالفون، فهم بین قائل بمذهب الشیعة وبین قائل بالتخییر بین اثنین أو ثلاثة أو اختصاصها بالمسلمین من غیر خمس.

وقال الشیخ (رحمه الله) فی النهایة : «کل ما یغنمه المسلمون فی دار الحرب من جمیع الأصناف... ممّا حواه العسکر یخرج منه الخمس، وأربعة أخماس ما یبقى یقسّم بین المقاتلة وما لم یحوه العسکر من الأرضین والعقارات وغیرها من أنواع الغنائم، یخرج منه الخمس، والباقی تکون للمسلمین قاطبة»(10).

وقال النراقی (رحمه الله) فی المستند : «صریح جماعة عدم الفرق فی غنائم دار الحرب بین المنقول وغیره ویظهر من بعض المتأخرین التخصیص بالأوّل»(11).

وظاهر کلام صاحب الجواهر فی کتاب الجهاد عدم الخمس فیها وحکى فیها عن بعض حواشی القواعد، التفصیل بین حال ظهور الإمام (علیه السلام) فیخرج منها الخمس، وحال الغیبة، فلا یخرج، ولعلّه ناظر إلى نصوص التحلیل(12).

وممّن صرّح بعدم الخمس فیها أیضاً صاحب الحدائق، وقال : «لم یقف على مستند یدلّ على ما هو ظاهر الأصحاب من وجوب الخمس فیها إلاّ ظاهر الآیة التی یمکن تخصیصها بالأخبار»(13).

فالمتحصّل ممّا ذکرنا أنّ الأقوال فی المسألة عند الأصحاب ثلاثة :

1 ـ تعلق الخمس بها، وهو المشهور، لا سیّما بین القدماء.

2 ـ عدم تعلق الخمس، وهو ظاهر جمع ممّن تأخر کصاحب الجواهر والحدائق، وجمع من محشّی العروة.

3 ـ التفصیل بین زمن الحضور والغیبة، فیجب فی خصوص الأوّل وهو المحکى عن بعض حواشی القواعد.

والأقوى، هو القول بالعدم، فإنّ غایة ما استدل به على مذهب المشهور، اُمور :

1 ـ أهمها إطلاق الآیة الشریفة، فإنّ الغنیمة مطلقة تشمل المنقول وغیره ولا وجه لتخصیصها بالمنقول.

وفیه : أنّ ظاهرها تعلق الخمس بما یکون أربعة أخماسه الباقیة للمقاتلین، فإنّ قوله تعالى: «غنمتم» ظاهر فی کون الغنیمة للمقاتلین الذین اکتسبوها، وأنّه یخرج منها الخمس ویبقى الباقی لهم، هذا مثل أن یقال إذا اکتسبت ربحاً أدّ خمسه إلى الإمام، یعنی یکون الباقی لک، وهذا أمر ظاهر، ومن المعلوم أنّ الأراضی لو قلنا بتعلق الخمس بها لا یکون باقیها للمقاتلین بالإجماع بل لجمیع المسلمین، وهذه القرینة الخارجیة سبب انصراف ظهور الآیة واختصاصها بالمنقول.

وقد ظفرت بعد ذلک بتعبیر جید فی مستند العروة فی المقام، قال : «الغنیمة هی الفائدة العائدة للغانم بما هو غانم و علیه فتختص بما یقسّم بین المقاتلین وهی الغنائم المنقولة»(14).

ویؤیده أنّ المتداول بین الناس قبل الإسلام عدم تقسیم الأراضی المفتوحة بین المقاتلین، فنزلت الآیة فی جو کان المسلّم عندهم ذلک، وهذا یوجب انصراف الغنیمة المذکورة فی الآیة عن غیر المنقول.

هذا، وذکر بعض الفقهاء مثل صاحب الحدائق بعد قبول ظهور الآیة فی العموم، أنّه یمکن تخصیصها بالأخبار الدالة على انحصار الخمس فیما ینقل ویحول(15).

وأورد علیه المحقّق الخوانساری (رحمه الله) بأنّ النسبة بینهما عموم من وجه ومورد الافتراق من ناحیة الأخبار المتعرضة لأحکام الأراضی الخراجیة هو الأراضی التی فتحت صلح(16). (ومادة الاجتماع الأراضی المفتوحة عنوة).

هذا، والظاهر أنّ أکثر الأراضی الخراجیة کانت من المفتوحة عنوة بحیث لا یمکن إخراجها عن عموم الأخبار الدالّة على حکمها للزوم تخصیص الأکثر، فاللازم معاملة العموم والخصوص معهما وتخصیص عموم الآیة بهذه الأخبار الظاهرة فی عدم الخمس، وبعبارة أُخرى، بما أنّ أکثر الأراضی الخراجیة کانت من المفتوحة عنوة، لو أخرجناها من تحت الأخبار وأدخلناها تحت عموم الآیة ستبقى الأخبار مشتملة على أراضی الصلح فقط، فیلزم تخصیص الأکثر القبیح، وعلیه، فالقاعدة فی أمثال المقام جعل النسبة عموماً مطلقاً لا من وجه.

2 ـ ما رواه أبو حمزة عن الباقر (علیه السلام) قال : «إنّ الله جعل لنا أهل البیت سهاماً ثلاثة فی جمیع الفیىء.... والله یا أبا حمزة ما من أرض تفتح ولا خمس یخمس فیضرب على شیء منه إلاّ کان حراماً على من یصیبه فرجاً کان أو مالاً»(17).

3 ـ ما رواه عمر بن یزید عن أبی سیار مسمع بن عبدالملک (فی حدیث) قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السلام) : إنّی کنت ولیت الغوص فأصبت أربعمأة ألف درهم، وقد جئت بخمسها ثمانین ألف درهم، وکرهت أن أحبسها عنک، وأعرض لها وهی حقّک الذی جعل الله تعالى لک فی أموالنا. فقال : «وما لنا من الأرض وما أخرج الله منها إلاّ الخمس، یا أبا سیّار! الأرض کلّها لنا، فما أخرج الله منها من شیء فهو لنا...»(18).

4 ـ إطلاق روایة أبی بصیر عن أبی جعفر (علیه السلام) قال : «کلّ شیء قوتل علیه على شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً رسول الله(صلى الله علیه وآله)، فإنّ لنا خمسه ولا یحلّ لأحد أن یشتری من الخمس شیئاً حتّى یصل إلینا حقّنا»(19).

5 ـ إطلاق روایة أحمد بن محمّد قال : حدّثنا بعض أصحابنا رفع الحدیث قال : «الخمس من خمسة أشیاء: من الکنوز والمعادن والغوص والمغنم الذی یقاتل علیه، ولم یحفظ الخامس»(20).

استدل بهذه الروایات الأربعة، المحقّق الیزدی(رحمه الله) فی بعض حواشیه(21).

والعجب من مستند العروة حیث ذکر فی وجه کون النسبة عموماً من وجه، أنّ نصوص الخراج تختص بغیر المنقول، وتعمّ مقدار الخمس وغیره(22) مع أنّ النسبة لابدّ أن تلاحظ بین الموضوعین لا بین الحکمین، فلابدّ أن یکون مورد الأخبار ـ أی الأراضی ـ أعم من وجه من مورد الآیة وهو الغنائم، وهذا لا یکون إلاّ بإضافة أراضی الصلح إلیها، وأمّا تعلق الخمس وعدمه فهو نفس الحکم فی الدلیلین، فتدبّر فإنّه دقیق.

أقول : أمّا الروایة الاُولى، فلا دلالة لها على المقصود، لاحتمال کونها ناظرة إلى خصوص المنقول من الغنائم بقرینة ذیلها وهو التصریح بالفرج (أی السبایا) والمال.

فالمراد من قوله «ما من أرض تفتح» الغنائم الحاصلة من الفتح ممّا ینقل ویحول.

هذا مضافاً إلى أنّ الاستدلال بآیة الخمس أیضاً قرینة على ما ذکر بعد ما عرفت ظهورها فی ما یکون الباقی للغانمین، ویزیدک هذا وضوحاً، مراجعة صدر الروایة فإنّها بصدد بیان حکم السبایا التی تکون من الغنائم، وهی ممّا ینقل.

هذا مضافاً إلى ضعف سند الحدیث لجهالة حسن بن عبدالرحمن.

وأمّا الروایة الثانیة، فلضعف دلالتها أیضاً لظهورها فی کون جمیع الأراضی لهم، وهذا لا یکون إلاّ بمعنى آخر غیر ما نحن بصدده وهو ملکهم لجمیع الأراضی سواء المفتوح عنوة وغیرها، هذه هی الملکیة التی منحها الله لهم فی جمیع الأراضی تبعاً لملکه تعالى لجمیع السموات والأرض، أو ناظرة إلى أنّ جمیع الأراضی تکون ملکیتها بالإحیاء بعد ما کانت فی الأصل مواتاً، والموات من الأنفال، وهی لا تملک إلاّ بإذن ولی الأمر، فهی أیضاً خارجة عمّا نحن بصدده، کما هو ظاهر.

أمّا بحسب السند، فرجاله وإن کان غالباً من الثقات، ولکن أبا جعفر الراوی عن الحسن بن محبوب کنیة لجماعة کثیرة من الرواة ومشترکة بین عدّة کثیرة.

ولکن الظاهر، کونه أحمد بن محمّد بن عیسى (وهو ثقة) بقرینة روایة سعد، عنه، فقد قال صاحب الوسائل، عن أبی جعفر، یعنی، أحمد بن محمّد بن عیسى، وهذا التفسیر قرینة جیدة مضافاً إلى قرائن أخرى.

منها : ما ذکره صاحب جامع الرواة، فی الفائدة الثانیة، فراجع.

أمّا الحدیثان الثالث والرابع، فلا یزیدان عن الاطلاق وهما من قبیل قوله : «الخمس فی خمسة أشیاء من الغنائم ومن الغوص والکنوز ومن المعادن والملاحة» وما أشبهه، ومن المعلوم إمکان تقییدهما بالأخبار الدالة على حکم الخراج من دون استثناء الخمس من الأراضی.

هذا مضافاً إلى أنّ الروایة الثانیة ضعیفة بالإرسال، والأُولى بعلی بن حمزة قائد أبی بصیر وهو وإن کان کثیر الروایة إلاّ أنّه مذموم جدّاً، قال علماء الرجال فی حقّه أنّه کذّاب أو ملعون أو أنّه أحد عمد الواقفة الذین وقفوا على أبی الحسن الکاظم (علیه السلام) ولم یعترفوا بإمامة الرضا(علیه السلام) وقال الحسن بن علی بن فضال : لا استحل نقل شیء من روایاته.

هذا غایة ما یستدلّ به على قول المشهور، أمّا دلیل القول بعدم الخمس فی الأراضی وشبهها فهو أصالة العدم مضافاً إلى الروایات الواردة فی باب الأراضی المفتوحة عنوة، فإنّ ظاهرها کون جمیعها ملکاً للمسلمین من دون استثناء الخمس منها، وکیف یکون خمسها للإمام (وبطبیعة الحال خمس خراجها أیضاً للإمام) مع عدم وجود ذکر منه فی شیء منها، فلا عین ولا أثر من حکم الخمس فیها مع کثرتها وإطلاقها وورودها فی مقام البیان، وإلیک بعض ما ظفرنا به فی هذا الباب (وقد أوردها صاحب الوسائل فی الباب 71 و 72 و41 من أبواب جهاد العدو والباب 21 من أبواب عقد البیع).

1 ـ ما رواه أبو بردة بن رجا قال : قلت لأبی عبدالله (علیه السلام) کیف ترى فی شراء أرض الخراج ؟ قال : «ومن یبیع ذلک؟ هی أرض المسلمین. قال: قلت:  یبیعها الذی هی فی یده. قال : ویصنع بخراج المسلمین ماذا ؟ ثمّ قال: لا بأس اشترى حقّه منها ویحول حقّ المسلمین علیه ولعلّه یکون أقوى علیها وأملى بخراجهم منه»(23).

2 ـ ما رواه صفوان وأحمد بن محمّد بن أبی نصر جمیعاً قالا : ذکرنا له الکوفة وما وضع علیها من الخراج وما سار فیها أهل بیته، فقال : «من أسلم طوعاً ترکت أرضه فی یده وأخذ منه العشر ممّا سقى بالسماء والأنهار، ونصف العشر ممّا کان بالرشا فیما عمروه منها وما لم یعمروه منها أخذه الإمام فقبله ممّن یعمره، وکان للمسلمین وعلى المتقبلین فی حصصهم العشر أو نصف العشر ولیس فی أقل من خمسة أوسق شیء من الزکاة وما أخذ بالسیف فذلک إلى الإمام یقبله بالذی یرى، کما صنع رسول الله (صلى الله علیه وآله)بخیبر قبل سوادها وبیاضها، یعنی أرضها ونخلها، والناس یقولون: لا تصلح قبالة الأرض والنخل وقد قبل رسول الله (صلى الله علیه وآله) خیبر، قال: وعلى المتقبلین سوى قبالة الأرض العشر ونصف العشر فی حصصهم، ثمّ قال : إنّ أهل الطائف أسلموا وجعلوا علیهم العشر ونصف العشر وإنّ مکة دخلها رسول الله (صلى الله علیه وآله) عنوة وکانوا أُسراء فی یده فأعتقهم، وقال: إذهبوا فأنتم الطلقاء»(24).

3 ـ ما رواه أحمد بن محمّد بن أبی نصر قال : ذکرت لأبی الحسن الرضا (علیه السلام)الخراج وما سار به أهل بیته. فقال : «العشر ونصف العشر على من أسلم طوعاً ترکت أرضه فی یده وأخذ منه العشر ونصف العشر فیما عمر منها وما لم یعمر منها، أخذه الوالی فقبله ممّن یعمره، وکان للمسلمین، ولیس فیما کان أقل من خمسة أوساق شیء.... وقد قبل رسول الله (صلى الله علیه وآله) خیبر وعلیهم فی حصصهم العشر ونصف العشر»(25).

4 ـ ما رواه الحلبی وهو اصرح من الجمیع، قال : سئل أبو عبدالله (علیه السلام) عن السواد ما منزلته ؟ فقال : «هو لجمیع المسلمین لمن هو الیوم، ولمن یدخل فی الإسلام بعد الیوم ولمن لم یخلق بعد. فقلت : الشراء من الدّهاقین. قال : لا یصلح إلاّ أن تشری منهم على أن یصیرها للمسلمین، فإذا شاء ولیّ الأمر أن یأخذها أخذها. قلت : فإن أخذها منه ؟ قال : یردّ علیه رأس ماله وله ما أکل من غلّتها بما عمل»(26).

5 ـ ما رواه أبو الربیع الشامی، عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال : «لا تشتر من أرض السواد (أراضی أهل السواد) شیئاً إلاّ من کانت له ذمّة فانّما هو فیء للمسلمین»(27).

6 ـ ما رواه محمّد بن شریح قال : سألت أبا عبدالله (علیه السلام) عن شراء الأرض من أرض الخراج، فکرهه وقال : «إنّما أرض الخراج للمسلمین. فقالوا له: فإنّه یشتریها الرجل وعلیه خراجها. فقال : لا بأس إلاّ أن یستحیی من عیب ذلک»(28).

إلى غیر ذلک ممّا قد یظفر به المتتبع، وتظافر هذه الأحادیث یغنینا عن ملاحظة أسنادها، مع أنّ فیها ما یصحّ أسنادها.

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا، أنّ الأقوى عدم تعلق الخمس بالأراضی المفتوحة عنوة وغیرها من الأموال غیر المنقولة من الأشجار والأبنیة فإنّها لم تکن تنفک عن تلک الأراضی، کما لا یخفى، فما ذهب إلیه المشهور هنا ضعیف.

بقى هنا أمران :

1 ـ من العجب ما ذکره صاحب مستند العروة من أنّ «المشهور إنّما ذهبوا إلى التخمیس فی الأراضی الخراجیة زعماً منهم أنّها غنیمة للمقاتلین لا باعتبار کونها غنیمة لعامة المسلمین کما لا یخفى»(29).

مع أنّه لم یقل أحد بکونها للمقاتلین بل هی للمسلمین عامة، وقد حکی الإجماع علیه جماعة من أکابر الفقهاء، وقال صاحب الجواهر : لا أجد فیه خلافاً بیننا وإن توهّم من عبارة الکافی فی تفسیر الفیىء والأنفال... لکنه فی غیر محلّه»(30).

نعم، کونها للمقاتلین مذهب بعض العامة ـ کما مرّ عند نقل الأقوال ـ ولم یوافقهم أحد من أصحابنا فیما نعلم، فکیف بالمشهور.

ومن هنا یظهر أنّ السرّ فی عدم تعلق الخمس بها لعلّه مقاربة مصرف الخمس والأراضی الخراجیة من بعض الجهات، فإنّ سهم الإمام (علیه السلام) یصرف فی مصالح الحکومة التی هی مصالح المسلمین کما أنّ مال الخراج أیضاً کذلک، ولا تؤخذ المالیات من المالیات.

2 ـ هل هناک تفاوت بین عنوان المنقول وغیر المنقول وعنوان ما حواه العسکر وما لم یحوه، أو هما عبارتان لموضوع واحد ؟

ظاهر عبارة النهایة هو الثانی، حیث قال : «ممّا حواه العسکر... وما لم یحوه العسکر من الأرضین والعقارات وغیرهما»(31). (والعقار کلّ ما له أصل وقرار کالأرض والدار). والظاهر أنّ «من» بیانیة لا تبعیضیة.

وکذلک ظاهر کلام المحقّق (رحمه الله) فی الشرائع، حیث قال : «الأوّل غنائم دار الحرب، ممّا حواه العسکر وما لم یحوه، من أرض وغیرها»(32).

ویظهر ذلک من عبارة المحقّق الهمدانی (رحمه الله) فی مصباح الفقیه(33) ویظهر ذلک من غیرهما أیضاً.

ولکن ظاهر بعض آخر هو التفاوت بینهما کالعلاّمة (رحمه الله) فی التذکرة حیث قال : «الأوّل: الغنائم المأخوذة من دار الحرب، فما حواه العسکر وما لم یحوه، أمکن نقله کالثیاب والدواب وغیرها أو لا کالأراضی والعقارات»(34).

وظاهر کلام صاحب العروة أیضاً ذلک، بل ادّعى صاحب مستند العروة، أنّه على الأوّل ـ أی عدم الفرق بین ما حواه العسکر وغیره ـ الإجماع، وعلى الثانی ـ أی عدم الفرق بین المنقول وغیره ـ هو الشهرة وهو کالصریح فی الفرق.

والظاهر، أنّ مراد هؤلاء من عبارة (ممّا حواه العسکر)، الغنائم التی وقعت فی أیدیهم، (وما لم یحوه) ما لم یقع فی أیدیهم، وإن کانت منقولة کالمواشی والأغنام الموجودة فی تلک الأراضی وسائر ما فیها وفی دورهم من الأدوات.

ولکن لو کان مرادهم ذلک، أمکن الإشکال علیه، لأنّ الظاهر من عنوان «غنمتم» هو الغنائم التی وقعت بأیدیهم وتحت سلطتهم بحیث یصدق علیها أنّه ممّا حواه العسکر، فانّه بمعنى القبض والإحراز، أمّا ما خرج من تحت سلطتهم فهو ما لم یحوه العسکر ویشکل صدق الغنیمة علیه بل هو باق على ملک صاحبه لو کانت تحت یده أو لا یکون ملکاً لأحد لو کان أعرض عنه، ولیس هناک ما یدلّ على کونها ملکاً مطلقاً، فدعوى الإجماع علیه بعید جدّاً.

ویؤید ما ذکرنا، ما رواه جمیل بن درّاج، عن أبی عبدالله (علیه السلام)، قال : «إنّما تضرب (تصرف) السهام على ما حوى العسکر»(35) فالأولى، تفسیرهما بمعنى واحد، حتّى لا یرد إشکال من هذه الناحیة، وعدم إجراء حکم الغنیمة على ما لیس تحت استیلاء العسکر، فتدبّر.

الأمر الرابع : المعروف بین جماعة من الأصحاب، کون الخمس بعد إخراج المؤن، واختاره صاحبا الشرائع والجواهر وغیرهما، وقال صاحب العروة (فی الخمس) بعد إخراج المؤن التی انفقت على الغنیمة بعد تحصیلها بحفظ وحمل ورعى ونحوها ولم یستشکل علیه أحد من المحشّین، فیما رأینا.

وقال النراقی (رحمه الله) فی المستند : «ویشترط فی وجوب الخمس فی الفوائد المکتسبة بأقسامها الخمسة وضع مؤونة التحصیل التی یحتاج إلیها... من حفظ الغنیمة ونقلها»(36).

ولکن صاحب الحدائق  قال: «قد اختلفوا فی تقدیم الخمس على المؤن وعدمه»(37).

ویظهر من هذا الکلام وجود الخلاف فی المسألة، وحکى القول بالعدم، عن صاحب الخلاف والشهیدین، وغیرهم، استناداً إلى إطلاق الآیة.

وعلى کلّ حال فیدلّ على استثنائها أُمور :

1 ـ عدم صدق الغنیمة بمعنى الفائدة على ما یقابلها، فلو عرض کونها بمقدار الغنیمة أو أکثر منها، لم یستفد فائدة.

2 ـ قاعدة العدل والإنصاف، فإنّه مال مشترک بین الغانمین وأرباب الخمس، فلا وجه لاختصاص المؤونة بالأوّل فقط.

3 ـ الروایات الدالة على کون الخمس بعد المؤونة :

1 ـ منها صحیحة البزنطی عن أبی جعفر (علیه السلام)، قال : «کتبت إلى أبی جعفر (علیه السلام) : الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة ؟ فکتب : «بعد المؤونة»(38).

2 ـ ما عن إبراهیم بن محمّد الهمدانی أنّ فی توقیعات الرضا (علیه السلام) إلیه : «أنّ الخمس بعد المؤونة»(39).

3 ـ مرسلة محمّد بن الحسن الأشعری، قال : کتب بعض أصحابنا إلى أبی جعفر الثانی(علیه السلام) : أخبرنی عن الخمس أعلى جمیع ما یستفید الرجل من قلیل وکثیر من جمیع الضروب وعلى الصنّاع ؟ وکیف ذلک ؟ فکتب بخطه : «الخمس بعد المؤونة»(41).

هذا، ولکن هل المراد بالمؤونة فی هذه الروایات هو مؤونة المعاش للإنسان أو أعم منه ومن مؤونة الأعمال ؟ قد یدعى إطلاقها، ولا أقل من الإجمال والإبهام، فیمنع عن الأخذ بالعموم، وهل یسری هذا الإجمال إلى العام، أعنی قوله تعالى : (وَاعلَمُوا اَنَّما غَنِمْتُمْ)الآیة ؟ ذهب المحقّق النراقی (رحمه الله) فی المستند إلى السرایة، فحکم بعدم جواز التمسک بالعام لإجماله، فلا یجب الخمس فی مؤونة التحصیل، ولکن التحقیق خلافه، لأنّ إجمال الخاصّ إنّما یسری إلى العام، إذا کان المخصص متصلاً دون ما إذا کان منفصلاً، لانعقاد ظهور العام کما فی المقام، وعلیه، فلا یجوز إخراج مؤونة التحصیل، بقطع النظر عن سائر الأدلة.

هذا، ولکن الإنصاف ظهورها فی مؤونة المعاش، بقرینة سائر ما ورد فی هذا الباب، مثل قوله (علیه السلام) : «بعد مؤونته ومؤونة عیاله»(42).

وقوله (علیه السلام) : «بعد مؤونتهم»(43).

وقوله (علیه السلام) : «من کانت ضیعته تقوم بمؤونته»(44).

وقوله : «الخمس ممّا یفضل من مؤونته»(45) إلى غیر ذلک.

فالعمدة فی الاستدلال، هی عدم شمول الغنیمة لها، وقاعدة العدل والإنصاف.

ثمّ إنّ المؤونة على ثلاثة أقسام :

منها : یصرف لأُمور الحرب، ولا شک أنّه لیس لتحصیل الغنیمة ولا دخل لها.

وقسم یصرف لتحصیل الغنیمة، کما إذا کانت فی محل لا تصل الأیدی إلیها إلاّ بصرف مؤونة. وقسم منها یصرف لحفظها وحملها إلى الإمام، وشبه ذلک. والأوّل مانع من صدق الغنیمة بمقداره، وأمّا الثانی فلیس بمانع لأنّه بعد صدق الغنیمة والقول بأنّه أیضاً مانع، لأنّ الانتفاع منها لا یمکن بدونه کما ترى، فإنّ الانتفاع غیر معتبر فی حقیقة الغنیمة ومفهومها فالأولى الاستدلال على استثنائها بقاعدة العدل والإنصاف ومقتضى حکم الشرکة بین الغانمین وأرباب الخمس.

الأمر الخامس : واستثنى غیر واحد منهم (الجعائل) وهو ما یجعله الإمام من الغنیمة على مصلحة من مصالح المسلمین وقد أرسله بعضهم إرسال المسلمات.

وقد أشار إلیه صاحب الجواهر من دون ذکر الدلیل حیث قال : عن اللمعة والروضة التصریح بإخراج الجعائل على مصلحة من مصالح المسلمین وهو قوی(46).

وقد یستدلّ له بمرسلة حمّاد بن عیسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصالح فی حدیث، قال : «وللإمام صفو المال... وله أن یسد بذلک المال جمیع ما ینوبه... فإن بقی بعد ذلک شیء أخرج الخمس منه»(47).

ولکنه مشکل لضعف الروایة بالإرسال، وإنجبارها بالشهرة، غیر ثابت، مع أنّه مخالف لظاهر الآیة، حیث لم یجعل للإمام (علیه السلام) وأرباب الخمس ما یزید علیه، اللّهمّ إلاّ أن یتمسک بکون النبی (صلى الله علیه وآله) أولى بالمؤمنین من أنفسهم وکذا الأئمّة المعصومین (علیهم السلام).

وهل یجوز ذلک للفقیه القائم مقامه ؟ لا یبعد ذلک إذا کان مصلحة للمسلمین مصلحة أقوى وأهم من حکم الغنیمة، بحیث دخل تحت قاعدة الأهم والمهم، وإلاّ کان مشکلاً. (وهذا إذا لم یجد بداً منه کموارد الإضطرار).

الأمر السادس : کذا استثنوا صفایا الملوک، قال المحقّق (رحمه الله) فی المعتبر : «ومن الأنفال صفایا الملوک وقطائعهم، ومعنى ذلک إذا فتحت أرض من أهل الحرب فما کان یختصّ به ملکهم ممّا لیس بغصب من مسلم یکون للإمام کما کان للنبی (صلى الله علیه وآله)»

ثمّ استدل على ذلک بسیرة النبی (صلى الله علیه وآله) أوّلاً، وبغیر واحد من الروایات، ثانیاً،

ثمّ حکى عن الجمهور القول ببطلانه بعد موته (علیه السلام)، أی لا یجوز ذلک لأحد بعده(صلى الله علیه وآله)(48).

وعن المنتهى أنّه ذهب إلیه علماؤنا أجمع : «ما لم یضر بالعسکر» والظاهر أنّ الحکم متسالم بینهم، کما أشار إلیه صاحب مستند العروة.

ویدلّ علیه غیر واحد من الأحادیث.

1 ـ ما رواه سماعة بن مهران، قال : سألته عن الأنفال، فقال : «کلّ أرض خربة أو شیء یکون للملوک فهو خالص للإمام ولیس للناس فیها سهم...»(49).

2 ـ وفی روایة حماد الطویله عن العبد الصالح (علیه السلام) : «وللإمام صفو المال»(50).

3 ـ وفی روایة إسحاق بن عمّار، عن أبی عبدالله (علیه السلام) : «وما کان للملوک فهو للإمام»(51).

4 ـ وفی مرسلة المفید، عن الصادق (علیه السلام) : «.. ولنا صفو المال یعنی یصفوها ما أحبّ الإمام من الغنائم، واصطفاه لنفسه قبل القسمة من الجاریة الحسناء والفرس الفاره والثوب الحسن وما أشبه ذلک من رقیق أو متاع...»(52).

5 ـ وأوضح من الکلّ، ما رواه أبو بصیر، عن أبی عبدالله (علیه السلام)، قال : سألته عن صفو المال. قال : «الإمام یأخذ الجاریة الروقة والمرکب الفاره والسیف القاطع والدرع، قبل أن تقسّم الغنیمة فهذا صفو المال»(53).

والجاریة الروقة، هی الجمیلة جدّاً، والمرکب الفاره، هو الجمیل الشاب أو الماهر فی العدو.

واختلاف تعبیر أنّها لا یضرّ بالمقصود، فإنّ الظاهر أنّ المراد من الدرع هو الدرع النفیس الذی یعد من الصفایا، وقوله ما کان للملوک مرادف لصفو المال وکذا المصادیق المذکورة فی الروایات تتحد مع هذا العنوان.

والظاهر أنّ هذا الأمر کان متداولاً فی الحروب قبل الإسلام، وإن کان ذلک لطمع الملوک وتجبّرهم، ولکن أمضاه الإسلام لحکمة اُخرى وهی أنّ کون هذه الأُمور بأیدی الناس سبباً للتشاجر والتنازع بین الناس غالباً وکلّ یدّعى أولویته لها ویتفاخر بها على غیره.

فلم یرض الشارع المقدّس بهذا الأمر وجعل أمرها بید إمام المسلمین، وإلاّ لم یسمع انتفاع رسول الله (صلى الله علیه وآله) فی عصره بهذه الأُمور شخصاً، ولا شک فی أنّه کان بین غنائم عصره أُمور نفیسة، لا سیّما غنائم خیبر وأمثاله، نعم تزوج(صلى الله علیه وآله) به جلباً لحمایة الیهود ودفعاً لبغضائهم.

والحاصل، أنّ هذا حکم سیاسی أمضاه الشارع لدفع الخصومات، لا غیر.

الأمر السابع : ومثلها قطائع الملوک، وقد ادّعى علیه الإجماع، لکن الظاهر عدم ذکرها فی کلمات کثیر منهم وإن نطق بهذا الحکم غیر واحد من روایات هذا الباب.

1 ـ ما رواه داود بن فرقد قال : قال أبو عبدالله (علیه السلام) : «قطائع الملوک کلّها للإمام، ولیس للناس فیها شیء»(54) وقد وصفه صاحب مستند العروة، بالصحة... .

2 ـ روایة أُخرى مرسلة عن داود بن فرقد، عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: قلت : وما الأنفال ؟ قال : «بطون الأودیة.... وقطائع الملوک»(55).

3 ـ مرسلة الثمالی، عن أبی جعفر (علیه السلام) قال: «ما کان للملوک فهو للإمام»(56). ویدلّ علیه أیضاً بعض ما مرّ آنفاً فی مبحث الصفایا.

إنّما الکلام فی المراد من القطائع، وقد فسرّه بعضهم بخالصة الملوک، وقد یحتمل أنّها عبارة عمّا یقطعون من الغنیمة لغیرهم أو لأنفسهم ممّا لیس بمنقول (کما فی مجتمع البحرین).

ومن الواضح أنّ الأوّل، داخل فی الصفایا، والثانی فی الجعائل، فلیس هناک عنوانان مختلفان ولعلّه لذلک یذکره غیر واحد من أساطین الفقه، والثالث، أعنی، کون القطائع من غیر المنقول لا یوافق المختار من عدم الخمس فی الأراضی وشبهها حتّى یحتاج إلى الاستناد.

والظاهر، أنّ النسبة بینهما عموم مطلق، فالصفایا عبارة عن کل ما یختصّ بالملوک بالفعل أو یلیق أن یکون کذلک من نفائس الغنائم، وما یکون نفیساً فی حدّ ذاته، وإن لم یکن خاصاً بالملوک، ولکن القطائع تختص بالأوّل فقط.

هذا ولو قیل إنّهما بمعنى واحد لم یکن بعیداً إذا أُرید من الصفایا ما یلیق بهم، وإن لم یکن فعلاً لهم، والقطائع لیس شیئاً ورأى ذلک فإنّهم لا یقطعون کلّ شیء، بل الأشیاء النفیسة التی تلیق بهم، نعم لو أُرید منها القطائع بالفعل، کان أخص من الصفایا، وعلى کلّ حال، لا وجه لعطفها على الصفایا فی العروة بقوله : «وکذا قطائع الملوک»، فتدبّر.

وعلى کلّ حال، فالظاهر عدم اختصاصها بالإمام المعصوم، وتشمل نائب الغیبة لما مرّ من إطلاق أدلّة النیابة الشاملة لما نحن فیه، أوّلاً، ولأنّه حکم إمضائی سیاسی، ثانیاً، فتأمل.

ثمّ إنّه کرر البحث فی العروة الوثقى عن اشتراط کون الغزوة بإذن الإمام وصرّح بأنّه : «إن کان فی زمن الحضور وإمکان الاستئذان منه فالغنیمة للإمام (علیه السلام)وإن کان فی زمن الغیبة فالأحوط إخراج خمسها من حیث الغنیمة».

أقول : أمّا فی زمن الحضور، فالأمر واضح کما مرّ، والمسألة مشهورة غایة الاشتهار، وإن لم تکن إجماعیة، ویدلّ علیه ما عرفت مبسوطاً فی الشرط الثانی.

وأمّا فی زمن الغیبة، فإن قلنا بجواز الجهاد الإبتدائی بإذن نائب الغیبة، فالأمر أیضاً واضح، لأنّ إذنه یقوم مقام إذن الإمام (علیه السلام) فلو قاتلوا بغیر إذنه کانت الغنیمة کلّها من الأنفال المعلوم مصرفها، وإن قلنا بعدم جوازه، فالأقوى أیضاً کونها کذلک، لأنّ ظاهر حدیث الورّاق وغیره، اشتراط الإذن، فإذا انعدم، کانت الغنیمة کلّها للإمام، سواء کان لعدم وصول الید إلیه(علیه السلام) أو عدم إذنه مع وصولها والانصراف إلى الأوّل بدوی، والحکمة المظنونة أو المقطوعة لهذا الحکم ـ وهی عدم مبادرة الناس إلى الحروب بغیر الإذن طمعاً فی الغنائم ـ عامة شاملة لعصر الحضور والغیبة.

نعم، إذا کانت الحرب للدفاع عن الإسلام والمسلمین کما إذا کان هناک هجوم من ناحیة الکفّار، کانت الغنیمة فیها للمقاتلین ولأرباب الخمس هو الخمس لا غیر، لاطلاق الآیة وعدم اشتراط الإذن فی الدفاع.

فالحروب التی تکون فی أعصارنا، إن کانت بهذا العنوان، لم یتعلق بغنائمها غیر الخمس، وإن کانت بعنوان الجهاد الإبتدائی، کانت کلّها من الأنفال، إذا قلنا بعدم جوازه فی هذه الأعصار، أو قلنا بجوازه، ولم تکن بإذن نائب الغیبة.

نعم، کثیراً ما تحتاج الحروب الدفاعیة أیضاً فی عصرنا إلى إجازة نائب الغیبة وتجنید الجنود وتخطیط الخطوط وتجهیز الأسباب، بحیث تکون الحرب بدونها سبباً للهزیمة، قطعاً کما فی هجوم حزب بعث العراق ضد المسلمین فی ایران طوال ثمان سنین، فالشروع فی الدفاع لا یحتاج إلى إذن الولی الفقیه، لکن استدامته محتاجة لإذنه.

وفی هذا الحال، إذا أقدم واحد أو جماعة إلى الحرب بدون إذن الولی الفقیه، ومن طریق الخبراء فی هذا الأمر، لم یبعد کون غنائمها کلّها من الأنفال أیضاً، فتأمل. والحاصل أنّه لا یکون الخمس إلاّ فیما یشرع الحرب فیه بلا حاجة إلى الإذن أو مع الإذن عند الحاجة إلیه.

الأمر الثامن : صرّح بعضهم بأنّ الفداء الذی یؤخذ من أهل الحرب لفک الأسارى، وکذا الجزیة المبذولة لتلک السریة (لا مطلق الجزیة التی تأخذ من أهل الذمة) ومثله مال المصالحة، کلّها من الغنائم، إذا کان کلّ ذلک بعد القهر والغلبة علیهم، وقد حکى الأوّل عن الدروس والمسالک والجواهر والروضة وکشف الغطاء، ولا ینبغی الشک فیه، فإنّ الأسارى من الغنائم وفدائها مثلها بلا إشکال، وأمّا مال الصلح والجزیة، فیمکن الإشکال فیهما لعدم ورود دلیل خاص فی شیء من ذلک، والتردید فی شمول الغنیمة بالمعنى الأخص لهما، لأنّ ظاهرها هو ما یؤخذ قهراً لا ما یعطونه بأنفسهم، وإن کان ذلک بعد ما قهروا فی الحرب، والفرق بینهما ظاهر، نعم، لا یبعد دعوى إلغاء الخصوصیة، فإنّ لفظ الغنیمة بمعناه الخاص وإن کان لا یشملهما، إلاّ أنّ العرف لا یرى أی فرق بینهما وبین الغنائم المأخوذة من الکفّار وهذا کاف فی إلغاء الخصوصیة، ولکن إذا أخذ منهم والحروب قائمة لم تطفأ وإلاّ فیشکل

دخولهما فیها، فتدبّر.

الأمر التاسع : هل هناک فرق بین الغنائم المأخوذة فی الحروب الحدیثة مع ما کان فی قدیم الأیّام، وهل یفترق المقاتلون فیها مع المقاتلین فی تلک الحروب ؟

هذه مسألة مهمّة لابدّ من کشف النقاب عنها فانّها من المسائل المبتلى بها الیوم، والإنصاف أنّ المقاتلین فی عصرنا على صنوف : صنف منهم یشترک فی الجهاد باختیاره، وطلباً لمرضاة الله، ویسمّى بالبسیج فی عصرنا، وهؤلاء داخلون فی الغانمین بلا إشکال، وصنف منهم ملزمون على الشرکة بحکم القوانین الجاریة الیوم، والظاهر أنّهم أیضاً داخلون فیهم لعدم الفرق بینهم وبین المقاتلین فی صدر الإسلام الذین کان النبی (صلى الله علیه وآله)یفرض علیهم الجهاد.

وصنف منهم مستأجرون وموظفون للحروب یأخذون من بیت المال أُجوراً مستمرة طول عمرهم ممّا لم یکن منه فی عصر نزول القرآن عین ولا أثر، ظاهراً، ودخول هؤلاء فی الغانمین لا یخلو من إشکال، لاحتمال انصراف الأدلّة عنهم وکونها ناظرة إلى من یبذل نفسه وأمواله فی سبیل الله بلا عوض، وهؤلاء یأخذون أجرهم فی مقابل جهودهم، نعم للإمام أن یجعل لهم الجعائل(57).

إن قلت : کانت مصارف الحروب فی تلک الأیّام على عهدة المقاتلین (مصارف السلاح والغذاء والمراکب) ولکنها فی عصرنا یکون کلّ ذلک على الحکومات، فلا سهم من الغنیمة لواحد من هذه الأصناف بعد وجود هذا الفرق الواضح لانصراف الإطلاقات عنهم.

قلنا : کلا، لم تکن المصارف دائماً على المقاتلین بل کان الأغنیاء یبذلون الأموال والأنفس، ولکن الفقراء منهم لا یبذلون إلاّ أنفسهم، وکانت نفقتهم علیه (صلى الله علیه وآله)من الزکاة والإعانات، بل کان (صلى الله علیه وآله) یعطیهم السلاح والمرکب أحیاناً کما یظهر من قوله تعالى : (وَلاَ عَلَى الَّذِینَ إِذَا مَآ أَتَوْکَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ  أَجِدُ مَآ أَحْمِلُکُمْ عَلَیْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْیُنُهُمْ تَفِیضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ یَجِدُواْ مَایُنفِقُونَ)(58).

هذا بالنسبة إلى المقاتلین، وأمّا الغنائم فهی أیضاً على ضروب :

قسم منها، تنحصر فائدته فی الحروب، ولا یمکن حیازته إلاّ للحکومة ـ کالطائرات والدبابات والسفن الحربیة والمدفعیة وأشباهها ـ وانصراف أدلة الغنائم من مثلها قوی جدّاً، لا لعدم إمکان تقسیمها بین الغانمین، لأنّه یمکن تقسیم قیمتها بینهم، بل لأنّ شمول أدلّة الغنیمة لمثلها مشکل جدّاً.

وقسم آخر، وإن کان یمکن تقسیمها بعینها بینهم فضلاً عن قیمتها، ولکنّها أشیاء ممنوعة بحسب القوانین الخاصة بالحکومة الإسلامیة الموضوعة لحفظ النظام وحفظ النفوس والدماء، کالمسدس وشبهه، وحیث یحرم حفظها والانتفاع بها بغیر إذن الحکومة وفق القانون، لا تشملها عمومات الغنائم أیضاً، کما لا تشمل سائر المحرمات ـ سواء کانت بالذات أو بالعرض ـ وذلک لأنّ المفهوم العرفی من الآیة هو أنّه : (وَاعْلَمُواْ أَ نَّمَا غَنِمْتُمْ)من الحلال الذی یجوز الاستفادة منه وتقسیمه بین المقاتلین شرعاً (فإنّ للهِ خُمُسَهُ)الآیة.

وقسم ثالث منها، لا یدخل فی هذا ولا ذاک، کالألبسة والأطعمة والسیارات غیر الحربیة والنقود والمجوهرات ومتاع البیوت وشبهها، وهذه کلّها داخلة فی الغنائم، یجب تقسیمها بین الغانمین بعد إخراج خمسها (مع الشرائط السابقة) ولا مانع منه کما هو ظاهر.

ثمّ إنّ الحروب فی أیّامنا قد اتسع نطاقها وصارت تأخذ منطقة وسعة جدّاً، ففی مثلها فإنّ الغنائم تختص بالمجاهدین فی کلّ هجمة من الهجمات فی هذه الجبهات ولا یعد الجمیع عسکراً واحداً وحرباً واحداً، فالمشتبکون فی کلّ هجوم یشترکون فی غنائمه، ولذا قد تشب نیران الحرب فی بعض نواحیها حینما یکون الهدوء حاکماً على سائر النواحی(59).

هذا کله بالنسبة إلى الکفّار المحاربین وهو واضح، أمّا المسلمون البغاة فسیأتی الکلام فیهم.

الأمر العاشر: من المستثنیات من الغنیمة هو الرضخ الذی یکون للنساء والعبید والکفّار الذین قاتلوا بإذن الإمام فی صفوف المسلمین، فإنّه لا سهم لهم من الغنیمة کما ادّعى الإجماع علیه، فیبذل لهم الإمام شیئاً یسیراً قبل تقسیم الغنائم، فإنّ الرضخ فی اللغة «هو إعطاء القلیل من مال کثیر» وکان ینبغی استثناؤه من قبل المصنّف ولکن لا نعلم لماذا لم یشر إلیه.

وکیف کان، قال صاحب الجواهر فی کتاب الجهاد عند قول المحقّق (رحمه الله) : «ثمّ (یبدء الإمام بما تحتاج الغنیمة) إلیه من النفقة... وبما یرضخه للنساء والعبید والکفّار إن قاتلوا بإذن الإمام» بلا خلاف أجده.

ثمّ حکى عن العلاّمة(رحمه الله) فی المنتهى والتذکرة دعوى الإجماع على حکم النساء والکفّار.

واستدل علیه بما رواه عثمان بن عیسى، عن سماعة، عن أحدهما (علیهما السلام) قال : «إنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله) خرج بالنساء فی الحرب یداون الجرحى، ولم یقسم لهنّ من الفیء شیئاً، ولکنّه نفلهنّ»(60).

هذا ولم ینقل دلیل على حکم الکافر ما عدا الإجماع، ولعلّة کذلک بعد کونهم محرومین عن القسمة، ظاهراً... .

 


1. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 8.
2. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 20.
3.المصدر السابق، الباب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 5.
4. المصدر السابق، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 16.
5. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 478.
6. وسائل الشیعة، ج 11، کتاب الجهاد، الباب 41، ح 1.
7. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 471.
8. مصباح الفقیه، ج 3، ص 153.
9. الخلاف، ج 4، ص 194.
10. النهایة، ص 198.
11. مستند الشیعة، ج 10، ص 16.
12. الجواهر، ج 21، ص 156.
13. الحدائق الناضرة، ج 12، ص 325.
14. مستند العروة، کتاب الخمس، ص 12.
15. الحدائق الناظرة، ج 12، ص 325.
16. جامع المدارک، ج 2، ص 103 وما بعدها.
17. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 4 من أبواب الأنفال، ح 19.
18. المصدر السابق، ح 12.
19. المصدر السابق، الباب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 5.
20. المصدر السابق، ح 11.
21. حاشیة المکاسب، ج 1، ص 52.
22. مستند العروة الوثقى، کتاب الخمس، ص 13.
23. وسائل الشیعة، ج 11، الباب 71 من أبواب جهاد العدو، ح 1.
24. وسائل الشیعة، ج 11، الباب 72 من أبواب جهاد العدو، ح 1.
25. المصدر السابق، ح 2.
26. المصدر السابق، ج 12، الباب 21 من أبواب عقد البیع، ح 4.
27. المصدر السابق، ح 5.
28. المصدر السابق، ح 9.
29. مستند العروة الوثقى، ص 14.
30. جواهر الکلام، ج 21، ص 157.
31. النهایة، ص 198.
32. شرایع الإسلام، ج 1، ص 133.
33. مصباح الفقیه، ج 3، ص 108.
34. تذکرة الفقهاء، ج 5، ص 409.
35. وسائل الشیعة، ج 11، الباب 41 من أبواب جهاد العدو، ح 7.
37. مستند الشیعة، ج 10، ص 61.
38. الحدائق الناضرة، ج12، ص 327.
39. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 12 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 1.
40. المصدر السابق، ح 2.
41. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، ح 1.
42. المصدر السابق، ح 4.
43. المصدر السابق، ح 3.
44. المصدر السابق، ح 5.
45. المصدر السابق، ح 2.
46. جواهر الکلام، ج 16، ص 10.
47. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 4.
48. المعتبر، ج 2، ص 633.
49. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 8.
50. المصدر السابق، ح 4.
51. المصدر السابق، ح 20.
52. المصدر السابق، ح 21.
53. المصدر السابق، ح 15.
54. وسائل الشیعة، ج 6، الباب 1 من أبواب الأنفال، ح 6.
55. المصدر السابق، ح 32.
56. المصدر السابق، ح 31.
57. قال صاحب الجواهر : «لا خلاف کما اعترف به الفاضل بل ولا إشکال فی أنه یجوز لوالی الجیش إماماً أو غیره جعل الجعائل لمن یدله على مصلحة من مصالح المسلمین کالتنبیه على عورة القلعة وطریق البلد الخفی أو نحو ذلک... سواء کان مسلماً أو کافراً لعموم الأدلة». (جواهر الکلام، ج 21، ص 117).
58. سورة التوبة، الآیة 92.
59. قال صاحب الجواهر : «أمّا لو خرج جیشان من البلد إلى جهتین، لم یشرک أحدهما الآخر فی غنیمته بلا خلاف أجده فیه ولا إشکال، نعم لو اجتمعا کانا جیشاً واحداً». (جواهر الکلام، ج 21، ص 210).
60. وسائل الشیعة، ج 11، الباب 41 من أبواب جهاد العدو، ح 6.

 

وهنا تفسیرات أخرى لهبقی هنا مسائل (ممّا یلحق بالغنائم)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma