القسم الاول: الاصول الاعتقادیة .. فصل: (فی ذکر بیان ما یتوصل به إلى ما ذکرناه)

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الاقتصاد الهادی الی طریق الرشاد
فصل: (فی ذکر بیان ما یؤدى النظر فیه إلى معرفة الله تعالى)فصل: (فیما یلزم المکلف)
لا طریق إلى معرفة هذه الاصول التی ذکرناها الا بالنظر فی طرقها، ولا یمکن الوصول إلى معرفتها من دون النظر.
وانما قلنا ذلک لان الطریق إلى معرفة الاشیاء أربعة لا خامس لها: (أولها) أن یعلم الشئ ضرورة لکونه مرکوزا فی العقول، کالعلم بأن الاثنین أکثر من واحد، وأن الجسم الواحد لا یکون فی مکانین فی حالة واحدة، وان الجسمین لا یکونان فی مکان واحد فی حالة واحدة، والشئ لا یخلو من أن یکون ثابتا أو منفیا، وغیر ذلک مما هو مرکوز فی العقول.
(والثانی) أن یعلم من جهة الادراک اذا أدرک وارتفع اللبس، کالعلم بالمشاهدات والمدرکات بسائر الحواس(1).
(والثالث) أن یعلم بالاخبار، کالعلم بالبلدان والوقائع وأخبار الملوک وغیر ذلک.
(والرابع) أن یعلم بالنظر والاستدلال.
والعلم بالله تعالى لیس بحاصل من الوجه الاول، لان ما یعلم ضرورة لا یختلف العقلاء فیه بل یتفقون علیه، ولذلک لا یختلفون فی أن الواحد لا یکون أکثر من اثنین وان الشبر لا یطابق الذراع.
والعلم بالله فیه خلاف بین العقلاء فکیف یجوز أن یکون ضروریا.
ولیس الادراک أیضا طریق إلى العلم بمعرفة الله تعالى، لانه تعالى لیس بمدرک بشئ من الحواس على ما سنبینه فیما بعد، ولو کان مدرکا محسوسا لادرکناه مع صحة حواسنا وارتفاع الموانع المعقولة.
والخبر أیضا لا یمکن أن یکون طریقا إلى معرفته، لان الخبر الذی یوجب العلم هو ما کان مستندا إلى مشاهدة وادراک، کالبلدان والوقائع وغیر ذلک، وقد بینا أنه لیس بمدرک، والخبر الذی لا یستند إلى الادراک لا یوجب العلم.
ألا ترى أن جمیع المسلمین یخبرون من خالفهم بصدق محمد صلى الله علیه وآله فلا یحصل لمخالفیهم العلم به لان ذلک طریقه الدلیل، وکذلک جمیع الموحدین یخبرون الملحدة بحدوث العالم فلا یحصل لهم العلم به لان ذلک طریقه الدلیل.
فاذا بطل أن یکون طریق معرفته الضرورة أو المشاهدة أو الخبر، لم یبق الا أن یکون طریقه النظر.
فان قیل: أین أنتم عن تقلید [ الاباء و ](2) المتقدمین؟ قلنا: التقلید ان ارید به قبول قول الغیر من غیر حجة - وهو حقیقة التقلید - فذلک قبیح فی العقول، لان فیه اقداما على ما لا یأمن کون ما یعتقده عند التقلید جهلا لتعریه من الدلیل، والاقدام على ذلک قبیح فی العقول.
ولانه لیس فی العقول تقلید الموحد أولى من تقلید الملحد اذا رفعنا النظر والبحث عن أوهامنا ولا یجوز أن یتساوى الحق والباطل.
فان قیل: نقلد المحق دون المبطل.
قلنا: العلم بکونه محقا لا یمکن حصوله الا بالنظر، لانا ان علمناه بتقلید آخر أدى إلى التسلسل، وان علمناه بدلیل فالدلیل الدال على وجوب القبول منه یخرجه من باب التقلید، ولذلک لم یکن أحدنا مقلدا للنبى أو المعصوم فیما نقبله منه، لقیام الدلیل على صحة ما یقوله.
ولیس یمکن أن یقال: نقلد الاکثر ونرجع الیهم.
وذلک لان الاکثر قد یکونون على ضلال، بل ذلک هو المعتاد المعروف.
ألا ترى أن الفرق المبطلة بالاضافة إلى الفرق المحقة جزء من کل وقلیل من کثیر.
ولا یمکن أن یعتبر أیضا بالزهد والورع، لان مثل ذلک یتفق فی المبطلین فلذلک ترى رهبان النصارى على غایة العبادة ورفض الدنیا مع أنهم على باطل فعلم بذلک أجمع فساد التقلید.
فان قیل: هذا القول یؤدی إلى تضلیل اکثر الخلق وتکفیرهم، لان اکثر من تعنون من العقلاء لا یعرفون ما یقولونه من الفقهاء والادباء والرؤساء والتجار وجمهور العوام ولا یهتدون إلى ما یقولونه، وانما یختص بذلک طائفة یسیرة من المتکلمین، وجمیع من خالفهم یبدعهم فی ذلک، ویؤدی إلى تکفیر الصحابة والتابعین [ وأهل الامصار، لانه معلوم أن أحدا من الصحابة والتابعین ](3) لم یتکلم فیما تکلم فیه المتکلمون ولا سمع منه حرف واحد ولا نقل عنهم شئ منه، فکیف یقال بمذهب یؤدی إلى تکفیر اکثر الامة وتضلیلها، وهذا باب ینبغی أن یزهد فیه ویرغب عنه.
قیل: هذا غلط فاحش وظن بعید، وسوء ظن بمن أوجب النظر المؤدی إلى معرفة الله، ولسنا نرید بالنظر المناظرة والمحاجة والمخاصمة والمحاورة التی یتداولها المتکلمون ویجری بینهم، فان جمیع ذلک صناعة فیها فضیلة وان لم تکن واجبة، وانما أوجبنا النظر الذی هو الفکر فی الادلة الموصلة إلى توحید الله تعالى وعدله ومعرفة نبیه وصحة ما جاء به، وکیف یکون ذلک منهیا عنه أو غیر واجب والنبی علیه السلام لم یوجب القبول منه على أحد الا بعد اظهار الاعلام والمعجزة من القرآن وغیره، ولم یقل لاحد أنه یجب علیک القبول من غیر آیة ولا دلالة.
وکذلک تضمن القرآن من أوله إلى آخره التنبیه على الادلة ووجوب النظر(4).
قال الله تعالى: أو لم ینظروا فی ملکوت السماوات والارض وما خلق الله من شئ (5).
وقال: أفلا ینظرون إلى الابل کیف خلقت * والى السماء کیف رفعت * والى الجبال کیف نصبت * والى الارض کیف سطحت (6).
وقال: وفی أنفسکم أفلا تبصرون (7).
وقال: قتل الانسان ما أکفره * من أی شئ خلقه * من نطفة خلقه (8) الایة.
وقال: ان فی خلق السماوات والارض واختلاف اللیل والنهار لایات لاولی الالباب إلى قوله انک لا تخلف المیعاد (9).
وقال: فلینظر الانسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الارض شقا إلى قوله متاعا لکم ولانعامکم (10).
وقال: ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طین * ثم جعلناه نطفة فی قرار مکین إلى قوله فتبارک الله أحسن الخالقین (11).
وقال: ان فی ذلک لایات لقوم یتفکرون (12) و لقوم یعقلون (13) و لاولی الالباب (14) و لمن کان له قلب (15) یعنى عقل.
وغیر ذلک من الایات التى تعدادها یطول.
وکیف یحث تعالى على النظر وینبه على الادلة وینصبها ویدعو إلى النظر فیها، ومع ذلک یحرمها.
ان هذا لا یتصوره الا غبی جاهل.
فأما من أومى الیه من الصحابة والتابعین وأهل الاعصار من الفقهاء والفضلاء والتجار والعوام، فأول ما فیه أنه غیر مسلم، بل کلام الصحابة والتابعین مملو من ذلک، وهو شائع ذائع فی خطب أمیر المؤمنین علیه السلام فی الاستدلال على الصانع والحث على النظر والفکر فی اثبات الله تعالى معروف مشهور، وکذلک کلام الائمة علیهم السلام من أولاده، وعلماء المتکلمین فی کل عصر معروفون مشهورون.
وکیف یجحد ذلک وینکر وجوده، وروی عن النبى صلى الله علیه وآله أنه قال أعرفکم بنفسه أعرفکم بربه وقال امیر المؤمنین علیه السلام فی خطبته المعروفة أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفته توحیده، ونظام توحیده نفی الصفات عنه، لشهادة العقول أن من حلته الصفات فهو مخلوق، وشهادتها أنه خالق لیس بمخلوق ثم قال بصنع الله یستدل علیه، وبالعقول یعتقد معرفته، وبالنظر یثبت حجته، معلوم بالدلالات، مشهور بالبینات (16) إلى آخر الخطبة.
وخطبه فی هذا المعنى اکثر من أن تحصى.
وقال الحسن (الحسین خ ل) علیه السلام: والله ما یعبد الله الا من عرفه فأما من لم یعرفه فانما یعبده هکذا ضلالا وأشار بیده.
وقال الصادق علیه السلام: وجدت علم الناس فی أربع: أولها أن تعرف ربک، والثانی أن تعرف ماصنع بک، والثالث أن تعرف ما أراد منک، والرابع أن تعرف ما یخرجک من دینک (17).
ثم انه یلزم مثل ذلک الفقهاء، فانا نعلم ما فرعه الفقهاء (18) من المسائل ودونوه فی کتبهم ودارت بینهم من العلل والاقیسة لم یخطر لاحد من الصحابة والتابعین ببال ولا نقل شئ منه عن واحد منهم.
فینبغی أن یکون ذلک کله باطلا، أو یقولوا ان الصحابة لم یکونوا عالمین عارفین بالشرع، فأی شئ أجابوا عن ذلک فی الفروع فهو جوابنا فی الاصول بعینه، وهو أن یقال انهم کانوا عالمین بأصول الشریعة فلما حدثت حوادث فی الشرع لم یکن استخرجوا أدلتها من الاصول قلنا مثل ذلک فانهم کانوا عارفین بالاصول من التوحید والعدل مجملا، فلما حدثت شبهات لم تسبقهم استخرجوا أجوبتها من الاصول.
ولو سلمنا أنهم کانوا غیر عارفین بما یعرفه المتکلمون لم یدل على ما قالوه لانه لا یجوز أن یکونوا عالمین بالله تعالى على وجه الجملة وخرجوا بذلک عن حد التقلید وتشاغلوا بالعبادة أو الفقه أو التجارة، ولم ینقدح لهم فیما اعتقدوه شک ولا خطرت لهم شبهة یحتاجون إلى حلها، فاقتنعوا بذلک وکانوا بذلک قد أدوا ما وجب علیهم.
والمتکلمون لما أفرغوا وسعهم لعلم هذه الصناعة خطرت لهم شبهات ووردت علهیم خواطر لزمهم حل ذلک والتفتیش عنه حتى لا یعود ذلک بالنقض على ما علموه.
وکل من یجری مجراهم ممن تخطر له هذه الشبهات فانه یلزمه حلها ولا یجوز له الاقتصار على علم الجملة، فانه لا یسلم له ذلک مع هذه الشبهة.
ومن لا یخطر له ذلک لبلادته أو لعدوله عنه أو تشاغله بعبادة أو فقه أو دین، فانه لا یلزمه التغلغل فیه ولا البحث عن الشبهات حتى یلهه ویلزمه التفتیش عنها والاجوبة عنها.
وان فرضنا فی آحاد الناس من لم یحصل له علم الجملة ولا علم التفصیل وانما هو على تقلید محض، فانه مخطئ ضال عن طریق الحق ولیس یتمیز له ذلک.
فان قالو: أکثر من أو مأتم الیه اذا سألته عن ذلک لا یحسن الجواب عنه.
قلنا: وذلک أیضا لا یلزم، لانه لا یمتنع أن یکون عارفا على الجملة وان تعذرت علیه العبارة عما یعتقده، فتعذر العبارة عما فی النفس لا یدل على بطلان ذلک ولا ارتفاعه.
فان قیل: قد ذکرتم أنه یخرج الانسان عن حد التقلید بعلم الجملة، ما حد ذلک بینوه لنقف علیه؟ قلنا: أحوال الناس تختلف فی ذلک: فمنهم من یکفیه الشئ الیسیر، ومنهم من یحتاج إلى أکثر منه بحسب ذکائه وفطنته وخاطره حتى یزید بعضهم على بعض إلى أن یبلغ إلى حد لا یجوز له الاقتصار على علم الجملة بل یلزمه على التفصیل لکثرة خواطره وتواتر شبهاته.
ولیس یمکن حصر ذلک لشئ لا یمکن الزیادة علیه ولا النقصان عنه.
فان قیل: فعلى کل حال بینوا لذلک مثالا على وجه التقریب.
قلنا: أما على وجه التقریب فانا نقول: من فکر فی نفسه فعلم أنه لم یکن موجودا ثم وجد نطفة ثم صار علقة ثم مضغة ثم عظما ثم جنینا فی بطن أمه میتا ثم صار حیا فبقی مدة ثم ولد صغیرا فتتقلب به الاحوال من صغر إلى کبر ومن طفولة إلى رجلة ومن عدم عقل إلى عقل کامل ثم إلى الشیخوخة والى الهرم ثم الموت، وغیر ذلک من أحواله، علم أن هنا من یصرفه هذا التصریف ویفعل به هذا الفعل، لانه یعجز عن فعل ذلک بنفسه، وحال غیره من أمثاله حاله من العجز عن مثل ذلک.
فعلم بذلک أنه لابد من أن یکون هناک من هو قادر على ذلک مخالف له، لانه لو کان مثله لکان حکمه حکمه.
ویعلم أنه لابد أن یکون عالما من حیث أن ذلک فی غایة الحکمة والاتساق، مع علمه الحاصل بأن بعض ذلک لا یصدر ممن لیس بعالم، وبهذا القدر یکون عالما بالله تعالى على الجملة.
وهکذا اذا نظر فی بذر یبذر فینبت منه أنواع الزرع والغرس ویصعد إلى منتهاه، فمنه ما یصیر شجرا عظیما یخرج منه أنواع الفواکه والملاذ، ومنه ما یصیر زرعا یخرج منه أنواع الاقوات، ومنه ما یخرج منه أنواع المشمومات الطیبة الروائح، ومنه ما یکون خشبه فی غایة الطیب کالعود الرطب وغیر ذلک، وکالمسک الذى یخرج من بعض الظباء والعنبر الذى یخرج من البحر، فیعلم بذلک أن مصرف ذلک وصانعه قادر عالم لتأتی ذلک واتساقه ولعجزه وعجز أمثاله عن ذلک، فیعلم بذلک أنه مخالف لجمیع أمثاله، فیکون عارفا بالله على الجملة.
وکذلک اذا نظر إلى السماء صاحیة فتهب الریاح وینشأ السحاب ویصعد ولا یزال یتکاثف ویظهر فیه الرعد والبرق والصواعق، ثم ینزل منه من المیاه والبحار العظیمة التى تجری منها الانهار العظیمة والاودیة الوسیعة، وربما کان فیه من البرد مثل الجبال، کل ذلک فی ساعة واحدة ثم تنقشع السماء وتبدو الکواکب وتطلع الشمس أو القمر کأن ما کان لم یکن من غیر تراخ ولا زمان بعید، فیعلم ببدیهة أنه لابد أن یکون من صح ذلک منه قادرا علیه ممکن منه (19) وأنه مخالف له ولامثاله، فیکون عند ذلک عارفا بالله.
وأمثال ذلک کثیرة لا نطول بذکره، فمتى عرف الانسان هذه الجملة وفکر فیها هذا الفکر واعتقد هذا الاعتقاد، فان مضى على ذلک ولم یشعثه خاطر ولا طرقته شبهة فهو ناج متخلص.
واکثر من أشرتم الیه یجوز أن یکون هذه صفته، وان بحث عن ذلک وعن علل ذلک فطرقته شبهات وخطرت له خطرات وادخل علیه قوم ملحدون ما حیره وبلبله، فحینئذ یلزمه التفتیش ولا تکفیه هذه الجملة، ویجب علیه أن یتکلف البحث والنظر، على ما سنبینه لیسلم من ذلک ویحصل له العلم على التفصیل.
ونحن نبین ذلک فی الفصل الذى یلی هذا الفصل على ما وعدنا به انشاء الله.
فان قیل: أصحاب الجمل على ما ذکرتم لا یمکنهم أن یعرفوا صفات الله تعالى وما یجوز علیه وما لا یجوز علیه منها على طریق الجمله، واذا لم یمکنهم ذلک لم یمکنهم أن یعلموا أن أفعاله کلها حکمة ولا حسن التکلیف ولا النبوات ولا الشرعیات، لان معرفة هذه الاشیاء لا یمکن الا بعد معرفة الله تعالى على طریق التفصیل.
قلنا: یمکن معرفة جمیع ذلک على وجه الجملة، لانه اذا علم بما قدمناه من الافعال ووجوب کونه قادرا عالما وعلم أنه لا یجوز أن یکون قادرا بقدرة محدثة لانها کانت تجب ان تکون من فعله، وقد تقرر أن المحدث لابد له من محدث، وفاعلها یجب أن یکون قادرا أولا، فلولا تقدم کونه قادرا قبل ذلک لما صح منه تعالى فعل القدرة، فیعلم أنه لم یکن قادرا بقدرة محدثة، ولاجله علم أنه کذلک لامر لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، فیعلم أنه یجب أن یکون قادرا على جمیع الاجناس ومن کل جنس على مالا یتناهى لفقد التخصیص.
وکذلک اذا علم بالمحکم من أفعاله کونه عالما علم أن ما لاجله علم ما علمه لا اختصاص له بمعلوم [دون معلوم] (20)، اذ المخصص هو العلم المحدث والعلم لا یقع الا من عالم، فلا بد أن یتقدم کونه عالما لا بعلم محدث، وما لاجله علم لا اختصاص له بمعلوم دون معلوم، فیعلم أنه عالم بما لا یتناهى وبکل ما یصح أن یکون معلوما لفقد الاختصاص.
فیعلم أنه لا یشبه الاشیاء، لانه لو أشبهها لکان مثلها فی کونها محدثة، لان المثلین لا یکون أحدهما قدیما والاخر محدثا.
ویعلم أنه غیر محتاج، لان الحاجة من صفات الاجسام، لانها تکون إلى جلب المنافع أو دفع المضار وهما من صفات الاجسام، فیعلم عند ذلک أنه غنی.
ویعلم أنه لا تجوز علیه الرؤیة والادراکات، لانه لا یصح أن یدرک الا ما یکون هو أو محله فی جهة، وذلک یقتضی کونه جسما أو حالا فی جسم، وهکذا یقتضی حدوثه وقد علم أنه قدیم.
واذا علم أنه عالم بجیمع المعلومات، وعلم کونه غنیا، علم أن جمیع أفعاله حکمة وصواب ولها وجه حسن وان لم نعلمه مفصلا، لان القبیح لا یفعله الا من هو جاهل بقبحه أو محتاج الیه وکلاهما منتفیان عنه، فیقطع عند ذلک على حسن جمیع أفعاله من خلق الخلق والتکلیف وفعل الالام وخلق المؤذیات من الهوام والسباع وغیر ذلک.
ویعلم أیضا عند ذلک صحة النبوات، لان النبی اذا أدعى النبوة وظهر على یده علم معجز یعجز عن فعله جمیع المحدثین علم أنه من فعل الله ولو لا صدقه لما فعله، لان تصدیق الکذاب لا یحسن، وقد أمن ذلک بکونه عالما غنیا.
فاذا علم صدق الانبیاء بذلک علم صحة ماأتوا به من الشرعیات والعبادات، لکونهم صادقین على الله وأنه لا یتعبد الخلق الا بما فیه مصلحتهم.
واذا ثبت له هذه العلوم فتشاغل بالعبادة أو بالمعیشة ولم تخطر له شبهة ولا أورد علیه ما یقدح فیما علمه ولا فکر هو فی فروع ذلک لم یلزمه أکثر من ذلک.
ومتى أورد علیه شبهة فان تصورها قادحة فیما علمه یلزمه حینئذ النظر فیها حتى یحلها لیسلم له ما علمه، وان لم یتصورها قادحة ولا اعتقد أنها تؤثر فیما علمه لم یلزمه النظر فیها ولا التشاغل بها.
وهذه أحوال اکثر العوام وأصحاب المعایش والمترفین، فانهم لیس یکادون یلتفتون إلى شبهة تورد علیهم ولا یقبلونها ولا یتصورونها قادحة فیما اعتقدوه بل ربما أعرضوا عنها واستغنوا عن سماعها وایرادها وقالوا: لا تفسدوا علینا ما علمناه.
وقد شاهدت جماعة هذه صورتهم.
فبان بهذه الجملة ما أشرنا الیه من أحوال أصحاب الجمل.
ونحن نبین فی الفصل الذی یلی هذا ما یلزم من هو فوق هؤلاء ممن ینظر ویبحث وتطرقه الشبهات وان لم یبالغ فی استیفاء ذلک، لیکون قد ذکرنا أمر الفریقین وبینا أحوال الفئتین.
والله تعالى الموفق للصواب.
-------------------------------------------------------------------------
(1) فی ر (والذى کان لسائر الحواس).
(2) الزیادة من ر.
(3) الزیادة لیست فی ر.
(4) فی نسخة ج النظم .
(5) سورة الاعراف: 185.
(6) سورة الغاشیة: 17 20.
(7) سورة الذاریات: 21.
(8) سورة عبس: 17 19.
(9) سورة آل عمران: 190 194.
(10) سورة عبس: 24 32.
(11) سورة المؤمنون: 12 14.
(12) سورة الرعد: 3.
(13) سورة الرعد: 4.
(14) سورة الرمز: 21.
(15) سورة ق: 37.
(16) تحف العقول ص 43 مع اختلاف فی بعض الالفاظ.
(17) الخصال ص 239.
(18) فی ر ما ودعه الفقهاء .
(19) فی ج على کل ممکن فیه .
(20) الزیادة من ج.
فصل: (فی ذکر بیان ما یؤدى النظر فیه إلى معرفة الله تعالى)فصل: (فیما یلزم المکلف)
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma